![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
![]() |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : قال جمهور السلف : الكلمات الخبيثة للخبيثين ، ومن كلام بعضهم : الأقوال والأفعال الخبيثة للخبيثين . وقد قال تعالى } ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً { }وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ{ وقال الله : }إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ{ والأقوال والأفعال صفات القائل الفاعل ، فإذا كانت النفس متصفة بالسوء والخبث : لم يكن محلها ينفعه إلا ما يناسبها . " مجموع الفتاوى " ( 14 / 343 ) . 3. الخبث والطيب من الأشخاص في النكاح : ويكون معنى الآية : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء . وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيِّباً ، وكان أولى بأن يكون له الطيبة ، وكانت أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها الطيبة وكانت أولى بأن يكون لها الطيب . قال القرطبي – رحمه الله - : وقيل : إن هذه الآية مبنية على قوله : } الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً{ ( النور/3 ) الآية ، فالخبيثات : الزواني ، والطيبات : العفائف ، وكذا الطيبون ، والطيبات . واختار هذا القول النحاس أيضاً ، وهو معنى قول ابن زيد . " تفسير القرطبي " ( 12 / 211 ) . ثانياً : لا إشكال في الآية ، على القول الأول أو الثاني ، ولا تعارض بينها وبين ما ذكر السائل ، ويراه الناس ، من أن الزوجة ربما كانت صالحة والزوج فاسقا ، أو العكس . وإنما الإشكال – عند بعض الناس – في القول الثالث في مسألتين : 1. ما يرونه من عموم تزوج طيب بفاسقة ، وتزوج فاسق بطيبة . 2. ما ورد بخصوص زوجتي نوح ولوط عليهما السلام ووصف الله لهما بالخيانة وما ورد في تزوج امرأة فرعون المؤمنة بفرعون الطاغية . فيقال هنا : إن معنى الآية ـ على تقدير أن يكون المراد بالخبث والطيب : خبث الأزواج وطيبهم ـ : أنه لا يليق بالطيب أن يتزوج إلا طيبة مثله ولا يليق بالخبيثة إلا خبيث مثلها ، ومن رضي بالخبيثة مع علمه بحالها : فهو خبيث مثلها ، ومن رضيت بخبيث مع علمها بحاله : فهي خبيثة مثله قال ابن كثير – رحمه الله - : وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء . وهذا - أيضاً - يرجع إلى ما قاله أولئك باللازم ، أي : ما كان الله ليجعلأم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة ؛ لأنه أطيب من كل طيب من البشر ، ولو كانت خبيثة لما صلحت له ، لا شرعاً ولا قَدَراً ؛ ولهذا قال : } أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ { أي : هم بُعَداء عما يقوله أهل الإفك والعدوان . } لَهُمْ مَغْفِرَةٌ { أي : بسبب ما قيل فيهم من الكذب . } وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { أي : عند الله في جنات النعيم . وفيه وعد بأن تكون زوجة النبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنة . " تفسير ابن كثير " ( 6 / 35 ) . وفي الآية بيان براءة أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها حيث زكاها الله تعالى بوصفها بالطيبة لأنها كانت تحت الطيب ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن الله تعالى ليختارها زوجة لنبيه صلى الله عليه وسلم لو كانت خبيثة ! ومن هنا كان الطاعن في عرض أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها طاعناً في النبي صلى الله عليه ، ومستحقّاً للحكم بالردة والقتل . |
#2
|
|||
|
|||
![]() قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : قال أبو السائب القاضي : كنتُ يوماً بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطرستان وكان يلبس الصوف ، ويأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويوجِّه في كل سنَة بعشرين ألف دينار إلى مدينة السلام يفرِّق على سائر ولد الصحابة وكان بحضرته رجلٌ فذكَر عائشة بذكرٍ قبيحٍ من الفاحشة فقال : يا غلام اضرب عنقه ، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا فقال : معاذ الله ، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : } الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ{ (النور:26) فإن كانت أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث ، فهو كافر فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه ، وأنا حاضر ، رواه اللالكائي " الصارم المسلول " ( 1 / 568 ) . والأثر في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " للالكائي ( 1958 ) . فلله دره من حاكم ، ونسأل الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء ، وأن يكرم نزله بما ذبَّ عن عرض نبينا صلى الله عليه وسلم . وأما ما كان من زوجتي لوط ونوح عليهما السلام حيث وصفهما الله تعالى بالخيانة في قوله } ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ { ( التحريم/10 ) فالخيانة هنا هي خيانة في الإيمان . قال ابن كثير – رحمه الله - : } فَخَانَتَاهُمَا { أي : في الإيمان ، لم يوافقاهما على الإيمان ، ولا صدَّقاهما في الرسالة فلم يُجْدِ ذلك كلَّه شيئاً ، ولا دفع عنهما محذوراً ولهذا قال : } فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا { أي : لكفرهما . ( وَقِيلَ ) أي : للمرأتين : } ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ { وليس المراد } فَخَانَتَاهُمَا { في فاحشة ، بل في الدين ، فإنَّ نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة ؛ لحرمة الأنبياء ، كما قدمنا في " سورة النور " . قال سفيان الثوري عن موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن قتة : سمعت ابن عباس يقول في هذه الآية }فَخَانَتَاهُمَا { قال : ما زنتا أما امرأة نوح : فكانت تخبر أنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط : فكانت تدل قومها على أضيافه . وقال العَوفي عن ابن عباس قال : كانت خيانتهما أنهما كانتا على عَورتيهما ، فكانت امرأة نُوح تَطَلع على سر نُوح ، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحداً أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء . وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وغيرهم . وقال الضحاك عن ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، إنما كانت خيانتهما في الدين . " تفسير ابن كثير " ( 8 / 171 ) . وهذه فتوى جامعة من علماء اللجنة الدائمة لكل ما سبق من المسائل نرجو أن تكون نافعة للسائل والقارئ ، وفيها الجواب على القسم الثاني من الإشكال الثاني ، وهو بخصوص تزوج امرأة فرعون المؤمنة من فرعون الطاغية . سئل علماء اللجنة الدائمة : حدثت مناظرة بيني وبين شخص مسيحي ، وقد فاجأني بقوله لي : هناك آية في القرآن تتضمن قول الله سبحانه وتعالى : } الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ { إلخ الآية ، والآية الأخرى تتضمن قوله تعالى } رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ { } يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ { وهناك آية أخرى وهي قوله تعالى }ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ . وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ { إلخ الآية ، وأن هناك على حد زعمه تناقضاً ، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى } وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ { إلخ الآية ، بينما زوجات أنبياء الله نوح ولوط خبيثات ، وفرعون كما جاء فيه في القرآن وزوجته طيبة ، وحيث ليس لدي جواب مقنع آمل التكرم بإفتائي عن ذلك ، جزاكم الله خيراً . فأجابوا : أولاً : قال الله تعالى : } الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { هذه الآية ذُكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيداً لبراءة أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها مما رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين ، زوراً وبهتاناً ، وبياناً لنزاهتها ، وعفتها في نفسها ، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم وللآية معنيان : الأول : أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون ، والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة ، والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات . |
