الخطبه الثانيه
 
الحمد لله ، تجلّى بدلائل قدرته و إتقان صنعته ، و استتر عن الأبصار بجلال عظمته ،
أحمده سبحانه و أشكره ، آلاؤه ظاهرة ، و نعمُه متكاثرة ، 
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، 
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبد الله و رسوله ، 
المرسَل بالدين القيّم فلا عوج ، و المبعوثُ بالحنيفية السمحة فلا حرج ، 
صلى الله و سلّم و بارك عليه ، و على آله و أصحابه ، 
أهل التقى و مصابيح الدجى و معالم الهدى ، 
و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجهم فاهتدى .
أمـــا بعـــد : 
أيها المسلمون ، في حرّيّة الكلمة و حريّة التعبير تقدَّر الكلمة بآثارِها 
و ما يترتَّب عليها من مصالح و مفاسِد ، فكلمة الصّدق و الحقِّ مطلوبةٌ ممدوحة ، 
و كلمة الباطل منهيٌّ عنها و مذمومة ، و 
(( من كان يؤمن بالله و اليوم و الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت )) .
المرءُ يدخل في الإسلام بالكلِمة ، و يخرج من الملَّة بكلمةٍ ، 
و ضبطُ الكلام و وَزن الحديث من سمات أهل العَقل و العِلم و الإيمان ،
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } 
[ المؤمنون : 3 ] ،
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا 
وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } 
[ الفرقان : 63 ] ،
{ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ 
سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } 
[ القصص : 55 ] . 
 
ألا فاتقوا الله رحمكم الله ، و خُذوا من صحّتكم لمرضكم ، 
و من حياتكم لموتِكم ، و مِن غِناكم لفقرِكم ، 
و من قوّتكم لضعفكم .
ثم أكثِروا من الصلاةِ و السلام على سيِّد الأنام في جميعِ الأوقاتِ و الأيام ، 
و اعلموا أنَّ للصلاة عليه في هذا اليومِ مزيَّةً و حكمة ، 
فكلُّ خيرٍ نالَتْه أمته في الدنيا و الآخرة فإنما نالَتْه على يدِه ، 
فجَمع الله لأمّته به خيرَي الدنيا و الآخرة ، 
فأعظمُ كَرامةٍ تحصُل لهم فإنما تحصُل يومَ الجمعة ، فإنَّ فيه بَعثَهم إلى منازلهم ، 
و حضورَهم مساكنَهم في الجنة ، و هو يومُ المزيد لهم إذا دخَلوا الجنة ، 
و هو يوم عيدٍ لهم في الدنيا ، و لا يُردُّ فيه سائلُهم ،
و هذا كلّه إنما عُرِف و تحصَّل بسبَبِه و على يدِه عليه الصلاة و السلام ، 
فمِن الشكر و أداء الحقّ أن تُكثِروا من الصلاةِ و السلام عليه ، 
كيف لا و قد أمركم ربكم بقوله عزَّ شأنُه :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[ الأحزاب : 56 ] ؟!
اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارِك على عبدِك و رسولك نبيِّنا محمّد 
الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ، 
و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ، 
و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين : 
أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ، 
و عن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ، 
و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .
 
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ، 
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة امورنا
، و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو بلد من بلاد المسلمين
اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ، 
و أنصر عبادَك المؤمنين ... 
ثم الدعاء بما ترغبون من فضل الله العلى العظيم الكريم
أنتهت