من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
هم القوم لا يشقى بهم جليسهم
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }.
تأملْ قولَ الْحَوَارِيِّينَ: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }، لتعلمَ فضلَ مرافقةِ
الصالحين، وأثرَ الدخولِ في زمرةِ المؤمنينَ..
أَرَادُوا أَنْ يَكْتُبَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْحَقِّ، وَأَقَرُّوا بِالتَّوْحِيدِ،
وَصَدَّقُوا رُسُلَهُ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، فيجعَلَهُم مَعَهُمْ فِيمَا يُكْرِمُهُمْ بِهِ مِنْ
كَرَامَتِهِ، ويُدْخِلَهُمْ مُدْخَلَهُمْ.
فإنَّ الْقَوْمَ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ، فمَنْ كانَ مَعَهُم نَالَهُ مِنَ الكَرَامَةِ مَا نَالَهُم،
وأَصَابَهُ مِنَ الشرفِ مَا أَصَابَهُم، وحَلَّ به مِنَ الْكَرَامَةِ مَا حَلَّ بِهِم.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا
وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى
يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ،
قَالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا
مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ
وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا
جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا، أَيْ رَبِّ قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ،
قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا:
لَا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ
فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا، قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ
عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى
بِهِمْ جَلِيسُهُمْ».
وفي صحبةِ الصالحينَ عصمةٌ من الزللِ، وأمانٌ منَ الزيغِ..
قَالَ مُجَاهِدٌ:
«إِنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ لَمْ يُصِبْ مِنْ أَخِيهِ إِلَّا أَنَّ حَيَاءَهُ مِنْهُ يَمْنَعُهُ
مِنَ الْمَعَاصِي لَكَفَاهُ».
وَعَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي.
قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ».
ولهذا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَاضًّا عَلَى مُرَافَقَتِهِم، ومُرَغِّبًا فِي صُحْبتَهِم:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }.
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين