المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
87 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :( و لذِكر الله أكبر )
87 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :( و لذِكر الله أكبر ) ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ 87 - خطبتى الجمعة بعنوان ( و لذِكر الله أكبر ) الحمد لله الكبير المتعال ، الموصوف بالجلال و الكمال ، أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، حث على ذكره و شكره بالغدو و الآصال ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و لا نظير و لا مثال ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ، المنعوت بأشرف الخصال ، أنقذ أمته من الضلال ، و أرشدهم إلى سبيل الاستقامة و الاعتدال . صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله و صحبه ، خير صحب و آل ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم المآل . أمّا بعد : فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عزّ و جلّ ، فاتّقوا الله رحِمكم الله ، و اجعَلوا مراقبتَكم لمن لا تغيبون عن ناظرِه ، و اصرِفوا شكرَكم لمن لا تنقطِع عنكم نعمُه ، و اعملوا بطاعةِ من لا تستغنون عنه ، و ليكُن خضوعكم لمن لا تخرجُون عن ملكِه و سلطانه ، { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [البقرة:235] . الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد . أيها المسلمون ، يقول الله عز و جل : { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ * أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [البقرة:200-202] . عباد الله : منذ فجر التاريخ و قديم الزمن ، و لكل أمة من الأمم ما تفاخر به في مفاهيم ضيقة ، و أهداف محددة ، و همم قاصرة فلا رسالة كبرى و لا غايات عليا ، لم يكن للبشرية رسالة في الأرض و لا ذكر في السماء . و أمة العرب كانت من هذا القبيل ، يجتمعون بعد حجهم في أسواقهم و منتدياتهم ؛ ليفاخروا بآبائهم ، و يتعاظموا بأنسابهم . ثم جاء الإسلام فرفع الهمم ، و أنار الفكر ، و أنشأهم إنشاءً جديداً . سلك بأتباعه مسلك عز لا يطاول ، و قادهم إلى مجد لا يضاهى ، جاءهم الكتاب ، و تنزل عليهم الوحي ؛ فكان لهم الذكر و الخلود : { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الأنبياء:10] . { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ } [الزخرف:44] . في هذا الذكر، و هذا الكتاب أعطاهم الميزان : { يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَـٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات:13] . فميزان الرفعة و التكريم ، و مقياس المفاخرة و الذكر ، التقوى و الصلة بالله ، و التلبس بذكره و شكره ، و العمل الصالح . إذا كان الأمر كذلك ، فمن أحق بالذكر و الشكر من أهل الإسلام ، الذين أتم الله عليهم نعمته و أكمل لهم دينه ، و جعله مهيمناً على الدين كله ؟! { فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } [البقرة:152] . و حقنا ـ نحن أهل الإسلام ـ أن نقف مع مفهوم الذكر ، لنتبين معناه ؛ لعلنا أن نقوم بحقه { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } [البقرة:200] . الله أكبر كبيراً ، و الحمد لله كثيراً ، و سبحان الله بكرةً و أصيلاً . عباد الله : العلاقة بين العبد و بين ربه ليست محصورة في ساعة مناجاة في الصباح أو في المساء فحسب ، ثم ينطلق المرء بعدها ، في أرجاء الدنيا غافلا لاهيا ، يفعل ما يريد دون رقيب و لا حسيب ؛ العلاقة الحقة ، أن يذكر المرء ربه حيثما كان ، و أن يكون هذا الذكر مقيدا مسالكه بالأوامر و النواهي ، و مُشعراً الإنسان بضعفه البشري ، و معينا له على اللجوء إلى خالقه في كل ما يعتريه . لقد حث الدين الحنيف ، على أن يتصل المسلم بربه ، ليحيا ضميره ، و تزكوا نفسه ، و يطهر قلبه ، و يستمد منه العون و التوفيق ؛ و لأجل هذا ، جاء في محكم التنزيل والسنة النبوية المطهرة ، ما يدعوا إلى الإكثار من ذكر الله عز و جل على كل حال ؛ فقال عز و جل : { يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً * وسبحوه بكرة وأصيلاً } [سورة الأحزاب:41-42] . و قال سبحانه : { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا ًعظيماً } [سورة الأحزاب:35] . و قال جل شأنه : { واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } [سورة الأنفال :45]. وقال تعالى : { فاذكروني أذكركم } [سورة البقرة:152] . و قال سبحانه : { ولذكر الله أكبر } [سورة العنكبوت :45] . و قال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان : سبحان الله و بحمده ، سبحان الله العظيم ) متفق عليه . وقال صلى الله عليه و سلم : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير لكم من إعطاء الذهب و الورق ، و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟ قالوا : و ذلك ما هو يا رسول الله ، قال : ذكر الله عز و جل ) رواه أحمد . وقال : ( من قال : سبحان الله و بحمده غرست له نخلة في الجنة ) رواه الترمذي و حسنه الحاكم و صححه . الله أكبر ما ذكره الذاكرون الأبرار، و الله أكبر ماتعاقب الليل و النهار ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد . عباد الله : ذكر الله تعالى ، منزلة من منازل هذه الدار ، يتزود منها الأتقياء ، و يتجرون فيها ، و إليها دائما يترددون ، الذكر قوت القلوب الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا ، و عمارة الديار التي إذا تعطلت عنه صارت دورا بورا . بالذكر أيها المسلمون ، تُستدفع الآفات ، و تستكشف الكربات ، و تهون به على المصاب الملمات ، زين الله به ألسنة الذاكرين ، كما زين بالنور أبصار الناظرين . ذكر الله عز و جل ، باب مفتوح بين العبد و بين ربه ، ما لم يغلقه العبد بغفلته . قال الحسن البصري رحمه الله : تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء : في الصلاة ، و في الذكر ، و قراءة القرآن ، فإن وجدتم ، و إلا فاعلموا أن الباب مغلق . إن الذنوب كبائرها و صغائرها لا يمكن أن يرتكبها بنو آدم ، إلا في حال الغفلة و النسيان لذكر الله عز و جل ؛ و على الضد من ذلك ، التارك للذكر ، و الناسي له ، فهو ميت ، لا يبالي الشيطان أن يلقي به في مكان سحيق . { ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } [سورة الزخرف:36] . { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى } [سورة طه :124] . قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها و غفل و سوس ، فإذا ذكر الله خنس . و كان رجل رديف النبي صلى الله عليه و سلم على دابة ، فعثرت الدابة بهما ، فقال الرجل : تعس الشيطان ؛ فقال له النبي عليه الصلاة و السلام : ( لا تقل : تعس الشيطان ؛ فإنه عند ذلك يتعاظم حتى يكون مثل البيت ، و لكن قل : بسم الله . فإنه يصغر عند ذلك حتى يكون مثل الذباب ) رواه أحمد و أبو داود و هو صحيح . و حكى ابن القيم رحمه الله عن بعض السلف ، أنهم قالوا : إذا تمكن الذكر من القلب ، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي ، كما يُصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان ، فيجتمع عليه الشياطين ، فيقولون : ما لهذا ؟ فيقال : قد مسه الإنسي . معاشر المؤمنين الذاكرين : الإكثار من ذكر الله ، براءة من النفاق ، و فكاك من أسر الهوى ، و جسر يصل به العبد إلى مرضاة ربه ، و ما أعده له من النعيم المقيم ، بل هو سلاح مقدم ، من أسلحة الحروب الحسية التي لا تثلم ، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة و السلام في فتح القسطنطينية أنه قال : ( فإذا جاءها نزلوا ، فلم يقاتلوا بسلاح و لم يرموا بسهم ، قالوا : لا إله إلا الله و الله أكبر ؛ فيسقط أحد جانبيها ، ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله و الله أكبر فيسقط جانبها الآخر ، ثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله و الله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا .. الحديث ) رواه مسلم في صحيحه . أيها الناس : ذكر الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال ، و أطهر ما يمر بالفم ، و تنطق به الشفتان ، و أسمى ما يتألق به العقل المسلم الواعي ، و الناس بعامة قد يقلقون في حياتهم أو يشعرون بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم من كل جانب ، و هم أضعف من أن يرفعوها إذا نزلت ، أو يدفعوها إذا أوشكت ، و مع ذلك فإن ذكر الله عز و جل ، يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله ، و أنه على كل شيء قدير ، و أن شيئا لن يفلت من قهره و قوته ، و أنه يكشف ما بالمعنّى إذا ألم به العناء ، حينها يشعر الذاكر بالسعادة و بالطمأنينة يغمران قلبه و جوارحه { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } [سورة الرعد:28] . أيها المسلم : لا تخش غما ، و لا تشك هما ، و لا يصبك قلق ، ما دام قرينك هو ذكر الله . يقول جل و علا في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي ، و أنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم )) رواه البخاري و مسلم . و اشتكى علي و فاطمة رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ما تواجهه من الطحن و العمل المجهد ، فسألته خادما ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم ، إذا أويتما إلى فراشكما ، فسبحا الله ثلاثا و ثلاثين ، و احمداه ثلاثا و ثلاثين . و كبراه أربعا و ثلاثين ؛ فتلك مائة على اللسان و ألف في الميزان ) . قال علي رضى الله عنه : ما تركتها بعدما سمعتها من النبي عليه الصلاة و السلام ، فقال رجل : و لا ليلة صفين ؟ قال : و لا ليلة صفين . و ليلة صفين : ليلة حرب ضروس دارت بينه و بين خصومه رضي الله عنهم أجمعين . عباد الله : لو كلف كل واحد منا نفسه ، في أن يحرك جفنيه ، ليرى يمنة و يسرة ، مشاهد متكررة ، من صرعى الغفلة و قلة الذكر ، أفلا ينظر إلى ظلمة البيوتات الخاوية من ذكر الله تعالى ، أولا ينظر إلى من تسللت إليهم أيدي السحرة و المشعوذين ، و الدجاجلة الأفاكين ، فانتشلوا منهم الهناء و الصفاء ، و اقتلعوا أطناب الحياة الهادئة ، فخر عليهم سقف السعادة من فوقهم . أو لا يتفكر الواحد منا في أولئك المبتلين بمس الجان و مردة الشياطين يتوجعون ، و يتقلبون تقلب الأسير على الرمضاء ، تتخبطهم الشياطين من المس فلا يقر لهم قرار ، و لا يهدأ لهم بال ، أرأيتم عباد الله ، لو كلف كل واحد منكم نفسه بهذا ، أفلا يُسائل نفسه أين هؤلاء البؤساء من ذكر الله عز و جل ؟! أين هم جميعا من تلك الحصون المكينة ، و الحروز الأمينة ، التي تعتقهم من عبودية الغفلة و الأمراض الفتاكة ؟!! أما علم هؤلاء جميعا ، أن لدخول المنزل ذكرا و للخروج منه ؟! أما علموا أن للنوم ذكرا و للاستيقاظ منه ؟! أو ما علموا أن للصباح من كل يوم ذكرا ، و للمساء منه ؟ ! بل حتى في مواقعة الزوج أهله ، بل و في دخول الخلاء – أعزكم الله – و الخروج منه ؟ بل و في كل شيء ذكر لنا منه الرسول عليه الصلاة و السلام أمرا ، علمه من علمه و جهله من جهله . الله أكبر كبيراً ، و الحمد لله كثيراً ، و سبحان الله بكرةً و أصيلاً . |
|
|