وَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لَا يُصَلِّي تِجَاهَ حَشٍّ ، وَ فِي كَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ .
وَ أَمَّا الْكَنِيسَةُ وَ الْبِيعَةُ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْكَنِيسَةِ إِذَا كَانَ فِيهَا تَصَاوِيرُ .
وَ قَدْ رُوِيَتِ الْكَرَاهَةُ عَنِ الْحَسَنِ ، وَ لَمْ يَرَ الشَّعْبِيُّ وَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ بِالصَّلَاةِ
فِي الْكَنِيسَةِ وَ الْبِيعَةِ بَأْسًا ، وَ لَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِالصَّلَاةِ فِي الْكَنِيسَةِ بَأْسًا ،
وَ صَلَّى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي كَنِيسَةٍ .
وَ لَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ اتِّخَاذُهُمْ لِقُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ وَ صُلَحَائِهِمْ مَسَاجِدَ ،
لِأَنَّهَا تُصَيِّرُ جَمِيعَ الْبِيَعِ وَ الْمَسَاجِدِ مَظِنَّةً لِذَلِكَ .
وَ أَمَّا الصَّلَاةُ إِلَى التَّمَاثِيلِ فَلِحَدِيثِ أمنا أم المؤمنين
السيدة / عَائِشَةَ رضى الله تعالى عنها و عن أبيها الصَّحِيحِ أَنَّهُ
قَالَ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : أَزِيلِي عَنِّي قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ
تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي ، وَ كَانَ لَهَا سِتْرٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ .
وَ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي دَارِ الْعَذَابِ فَلِمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ :
نَهَانِي حِبِّي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ لِأَنَّهَا مَلْعُونَةٌ ، وَ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ .
وَ أَمَّا إِلَى النَّائِمِ وَ الْمُتَحَدِّثِ فَهُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَ ابْنِ مَاجَهْ
وَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ . وَ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَلِمَا فِيهَا
مِنِ اسْتِعْمَالِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ . وَ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ فَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ :
إِنَّهُ لَا يُجْزِي أَحَدًا الصَّلَاةُ فِيهِ لِقِصَّةِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ ،
وَ قَوْلُهُ : ( لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا )
فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ صَلَاةٍ . وَ أَمَّا الصَّلَاةُ إِلَى التَّنُّورِ فَكَرِهَهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
وَ قَالَ : بَيْتُ نَارٍ . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ وَ زَادَ بَعْضُهُمْ مَوَاطِنَ أُخْرَى
ذَكَرَهَا الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ . قَالَ : وَ اعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ
أَوْ فِي أَكْثَرِهَا تَمَسَّكُوا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي صَحَّتْ أَحَادِيثُهَا بِأَحَادِيثَ :
أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ وَ نَحْوِهَا ، وَ جَعَلُوهَا قَرِينَةً قَاضِيَةً بِصِحَّةِ تَأْوِيلِ الْقَاضِيَةِ
بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ، وَ قَدْ عَرَّفْنَاكَ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنِ الْمَقْبُرَةِ وَ الْحَمَّامِ
وَ نَحْوِهِمَا خَاصَّةٌ فَتُبْنَى الْعَامَّةُ عَلَيْهَا . وَ تَمَسَّكُوا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي لَمْ تَصِحَّ أَحَادِيثُهَا
بِالْقَدْحِ فِيهَا لِعَدَمِ التَّعَبُّدِ بِمَا لَمْ يَصِحَّ وَ كِفَايَةُ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ
يَنْقُلُ عَنْهَا لَا سِيَّمَا بَعْدَ وُرُودِ عُمُومَاتٍ قَاضِيَةٍ بِأَنَّ كُلَّ مَوْطِنٍ مِنْ مَوَاطِنِ الْأَرْضِ
مَسْجِدٌ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ ، وَ هَذَا مُتَمَسَّكٌ صَحِيحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ ، انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ .