حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ                    عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ
                     عَنْ عَطَاءٍ رَضِيَ اللَّهُ                    تعالى عَنْهُم أجمعين
                                         عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ
                     أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                    قَالَ :
                                          ( مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ                    فَلَيْسَ لَهُ
                      مِنْ                    الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ (
                                                               قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ                    حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَقَ
                      إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ                    حَدِيثِ شَرِيكِ بْنِ                    عَبْدِ اللَّهِ
                     وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا                    الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ                    قَوْلُ أَحْمَدَ                    وَإِسْحَقَ
                      وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ                    بْنَ إِسْمَعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ                    حَسَنٌ 
                     وَقَالَ                    لَا أَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي                    إِسْحَقَ إِلَّا مِنْ                    رِوَايَةِ شَرِيك
                     قَالَ مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا                    مَعْقِلُ بْنُ مَالِكٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ                    الْأَصَمِّ 
                     عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُم                    أجمعين
                      عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                    نَحْوَهُ
                                                                                 قَوْلُهُ : (                    فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ  )
                                          يَعْنِي : مَا حَصَلَ                    مِنَ الزَّرْعِ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ، وَلَا يَكُونُ                    لِصَاحِبِ 
                     الْبَذْرِ إِلَّا بَذْرُهُ وَإِلَيْهِ                    ذَهَبَ أَحْمَدُ 
                      وَقَالَ غَيْرُهُ : مَا                    حَصَلَ مِنَ الزَّرْعِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ                    نُقْصَانُ الْأَرْضِ 
                     كَذَا                    نَقَلَهُ الْقَارِي عَنْ بَعْضِ                    الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ ، ونُقِلَ عَنِ ابْنِ الْمَلَكِ أَنَّهُ عَلَيْهِ                    
                     أُجْرَةُ                    الْأَرْضِ مِنْ يَوْمِ غَصْبِهَا إِلَى يَوْمِ تَفْرِيغِهَا .                    انْتَهَى 
                      قُلْتُ : مَا ذَهَبَ                    إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هُوَ ظَاهِرُ                    الْحَدِيثِ 
                     ( وَلَهُ                    نَفَقَتُهُ ) أَيْ : مَا أَنْفَقَهُ الْغَاصِبُ عَلَى الزَّرْعِ                    مِنَ الْمُؤْنَةِ فِي الْحَرْثِ 
                     وَالسَّقْيِ وَقِيمَةِ الْبَذْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ                    
                      وقِيلَ : الْمُرَادُ                    بِالنَّفَقَةِ قِيمَةُ الزَّرْعِ فَتُقَدَّرُ قِيمَتُهُ                    وَيُسَلَّمُهَا الْمَالِكُ ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ                    
                                         قَوْلُهُ : (                    هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ )
                                          وَضَعَّفَهُ الْخَطَّابِيُّ ، وَنُقِلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ تَضْعِيفُهُ ،                    وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ                    
                     التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْبُخَارِيِّ مِنْ تَحْسِينِهِ                    ، وضَعَّفَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ
                     وَهُوَ                    مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ                    أَبِي رَبَاحٍ عَنْ رَافِعٍ 
                      قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَمْ                    يَسْمَعْ عَطَاءٌ مِنْ رَافِعٍ ، وَكَانَ مُوسَى بْنُ                    هَارُونَ يُضَعِّفُ هَذَا                    الْحَدِيثَ 
                      وَيَقُولُ : لَمْ                    يَرْوِهِ غَيْرُ شَرِيكٍ ، ولَا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرُ أَبِي                    إِسْحَاقَ 
                      وَلَكِنْ قَدْ                    تَابَعَهُ قَيْسُ بْنُ                    الرَّبِيعِ ، وَهُوَ سَيِّءُ الْحِفْظِ ، كَذَا فِي                    النَّيْلِ 
                     وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ                    إِلَّا النَّسَائِيَّ ، كَذَا فِي الْمُنْتَقَى .                    
