حدثني المثنى، حدثنا إسحاق، ثنا يعقوب بن محمد الزهري،
حدثني عبد العزيز بن عمران، عن الربعي، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير،
أخبرنا الحاكم، أخبرنا الأصم، ثنا محمد بن سنان القزاز،
ثنا عبيد الله بن عبد المجيد أبو علي الحنفي،
حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب،
أخبرني إسماعيل بن عوف بن عبد الله بن أبي رافع،
عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده،
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.قال:
لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال، ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل.
( يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم ).
لا يزيد عليها فرجعت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضاً،
فذهبت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضاً،
وقد رواه النسائي في (اليوم والليلة) عن بندار،
عن عبيد الله بن عبد المجيد أبي علي الحنفي.
عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة،
عن عبد الله ابن مسعود.قال:
ما سمعت مناشداً ينشد حقاً له أشد من مناشدة محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر.
( اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك،
اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد )،
ثم التفت وكأن شق وجهه القمر.
( كأني أنظر إلى مصارع القوم عشية ).
رواه النسائي من حديث الأعمش به.
لما التقينا يوم بدر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت مناشداً
ينشد حقاً له أشد مناشدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره.
وقد ثبت إخباره عليه السلام بمواضع مصارع رؤس المشركين يوم بدر
في (صحيح مسلم) عن أنس بن مالك كما تقدم،
وسيأتي في (صحيح مسلم) أيضاً عن عمر بن الخطاب.
ومقتضى حديث ابن مسعود أنه أخبر بذلك يوم الوقعة وهو مناسب،
وفي الحديثين الآخرين عن أنس وعمر ما يدل على أنه أخبر بذلك قبل
ذلك بيوم ولا مانع من الجمع بين ذلك بأن يخبر به قبل بيوم وأكثر،
وأن يخبر به قبل ذلك بساعة يوم الوقعة والله أعلم.
وقد روى البخاري: من طرق عن خالد الحذاء، عن عكرمة،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر:
( اللهم أنشدك عهدك ووعدك
اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً ).
حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع
{ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}
[القمر: 45-46] وهذه الآية مكية.
وقد جاء تصديقها يوم بدر كما رواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبي،
ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا حماد، عن أيوب، عن عكرمة.
{ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }.
أي جمع يهزم وأي جمع يغلب ؟
فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع
{ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ *
بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ }
وروى البخاري من طريق ابن جريج، عن يوسف بن ماهان سمع
أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة / رضى الله تعالى عنها
نزل على محمد بمكة - وإني لجارية ألعب -:
{بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}.
وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر
( اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد ).
يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك،
وقد خفق النبي صلى الله عليه وسلم خفقةً وهو في العريش،
( أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله،
هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع )
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم.
( جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وَهوَ يَخطُبُ على المنبرِ فقالَ :
أرأيتَ إن قاتَلتُ في سبيلِ اللَّهِ صابرًا محتسِبًا مقبلًا غيرَ مدبرٍ ،
أيُكَفِّرُ اللَّهُ عنِّي سيِّئاتي ؟
قالَ : نعَم ثمَّ سَكَتَ ساعةً ،
قالَ : أينَ السَّائلُ آنفًا ؟
فقالَ الرَّجلُ : ها أَنا ذا ،
قالَ : أرأيتَ إن قُتِلتُ في سبيلِ اللَّهِ صابرًا محتسِبًا مقبلًا غيرَ مدبرٍ ،
أيُكَفِّرُ اللَّهُ عنِّي سيِّئاتي ؟
قالَ : نعَم ، إلَّا الدَّينَ ، سارَّني بِهِ جبريلُ آنفًا )
قال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن:
بخٍ بخٍ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ؟
قال: ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله.