عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-24-2013, 08:21 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي


( ولا يجتمعان في قلب عبد : الإيمان والحسد )


فيا أخي الحاسد :

متى تُمسي وتُصبح مستريحا وأنت الدهـر لا ترضـىبحـال
وقد يجري قليل المالمجـرى كثيـر المـال فـي سـدالـخـلال
إذا كـان القلـيـل يـسـد فـقـري ولـم أجـد الكثـيـر فــلاأبـالـي



ومن علامات حب الدنيا :

كثرة الحديث عنها ، فمن أحبَّ شيئا أكثر من ذكره ، فكثرة الكلام

عن التجارات ، وأحدث الأزياء والموضات ، وأنواع السيارات ،

وآخر الصيحات ، وأشهى المأكولات ، وإضاعة المجالس في الإشادة

بهذه الأمور ؛ كل هذا يدل على أن القلب مزدحم بدنيا لم تفسح

للآخرة موضع قدم.


ومن علامات حب الدنيا :

المغالاة في الاهتمام بترفيه النفس مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ومركبا

، والاهتمام بالكماليات والترفيات اهتماما يملك عليه وقته وعقله ، فيجهد

نفسه بشراء الأنيق من اللباس ويزوِّق مسكنه وينفق الأموال والأوقات

في هذا ، ويغرق في التنعيم والترف المنهي عنه في حديث معاذ بن جبل

رضي الله عنه لما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأوصاه

فقال :


( إياك والتنعيم ، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين )


ولذلك حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على أخذ الكفاية من الدنيا

دون التوسع الذي يشغل عن ذكر الله

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


( إنما يكفيك من جمع المال خادم ومركب في سبيل الله )


بل هدَّد النبي صلى الله عليه وسلم المكثرين

من الأموال إلا أهل الصدقات فقال :


« ويل للمكثرين إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا ،

أربع عن يمينه وعن شماله ومن قُدَّامه ومن ورائه »


وصدق القائل :

فلو كانت الدنيا جزاءًiiلمُحسِنٍ إذا لم يكن فيها معـاشiiلظالـم
لقد جاع فيهـا الأنبيـاء كرامـة وقد شبِعت فيها بطون البهائم


لا تذموها ولكن

قال يحيى بن معاذ الرازي :

" الدنيا خزانة الله فما الذي يُبغض منها ، وكل شيء من حجر أو مدر

أو شجر يسبِّح الله فيها. قال الله تعالى : " وإن من شيء إلا يسبح

بحمده "


وقال الله تعالى :


}اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ {


فالمجيب له بالطاعة لا يستحق أن يكون بغيضا في قلوب المؤمنين " .


فليس المطلوب منك سب الدنيا

أو الهرب منها بل الواجب عليك :

تحقيق الزهد ، والزهد في أبسط صوره ومعانيه أن تحوز الدنيا في يدك

لا في قلبك ، وأن تملكها لا أن تملكك ، وأن تضحي بها في سبيل آخرتك

لا أن تبيع الآخرة من أجلها ، وأن تطلب الآخرة بالدنيا لا أن تطلب الدنيا

بالآخرة ، وأن تفرِّغ قلبك مما خلت منه يدك ، ويبشِّرك عندها بحسن

العاقبة الدنيوية والأخروية


يحيى بن معاذ فيقول :

" الدنيا أمير من طلبها ، وخادم من تركها ، الدنيا طالبة ومطلوبة ،

فمن طلبها رفضته ، ومن رفضها طلبته ، الدنيا قنطرة الآخرة فاعبروها

ولا تعمروها ، ليس من العقل بنيان القصور على الجسور ، ومن طلَّق

الدنيا فالآخرة زوجته ، فالدنيا مطَلَّقة الأكياس ، لا تنقضي عدتها أبدا ،

فخلِّ الدنيا ولا تذكرها ، واذكر الآخرة ولا تنسها ، وخذ من الدنيا

ما يبلِّغك الآخرة ، ولا تأخذ من الدنيا ما يمنعك الآخرة " .

