المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
87 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :( و لذِكر الله أكبر )
87 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :( و لذِكر الله أكبر ) ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ 87 - خطبتى الجمعة بعنوان ( و لذِكر الله أكبر ) الحمد لله الكبير المتعال ، الموصوف بالجلال و الكمال ، أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، حث على ذكره و شكره بالغدو و الآصال ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و لا نظير و لا مثال ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ، المنعوت بأشرف الخصال ، أنقذ أمته من الضلال ، و أرشدهم إلى سبيل الاستقامة و الاعتدال . صلى الله و سلم و بارك عليه ، و على آله و صحبه ، خير صحب و آل ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم المآل . أمّا بعد : فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عزّ و جلّ ، فاتّقوا الله رحِمكم الله ، و اجعَلوا مراقبتَكم لمن لا تغيبون عن ناظرِه ، و اصرِفوا شكرَكم لمن لا تنقطِع عنكم نعمُه ، و اعملوا بطاعةِ من لا تستغنون عنه ، و ليكُن خضوعكم لمن لا تخرجُون عن ملكِه و سلطانه ، { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [البقرة:235] . الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد . أيها المسلمون ، يقول الله عز و جل : { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ * أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [البقرة:200-202] . عباد الله : منذ فجر التاريخ و قديم الزمن ، و لكل أمة من الأمم ما تفاخر به في مفاهيم ضيقة ، و أهداف محددة ، و همم قاصرة فلا رسالة كبرى و لا غايات عليا ، لم يكن للبشرية رسالة في الأرض و لا ذكر في السماء . و أمة العرب كانت من هذا القبيل ، يجتمعون بعد حجهم في أسواقهم و منتدياتهم ؛ ليفاخروا بآبائهم ، و يتعاظموا بأنسابهم . ثم جاء الإسلام فرفع الهمم ، و أنار الفكر ، و أنشأهم إنشاءً جديداً . سلك بأتباعه مسلك عز لا يطاول ، و قادهم إلى مجد لا يضاهى ، جاءهم الكتاب ، و تنزل عليهم الوحي ؛ فكان لهم الذكر و الخلود : { لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الأنبياء:10] . { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ } [الزخرف:44] . في هذا الذكر، و هذا الكتاب أعطاهم الميزان : { يأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَـٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات:13] . فميزان الرفعة و التكريم ، و مقياس المفاخرة و الذكر ، التقوى و الصلة بالله ، و التلبس بذكره و شكره ، و العمل الصالح . إذا كان الأمر كذلك ، فمن أحق بالذكر و الشكر من أهل الإسلام ، الذين أتم الله عليهم نعمته و أكمل لهم دينه ، و جعله مهيمناً على الدين كله ؟! { فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } [البقرة:152] . و حقنا ـ نحن أهل الإسلام ـ أن نقف مع مفهوم الذكر ، لنتبين معناه ؛ لعلنا أن نقوم بحقه { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } [البقرة:200] . الله أكبر كبيراً ، و الحمد لله كثيراً ، و سبحان الله بكرةً و أصيلاً . عباد الله : العلاقة بين العبد و بين ربه ليست محصورة في ساعة مناجاة في الصباح أو في المساء فحسب ، ثم ينطلق المرء بعدها ، في أرجاء الدنيا غافلا لاهيا ، يفعل ما يريد دون رقيب و لا حسيب ؛ العلاقة الحقة ، أن يذكر المرء ربه حيثما كان ، و أن يكون هذا الذكر مقيدا مسالكه بالأوامر و النواهي ، و مُشعراً الإنسان بضعفه البشري ، و معينا له على اللجوء إلى خالقه في كل ما يعتريه . لقد حث الدين الحنيف ، على أن يتصل المسلم بربه ، ليحيا ضميره ، و تزكوا نفسه ، و يطهر قلبه ، و يستمد منه العون و التوفيق ؛ و لأجل هذا ، جاء في محكم التنزيل والسنة النبوية المطهرة ، ما يدعوا إلى الإكثار من ذكر الله عز و جل على كل حال ؛ فقال عز و جل : { يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً * وسبحوه بكرة وأصيلاً } [سورة الأحزاب:41-42] . و قال سبحانه : { والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا ًعظيماً } [سورة الأحزاب:35] . و قال جل شأنه : { واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } [سورة الأنفال :45]. وقال تعالى : { فاذكروني أذكركم } [سورة البقرة:152] . و قال سبحانه : { ولذكر الله أكبر } [سورة