#3
|
|||
|
|||
![]() والمعنى الثاني : أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين ، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء ، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات ، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها ، وهو نزاهة أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها عمَّا رماها به عبد الله بن أبيّ بن سلول من الفاحشة ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه واغتر بزخرف قوله . ثانياً : قال الله تعالى } وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ . قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ { ومعنى الآيتين : أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح عليه السلام أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له }احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ { فقال : } فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي { وقد وعدتني بنجاة أهلي ، ووعدك الحق الذي لا يخلف وأنت }أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ { } قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ { أي : الذين وعدتك بإنجائهم ؛ لأني إنما وعدتك بإنجاء مَن آمن مِن أهلك ، بدليل الاستثناء في قوله تعالى } إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ { ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله : } يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ { وبيَّن ذلك بقوله } إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ { لكفره بأبيه نوح عليه السلام ؛ ومخالفته إياه ، فليس من أهله ديناً ، وإن كان ابناً له من النسب ، قال ابن عباس وغير واحد من السلف رضي الله عنهم : " ما زنت امرأة نبي قط " وهذا هو الحق ، فإن الله سبحانه أغْيَر مِن أن يمكِّن امرأة نبي من الفاحشة ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها زوج النبي صلى الله عليه وسلم بالفاحشة ، وأنكر عليهم ذلك وبرَّأها مما قالوا فيها ، وأنزل في ذلك قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة . ثالثاً : قال الله تعالى : } ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا { الآيتين من سورة التحريم . بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخاصة أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها وحفصة رضي الله عنهن جميعاً على ما بدَر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن يعتزلهن شهراً ، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه عليه الصلاة والسلام وأنذرهن بالطلاق وأن يبدله أزواجاً خيراً منهن ختم سورة التحريم بمثلَين : مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين امرأة نوح وامرأة لوط ، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين بآسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران إيذاناً بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده ، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة وحث العباد على التقوى ، وأن يخشوا يوماً يرجعون فيه إلى الله ، يوماً لا يجزي فيه والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً ، يوم يفرُّ المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى ، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً ، فبيَّن سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين ، وكانتا تحت رسوليْن كريميْن من رسل الله ، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على مَن آمن بزوجها ، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه ، إيذاء وخيانة لهما ، وصدّاً للنَّاس عن اتباعهما ، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط ، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئاً وقيل لهاتين المرأتين : ادخلا النار مع الداخلين ، جزاءً وفاقاً بكفرهما وخيانتهما بدلالة امرأة نوح على من آمن به ، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه ، لا بالزنى ، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية ، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى } فَخَانَتَاهُمَا { قال : " ما زنتا " ، وقال : " ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين " وهكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم . وبيَّن الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون ، وكان أعتى الجبابرة في زمانه ، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم ، إذا دعت الضرورة إلى ذلك ، ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى متمسكين بدينه ، كما لم ينفع صلاحُ الرسولين : نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين قال الله تعالى : } لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً { ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفرُ زوجها وجبروته ، فإن الله حكم عدل لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره بل حماها وأحاطها بعنايته وحسن رعايته واستجاب دعاءها وبنى لها بيتاً في الجنة ، ونجَّاها من فرعون وكيده وسائر القوم الظالمين مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى ، وأنأم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها و عن أبيها برَّأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق ، ومن انخدع بقوله من المؤمنين والمؤمنات ، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن وإنما كانتا كافرتين ، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوؤهما ويصد الناس عن اتباعهما ، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحاً في الشرائع السابقة وكذا زواج الكافر بالمؤمنة ، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده وحفظ عليها دينها ونجاها من الظالمين : يتبين أن الآيات المذكورة متوافقة ، لا متناقضة ، وأن بعضها يؤيِّد بعضاً . الشيخ عبد العزيز بن باز الشيخ عبد الرزاق عفيفي الشيخ عبد الله بن غديان " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 270 – 276 ) . والله أعلم الإسلام سؤال وجواب في الله اخوكم : مصطفى الحمد |
![]() |
|
|
![]() |