المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
العِبَرّ فى وفاة سيد البشر
16 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / العِبَرّ فى وفاة سيد البشر لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================= الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره ، و سببا للمزيد من فضله ، جعل لكل شيء قدرا ، و لكل قدر أجلا ، و لكل أجل كتابا . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تزيد في اليقين ، و تثقل الموازين ، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله ، و صفيه و خليله ، أمين وحيه ، و خاتم رسله ، و بشير رحمته ، و نذير نقمته ، بعثه بالنور المضي ، و البرهان الجلي ، فأظهر به الشرائع ، و قمع به البدع ، و بين به الأحكام . صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله مصابيح الدجى ، و أصحابه ينابيع الهدى ، و سلم تسليما كثيرا . أمّـــا بعــــد : فاتَّقوا الله تعالى أيّها المسلمون ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا <IMG width=14 height=14> [الأحزاب: 70، 71] أيّها المسلمون ، دِراسَةُ سِيرةِ النَّبيِّ <IMG width=14 height=14> حَتمٌ لاَزِم لِكلِّ مَن أَرادَ تَرميمَ أمّتِه و العودةَ بها إلى نَبعِها الأصيل و الّذي لن تقومَ إلاّ بِهِ ، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ <IMG width=14 height=14> [الأحزاب: 21] ، لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ <IMG width=14 height=14> [آل عمران: 164] . و إنَّ في كلِّ جانب من جوانب حياتِه <IMG width=14 height=14> عِلمًا و حِكمةً و هدًى و رحمة و دَرسًا و عبرة . عبادَ الله ، لما أشرَقَتِ الدَّنيا برسالة النبيِّ <IMG width=14 height=14> ضياءً و ابتهاجًا و دَخَل الناس في دين الله أفواجًا و سَارَت دَعوتُه مسيرَ الشمس في الأقطار وليبلُغ دينه القويم ما بلَغ الليل و النهار، بعد أن بلَّغ رسول الله <IMG width=14 height=14> الرسالَةَ و أدَّى الأمانة و نصح الأمّة و كشف الله به الغمّةَ و أصبح الناس على المحجّة البيضاء ليلها كنهارِها لا يزيغُ عنها إلا هالك ، بعد أن قضى ثلاثًا و عشرين سنَة في عبادة ربِّه و تلقّي وحيه و الجهاد في سبيله و هداية الخلق ، بعد أن أحبَّه الناس و خالَطَ حبُّه شغافَ قلوبهم ، و قد كان لهم أشفَقَ مِنَ الوَالِدِ و أرحَمَ من الوالِدَة ، عندها نزَلَت بالمسلمين أعظمُ مصيبة و أكبر فَاجعة ، و ذلك حين أذِن الله تعالى لنبيِّه بفراقِ هذا العالَم و أنزَلَ عليه سورةَ النصر إشعارًا له بأنه فرَغ من مهَمَّتِه في الدّنيا ، و أنّه سيودِّع أصحابَه قريبًا ، و أنه مُفارق لهذا العالم الفاني و راجعٌ إلى الله و لاحِق بالرفيقِ الأعلى ليجزيَه الجزاء الأوفى : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا <IMG width=14 height=14> [سورة النّصر] . و هكذا الأعمالُ الكِبارُ تختَم بالتّسبيح و الاستغفار . عبادَ الله ، إنَّ الحديث عن وفاة سيِّد البشر لأجل ما فيها من العظات و العبر ، لا للتَّحزُّن و استدرارِ العواطف ، و كما كانت حياته <IMG width=14 height=14> دعوةً و جهادًا ، فكذلك وفاتُه كانت هدايةً و إرشادًا . و لقد أشار النبيّ <IMG width=14 height=14> إلى اقتراب أجله بما أعلَمَه الله من قربه كما في صحيح مسلمٍ أنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> كان يقول في حجة الوداع : (( خذُوا عني مناسككم ؛ لعلّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا )) ، و في لفظ : (( فإني لا أَدري لعلّي لا أحجُّ بعد حجّتي هذه )) ، و طفِق يودّع الناس ؛ لذا سميت حجّة الوداع . و لما نزلت : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا <IMG width=14 height=14> [المائدة: 3] بكَى عمر رضي الله عنه و قال : ليس بعد الكمالِ إلا النقص ؛ مستشعرًا قُربَ أجل النبي <IMG width=14 height=14> بانتهاء مهمّته . و في حديثِ عائشةَ رضي الله عنها المخرَّج في الصحيحَين قالت : أقبلَت فاطمة رضي الله عنها تمشِي كأنَّ مشيتَها مشيُ النبيِّ <IMG width=14 height=14> فقال : (( مرحبًا بابنَتي )) الحديث ، إلى أن قالت فاطمة رضي الله عنها : أَسرَّ لي <IMG width=14 height=14> : (( إنَّ جبريلَ كان يعارضني القرآن كلَّ سنة مرةً ، و إنه عارَضني العامَ مرتين ، و لا أُراه إلاّ حَضَر أجلي ، و إنك أوّلُ أهل بيتي لحاقًا بي )) فبكيتُ، فقال : (( أمَا ترضين أن تكوني سيدةَ نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين ؟! )) فضحكتُ لذلك . أيّها الإخوة ، في آخرِ شهر صفر خرج النبي <IMG width=14 height=14> إلى البقيع مِن جوف الليل فدعا لهم و استغفَر الله له و لهم ، وقال : (( ليهنأ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناسُ فيه ، أقبلتِ الفتن كقِطَع الليل المظلم ، يتبع آخرُها أوَّلَها، الآخرة شرٌّ من الأولى )) رواه الإمام أحمد و الطبراني و الحاكم . كما دَعَا لشهداءِ أحُد كالمودِّع لهم . ثم أخذتِ النبيَّ <IMG width=14 height=14> حمّى شديدةٌ و صُداع شديد ، و كان يطوف على نسائِه و قد ثقُل و اشتدَّ به المرض ، فدعاهنّ و استَأذنهن أن يمرَّض في بيت عائشة، فأذِنَّ له . فانظر إلى عدلِه <IMG width=14 height=14> و حِرصه على جَبر الخواطر و العشرة الحسنة حتى في الحالِ التي يُعذر فيها . و مع ما كان به من شدة المرض إلاّ أنه كان يصلّي بالناس ، فلما عَجز يومًا عن الخروج ـ كما في الصحيحين ـ قال : (( أصَلَّى الناس ؟ )) قيل: لا ؛ هم ينتظرونَك يا رسولَ الله ، قال : (( ضَعوا لي ماءً في المخضب )) ، ففعلوا فاغتسل ، ثم ذهب لينوب ـ أي: لينهض ـ فأغمِيَ عليه ، ثم أفاق فقال : (( أصلَّى الناس ؟ )) قيل : لا ؛ هم ينتظرُونك ، فاغتسل ثانية ثم أغمِيَ عليه ، و ثالثة كذلك ، و في كلِّ مرّةٍ يسأل عن الصلاةِ ، فأرسل إلى أبي بكر رضي الله عنه أن يصلّيَ بالناس ، فصلّى بهم أيّامًا ، ثم إنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> وجد في نفسِه خفّةً ، فخرج يُهادى بين رجلين هما العباس و علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، فلمَّا رآه أبو بكرٍ رضي لله عنه ذهَب ليتأخّر ، فأومأ إليه النبي <IMG width=14 height=14> بأن لا يتأخّر ، و أُجلِسَ إلى جنبه ، و أُتِمَّت الصلاة . و في هذا إشارةٌ إلى فضلِ أبي بكر رضي الله عنه و أحقّيَّته بالإمامة بعدَ النبيِّ <IMG width=14 height=14> ، و كذا حرصُ النبي <IMG width=14 height=14> على صلاة الجماعة ، و اهتمامُه بصلاة أصحابه و اجتماعهم على إمام واحد . و في الصحيحين عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال : خرَج علينا رسولُ الله <IMG width=14 height=14> في مرضه الذي مَاتَ فيه و نحن في المسجِد عاصبًا رأسه بخرقة ، فقعد على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه و قال : (( إنَّ الله خيَّر عبدًا بين الدنيا و بين ما عنده ، فاختار ما عندَ الله )) ، فبكَى أبو بكر الصدّيق و قال : فدَيناك بآبائِنا و أمّهاتنا يا رسول الله ، فقال النبيُّ <IMG width=14 height=14> : (( يا أبا بكر ، لا تبكِ ؛ إنَّ أمنَّ الناسِ عليَّ في صحبتِه و مالِه أبو بكر ، و لو كنتُ متّخِذًا خليلاً من أمتي لاتَّخذتُ أبا بكر ، و لكن أخوّةُ الإسلام و مودَّته ، لا يبقَى في المسجد بابٌ إلاّ سُدَّ إلا بابَ أبي بكر )) . و في الصحيحين أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه كان يُصلّي لهم في وجَع النبي <IMG width=14 height=14> الذي تُوفِّيَ فيه ، حتى إذا كان يومُ الاثنين و هم صفوفٌ في الصلاة فكشَف النبيُّ <IMG width=14 height=14> سِترَ الحجرة ينظرُ إلينا و هو قائمٌ ، ثم تبسَّم يضحَك ، فهَممنا