قصة الأسبوع  (دخلت امرأة النار في                    هرة)
                                       عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ                    اللَّهُ عَنْهُمَا
                     أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ                    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ                    :
                                       ( عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ                    حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا                    
                    النَّارَقَالَ فَقَالَ :"وَاللَّهُ أَعْلَمُ                    لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ                    
                    حَبَسْتِيهَا وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا                    فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ                    )
                    . متفق عليه واللفظ                    للبخاري
                                       وفي صحيح البخاري  عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ                    أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا                     
                    أن النبي – صلى الله عليه وسلم – رأى تلك                    المرأة في صلاة الكسوف 
                                                           (..وَدَنَتْ مِنِّي                    النَّارُ....... فإذا امرأة تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا                    شَأْنُ هَذِهِ 
                    قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا                    لَا أَطْعَمَتْهَا وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ )                    .
                                       وجاء في رواية النسائي 1465 :                    
                                       ( حَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا امْرَأَةً مِنْ                    حِمْيَرَ تُعَذَّبُ فِي هِرَّةٍ                    .............
                     فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا                    تَنْهَشُهَا إِذَا أَقْبَلَتْ وَإِذَا وَلَّتْ تَنْهَشُ                    أَلْيَتَهَا ) .
                                                                                                                                                         حشرات الأرض ، وما يدبّ عليها  من العقارب والحيات                    ونحوهما
                                                                                                                                                                            المرأة هي منبع الحنان وموطن الرفق ، خلقها                    الله سبحانه وتعالى وجعل 
                    من عاطفتها الفيّاضة جزءاً لا يتجزّأ من                    تكوينها ، فتراها تنطلق من 
                    مشاعرها المرهفة وأحاسيسها الرقيقة لتحنو على                    من حولها وتغمره 
                                                          ولكن ماذا إذا نُزعت الرحمة من قلب أنثى                    وأجدبت فيها معاني الشفقة 
                    لتفقد إنسانيّتها وفطرتها وأبرز صفاتها ؟ ،                    وكيف يكون الحال إذا وجدت 
                    القسوة طريقها إلى نفسها لتدفعها إلى الإضرار                    والإفساد والتعذيب ، 
                    في خُلُق معوج وسلوك منحرف ؟   لا شكّ حينها أن                    النتائج ستختلف ، 
                    والموازين ستنقلب ، والقيم ستتبدّل ، فإذا                    بنا نرى الرحمة على الآخرين 
                    تنقلب شدّة عليهم ، وإذا التوجّع من أصوات                    الأنين يحلّ محلّه الأنس بذلك
                                                          وبين يدينا صورةٌ مخالفةٌ للأصل ، ومناقضةٌ                    للفطرة الأنثويّة ، أخبر عنها 
                    رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، جرت                    وقائعها أيّام الجاهليّة ، 
                    والقصّة أن امرأة من "حمير " كانت تملك هرّة                    ، فبدلاً من رعايتها 
                    والاعتناء بها ، وبدلاً من إطعامها والإحسان                    إليها ، إذا بها تحبسها 
                    وتمنعها من الخروج ، وليت الأمر اقتصر على                    ذلك فحسب ولكنها منعت 
                    عنها الطعام والشراب ، دون أن تُلقي بالاً                    إلى أصوات الاستغاثة التي
                                                          وظلّت الهرّة تعاني من الجوع والعطش أياما                    وليالي ، لم تجد فيها شيئاً 
                    من طعام يشبع جوعتها ، أو قطرة ماءٍ يطفيء                    ظمأها ، ولم يُسمح لها 
                    بمغادرة البيت علّها تظفر بشيء تأكله ولو كان                    من هوام الأرض 
                    وحشراتها ، حتى فارقت الحياة ، والمرأة تنظر                    إلى ذلك كلّه دون
                    أن تحرّكها يقظة من ضميرٍ أو وازعٌ من خير                    .
                                       ولكنّ ربّك بالمرصاد ، حرّم الظلم على نفسه                    ولا يرضى وقوعه على أحد ، 
                    فكان عقابها الإلهيّ الذي رآه النبي – صلى                    الله عليه وسلم – يوم كُسفت 
                    الشمس أن الله سلّط عليها هرّة تجرحها                    بمخالبها مُقبلةً مُدبرة حتى يوم  
                    القيامة ، ثم يكون مصيرها نار جهنّم والعياذ                    بالله .