العنكبوت :45] . و قال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم : ( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان : سبحان الله و بحمده ، سبحان الله العظيم ) متفق عليه . وقال صلى الله عليه و سلم : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير لكم من إعطاء الذهب و الورق ، و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟ قالوا : و ذلك ما هو يا رسول الله ، قال : ذكر الله عز و جل ) رواه أحمد . وقال : ( من قال : سبحان الله و بحمده غرست له نخلة في الجنة ) رواه الترمذي و حسنه الحاكم و صححه . الله أكبر ما ذكره الذاكرون الأبرار، و الله أكبر ماتعاقب الليل و النهار ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد . عباد الله : ذكر الله تعالى ، منزلة من منازل هذه الدار ، يتزود منها الأتقياء ، و يتجرون فيها ، و إليها دائما يترددون ، الذكر قوت القلوب الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبورا ، و عمارة الديار التي إذا تعطلت عنه صارت دورا بورا . بالذكر أيها المسلمون ، تُستدفع الآفات ، و تستكشف الكربات ، و تهون به على المصاب الملمات ، زين الله به ألسنة الذاكرين ، كما زين بالنور أبصار الناظرين . ذكر الله عز و جل ، باب مفتوح بين العبد و بين ربه ، ما لم يغلقه العبد بغفلته . قال الحسن البصري رحمه الله : تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء : في الصلاة ، و في الذكر ، و قراءة القرآن ، فإن وجدتم ، و إلا فاعلموا أن الباب مغلق . إن الذنوب كبائرها و صغائرها لا يمكن أن يرتكبها بنو آدم ، إلا في حال الغفلة و النسيان لذكر الله عز و جل ؛ و على الضد من ذلك ، التارك للذكر ، و الناسي له ، فهو ميت ، لا يبالي الشيطان أن يلقي به في مكان سحيق . { ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } [سورة الزخرف:36] . { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى } [سورة طه :124] . قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها و غفل و سوس ، فإذا ذكر الله خنس . و كان رجل رديف النبي صلى الله عليه و سلم على دابة ، فعثرت الدابة بهما ، فقال الرجل : تعس الشيطان ؛ فقال له النبي عليه الصلاة و السلام : ( لا تقل : تعس الشيطان ؛ فإنه عند ذلك يتعاظم حتى يكون مثل البيت ، و لكن قل : بسم الله . فإنه يصغر عند ذلك حتى يكون مثل الذباب ) رواه أحمد و أبو داود و هو صحيح . و حكى ابن القيم رحمه الله عن بعض السلف ، أنهم قالوا : إذا تمكن الذكر من القلب ، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي ، كما يُصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان ، فيجتمع عليه الشياطين ، فيقولون : ما لهذا ؟ فيقال : قد مسه الإنسي . معاشر المؤمنين الذاكرين : الإكثار من ذكر الله ، براءة من النفاق ، و فكاك من أسر الهوى ، و جسر يصل به العبد إلى مرضاة ربه ، و ما أعده له من النعيم المقيم ، بل هو سلاح مقدم ، من أسلحة الحروب الحسية التي لا تثلم ، فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة و السلام في فتح القسطنطينية أنه قال : ( فإذا جاءها نزلوا ، فلم يقاتلوا بسلاح و لم يرموا بسهم ، قالوا : لا إله إلا الله و الله أكبر ؛ فيسقط أحد جانبيها ، ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله و الله أكبر فيسقط جانبها الآخر ، ثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله و الله أكبر فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا .. الحديث ) رواه مسلم في صحيحه . أيها الناس : ذكر الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال ، و أطهر ما يمر بالفم ، و تنطق به الشفتان ، و أسمى ما يتألق به العقل المسلم الواعي ، و الناس بعامة قد يقلقون في حياتهم أو يشعرون بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم من كل جانب ، و هم أضعف من أن يرفعوها إذا نزلت ، أو يدفعوها إذا أوشكت ، و مع ذلك فإن ذكر الله عز و جل ، يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله ، و أنه على كل شيء قدير ، و أن شيئا لن يفلت من قهره و قوته ، و أنه يكشف ما بالمعنّى إذا ألم به العناء ، حينها يشعر الذاكر بالسعادة و بالطمأنينة يغمران قلبه و جوارحه { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } [سورة الرعد:28] . أيها المسلم : لا تخش غما ، و لا تشك هما ، و لا يصبك قلق ، ما دام قرينك هو ذكر الله . يقول جل و علا في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي ، و أنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم )) رواه البخاري و مسلم . و اشتكى علي و فاطمة رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ما تواجهه من الطحن و العمل المجهد ، فسألته خادما ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم ، إذا أويتما إلى فراشكما ، فسبحا الله ثلاثا و ثلاثين ، و احمداه ثلاثا و ثلاثين . و كبراه أربعا و ثلاثين ؛ فتلك مائة على اللسان و ألف في الميزان ) . قال علي رضى الله عنه : ما تركتها بعدما سمعتها من النبي عليه الصلاة و السلام ، فقال رجل : و لا ليلة صفين ؟ قال : و لا ليلة صفين . و ليلة صفين : ليلة حرب ضروس دارت بينه و بين خصومه رضي الله عنهم أجمعين . عباد الله : لو كلف كل واحد منا نفسه ، في أن يحرك جفنيه ، ليرى يمنة و يسرة ، مشاهد متكررة ، من صرعى الغفلة و قلة الذكر ، أفلا ينظر إلى ظلمة البيوتات الخاوية من ذكر الله تعالى ، أولا ينظر إلى من تسللت إليهم أيدي السحرة و المشعوذين ، و الدجاجلة الأفاكين ، فانتشلوا منهم الهناء و الصفاء ، و اقتلعوا أطناب الحياة الهادئة ، فخر عليهم سقف السعادة من فوقهم . أو لا يتفكر الواحد منا في أولئك المبتلين بمس الجان و مردة الشياطين يتوجعون ، و يتقلبون تقلب الأسير على الرمضاء ، تتخبطهم الشياطين من المس فلا يقر لهم قرار ، و لا يهدأ لهم بال ، أرأيتم عباد الله ، لو كلف كل واحد منكم نفسه بهذا ، أفلا يُسائل نفسه أين هؤلاء البؤساء من ذكر الله عز و جل ؟! أين هم جميعا من تلك الحصون المكينة ، و الحروز الأمينة ، التي تعتقهم من عبودية الغفلة و الأمراض الفتاكة ؟!! أما علم هؤلاء جميعا ، أن لدخول المنزل ذكرا و للخروج منه ؟! أما علموا أن للنوم ذكرا و للاستيقاظ منه ؟! أو ما علموا أن للصباح من كل يوم ذكرا ، و للمساء منه ؟ ! بل حتى في مواقعة الزوج أهله ، بل و في دخول الخلاء – أعزكم الله – و الخروج منه ؟ بل و في كل شيء ذكر لنا منه الرسول عليه الصلاة و السلام أمرا ، علمه من علمه و جهله من جهله . الله أكبر كبيراً ، و الحمد لله كثيراً ، و سبحان الله بكرةً و أصيلاً .
|
#2
|
|||
|
|||
أيها الناس : في حضارتنا المعاصرة ، كثر المثقفون ، و شاعت المعارف الذكية ، و مع ذلك كله ، فإن اضطراب الأعصاب و انتشار الكآبة داء عام . ما الأمر و ما السبب في ذلك ؟ إنه خواء القلوب من ذكر الله ، إنها لا تذكر الله كي تتعلق به و تركن إليه ، بل كيف تذكر ، من تتجاهله ؟!!! إن الحضارة الحديثة ، و الحياة المادية الجافة ، مقطوعة الصلة بالله إلا من رحم الله ، و الإنسان مهما قوي فهو ضعيف ، و مهما علم فعلمه قاصر و حاجته إلى ربه أشد من حاجته إلى الماء و الهواء ، و ذكر الله في النوازل عزاء للمسلم و رجاء { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب } [سورة الرعد :28] . و لو تنبه المسلمون لهذا ، و التزموا الأوراد و الأذكار ، لما تجرأ بعد ذلك ساحر ، و لا احتار مسحور ، و لا قلبت بركة ، و لا تكدر صفو ، و لا تنغص هناء . عباد الله : هناك من الناس من يذكرون الله ، و لكنهم لا يفقهون معنى الذكر ، فتصبح قلوبهم بعيدة عن استشعار جلال الله ، و قدره حق قدره ، و إن ذكر الله عز و جل ، كلام تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله ، غير أن الناس مما ألفوا منه ، و ما جهلوا من معناه ، لا يرددونه إلا كما يرددون كلاما تقليديا ، و إلا فهل فكر أحد في كلمة (( الله أكبر )) التي هي رأس التكبير و عماده ، و هي أول ما كُلف به الرسول عليه الصلاة و السلام حين أمر بالإنذار { يـا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر } [سورة المدثر:1-3] . إنها كلمة عظيمة ، تحيي موات الأرض الهامدة ، لصوتها هدير كهدير البحر المتلاطم ، أو هي أشد وقعا . إنها كلمة ، ينبغي أن تدوي في أذن كل سارق و ناهب ؛ لترتجف يده ، و يهتز كيانه . و كذا تدوي ، في أذن كل من يَهمُّ بإثم أو معصية ، ليقشعر و يرتدع ، و ينبغي أن تدوي في أذن كل ظالم معتد متكبر ، ليتذكر إن كان من أهل الذكرى ، أن هناك إلها أقوى منه ، و أكبر من حيلته و استخفافه و مكره ، أخذه أقوى من أخذ البشر و مكرهم و خديعتهم . فالله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، و الله أكبر الله أكبر و لله الحمد . ألا فاتقوا الله أيها المسلمون ، و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ، و اتق الله أيها المسلم الغافل ، فإن كنت بعد هذا ، قد أحسست أنك ممن قد فقد قلبه بسبب غفلته ، فلا