أن نفتَتِن من الفرح برؤيةِ النبيِّ <IMG width=14 height=14> ، فنكَص أبو بكر على عقِبَيه ليصِلَ الصفّ ، و ظنَّ أن النبيَّ <IMG width=14 height=14> خارج إلى الصلاة ، فأشارَ إلينا النبيُّ <IMG width=14 height=14> أن أتِمّوا صلاتَكم ، و أرخى السّترَ ، فتوفِّيَ من يومِه . و قد كان فرَحُهم رضي الله عنهم ظنًّا أنّه شُفيَ <IMG width=14 height=14> ، و ما علِموا أنها نظرةُ الوداع الأخيرة . لقد تبَسّم النبي <IMG width=14 height=14> حين اطمَأنّ عليهم و رآهم متراصِّين في الصلاة خلفَ إمامهم أبي بكرٍ رضي الله عنه ، وملأَ عينَه و قلبه برؤيتهم . و كانت هذه آخِرَ ابتسامةٍ له في الدنيا ؛ حيث فرِح بحال أمّتِه المستقيمة المجتمِعة المتراصّة خلف إمامها . و لقد شاء الله تعالى أن تكونَ لحظةُ الوداع تلك في مشهدِ الصلاة . و كان <IMG width=14 height=14> يقول في مرضه الذي مات فيه : (( يا عائشةُ، ما أزال أجِد ألَمَ الطعام الذي أكلتُ بخيبر، فهذا أوان وجدتُ انقطاعَ أبهري من ذلك السمّ )). و هكذا رُزِق النبيُّ <IMG width=14 height=14> الشهادةَ بسبب سُمّ اليهودِ الخوَنَة نقَضَةِ العهود قَتَلَةِ الأنبياء عليهم من الله ما يستحقون ، فهم أخبثُ الأمَم طويَّةً ، و أردَاهم سَجِيّة ، وأبعدُهم من الرحمة ، و أقربهم من النِّقمة ، عادَتُهم البغضاء ، و ديدنهم العداوةُ و الشحناء ، بيتُ السّحر و الكذب و الحِيَل ، لا يرونَ لنبيٍّ حرمةً ، و لا يرقُبون في مؤمن إلاًّ و لا ذمّة . و لما اشتدَّ الوجعُ على النبيِّ <IMG width=14 height=14> كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دَخلتُ على رسولِ الله <IMG width=14 height=14> و هو يوعَك ، فحسَستُه بيدي ، فقلت : يا رسول الله ، إنك تُوعَك وَعكًا شديدًا ! فقال <IMG width=14 height=14> : (( أجل ، إني أوعُك كما يُوعَك رَجُلان منكم )) ، قال : فقلت : ذلك أن لك أجرين ؟ قال <IMG width=14 height=14> : (( أجل ، ذلك كذَلك ، ما مِن مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفّر الله بها سيئاتِه و حُطّت عنه ذنوبه كما تحطُّ الشجرةُ ورقها )) . و في هذا تعزية لأهل المصائب و الابتلاءات و الأسقامِ و الأمراض . أيّها المسلمون ، و مع مقاساةِ النبي <IMG width=14 height=14> الشدائدَ و معاناته آلامَ الموت إلاَّ أنه لم يَغفَل عن توجيهِ أمّتِه و لم يَتَوَقَّف عَن أداء رسالتِه ، بل عاد يؤكّد على القضيِّة الكبرى و التي بدأ بها دعوتَه و سايَرته طولَ حياته ، إنها قضيةُ التوحيد و سدِّ أبواب الشرك ، عن عائشةَ و ابن عباس رضي الله عنهما قالا : لما نُزل برسول الله <IMG width=14 height=14> طفِق يطرَح خميصةً له على وجهه ، فإذا اغتمّ كشَفَها عن وجهِه ، و هو كذلك يقول : (( لعنَةُ الله على اليهودِ و النصارى ؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ )) ؛ يحذِّر ما صعنوا . رواه البخاري و مسلم . إنَّ النبيَّ <IMG width=14 height=14> و هو في الكرب العظيم يعرِف مصائدَ الشيطان و ما يُمكِن أن يسوِّل به للأمّةِ إذا جرّها إلى الجاهليةِ الأولى ؛ إذ إنهم حين يصِلون إلى حالِ عبادتهم للقبور و الطوافِ بها و دعائها فقد فقَدوا دينهم و هم لا يعلمون . و في الصحيحين أنَّ النبي <IMG width=14 height=14> أوصى عند موته بقوله : (( أخرِجوا المشركين من جزيرة العرب )) ، و كان آخر ما أوصى به و كرَّره مرارًا الصلاة ، ففي حديث أنس بنِ مالك رضي الله عنه قال : كانَت عامّة وصية رسول الله <IMG width=14 height=14> حين حضَرَه الموت : (( الصلاةَ الصلاةَ و ما ملكت أيمانكم ، الصلاةَ الصلاةَ و ما ملكت أيمانكم )) ، حتى جعل يغَرغِر بها صدره ، و ما يكاد يفيض بها لسانُه . رواه النسائيّ و ابن ماجه بسند صحيح . و صدَقَ الله : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ <IMG width=14 height=14> [التوبة: 128] . |
|
|