الأم ليست خادمة والخادمة ليست أم
د.جاسم المطوع
من أكبر أخطاء التربية لدى الكثير من الآباء والأمهات .
. عدم وضوح معنى أن يكون الأب أباً أو معنى أن تكون الأم أماً
وفي كثير من الأحيان نجد الأم تبالغ في مهامها لتحول نفسها إلى خادمة لأبنائها وكأنها المسؤول الأول والأخير عن راحتهم وسعادتهم
حتى بعد سن العاشرة مما يعودهم على الطلب منها دون خجل وبلا رحمة ، ثم تمضي الأيام وتتعب هذه الأم سريعا وتجد نفسها آخر من يفكر فيه الأبناء نتيجة لاعتيادهم الأخذ منها دون العطاء
( عطاء العمل والعون وحتى ربما عطاء الحب والاهتمام بها وبصحتها )
وفي الاتجاه المعاكس نجد بعض الأمهات تظن أنها أصبحت أماً
لمجرد أنها حملت الجنين ومن ثم ولدته ..
نجدها تحضر خادمة للمنزل ثم تدريجيا تحولها إلى خادمة للطفل
تحمله تضمه ترضعه تنظفه ...
مما يجعل هذه الخادمة حاضرة بقوة في عقل وقلب وذاكرة
هذا الطفل بينما يرى أمه بشكل خفيف ويلاحظ أن قربها منه
يكون بشكل جزئي متقطع في اليوم والليلة بينما قرب الخادمة منه يكون كبيرا ملفتا لنظره مما يجعله متعلقا بها أكثر من أمه
ولأنها خادمة فإنها حتما لن تخبره أن ما يقوله أو يفعله أمر خاطئ
- فيما لو كان خاطئا - بل ربما تطيعه في بعض طلباته التي ستضره وتضر غيره كي لا يشتكيها لأهله الذين قد يعاقبوها
وتمضي الأيام ويكبر الطفل وتنتهي مرحلة طفولته التي هي مرحلة غرس القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة ويظن الأب والأم أن عائلتهما بخير
وأن الطفل طالما جسمه سليم ويذهب إلى المدرسة وينجح بها فإنه قد تربى جيدا وأنهم أسرة ناجحة
ثم بعد ذلك تأتي المفاجآت لتتكشف وتظهر أمامهما بعدة أشكال رهيبة مرعبة كمتابعة الطفل للأفلام الإباحية
ومن ثم تطبيق ما رآه مع أحدهم ، أو كالخوض في الحياة
وهو جاهل لما يحل له وما يحرم عليه مما يجعله عرضة للكثير من الأخطاء مما يدفع الناس من حوله لبغضه ورفض التعامل معه واستنكار ما يصدر عنه من قول وفعل
أو قد يكبر وشخصيته اعتادت أن تعطي الأوامر دون تلقيها
ومن ثم عند خروجه من دائرة المنزل والخادمة يجد نفسه في دائرة المجتمع الكبير التي سترفض له الكثير من الطلبات
مما يجعله كارها لغيره غاضبا منهم حتى لو رفضوا ما هو من حقهم أن يرفضوه
أخوتي الكرام
: إن أكرمكم الله بطفل ومن ثم أكرمكم بخادمة
تذكروا أن الخادمة تعينكم على تنظيف المنزل وترتيبه
لكنها إطلاقا لن تكون المربية التي تبني فكر وشخصية طفلكم
ليكبر وهو ناضج واعي مدرك لما له وما عليه فاهما لفنون الحياة
عارفا بمهاراتها وخبراتها
راحتكم من عناء التربية في طفولته سيقابلها عناء طويل
قد يستمر إلى آخر العمر مع هذا الابن الذي مرت مرحلة طفولته دون أن تنتبهوا إلى أنها مرحلة بنائه كشخص مؤمن فاهم لدينه عالم بتعاليمه مدرك للحياة وما يجري فيها وكيف عليه أن يتعامل معها
تذكروا أن مرحلة الطفولة كمرحلة غرس الشجر في التربة الخصبة .
. يمكننا أن نغرس فيها ما نريد بينما لو قررنا بعد أن كبر الطفل أن نغرس فيه ما لم يتم غرسه من قبل
فإن الغرس سيكون فيما يشبه تربة صلبة لا تقبل الغرس إلا بصعوبة بالغة
ونود إخباركم أن برنامج معين بقيادة الدكتور جاسم المطوع وفريق من كبار التربويين والاستشاريين قد قاموا بتصنيف القيم والمهارات والأخلاق والسلوكيات التي تناسب الطفل من عمر السنتين حتى عمر الخامسة عشر ليعينوكم على فهم فنون وطرق التربية لتقوموا بغرسها في طفلكم بأساليب ممتعة مقنعة وغير مباشرة