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وما يعين قلبك على التشبع بالزهد :

المقارنة العابرة بين الدنيا والآخرة كمَّا وكيفا ، فالدنيا أيام قلائل معدومة

في مواجهة خلود لا آخر له ، والدنيا نعيمها متنغص ، إن أضحكت اليوم

أبكت غدا ، وإن سرَّت تبع سرورها الردى ، وإن حلَّت فيها النعم جميعا

نزلت فيها النقم سريعا ، إن أخصبت أجدبت ، وإن جمعت فرَّقت ،

وإن ضمت شتَّتت ، وإن زادت أبادت ، وإن أسفرت أدبرت ، وإن راقت

أراقت ، وإن عمَّت بنوالها غمَّت بوبالها ، وإن جادت بوصالها جاءت بفصالها

غزيرة الآفات ، كثيرة الحسرات ، قليلة الصفا ، عديمة الوفا

ومن لم يتبصر في أمرها اليوم عضّ يديه غدا ، وبكى مع الدمع دما

بل وحتى من ملك أقصى نعيمها .. أتظنونه قد استراح؟! كلا والله ..


أرى من الدنيا لمن هي في يديه عـذابــا كـلـمـا كــثُــرتiiلــديــه
تهيـن لهـا المكرميـن لهـاiiبــذل وتُـكِـرم كــل مــن هـانـتiiلـديـه


وأين كل هذا من الآخرة ونعيم الآخرة ولذة الآخرة وخلود الآخرة؟!

وبعد الإحاطة بالزهد علما تنزل إلى ساحة الجد عملا ، وممارسة يومية

ومشقة نفسية ، والنفس على ما عوَّدتها نشأت ، وكيف ما ربيتها نمت

وترعرت


ولذا لما قيل هذا المعنى شعرا على لسان أبي ذؤيب الهذلي :

والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتها وإذا تُـردُّ إلـى قليـلٍiiتقـنـع


قال الأصمعي :

" هذا أبدع بيت قالته العرب " .


توازَن .. لا تقع!!

واسمع إلى هذا التوازن الرائع الذي نجح في بلوغه الصحابي الجليل

الزبير بن العوَّام رضي الله عنه ، وتعليمه لنا معنى الزهد الحقيقي ،

وذلك في ما رواه عنه عمر بن قيس قال :

" كان لابن الزبير مائة غلام ، يتكلم كل غلام منهم بلغة أخرى ،

فكان ابن الزبير يُكلِّم كل واحد منهم بلغته ، فكنت إذا نظرت إليه في أمر

دنياه قلت : هذا رجل لم يُرِد الله طرفة عين ، وإذا نظرت إليه في

أمر آخرته قلت : هذا رجل لم يُرِد الدنيا طرفة عين " .


إنه الاحتراف الإيماني بشقيه الدنيوي والأخروي ، وبلوغ المؤمن أقصى

ما يبلغه صاحب دنيا من علوم وفنون ، وما يبلغه صاحب آخره من تقوى

واهتداء ، وما أحوجنا اليوم إلى أحفاد ابن الزبير ، نريد المؤمن الثري

الذي يضرب بماله في كل تجارة ويربح في كل سوق ، ثم هو مع ذلك

الزاهد الورِع الذي يسخِّر ماله لنصرة الدين ونفع المسلمين

نريد الناس إذا مدحوا ثريا بكثرة ماله التفتوا إلى تقواه فزادهم إيمانا

واقتداء .. نريد أن نكسر احتكار ملايين اللاهين والعابثين لثروات الأمّة

نريد أن نذكر أن عثمان اشترى الجنّة بماله ، وأن مال أبي بكر هو أكثر

ما نفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك نريد أن نفعل.



نعم .. آن لنا نحن أبناء الإسلام في القرن الحادي والعشرين أن ندرك

الزهد الحقيقي بعد أن فهمناه دهرا فقرا ورضا بالقليل وإيثارا للعزلة

في الزوايا على المضاربة في الأسواق تاركين الساحة لكل عابث فاجر

أو عدو ماكر


وهو ما فطن إليه علم الزهد في زمانه سفيان الثوري

وأدرك تغير أولويات كل زمن فقال :

" كان المال فيما مضى يُكره ، فأما اليوم فهو ترس المؤمن "


منقول

رد مع اقتباس