المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
67 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الـــوقـــت )
67 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الـــوقـــت ) ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ الحمد لله أولى من حُمِد ، و أحبِّ من ذُكِر ، و أحقِّ من شُكِر ، و أكرمِ من تَفَضّل ، و أرحمِ من قُصِد ، أحمده سبحانه و أشكره ، تَعَرّف إلى خلقه بالدلائل الباهرة و الحجج القاهرة ، و أنعم عليهم بالنعم الباطنة و الظاهرة ، و الآلاء الوافرة المُتَكاثِرَة . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، مَدَّ الأرضَ فأوسعها بقُدْرِته ، و قَدَّر فيها أَقْوَاتها بحكمته ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبد الله و رسوله ، رفع ربُّهُ ذِكرَه فأعلاه و أجَلّه ، و في أعلا المنازل أكرمه و أحَلّه ، صلّى الله و سلّم و بارك عليه و على آله و أصحابه ، أعِزّة على الكفّار و على المؤمنين أَذِلّة ، و التابعين و من تبعهم بإحسان ، بدعوتهم و طريقتهم تَتّحِد الكلمة ، و ترتفع أركان المِلّة ، و سلّم تسليمًا كثيرًا . أمـــا بعـــد : فأوصيكم أيها الناس و نفسي بتقوى الله عز و جل ، فاتقوا الله رحمكم الله ، فالدنيا غير مأمونة ، و مَن عَزَمَ على السفر و الرحيل تَزَوّد بالمؤونة ، و من صَحّت نيّتُه ، و أخذ بالأسباب جاءته من ربه المعونة ، من عَلِم شَرَف المطلوب جَدّ و عَزَم ، و الاجتهادُ على قَدْر الهِمَم ، و النفسُ إذا أُطْمِعَت طَمِعَت ، و إذا أُقْنِعَت باليسير قَنِعَت ، و إذا فُطِمَت انْفَطَمَت ، اهتمّ بالخلاص أهل التُّقى و الإخلاص ، و فرّط المفرّطون فندموا ولاتَ حينَ مَنَاص ، (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ )) [فصلت:46] . أيها المسلمون ، و مع هبوب رياح الصيف و حلول مواسم الإجازات في كثير من البقاع و الديار ، و ارتباط الإجازة عند بعض الناس بالتعطيل و البطالة و إضاعة الوقت و قتله ؛ يحسن الوقوف وقفة نظر و تأمّل في العمل و الإنتاج و ساعات العمل و حفظ الوقت و ضبط ساعات العُمُر و أوقات الراحة . تأمّلوا ـ رحمكم الله ـ هذه الآيات من كتاب الله فيما امتنّ الله على عباده من تهيئة أسباب المَعَاش من أجل حُسن المَعِيشَة ، يقول عزّ شأنه : (( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ )) [الأعراف:10] ، و يقول عزّ من قائل : (( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )) [الملك:15] ، و قال جلّ و علا : (( فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون )) [الجمعة:10] . ثم تأمّلوا التنبيهَ على أوقات العمل و ساعاته و الراحة و مواعيدها ، يقول سبحانه : (( وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا )) [النبأ:9-11] ، و يقول جلّ في عُلاه : (( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ )) [الإسراء:12] ، و يقول جلّ و علا : (( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا )) [الفرقان:47] ، و يقول في حقّ نبيّه محمد : (( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً )) [المزمل:7] . أيها المسلمون ، هذه هي آيات الله ، و تلك هي سُننه في الليل و في النهار و في البشر ، و لكنّ المتابع لمسالك بعض الناس ـ و بخاصّة في منطقتنا و محيطنا في كثير ٍمن أفراد مجتمعنا ـ ليَدْهَشُ و يأسَى مما يلْفِتُ نظرَه من الغفلة عن هذه السُّنّة الإلهية و الآية الربّانية ، حين ينقلب عندهم الحال ، فيجعلون نهارَهم سُبَاتًا ، و ليلَهم مَعَاشًا ، بل لهوًا و عَبَثًا ، إنه انتكاسة و انقلاب ، بل فوضى و اضطراب ، و آثاره على الحياة و الأحياء خطيرة في الإنتاج و الصلاح و الإصلاح ، صحّية و بيئيّة و أمنيّة و اقتصاديّة و اجتماعيّة و غيرها . نعم أيها الإخوة الأحبّة ، إن مما يأْسَى له الناظرُ أن ترى أُسَرًا بأكملها ، أو مُدنًا بكلّ أهلها ، صغارِها و كبارِها ، رجالِها و نسائِها ؛ قد قلبوا حياتهم ، و انقلبوا في مَعَاشهم ، فيسهرون ليلَهم ، ثم يصبحون في نهارهم غير قادرين على العمل و العطاء ، سواءً أكانوا طُلابًا أم موظّفين ، و سواءً أكانوا في أعمال خاصّة أم عامّة ، فهم ضعفاء في الإنتاج ، ضعفاء في المشاركة ، مُقَصّرين في الأداء ، مُفَرّطين في المسؤولية ، لا ترى إلا ذُبُولَ الحاجِبَين ، و احمرارَ العينين ، قد أخذ منهم النُّعَاسُ و الكسلُ كلَّ مَأخَذ ، ضَعْفٌ في الجسم ، و وَهَنٌ في القُوى ، و قلّة في التركيز و الأداء . إن ظاهرة عكس السُّنن و تحويل وظائف النهار إلى الليل دليلٌ على التَسَيُّب و الفوضى و ضياع الضابط في الناس ، بل قد تكون دلالةً من دلالات التَّرَهُّلِ المُهْلِك ، و الاتِّكاليّة المُدَمِّرة ، و كأنّه لا هَمَّ لهم إلا تلبية أهوائهم و مُشْتَهَيَاتِهم ، مُنْصَرِفين أو مُتَعَامِين عن حقيقة وجودهم ، و طبيعةِ رسالتهم ، و عظيمِ مسؤوليتهم ، و الجدِّ في مسالكهم . و يكفي المُخْلِصَ الصادقَ الناصحَ لأمته أن يُجِيل نظرَه في مجموعة من هذا الشباب التائه الضائع الذي يعيش على هامش الحياة ، بل على هامش الزمن ، في الليل مستيقظٌ بلا عمل و الأمم الحيّة العاملة نائمة ، و يكون نائمًا و الأمم الحيّة العاملة مستيقظةٌ ساعَيِةٌ كادَّةٌ جادَّةٌ . و مع الأسف فإن الناظر المتأمّل لا يكاد يجد ناصحًا أو منكرًا لهذه المسالك التي لا تُحْمَد عُقْبَاها ، بل إن عاقبتها خُسْرٌ في الأبدان و الأموال و الثمرات ؛ مما يستدعي قرارًا حازمًا يردّ الناس إلى الصواب ؛ ليكون الليل سَكَنًا و سُبَاتًا ، و يكون النهار عملاً و معاشًا . معاشر المسلمين ، إنّ أول مَدَارِج الإصلاح ـ و الأمة تبتغي الإصلاح و الانتظام في صفوف الأمم القويّة العاملة الجادّة ـ إنّ أول ذلك القدرة على ضبط أنفسنا و أبنائنا ، و التحكّم الدقيق في ساعات عملنا . إن هذه الانتكاسة التي شملت الموظّفَ و المسؤولَ و الطالبَ و المعلّمَ و الرجلَ و المرأةَ تحتاج إلى وقفة صادقة جادّة ، و قرارٍ حاسمٍ يعيد الناس إلى الجادَّة ، بل يعيدهم ليكونوا أسوياء يعملون كما يعمل الناس في كل بلاد الدنيا . و لا مُسَوّغ البتَّةَ للاحتجاج بالظروف الاجتماعية أو المناخية ؛ لأنّ سُنن الله في الليل و النهار عامّة ، تَنْتَظِم البشرَ كلَّهم في مجتمعاتهم و مَنَاخَاتهم و قارّاتهم ، فربُّنا جعل الليلَ سَكَنًا ، و جعل النهارَ مَعَاشًا ، و محا آيةَ الليل ، و جعل آية النهار مُبْصِرَة ؛ لابتغاء فضله سبحانه ، و ذلك لأهل الأرض كلهم ، بل جاء الخطاب في قوله سبحانه بعد أداء صلاة الجمعة : (( فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) [الجمعة:10] ، و هذا لا يكون إلا بعد الظهر و في شدّة حرارة الشمس في الصيف ، و هو خطاب تَنَزّل أول ما تَنَزّل على العرب في جزيرتهم . أيها المسلمون ، إن أول ما يجب التطلّع إليه أن تكون الأمةُ أمةَ بُكُور ، في بُكُور الصباح تغدو مخلوقاتُ الله و أممُ الأرض كلُّها تبتغي فضل الله ، إن يومكم الإسلامي ـ أيها المسلمون ، أيها الشباب ـ يبدأ من طلوع الفجر ، و ينتهي بعد صلاة العشاء ، قال بعض السلف : " عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يُرزق ؟ " ، و أصدق من ذلك و أبلغ قول نبينا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة و ابن عمر و صَخْر بن وَدَاعَة رضي الله عنهم في قوله صلى الله عليه وعلى آله و صحبه و سلم : (( اللهم بارك لأمتي في بُكُورها )) ، و لفظ أبي هريرة : (( بُورِك لأمتي في بُكُورها )) ، و كان صَخْر راوِ الحديث لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار ، فكَثُر مالُه حتى كان لا يدري أين يضعه . يومكم الإسلامي ـ يا أهل الإسلام ـ مُرتَبِطٌ و مُفْتَتَحٌ بصلاة الصبح ، و فيها قرآن الفجر : (( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )) [الإسراء:78] . يستقبل بها المسلمُ يومَه ، و يستفتح بها نهارَه و عملَه ، دعاه داع الفلاح ، فالصلاة خير من النوم . استشعر عبودية ربّه و الإيمان و العمل الصالح ، يرجو البركة و نشاط العمل و طِيب النفس ، نعم طِيب النفس و نشاط البدن مِصْداقًا للحديث المتّفق عليه ، إذ يقول صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم : (( يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَة رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد ، و يَضْرِبُ على مكان كل عُقْدَة : عليك ليلٌ طويلٌ فارْقُد ، فإن استيقظ و ذكر الله انحلّت عُقْدَةٌ ، فإن توضّأ انحلّت عُقْدَةٌ ، فإن صلّى انحلّت عُقْدَةٌ ، فأصبح نشيطًا طَيّب النفس ، و إلا أصبح خبيثَ النفسِ كَسْلانَ )) . |
|
|