                                       وقفات مع حق الحيوان في شرعة النبي                    العدنان
                    في التحذير - الذي ورد في الحديث – من تعذيب                    الحيوانات وأذيّتها ، 
                    دعوةٌ إلى الإحسان والرّحمة بالآخرين ،                    خصوصاً إذا كان الأمر يتعلّق 
                    بالحيوان ، والإسلام قائم على مبدأ الإحسان                    في معاملة الخالق والمخلوق 
                    ولنتأمل كيف وجّه الله سبحانه وتعالى النظر                    إلى الحيوانات ، باعتبارها 
                    نعمةً عظيمةً سُخّرت للبشر كي ينتفعوا                    بلحومها وأشعارها وأوبارها ، ثم 
                    كيف جاء الحثّ على الرفق بتلك المخلوقات ،                    ذلك الرفق الذي يمنع من 
                    تعذيب الحيوان أو ضربه ووسمه بالنار ، ويأمر                    بإحسان قتله ، وينهى 
                    عن حدّ الشفرة أمامه حتى لا تتأذّى من النظر                    إليها .
                                       وقد عاب القرآن الكريم ما كان عليه أهل                    الجاهليّة
                     من تعذيب الحيوانات بشقّ                    آذانها ، 
                                                           { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ                    دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا                    مَرِيدًا 
                    * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ                    مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا *                    
                    وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ                    وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ                    وَلَآَمُرَنَّهُمْ 
                    فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ                    يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ                    اللَّهِ
                    فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا }                    
                                                          وصحّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله                    :
                                         ( لَا تَقُصُّوا                    نَوَاصِي الْخَيْلِ – مقدّم رأسها - وَلَا مَعَارِفَهَا –                    
                    شعر الرّقبة - وَلَا أَذْنَابَهَا فَإِنَّ                    أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا – أي تدفع عنها                    
                    الهوام كالذباب ونحوه - ، وَمَعَارِفَهَا                    دِفَاؤُهَا - أي كساؤها 
                    الذي تدفأ به - ، نَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ                    فِيهَا الْخَيْرُ )
                     رواه أبو داود 2180                    وصححه الألباني في صحيح أبي داود ،                    
                                       وقال عليه الصلاة والسلام                    :
                                        ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ                    الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ                    فَأَحْسِنُوا 
                    الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا                    الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ                    شَفْرَتَهُ
                                                                              ونهى عليه الصلاة                    والسلام :
                                        ( أَنْ يُقْتَلَ شَيْءٌ                    مِنْ الدَّوَابِّ صَبْرًا )
                                                           وهو حبس الحيوان دون                    طعام أو شراب حتى الموت ، أو أن يُتّخذ                    
                                                          وعندما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم                    –
                     حماراً قد ُوسم في وجهه                    ، غضب لذلك وقال : 
                                       ( لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ                    )
                                                          ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل                    واضع رجله على صفحة 
                    (صفحة الشيء : وجهه وجانبه) شاة وهو يحد                    شفرته (أي سكينه) وهي 
                    تلحظ إليه ببصرها ، فقال :                    
                                       ( أفلا قبل هذا تريد أن تميتها موتتين؟؟!!                    )
                     رواه الطبراني في الأوسط                    3728 وصححه الألباني في السلسلة                    24
                                       وفي مجال الاهتمام بغذاء                    الحيوان
                     يقول النبي – صلى الله                    عليه وسلم - : 
                                       ( إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ                    فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَظَّهَا مِنْ الْأَرْضِ )                    
                                                          ومَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ                    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ                    فَقَالَ:
                                        ( اتَّقُوا اللَّهَ فِي                    هَذِهِ الْبَهَائِمِ                    الْمُعْجَمَةِ
                     فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً                    وَكُلُوهَا صَالِحَةً ) 
                    رواه أبوداود وصححه الألباني في السلسلة                    23
                                       وفي مجال الركوب يقول النبي – صلى الله عليه                    وسلم - :
                                        ( اركبوا هذه الدواب                    سالمة وابتدعوها سالمة
                                       رواه أحمد 15086 وصححه الألباني في السلسلة                    21
                                       وأكد – صلى الله عليه وسلم – أن الإساءة                    للبهائم بنحو الضرب والتحميل 
                    فوق طاقة من جملة الذنوب العظام فقال :                    
                                       ( لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم                    كثيرا )
                    رواه أحمد 26214 وحسنه الألباني السلسلة                    21
                                       كما يدلّ الحديث أيضا أن الجزاء من جنس العمل                    ، فالمرأة عُوقبت بعد 
                    مماتها بهرّة تُعذّبها وتخدش جسدها كما جاء                    في سياق النصّ .
                                       وبهذا تكون القصّة قد جسّدت اهتمام الإسلام                    بالحيوان والدعوة إلى 
                    الإحسان إليها ، وإعطاءه حقوقاً في كلّ ما                    يجلب لها النفع أو يدفع عنها 
                    الضرّ ، وما يكفل لها العيش والحياة ، مما                    يثبت أسبقيّة هذا الدين العظيم 
                    لكلّ المنظمات الحقوقيّة المعنيّة بالحيوانات                    والرفق بها.