الموضوع: درس اليوم 4877
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2020, 12:51 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,856
افتراضي درس اليوم 4877

من:إدارة بيت عطاء الخير

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

درس اليوم
اسم الله البصير (03)

ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهذا الاسْمِ (البَصِيرِ):
1- إثْبَاتُ صِفَةِ البَصَرِ لَهُ جَلَّ شَأْنُهُ؛ لأَنَّهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ،
وهو أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ.

وَصِفَةُ البَصَرِ مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ كَصِفَةِ السَّمْعِ، فالمُتَّصِفُ بهما أَكْمَلُ مِمَّنْ
لا يَتَّصِفُ بِذَلِكَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ } [الأنعام: 50].

وقَالَ سُبْحَانَهُ: { مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ
وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } [هود: 24].

وقَدْ أَنْكَرَ إبراهيمُ عليه السلام عَلَى أبيهِ عِنْدَما عَبَدَ مَا لا يُبْصِرُ ولا يَسْمَعُ:
{ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا } [مريم: 42].

وقَالَ تَعَالَى مُوَبِّخًا الكُفَّارَ، ومُسَفِّهًا عُقُولَهم لِعِبَادَتِهم الأَصْنَامَ التي هي مِنَ
الحِجَارَةِ الجَامِدَةِ، التي لا تَتَحَرَّكُ ولا تَمْلِكُ سَمْعًا ولا بَصَرًا:
{ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا
أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } [الأعراف: 195].

أَيْ: أَنْتُم أَكْمَلُ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَامِ لأَنَّكم تَسْمَعُونَ وتُبْصِرُونَ،
فَكَيْفَ تَعْبُدُونَها وأَنْتُم أَفْضَلُ مِنْها؟!

قَالَ الأَصْبَهَانِيُّ: "وأَمَّا (البَصِيرُ) فَهَذَا الاسْمُ يَقَعُ مُشْتَرَكًا، فَيُقَالُ: فُلَانٌ بَصِيرٌ،
وللهِ المَثَلُ الأَعْلَى، والرَّجُلُ قَدْ يَكُونُ صَغِيرًا لا يُبْصِرُ ولا يُمَيِّزُ بِالْبَصَرِ بَيْنَ
الأَشْيَاءِ المُتَشَاكِلَةِ، فَإِذَا عَقَلَ أَبْصَرَ فَمَيَّزَ بَيْنَ الرَّدِيءِ والجَيِّدِ، وبَيْنَ الحَسَنِ
والقَبِيحِ، يُعْطِيهِ اللهُ هَذَا مُدَّةً ثُمَّ يَسْلُبُهُ ذَلِكَ، فَمِنْهم مَنْ يَسْلُبُهُ وهو حَيٌّ
ومِنْهم مَنْ يَسْلُبُهُ بالمَوْتِ.

واللهُ بَصِيرٌ لَمْ يَزَلْ ولا يَزُولُ، والخَلْقُ إذا نَظَرَ إلى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَمِيَ عَمَّا
خَلْفَهُ وعَمَّا بَعُدَ مِنْهُ، واللهُ تَعَالَى لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في خَفيَّاتِ مُظْلِمِ
الأَرْضِ، وكُلُّ مَا ذَكَرَ مَخْلُوقًا بِهِ وَصَفَهُ بالنَّكِرَةِ، فإذا وَصَفَ بِهِ رَبَّهُ
وَصَفَهُ بالمَعْرِفَةِ".

2- إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى بَصِيرٌ بِأَحْوَالِ عِبَادِهِ، خَبِيرٌ بها، بَصِيرٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ
الهِدَايَةَ مِنْهم مِمَّنْ لا يَسْتَحِقُّها، بَصِيرٌ بِمَنْ يَصْلُحُ حَالُهُ بالغِنَى والمَالِ، وبِمَنْ
يَفْسُدُ حَالُهُ بِذَلِكَ؛

{ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ
مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } [الشورى: 27]،

وهو بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ شَهِيدٌ عَلَيْهم، الصَّالِحِ مِنْهم والطَّالِحِ، المُؤْمِنِ والكَافِرِ؛
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
[التغابن: 2]،

{ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } [الإسراء: 96]؛

بَصِيرٌ خَبِيرٌ بأَعْمَالِهم وذُنُوبِهم { وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا }
[الإسراء: 17]، وسَيَجْزِيهِم عَلَيها أَتَمَّ الجَزَاءِ.

3- ومَنْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيه اسْتَحَى أَنْ يَرَاهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ فِيمَا لَا يُحِبُّ.
ومَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَرَاهُ أَحْسَنَ عَمَلَهُ وعِبَادَتَهُ، وأَخْلَصَ فِيهَا لِرَبِهِ وخَشَعَ، فَقَدْ جَاءَ
في حَدِيثِ جِبْرِيلَ؛ عِنْدَمَا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِحْسَانِ
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
"أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ".

قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: "هَذَا مِنْ جَوَامِعِ الكَلِمِ التي أُوتِيهَا صلى الله عليه
وسلم؛ لأَنّا لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ أَحَدَنَا قَامَ في عِبَادَةٍ وهو يُعَايِنُ رَبَّهُ سبحانه وتعالى لَمْ
يَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيهِ مِنَ الخُضُوعِ والخُشُوعِ وحُسْنِ السَّمْتِ، واجْتِمَاعِهِ
بِظَاهِرِهِ وبَاطِنِهِ وعَلَى الاعْتِنَاءِ بِتَتْمِيمِها عَلَى أَحْسَنِ وُجُوهِها إلا أَتَى بِهِ.

فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: اعْبُدِ اللهَ في جَمِيعِ أَحْوَالِك كَعِبَادَتِكَ في حَالِ
العَيَانِ، فَإنَّ التَّتْمِيمَ المَذْكُورَ في حَالِ العَيَانِ إنَّمَا كَانَ لِعِلْمِ العَبْدِ باطِّلَاعِ اللهِ
سبحانه وتعالى عَلَيهِ، فَلَا يُقْدِمُ العَبْدُ عَلَى تَقْصِيرٍ في هذا الحَالِ للاطِّلَاعِ عَلَيهِ،
وهَذَا المَعْنَى مَوْجُودٌ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ العَبْدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ، فَمَقْصُودُ
الكَلَامِ الحَثُّ عَلَى الإِخْلَاصِ في العِبَادَةِ، ومُرَاقَبَةِ العَبْدِ رَبَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى
في إتْمَامِهِ الخُشُوعَ والخُضُوعَ وغَيْرَ ذَلِكَ اهـ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين


رد مع اقتباس