تيأس من وجوده بذكر الله ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { يا أيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } [سورة المنافقون:9] . الحمد لله حق حمده ، و الشكر له حق شكره . أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره. و أسأله العون على حسن عبادته و ذكره ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله قام بحق ربه في سره و جهره ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى آخر دهره . أمــا بــعــد : فاتقوا الله معشر المسلمين ، و اعلموا وفقكم الله ، أن لسائل أن يسأل : ما بال ذكر الله سبحانه ، مع خفته على اللسان و قلة التعب منه ، صار أنفع و أفضل من جملة العبادات مع المشقات المتكررة فيها ؟ و الجواب : هو أن الله سبحانه جعل لسائر العبادات مقدارا ، و جعل لها أوقاتا محدودة ، و لم يجعل لذكر الله مقدارا و لا وقتا ، و أمر بالإكثار منه بغير مقدار ، لأن رؤوس الذكر هي الباقيات الصالحات ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( خذوا جُنتكم . قلنا : يا رسول الله ، من عدو قد حضر ؟ قال : لا ، جنتكم من النار ، قولوا : سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر . فإنهن يأتين يوم القيامة مجنبات و معقبات و هن الباقيات الصالحات ) رواه الحاكم و صححه . ثم ليعلم كل مسلم صادق ، أن المؤثر النافع ، هو الذكر باللسان على الدوام ، مع حضور القلب ؛ لأن اللسان ترجمان القلب ، و القلب خزانة مستحفظة للخواطر و الأسرار ، و من شأن الصدر ، أن ينشرح بما فيه من ذكر ، و يتلذذ بإلقاءه على اللسان ، و لا يكتفي بمخاطبة نفسه به في خلواته حتى يفضي به بلسانه ، متأولا قول الله عز و جل : { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } [سورة الأعراف:205] . فأما الذكر باللسان ، و القلب غافل ، فهو قليل الجدوى ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اعلموا أن الله لا يقبل الدعاء من قلب لاه ) رواه الحاكم و الترمذي و حسنه . و كذا حضور القلب في لحظة بالذكر ، و الذهول عنه لحظات كثيرة ، هو كذلك قليل الجدوى ؛ و لذا فإن رسول الله عليه الصلاة و السلام حذر من أن تنفض المجالس دون أن يذكر الله عز و جل فيها بقوله : ( ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار و كان لهم حسرة ) رواه أبو داود و الحاكم . فهذا رسول الله عليه الصلاة و السلام يمقت مجالس الغافلين ، و ينهى عن كل تجمع خلا من ذكر الله ، و أن المجالس التي ينسى فيها ذكر الله ، و تنفض عن لغط طويل ، حول مطالب العيش ، و شهوات الخلق ؛ هي مجالس نتنة ، لا شيء فيها يستحق الخلود ، إنما يخلد ما اتصل بالله سبحانه و تعالى ، و لذا فقد قال صلوات الله و سلامه عليه : ( من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللهم ربنا و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك . إلا كفر الله له ما كان في مجلسه ذلك ) رواه الترمذي و ابن ماجة . الله أكبر كبيراً ، و الحمد لله كثيراً ، و سبحان الله بكرةً و أصيلاً . هذا وصلّوا و سلّموا على من أمركم الله بالصلاة عليه في محكَم التنزيل فقال جلّ مِن قائل سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب:56] . اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك محمد و على آله الطيبين الطاهرين و على أزواجه أمهات المؤمنين و أرضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، و عن الصحابة أجمعين و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و عنَّا معهم بعفوك و إحسانك و جودك يا أكرم الأكرمين . و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه : ( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) . فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ، و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ، و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء . اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ، و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك . اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين . اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ، و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ، و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ، و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض ... ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم . أنتهت |
|
|