المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير لنشر و إعادة الأخلاق الإسلامية الحقيقية للأسرة |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
حالة تأمل
حالة تأمل بقـلم دالـيا رشـوان منذ قرابة العام أبلغتني صديقة لي أعتبرها أكثر من أخت أن ابنة أخيها الطالبة في الجامعة دخلت المستشفى وهي في حالة سيئة جدا ولا يعرف أحد سبب مرضها حيث لايزال الأطباء يقومون بالفحوصات اللازمة. ومرت الأيام والحالة تسوء ولم تأت الفحوصات بأي نتيجة. ظلت الفتاة تدخل وتخرج من غرفة العناية المركزة بشكل متكرر. قلقت صديقتي عليها لأنها كانت فتاة مستهترة وبعيدة عن الدين ولم تكن تصلي وأصبحت فجأة أقرب ما يكون من الموت. تنبهت صديقتي سريعا وبدأت تَتَّبع معها جميع الوسائل التي تستطيع من خلالها أن تجعلها تصلي وتقترب من الله ولكن والدة الفتاة كانت تعتبر أن صديقتي تسمم عقلها. وقد بذلت ما بذلت لكن ظلت الفتاة تتقدم خطوة للأمام ثم تعود خطوات للخلف وبعد محاولات كثيرة أصاب صديقتي إحباط شديد وكانت تحدثني كي أشد من أزرها وأشجعها لكنني كنت بنفس درجة الإحباط. ومر عام على هذا الحال في هذه المشكلة التي لا يبدو لها حل وجاءتني مكالمة من صديقتي وصوتها مصدوم لتبلغني أن ابنة أخيها توفاها الله. توفيت هذه الفتاة دون أن يعلم أحد سبب مرضها ودون أن تتاكد صديقتي من حالتها أثناء الوفاة وهل استطاعت أن تنجو أم لا. وعلى الرغم من أنني أستقبل حالات الوفاة باستبشار أن دورنا قد اقترب إلا أن هذه الحالة، وعلى الرغم من أنني لا أعرفها ولم أرها، إلا أنها بثت داخلي حالة تأمل غريبة في حال الإنسان، خاصة وأن بعدها بيومين تحدثت إلى صديقتي فوجدتها في حالة أفضل وبدت الحياة كأنها تعود إلى ما كانت عليه. أول شئ تبادر إلى ذهني كيف قاومت تلك الفتاة اليد التي كانت تمد إليها طوق النجاة على الرغم من علمها بأنها بين الحياة والموت. كانت أقرب ما يكون لكنها كانت تستثقل الطاعة والآن الله أعلم بها. ولكن ما أشعر به هو أن ما كان مطلوب منها من استجابة لأوامر الله كان بسيطا من أجل نهاية ليست بسيطة؛ إما الخلود في النار أو الخلود في الجنة. فأما الجنة فقيامنا بطاعة الله هو مجهود لا يذكر يجازينا الله به خلودا في نعم لا تأتي ببالنا، والتكاسل عن هذه الطاعات هو توفير مجهود لا يمكن أن يقارن بالخلود في العذاب. فكأن زوجة تضحي بزوجها وتُطَلق لأنها تحب لون معين فما تضحي به لا يقارن بالمصير الذي ارتضت به. هناك شئ آخر تبادر في ذهني وهو أن هذه الفتاة كانت محط انظار الجميع لمدة عام وكان وجودها هو الحدث والجميع يتحدث عن ما أصابها، وكانت قبلها فتاة شابة في قمة حيويتها ونشاطها وآمالها وفجأة ماتت وأصيب الناس بالحزن ليومين ثم عادت الحياة كما كانت. كثير من الناس يفكر عندما يموت مَن سيحزن الناس عليه كجزء من محاولة إعطاء قيمة لنفسه ولشخصه ولوجوده في الدنيا ولكنني وجدت أن أي شخص مهما كان يموت ولا يبقى له شئ، أقصى حزن يكون فترة قصيرة وتعود الدنيا كما كانت إن لم تكن أفضل ولا يبقى للإنسان ذكر إلا كلمة مدح من آن لآخر أو سب من آن لآخر. يموت الناس شبابا وكهولا وشيوخا ويأتي محلهم آخرون ويموتون ويأتي غيرهم تلك هي الحياة علام يتقاتل الناس!! على دنيا ليست لهم ولا لغيرهم!! إنها أيام قليلة جدا وتطأ أقدامنا أبواب الآخرة أفلا تعقلون؟؟ أيظن هؤلاء أنهم سيأخذون معهم شيئا؟؟ إن الدنيا لا يبقى فيها جاه أو مال أو حتى سمعة، ليس للإنسان قيمة حقيقية في الدنيا، فليست إلا لحظة ويستبعد من مسرحها وينساه الناس ويستكملوا مسيرتهم ويستبدلون دوره بآخر ربما أفضل منه في الأداء. القيمة الحقيقية التي يشعر بها الإنسان بل ويستفيد منها أفضل إستفادة هو عمله الطيب الذي يعمر به مقره ومستقره في الآخرة. مَن آثر تعمير دنيته دون آخرته مثل مهاجر أخذ معه زاد طريقه فسار فيه منعما سعيدا ولكنه نسي أن يأخذ معه نقودا وملابسا وطعاما يعينه في مهجره فسار في طريقه مطمئنا حتى إذا وصل إلى الجهة التي سافر إليها وجد نفسه صفر اليدين. إن أول ما يتذكر الغني في لحظة موته أنه ترك ماله في يد آخرين فيندم أنه لم ينفقه كله في سبيل الله لينجي به نفسه من الخلود في الهلاك. إن الصدقات وعمل الخير إنما هي عملات تحولها إلى رصيدك في مهجرك حتى إذا وصلت وجدت خيرا ينتظرك. أما أن تعمل لشهرة أو لمال فلن ينفعك منه شيئا فليست الدنيا إلا ساعات قليلة وسنتركها جميعا. وتذكر من ماتوا من الظالمين من حولك وراجع حياتهم وأحلامهم وطموحاتهم ستشعر وقتها بغباء هذا الظالم الذي بذل من وقته وجهده يعصي الله الذي هو ذاهب إليه لا محالة وبعد وقت أقصر مما تخيل، مع العلم أن الطاعة تجلب أيضا سعادة وراحة في الدنيا (وخصصا راحة البال) ولكنها تضيف راحة أبدية في الآخرة ورضوان من الله أكبر. حين كنت صغيرة ومات خالي وهو في الخامسة والخمسين من عمره كنت أحبه حبا لا يعلمه إلا الله وكنت كلما تذكرته أشعر وكأنه خلق ليموت أو كما يقولون ابن موت، ولكن حين نضجت دينيا اكتشفت أن كلنا أبناء موت وإنما غرت الدنيا بعض الناس فظن نفسه مخلدا وأن من مات فقد أُخذ من الدنيا استثناءا أو قبل أجله. إنها دنيا لعينة تغر الناس بشكل غريب جدا على الرغم من أننا جميعا نعلم ونتفق تماما أننا سنموت، ولكننا في نفس الوقت حين نرى غيرنا يموت نستبعد لاشعوريا أن يكون هذا هو مصيرنا. لقد أردت أن أبعث تذكرة لنا جميعا بأن وقتنا في الدنيا قارب على الإنتهاء ولازال أمامنا الوقت والفرصة .. لازلنا في دار العمل ولكن غدا لا أحد يعرف من منا سيبقى ويستمر إلى أجل مسمى ومن منا سيموت. فلنسارع في الخيرات فهي الباقية لصاحبها هيفولا
|
|
|