المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
47 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / الحُـــزن
47 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / الحُـــزن لفضيلة العضو الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ الحمد لله أهل المغفرة و التقوى، أحاط بكل شيء علماً ، و أحصى كل شيء عدداً ، له ما في السماوات و ما في الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى . أحمده سبحانه و أشكره و أتوب إليه و أستغفره . نعمه لا تحصى ، و آلاؤه ليس لها منتهى . و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله . أخشى الناس لربه و أتقى ، دل على سبيل الهدى و حذر من طريق الردى ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه ، معالم الهدى و مصابيح الدجى و التابعين و من تبعهم بإحسان و سار على نهجهم و اقتفى . أمـــا بعـــد : فيا أيها المسلمون ، أوصِيكم و نفسي بتقوى الله عزّ و جلّ ، فأتقوا الله جميعاً رحمكم الله ، و قابِلوا إحسانَ ربكم بدوام حمده و شكره ، فهو سبحانه يعامِل عبادَه بإحسانه و فضله ، فإذا ما استعانوا بإحسانه على عِصيانه أدّبهم بعدلِه ، فمن جاءه من ربّه ما يحبّ فليشكُر الواهب ، و من أصابه ما يكره فليتّهم نفسه ، و من انقطعت عنهم متّصِلات الأرزاق فليعودوا باللّوم على أنفسهم و لا يتَّهموا الرزاق ، وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ [ الشورى : 27 ] . أيها المسلمون ، إنَّ الله جلَّت قدرتُه و تعالى أمره قد خلَق النفسَ البشريّة في أحسن تقويم ، و حملها في البرّ و البحر ، و رزقها من الطيّبات ، و فضَّلها على كثير ممّن خلق تفضيلا . و قد كان ممّا خلقه الله في تِلكم النفس المشاعر و الإنفعالات و العواطف و الأحاسيس التي تعبِّر عنها النفس من خلال الضحِك و البكاء و الهمِّ و الغمّ و الحِلم و الغضب و الحزن و السرور بقدرِ ما يعتري النفسَ من دواعٍ تستجلِب أيًّا من تلكم المشاعر ، وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا [ النجم : 42-44 ] . و إنَّ من بين تلكم المشاعرِ المودَعَة في النفسِ شعورَ الحزن و الأسف لدى الإنسانِ ، و الذي يعتريه بين الحينِ و الآخر بسببِ الدواخل و العوارِض المصاحبة له . بَيدَ أنّ كثيرًا من الناس ليس لديهم من الوعيِ و التصوُّر لهذا الشعور ما يجعَلهم يحسنون فهمَه و يجيدون التعاملَ معه في حدود الفهمِ الصحيح المشروع ؛ إذ تتراوَح مفاهيمُ جملةٍ منَ الناس فيه صعودًا و هبوطًا في حينِ إنّ الوسط هو العدلُ المقرَّر ، و لذا كان من حكمةِ الله جلّ و علا أن جعلَ تلكم المشاعرَ تتناوَب في التفاعلِ مع الإنسانِ على وجه العارِض لا على وجه الديمومةِ ، و إلاّ لهلك الإنسان بدوامِ الحال مع شعور واحدٍ فحَسب ، فالحزن على سبيلِ المثال شعورٌ يعترِض المرء أمام المصائب و النوازلِ ، غيرَ أنَّ سلامته و إستقرارَ حاله يقتضيان عدمَ دوام هذا الشعور ، و إلاّ كان صاحبُه حرضًا أو كان من الهالكين ، كما أنّه في الوقت نفسِه لو عاش دائمَ الفرح لا يتطرَّق إليه الحزن بوجهٍ لخُشِي عليه قسوةُ القلب أو مَوَته ، قال إبراهيم التيمي يرحمه الله : " ينبغي لمن لم يحزَن أن يخاف أن يكون من أهلِ النار لأنَّ أهل الجنة قالوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [ فاطر : 34 ] ، و ينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنّة لأنهم قالوا : إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ [ الطور :26 ، 27 ] " ، و قال الفضيل يرحمه الله : " إنّ القلب إن لم يكن فيه حزنٌ كالبيت إذا لم يكن فيه ساكن " . و المحصِّلَة الباعثةُ على استقرار النفس و حُسن تعايشها مع المشاعر ـ عبادَ الله ـ هو التوازُنُ و الإعتدال ، فلا ينبغي للمرءِ أن