![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
|||
|
|||
![]() أيّها المسلمون ، بكلمةِ الحقّ الصادقة النزيهة تُبنى العقول و تُشاد الأوطان ، و هي عِماد التربية ، إن صلَحت الكلمة صلَح المجتمع كلُّه ، و الصدقُ يهدي إلى البرّ ، و للكلمةِ قوّةُ السيف في البناء و التغييرِ و الإصلاح ، و العاقل من الناس لا يتكلّم إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضه أو علمٍ ينشره أو خيرٍ يذكره أو فضلٍ يشكره ، و تركُ الفضول من كمالِ العقول . بكلمة الحقِّ يظهر البيانُ و توصَف الأشياء ، و الكلمةُ تنبِئ عن الضمير و تفصِل في القضاء و تشفَع في الحوائج و تعِظ عندَ القبيح . الكلمةُ تفرِح و تحزِن ، و تجمَع و تفرِّق ، و تبني و تهدِم ، و تُضحك و تُبكي . كلمةٌ تنشرح بها الصدور ، و أخرى تنقبِض لها النفوس . بالكلمةُ تكون التربية و التعليم ، و تنتشِر الدعوة و الفضيلة ، و لقد كان من دعاء موسى الكليم عليه السلام : { وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي } [ طه : 27 ، 28 ] . و من اتَّقى الله و لزم القولَ السديد أصلح الله عملَه و غفر ذنبَه ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [ الأحزاب : 70 ، 71 ] ، و في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتَّفق عليه عن نبيِّكم محمّد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم أنه قال : (( إنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها درجاته ، و إنّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من سخَط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنّم )) نسأل الله السلامة ، (( و المسلِم من سلِم المسلمون من لسانه و يدِه )) ، و من يضمَن ما بين لحيَيه و ما بين رِجلَيه تُضمَن له الجنة . أيّها المسلمون ، هذا هو الإنسان ، و هذه هي الكلمةُ في حقيقتِها و طبيعتها و أثرِها ، فكيف تكون حرّيّة الكلمة ؟ و كيف تُفهَم حرية التعبير ؟ الحرية مسؤوليةٌ ، و الغاية هي الإصلاحُ و البناء و ليس الهدم و الإفساد ، و التعاونُ و التفاهم و ليس الشّقَاق و التّصادم . حرّيةُ التعبير و حرّيَّة الكلمة و الكَلمةُ الحرّة قِيَمٌ حضاريّة عالية ، بل إنها منجَز من منجزات البشرية الخلاّقة ، لها المكان الأرفَع و الاحتفاء الأَسمى . و منَ المعلوم لدى العقلاء أن الإنسان يوزَن بكلامه ، و يحكَم عليه من لسانه ، فالساكتُ مَوضِعَ الكلام محاسَب ، و المتكلِّمُ في موضعِ السكوتِ محاسَب ، و الساكتُ عن الحقِّ شيطانٌ أخرَس ، و كلامُ الزور إثمٌ و فجور ، و الكذِب يهدي إلى الفجور ، و كفَى بالمرء إثما أن يحدِّث بكلّ ما سمِع ، و كَم كلمةٍ قالت لصاحبها : دَعني . عبادَ الله ، إذا كان ذلك كذلك فلا بدَّ لهذه الحرّيّة من ضوابط ، و لا بدَّ لهذه المسؤوليّة من معايير ، و بغيرِ الضوابطِ و المعايير تنبُت الفوضى العَمياء التي تُعلِي شأن الظلم و الظالمين ، و تزيِّف الحقائق ، و تقود إلى النتائجِ العكسيّة ، فيخنَق الضمير و تموت الحرية . إنَّ مما ينبغي أن يُراعى في ضوابط حريّة التعبير و حرية الكلمة و الكلمةِ الحرّة الإخلاصَ و قصدَ الحق و التجرّد من نوازِع الهوى و حظوظ النفس و الحذَر من توظيف الكلمة للانتصارِ للنفس و العصبيّة لفئةٍ أو مذهب أو فكرة ، فهذا بغيٌ و ظلم . يجِب مراعاةُ ظروفِ الزمان و المكان و الأحوال في الحوارات و المناقشات و الردود و خطاب الناس ، تتأكَّد أهمية الكلمة و دقّةُ اختيارها في الحوادث و المناقشات و الردود و خطابِ الناس ، تتأكّد أهمية الكلمة و دقَّة اختيارها و رعايةُ أدب الخلاف و أصول الحوار ، فلا يتكلَّم متكلّم إلا بدينٍ و إخلاص و عِلم . يراعَى أحوالُ المخاطبين علمًا و ثقافة و خَوفًا و أمنا ، تُراعى أجواءُ الفِتن و أحوالُ الاضطراب و الحِفاظ على الأمة في اجتماعِ كلمتها و هدوئِها و الحِفاظ على الجمَاعة و الوحدة . يجب تخفيف أجواء التوتُّر و بسطُ ثقافة التعاوُن و المحبَّة و حُسن الظنّ و ابتغاء الحقّ و التجرّد له و قَبوله ممن جاءَ به و حقّ الاختلاف ، مع التأكيد و اليقين أن هذا لا يتعارض مع حقِّ الدفاع عن القناعاتِ و الردّ على المخالف بأدبٍ و سلامة قصدٍ و صدر و تلمُّسٍ للحق في علمٍ و بصيرة و هُدى . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } [ إبراهيم : 24-27 ] . نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ، و بهدي سيد المرسلين محمد صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أجمعين ، و أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كلّ ذنب و خطيئة ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
|
|
|
![]() |