![]() |
![]() |
المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
|||
|
|||
![]() يقول الإمام أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله : " فنعوذ بالله من عيونٍ شاخصة غير بصيرة ، و قلوب ناظرةٍ غير خبيرة ". إخوة الإيمان و من الحثّ اللّطيف على السفر النافع المفيد قولُ الثعالبي رحمه الله : " من فضائل السفر أنّ صاحبه يرى من عجائب الأمصار و بدائع الأقطار و محاسن الآثار ما يزيده علمًا بقدرة الله تعالى , و يدعوه شكرًا على نعمه " . و هل بلغ الصحابة الأجلاء و السلف الصالح ما بلغوا مِن ذُرى القمَم و قصَب السبق بين الأمم إلا بالرحلة في طلب الحديث و تحصيل العلوم و المعارف . أيها المصطافون ، أيها المسافرون يا مَن عزمتم على جَوْب الأمصار و الأقطار و ركوب الأجواء و البحار و اقتحام الفيافي و القفار و تحدي الشدائد و الأخطار , تلبّثوا مليًّا ، و تريّثوا فيما أنتم بسبيله ، و ليكن في نواياكم أسوتكم و نبيكم صلى الله عليه و سلم ، حيث ارتحل من مكّة إلى المدينة ، حاملاً النورَ و الضياء و الهدى و الإصلاح ، و كذلك صحابته الكرامُ في أثره ، حيث كانوا لنشر رسالتهم الربانية المشرقة أجلَّ السفراء ، و سار في ركابهم جِلّة العلماء ، فشقّوا الأرضَ شقًّا ، و ذرعوها سفرًا و تسيارًا ، طلبًا للعلم و الإفادة و الصلاح و السعادة ، و تصعّدًا في مراقي الطّهر و النّبل ، كلّ ذلك على كثرة المخاوف و شُحّ الموارد و خشونة المراكب و قلّة المؤانس ، فهلاّ اعتبرنا بهم و شكرنا الباري جلّ في علاه على نعمِه السوابغ . ألا فاعلموا عباد الله أن السفر في هذه الآونة ، يختلف عن السفر في قرون مضت ، فقد مهدت الطرق ، و جرت عليها العربات الآلية بشتى أنواعها المبدعة ، فهي تسير بهم على الأرض إن شاءوا أو تقلّهم الطائرات السابحة في الهواء إن رغبوا ، أو تحملهم الفلك المواخر في البحر إن أرادوا ، كما أن الأزمنة قد تقاصرت ، فما كان يتم في شهور بشق الأنفس ، أضحى يتم في أيام قصيرة بل ساعات قليلة ، و بجهود محدودة بل و ربما عطس رجل في المشرق فشمته آخر في المغرب ، و هذا مصداق حديث النبي صلى الله عليه و سلم من أن : تقارب الزمان من علامات الساعة كما عند البخاري في صحيحه . و مع هذه الراحة الميسرة فإن الأخطار المبثوثة هنا و هناك لم تنعدم ، ففي الجو يركب المرء طائرة يمتطي بها صهوة الهواء ، معلقا بين الأرض و السماء ، بين مساومة الموت و مداعبة الهلاك فوق صفيحة مائجة ، قد يكون مصيره معلقا بأمر الله في خلخلة مسمار أو إعطاب محرك ، لاسمح الله . مما يؤكد الاحتماء بالله و ارتقاب لطفه المترجم بلزوم آداب السفر ، و البعد عن معصية الله في هوائه بين سمائه و أرضه ، و المستلزمة وجوبا ، إقصاء المنكرات من الطائرات ، و التزام الملاحين و الملاحات بالحشمة و العفاف و البعد عما يثير اللحظ أو يستدعي إرسال الطرف . و إن تعجب أيها المسلم فعجب ما يفعله مشركو زمان النبي صلى الله عليه و سلم من اللجوء إلى الله في الضراء { فَإِذَا رَكِبُواْ فِى ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [ العنكبوت : 65 ] . و بعض عصاة زماننا سراؤهم و ضراؤهم على حد سواء ، فقبح الله أقواما ؛ مشركو زمان النبي صلى الله عليه و سلم أعلم بلا إله إلا