يطلقَ لنفسه العِنان في المغالاةِ في الحزن و المداومة عليه إعتمادًا على أحاديثَ منسوبةٍ إلى النبي لا تثبُتُ صحّتُها بأنّه كان متواصِلَ الأحزان ، أو كما في الخبر الآخر : (( إنّ الله يحبّ كلَ قلب حزين )) . الحزن ـ أيها الناس ـ نقيضُ الفرَح و السرور ، و هو ما يحصل لوقوعِ مَكروه أو فواتِ أمرٍ محبوب ، و أمّا ما يتعلَّق بالمستقبل فإنه يقال له : همّ ، و إذا ما اشتدَّ الحزن حتى يصرِفَ المرءَ عمّا هو بصدَدِه و يقطعه عن مواصلةِ الطريق فإنه يقال له : جَزَع ، و هو أبلغ من الحزن ، و قد نهِيَ عنه شرعًا . ثم إنَّ من المتقرِّرِ في هذا الصدَدِ ـ عبادَ الله ـ أنَّ كثرةَ الحزن سببٌ لضعف البدن كما ذكر ذلك جماعةٌ من أهل العمل و الحِكمة ، غيرَ أنّه عرَض جبليٌّ فِطري ينتاب بني البشَر عندما يغالبون صروفَ الحياة و محَنَها ، و هو ميدان لا بد للمرء من نزوله على هذه البسيطة ؛ لأنَّ المرء مبتلًى في هذه الحياة الدنيا لا محالةَ ، كما قال تعالى : أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [ العنكبوت : 2 ] . و الحزن مرتهنٌ بالبلاء لكنّه في الوقتِ نفسِه ليس من المطالبِ الشرعيّة و لا من المستحبَّات في كثير من صوَرِه ، و ما الإستحباب و النّدب إلا في كيفيّة التعامل معه لا في تحصيلِه و إيجادِه ، قال عكرمة يرحمه الله : " ليس أحدٌ إلا و هو يفرح و يحزن ، و لكن اجعَلوا الفرَح شُكرًا و الحزنَ صَبرًا" . فالحزن ـ عباد الله ـ لم يرِد في القرآن إلا منهيًّا عنه ، كما في قوله تعالى : وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ [ آل عمران : 139 ] ، و قوله : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ [ الحجر : 88 ] ، و قوله : لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] ، و قوله : وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ [ يونس : 65 ] و الآيات في ذلك كثيرة . و سبَبُ النهيِ عن الحزن أنه لا مصلحةَ فيه للقلب ، بل هو أحبّ شيءٍ إلى الشيطان أن يحزِّنَ العبدَ ليقطَعَه عن مواصلَةِ طريق الحقّ ، كما قال سبحانه و تعالى : إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ [ المجادلة : 10 ] ،
|
#2
|
|||
|
|||
و قول الرّسول : (( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجَى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالنّاس من أجل أن يحزِنَه)) رواه مسلم ، و كقول النبي في أنواع الرؤيا المناميّة : (( و رؤيا تحزين من الشيطان )) رواه البخاري و مسلم . أيّها المسلمون ، إنَّ الفهمَ الإسلاميَّ الصحيح في التعاملِ مع الأحزان فهمٌ فريد من نوعِه ، و إنما اختصَّت به أمّةُ الإسلام دونَ غيرها لأنّ مفهوم غيرِ المسلمين في التعامل معها يُعَدّ ضيِّقَ النطاق تافِهَ الغاية ضعيفَ العِلاج ؛ إذ ينحصر التعاملُ مع الأحزان عندهم في العويلِ و اللّطم و الإنتحار و المصحَّات و العقاقير المهدِّئَة و تعاطي المسكِراتِ و المخدِّرات و الغناء و المعازِف ليس إلاَّ ، و أمّا الفهمُ الإسلاميّ فقد تجاوز مثلَ ذلكم التعامل بمراحل ، فصار الفهمُ الشرعيّ للحزن خمسة أضرُب : أوّلها : الحزنُ المكروه كراهةَ تنزيه ، و هو الذي يكون على فواتِ أمرٍ من أمور الدنيا ، و مثلُ هذا الضرب ينبغي للمرء أن يتغلَّب عليه لقوله تعالى : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [ الحديد : 22، 23 ] . و الضّرب الثاني : الحزن الواجبُ ، و هو الذي يعدُّ شرطًا من شروط التوبةِ النصوح ، و المتمثِّل في الندم على فعل المعصية ، و النّدم حُزنٌ في القلب يكون بسبَبِ ما اقترفته اليدان من المعاصي و الذنوب . و الضرب الثالث : الحزن المستحبّ ، و هو الذي يكون بسبَب فوات الطاعة و ضياعِها على المرء ، كما في قوله تعالى عن موقفِ الفقراء الذين لم يحمِلهم