المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
قد أصبحت الأرض عروساً
قد أصبحت الأرض عروساً يالله كم يجتهد الناس في تزيين هذه الأرض ، حتى جعلوها كالعروس ليلة دخلتها ! الأصل أن الله سبحانه قد زينها قبل الخلق ، ثم أذن لهم أن يعملوا إبداع عقولهم في مزيد من التزيين لها ، فكان إن أخذت الأرض زخرفها وازينت ، حتى ظن أهلها أنهم قادرون عليها ، أو قد أوشكوا أن يظنوا ذلك ..! أما تزيين الله سبحانه للأرض ، فقد بين وأوضح حكمته ..فقال تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } سورة الكهف فهي مزينة فاتنة لتكون محطة ابتلاء للناس ، وهم يرون هذه الزينة ، ويمشون في مناكبها ، ويخوضون خلالها .. وفي موضع آخر بين أن اكتمال زينتها إيذان بنهايتها ! { حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ } - سورة يونس ولأنها مزينة مغرية فاتنة ، حتى أصبحت تدير عقل الحليم ، فما أكثر الذين وقعوا في فخها ، وسقطوا في فتنتها ، وانحدروا في سيلها ، وضاعوا في متاهتها ..! ولم ينتبهوا أن سر التزيين فيها ، إنما هو أشبه بورقة امتحانيه ، على العاقل أن يمعن النظر فيها ، قبل أن يجيب عليها ..! فهي مزينة مزخرفة إذن ليستيقظوا لا ليسقطوا ولكن ما أكثرالذين سقطوا! عندما يقدم لك أحدهم كاس عسلٍ ، ثم يقول لك وهو يمد يده بالكأس إليك : هو رائع شهي ممتع لذيذ غير أن فيه كمية بسيطة من السم الزعاف ، ولا عليك ، لا تلتفت إلى سمه القاتل واستمتع هذه الدقائق من بقية عمرك مع حلاوة هذه الكأس ، وتلذذ بها ، ولا تحمل هم أنهاستقتلك ؟ بالله عليك كيف ستكون ردة فعلك ، وأنت تسمع مثل هذا ؟ هل يكفي أن يكون العسل شهياً ، ولونه مغرياً ، وطعمه لذيذاً ، وحلاوته باهرة ، بحيث تغض الطرف تماماً عن وجود السم الزعاف فيه ؟ أم أنك ستنسى تماماً كل ميزة فيه طيبة ، لتتجلى بينعينك كمية السم القاتل فيه ! ومن ثم يقشعر جسمك ، وتتحفز أعصابك ، وتتداخل إلى داخلك ، وتحذر كل الحذر من مجرد الاقتراب منه ، بل أحسبك ستحذر كل الحذر من هذا الإنسان الذي يزين لك الشرب من هذه الكأس ومثال آخر لو انك رأيت ثعباناً جميل المنظر ، ناعم الملمس ،هادئ الحركة ، وأنت تعلم تماماً أن عضته والقبر ..! ترى هل سيغريك منظره الجميل ، وملمسه الناعم ، أن تقرب منه ، وتحتضنه ، وتضمه إلى صدرك ، وتقرب وجهك من وجهه ..!! أم أنه يكفي اسم الثعبان فقط ، لتبقي حذرا منه ، غاية الحذر ..! فإن كنت ممن يحسن التعامل بحكمة مع هذه الثعابين القاتلة ، قادر على الانتفاع منها ، واستخلاص ما يفيد من بين أنيابها ! فإنك ستكون حينها في منتهى الحذر ، وأنت تتعامل معها في كياسة وتوجس كذلك شأن الدنيا ، تماماً الدنيا ليست محرمة على الإطلاق ، ولكن الحذر يلزم عند التعامل معها ، فكم قتلت من عشاقها ، وكم أهلكت من محبيها ..! أما الناس فقد أضافوا إلى أصل زينتها ،ألواناً من الزينة والزخرفة والبهرجة ، ليزدادوا إيغالاً في الفتنة بها ، والسقوط فيها ، والسحر معها ! حتى أن منهم من شك في وجود الآخرة أصلا ، وهو يرى كل يوم ما يرى من ألوان المخترعات الحديثة ، التي لحست عقله كله !! ومنهم من شغلته تماماً عن الالتفات إلى ما هو أولى له ، عند ربه سبحانه ، فنسي ما يريده الله منه ، حيث لم يعد رأسه مشغولاً إلا ببهرج هذه الدنيا ..! أما العقلاء _ وقليل ما هم _ فلم تزدهم هذه الزخرفة والزينة والبهرجة ، إلا عشقاً للآخرة ، وتشميرا في العبادة ، وحبا لله بديع السماوات والأرض .! سر ذلك : أنهم أعملوا عقولهم في هذه البدائع والعجائب المذهلة ، وقالوا لأنفسهم : هذا ما أعد المخلوق وأبدع ، فكيف بما أعده الله سبحانه في جنة عرضها السماوات والأرض ، لاشك أن كل هذه الزينة والزخرفة لا تساوي شيئا أبداً بجانب ما أعده الله لعباده المؤمنين ، الذين أحبهم ,أحبوه ، وترجموا هذه المحبة إلى عمل وطاعة ، واجتهاد وتشمير في طريق الله عز وجل ، ليعيشوا في هذه الدنيا كما يحب ويرضى ، وحتى إذا ماتوا ماتوا وهو راضٍ عنهم ..! فما كان سبب فتنة لكثيرين لا يحصيهم إلا الله ، كان هو هو سبب تقوية إيمان لهؤلاء القلة من عباد الله وسبباً قويا في تنوير قلوبهم وشدهم إلى ربهمسبحانه ومن هنا قال بعض العلماء في قوله تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء } قال : خلقها لكم لتنتفعوا بها من وجهين .. دنيوي وأخروي ! أما الدنيوي فمعروف ، أن يجتهد الإنسان على هذه الأرض فيستخرج خيراتها ، وينتفع بما فيها من أقوات وطاقات وكنوز …الخ أما الانتفاع الأخروي ، فإن تكون زينتها ، سببا في مزيد من قربهم من ربهم سبحانه ، فكل شيء فيها يشدهم إلى مولاهم ، ويزيدهم قربا منه ، وارتباطا به ، وذكرا له ، وحبا له ، وشوقا إليه ، كما قال القائل :وفي كلشيء له آية ** تدل على أنه واحدُ |
|
|