الله منهم . أيها المسلمون إن التقارب في الزمان و المكان بما هيأ الله من أسباب السرعة ، لهو نعمة عظيمة و رحمة جُلَّى ، تستوجبان الشكر للخالق و الفرار إليه ، في مقابل التذكر ، فيما فعله الله ـ جل و علا ـ بقوم سبأ الذين كانوا في نعمة و غبطة ، من تواصل القرى ، بحيث إن مسافرهم لا يحتاج إلى حمل زاد و لا ماء { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَـٰهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّاماً ءامِنِينَ } [ سبأ : 18 ] . و لكن لما بطروا نعمة الله و مالت نفوسهم إلى ضد حالهم { فَقَالُواْ رَبَّنَا بَـٰعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَـٰهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } [ سبأ : 19 ] . ففرق الله شملهم بعد الاجتماع ، و باعد بينهم بعد التقارب ، حتى صاروا مضرب المثل ؛ و لهذا تقول العرب في القوم إذا تفرقوا : تفرقوا أيدي سبأ . و بعدُ عباد الله فإن من أعظم فوائد السفر ، و أكثرها تعلقا بالله ، معرفةَ عظمته و قدرته ، بالنظر إلى ما ابتدعه ـ جل و علا ـ ، خلقا جميلا عجيبا ، من حيوان و نبات ، و ساكن و ذي حركات ، و ماذرأ فيه من مختلف الصور التي أسكنها أخاديد الأرض ، و خروق فجاجها ، و رواسي أعلامها ، من أوتاد و وهاد ، فصار فيها جدد بيض و حمر مختلف ألوانها و غرابيب سود ، و من ذوات أجنحة مختلفة ، و هيئات متباينة { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لّمَن يَخْشَىٰ } [ النازعات : 26 ] . كونها بعد أن لم تكن في عجائب صور ظاهرة ، و نسقها على اختلافها بلطيف قدرته و دقيق صنعه ، فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، و منها مغموس في لون صبغ ، قد طوِّق بخلاف ما صبغ به { وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَابّ وَٱلاْنْعَـٰمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوٰنُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء } [ فاطر : 28 ] . فسبحان من أقام من شواهد البينات على عظمته و قدرته ! فانقادت له العقول معترفة به و مسلمة له ، فبان لها أن فاطر النملة هو فاطر النخلة . إخوة الإيمان و ثمة أمر يغفل عنه كثير من المسافرين و هم في غمرة الاستعداد و التأهب لخوض غمار السفر و متاعبه ، إنه التأهب و الاستعداد للسفر للدار الآخرة ، ذلكم السفر الذي ينساه كثير من الخلق ، و يغفل عنه فئام ممن طال عليهم الأمد فقست قلوبهم . إنه السفر الذي سوف يخوضه كل واحد منا وحيداً فريداً ، ليس له من الزاد إلا ماقدمه من عمل صالح في هذه الحياة الدنيا . فحري بكل من حزم حقيبته لسفر من أسفار الدنيا أن يتذكر يوم سفره إلى الآخرة ، يوم قدومه على ربه و مولاه ، لا يحمل معه إلا صالح عمله ، و تقواه لربه . فأعدوا العدة لذلكم رحمكم الله و تزودوا فإن خير الزاد التقوى ، و اتقوا الله يا أولي الألباب . بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعني و إياكم بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم . قد قلت ما قلت إن صوابا فمن الله ، و إن خطأ فمن نفسي و الشيطان و أستغفروا الله إن الله غفور رحيم . التعديل الأخير تم بواسطة بنت الاسلام ; 06-07-2013 الساعة 12:19 AM |
|
|
![]() |