النبيّ في غزوة تبوك : وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [ التوبة : 92 ، 93 ] . فهم هنا مدِحوا على ما دلَّ عليه الحزن من قوّةِ إيمانهم ، حيث تخلّفوا عن رسول الله لعجزِهم عن النفقةِ ، بخلاف المنافقين الذين لم يحزَنوا على تخلّفهم ، بل غَبطوا نفوسَهم به . و الضرب الرابع عباد الله : هو الحزن المباح ، و هو الذي يكون بسبَب نازِلة و مصيبةٍ أحلَّت بالمحزون كفقدِ ولدٍ أو صديق أو زوجةٍ أو غيرها ، كما قال تعالى عن يعقوب عليه السلام في فَقدِ ابنه يوسف عليه السلام : وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ [ يوسف : 84 ] ، و كما فعل النبي حينما مات ولده إبراهيم فقال : (( إن العينَ لتدمع ، و إنّ القلب ليحزن ، و لا نقول إلا ما يرضِي الربَّ ، و إنّا على فراقك ـ يا إبراهيم ـ لمحزونون )) رواه البخاري و مسلم . و الضرب الخامس من ضروب الحزن : هو الحزنُ المذموم المحرَّم ، و هو الذي يكون على تخاذلِ المتخاذلين و المعرضين عن الحقّ و عن شِرعة الله تعالى لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [ المائدة : 41 ] ، و قوله : فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا [ الكهف : 6 ] ، و قوله : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [ النمل : 70 ] ، و قوله : فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ [ فاطر : 90 ] . ويستثنى من ذلكم ـ عباد الله ـ إذا كان الحزنُ لما أصابَ أمثالَ هؤلاء سببُه الإعتبارُ و الإدّكار و إستحضار عظمَة الله سبحانه و قدرَته على الإنتقام من المعاندِين الضّالين ، كما في قصّة أبي الدرداء رضي الله عنه حينما بكى و حزن و قد رأى دولةَ الأكاسرة تهوي تحتَ أقدام المسلمين ، و قد قال له رجل : يا أبا الدرداء ، تبكي في يومٍ أعزّ الله الإسلامَ و أهله ؟! فقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : ( ويحك يا هذا ، ما أهونَ الخلق على الله إذا أضاعوا أمرَه ، بينما هي أمة قاهرة ظاهرةٌ ترَكوا أمرَ الله فصاروا إلى ما ترى ) . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [ يونس : 62 ، 64 ] . بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و نفعني و إياكم بما فيه من الآيات و الذكر الحكيم ، نفعني الله و إياكم بالقرآن العظيم ، و بهدي محمد ، و أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب و خطيئة ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
|
#3
|
|||
|
|||
الحمد لله الرحيم الرحمن ، قديمِ الإحسان ، عظيمِ الشّأن ، أحمده تعالى و أشكره على نعمِه التي لا تحصَى ، و أشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحده لا شريكَ له ، له الأسماءُ الحسنى ، و أشهد أنّ نبيَّنا و سيّدنا محمّدًا عبده و رسوله ، بعثَه ربه بالنور و الهدى ، اللهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على عبدك و رسولك محمّد و على آله و صحبِه صلاةً و سلامًا كثيرًا . أمـــا بعـــد : فأتقوا الله معاشر المسلمين . و أعلموا أنَّ من سعَةِ الإسلام و سماحته أنه لم يدَع شيئًا للأمة فيه خيرٌ إلا دلَّها عليه ، و من ذلكم طرُق التعامُل مع شعورِ الحزن الذي يعتري الإنسانَ ، فلقد كان الموقف الإسلاميّ غايةً في إتقانِ التعامل مع الأحزان ، و ذلك من خلال التعوُّذِ منها قبل وقوعِها ، ثم بالمثوبَةِ على الصبر عليها بعد وقوعها ، ثم في طريقة رفعها بعد وقوعِها . فقد كان من صوَرِ التعامل معها قبل الوقوع كثرةُ تعوذّ النبي صلى الله عليه و سلم منها كما في قوله عليه الصلاة و السلام : (( اللهمّ إني أعوذ بك من الهمّ و الحزن )) الحديث رواه البخاري و مسلم . و أمّا في مقام ما للصابِر على الأحزان التي تصيبه فقد قال النبي عليه السلام : (( ما يصيب المرءَ من