أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزهد وسيلة لنيل محبة الله تعالى ،                    
                                         فقد روى سهل بن سعد رضي الله عنه قال :                    
                     جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال                    :
                                         ( يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني                    الله وأحبني الناس ,
                     فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ازهد في الدنيا                    يحبك الله ،
                      وازهد                    فيما في أيدي الناس يحبوك)
                                                                                 الزهد : أن تجعل الدنيا في يدك لا في قلبك...
                                         وقال صلى الله عليه و سلم :                    
                                         ( إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها                    ،
                     فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الدنيا ، واتقوا                    النساء)                    
                                         وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال                    :
                      أخذ                    رسول الله صلى الله عليه و سلم بمنكبي فقال                    :
                                          ( كن في الدنيا كأنك                    غريب أو عابر سبيل ) 
                                         وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول                    :
                                         ( إذا                    أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظـر المساء ،                    
                     وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك)                    .
                                         وصحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أجمعين رضوان الله عليهم
                                         آثروا الزهد عن الدنيا وما فيها                    :
                     فقد خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه ماله كله في سبيل الله ،
                                          فقال                    له رسول الله صلى الله عليه و سلم :
                                          ( ما أبقيت لأهلك ؟ قال                    : أبقيت لهم الله ورسوله)                     .
                                                                                 وأما عثمان بن عفان رضي الله عنه فهو مجهِّز جيش العسرة                    .
                     ولا يجوز إنكار الزهد واتهامه بالرهبانية لأنه أصل في                    الدين ،
                      وليس                    الزهد أن يتخلى المؤمن عن الدنيا فيفرغ يده من المال                    
                     ويترك كسب الحلال ويكون عالة على غيره                    .
                                          فقد                    بيَّن رسول الله صلى الله عليه و سلم المقصود الحقيقي للزهد فقال                    :
                                         ( الزهادة                    في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال                    ،
                     ولكن الزهادة فى الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق                    مما في يدي الله ،
                                         إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك )                    
                                                             والزهد ليس تجنب المال بالكلية بل تساوي وجوده                    وعدمه
                     فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأكل اللحم والحلوى والعسل ،
                     ويحب النساء والطيب والثياب الحسنة                    .
                     وفهم ساداتنا الصوفية أن الزهد مرتبة                    قلبية                    .
                                                                                 قال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني :                    
                     أخرج الدنيا من قلبك وضعها في يدك أو في جيبك ، فإنها                    لا تضرك.
                                         وقال ابن عجيبة : هو خلو القلب من التعلق بغير الرب .
                                         ولبسوا بعضهم المرقع وأكلوا الرديء من الطعام وتركوا                    الكسب الحلال ، 
                     ولكن حسدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله ونعمه                    ،
                     واكفهرُّوا في وجوه الأغنياء وقطعوا الأرحام                    وأخطأوا
                     فاهتموا بإظهار الزهد و ملؤوا قلوبهم بحب                    الدنيا                    .
                     وكم من أناس أقبلوا على الدنيا وملذاتها فشغلت قلوبهم                    بحبها ،
                      وعمرت                    بها أوقاتهم بجمع حطامها وهم يزعمون أنهم تحققوا بالزهد القلبي                    
                     وأنهم فهموا الزهد على حقيقته.
                                                                                 ولم يفهموا أن القلب يحتاج إلى طبيب لعلاجه ومرآة                    صادقة تريهم الحقيقة                    .
                     كما يصف بعض المرشدين مريديهم إلى المجاهدات                    بغية
                      تفريغ                    قلوبهم من التعلقات الدنيوية ، من باب العلاج الضروري المؤقت                    ،
                     فهي وسيلة حسنة للوصول إلى الزهد القلبي                    الحقيقي                    .
                     كما كان المرشد الكبير سيدي الشيخ                    عبد القادر الجيلاني ، 
                     يوجِّهُ تلامذته في بادئ أمرهم
                     أن يجاهدوا أنفسهم ويروِّضوها على الاخشيشان والصبر                    والتقشف
                      إلى أن                    يستوي عندهم الأخذ والعطاء والفقر والغنى ،
                     وتفرغ قلوبهم من سوى الله تعالى                    .