نصبٍ و لا وَصب و لا همّ و لا حزن و لا أذى حتى الشوكَة يُشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه )) رواه البخاري و مسلم . و أمّا في التعامل معها لرفعِها بعد وقوعها فقد جاءَت الشريعة بدواءَين ناجعين : أحدهما : دواء حسيٌّ مادّيّ و هو ما يسمَّى بالتلبينَةِ ، و هي طعام يصنَع من حسَاء من دَقيق أو نخالة فيه عَسَل أو لَبن أو كِلاهما ، لما رواه الشيخان من حديث أمنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها و عن أبيها أنها كانت تأمُر بالتّلبين للمريض أو للمحزون على الهالك ، و كانت تقول : إني سمعت رسول الله عليه الصلاة و السلام يقول : ((إنّ التّلبينَة تجمّ فؤادَ المريض وتذهب ببعض الحزن )) ، و قوله : (( تجِمّ الفؤادَ )) أي : تريحه . و أما الآخر: فهو دواءٌ معنويّ روحاني دلَّ عليه المصطفى عليه الصلاة و السلام بقول : (( ما قال عبد قطّ إذا أصابه همّ و حزن : اللّهمّ إني عبدك و أبن عبدِك و أبن أمَتِك ، ناصيتي بيدِك ، ماضٍ فيَّ حكمُك ، عَدلٌ فيَّ قضاؤك ، أسألك بكلّ اسم هو لك ، سميتَ به نفسك ، أو أنزلتَه في كتابِك ، أو علَّمته أحدًا من خلقِك ، أو استأثرتَ به في علمِ الغيب عندك ، أن تجعلَ القرآنَ العظيم ربيعَ قلبي و نورَ صدري و جلاءَ حزني و ذهاب همّي ، إلا أذهب الله عز و جل همَّه و أبدله مكانَ حزنه فرحًا )) ، قالوا : يا رسول الله ، أينبغي لنا أن نتعلَّم هؤلاء الكلمات ؟ قال : (( أجل ، ينبغي لمن سمِعهنّ أن يتعلَّمهن )) رواه أحمد . يضاف إلى ذلكم ـ عباد الله ـ العلاج المعنويّ و هو محادَثة المحزونِ نفسَه و إستحضاره عظمةَ الله و قضاءَه و قدره و أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئَه و أنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبَه ، حتى تهدَأَ نفسه و يزولَ عنه ما يجد ، و هذا ما يسمَّى في اصطلاحِ الطبّ النفسيّ المعاصر بالعلاج الذهنيّ . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) [ فصلت : 30-32 ] . هذا و صلّوا ـ رحمكم الله ـ على خيرِ البريّة و أزكى البشريّة محمّد بن عبد الله صاحبِ الحوض و الشفاعة ، فقد أمركم الله بأمر بدَأ فيه بنفسه ، و ثنى بملائكته المسبِّحة بقدسه ، و أيّه بكم أيها المؤمنون ، فقال جلّ و علا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [ الأحزاب : 56 ] ، و قال صلوات الله و سلامه عليه : (( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا )) ، فصلوا و سلموا على الرحمة المهداة و النعمة المسداة نبيكم محمد رسول الله ، فقد أمركم بذلك ربكم فى عُلاه فقال في محكم تنزيله و هو الصادق في قيله : ( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً ) [ الأحزاب : 56 ] . اللهم صلَّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك سيدنا و نبينا محمد ، و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجه أمهاتنا أمهات المؤمنين ، و أرض اللهم على الخلفاء الأربعة الراشدين أبى بكر و عمر و عثمان و على و العشرة المبشرين و على سائر الصحابة و التابعين و من سار على دربهم إلى يوم الدين و عنا معهم بعطفك و جودك و كرمك يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام و المسلمين و ............ ثم باقى الدعاء اللهم أستجب لنا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم اللهم أميـــــن أنتهت كما و نرفقها لكم فى ملف أعلاه لمن أراد الإحتفاظ بها اما بالنسبة لموقع فضيلة الشيخ نبيل الرفاعى فهو :- و لخطب الجمع الماضية فضلاً و أوصيكم بزيارتهما بأستمرار فبهما من خير الله الكثير و بهما تستمعون لقرأة القرآن الكريم بالصوت الشجى و اللهجة الحجازية الأصيلة تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال و من جميع المسلمين
|
|
|