                                         قَوْلُهُ : (                    وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ                    الْعِلْمِ 
                      وَهُوَ                    قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ)
                                          قَالَ ابْنُ                    رَسْلَانَ : قَدْ اسْتَدَلَّ                    بِهِ ـ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ ـ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ                    زَرَعَ 
                     بَذْرًا                    فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَاسْتَرْجَعَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَخْلُو                    إِمَّا أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا 
                     مَالِكُهَا وَيَأْخُذَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ ،                    أَوْ يَسْتَرْجِعُهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ قَبْلَ                    
                     أَنْ                    يُحْصَدَ فَإِنْ أَخَذَهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ حَصَادِ                    الزَّرْعِ ، فَإِنَّ الزَّرْعَ لِغَاصِبِ 
                     الْأَرْضِ لَا نَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا ، وذَلِكَ ؛                    لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ                    
                     إِلَى                    وَقْتِ التَّسْلِيمِ ، وَضَمَانُ نَقْصِ الْأَرْضِ وَتَسْوِيَةِ                    حُفَرِهَا 
                      وإِنْ أَخَذَ الْأَرْضَ                    صَاحِبُهَا مِنَ الْغَاصِبِ ـ وَالزَّرْعُ قَائِمٌ فِيهَا ـ لَمْ                    يَمْلِكْ إِجْبَارَ 
                     الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ ، وَخُيِّرَ الْمَالِكُ                    بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ نَفَقَتَهُ  
                     وَيَكُونَ الزَّرْعُ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ                    لِلْغَاصِبِ ، وبِهَذَا قَالَ أَبُو                    عُبَيْدٍ 
                      وقَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَكْثَرُ                    الْفُقَهَاءِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَمْلِكُ                    إِجْبَارَ الْغَاصِبِ 
                     عَلَى                    قَلْعِهِ  وَاسْتَدَلُّوا                    بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ                    وَسَلَّمَ                    
                     لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ                    حَقٌّ                      ويَكُونُ الزَّرْعُ لِمَالِكِ                    الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ 
                     وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ ، ومِنْ جُمْلَةِ مَا                    اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ
                      مَا                    أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ، وَأَبُو                    دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيُّ ، وَغَيْرُهُمَا 
                      أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                    رَأَى زَرْعًا فِي أَرْضِ ظَهِيرٍ                    فَأَعْجَبَهُ
                      فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ                    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَحْسَنَ زَرْعِ ظَهِيرٍ 
                      فَقَالُوا : إِنَّهُ                    لَيْسَ لِظَهِيرٍ ، وَلَكِنَّهُ لِفُلَانٍ .                    
                     قَالَ                    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَخُذُوا زَرْعَكُمْ                    وَرُدُّوا عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ  
                    فَدَلَّ                    عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ تَابِعُ الْأَرْضِ ، ولَا يَخْفَى أَنَّ                    حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ                    خَدِيجٍ أَخَصُّ                    
                     مِنْ                    قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :                      لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ                    مُطْلَقًا 
                        فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ ، وَهَذَا عَلَى                    فَرْضِ
                      أَنَّ                    قَوْلَهُ                    : لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ                    حَقٌّ                      يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ                    لِرَبِّ الْبَذْرِ 
                     فَيَكُونُ الرَّاجِحُ                    مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ                    الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ 
                     إِذَا                    اسْتَرْجَعَ أَرْضَهُ ، وَالزَّرْعُ فِيهَا ، وأَمَّا إِذَا                    اسْتَرْجَعَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ 
                      فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ                    أَنَّهُ أَيْضًا لِرَبِّ الْأَرْضِ ، وَلَكِنَّهُ إِذَا صَحَّ                    الْإِجْمَاعُ عَلَى
                      أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ                    كَانَ مُخَصِّصَا لِهَذِهِ الصُّورَةِ 
                      وَقَدْ رُوِيَ                    عَنْ مَالِكٍ ، وَأَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ مَا                    قَالَهُ الْأَوَّلُونَ 
                      وفِي الْبَحْرِ :                    أَنَّ مَالِكًا وَالْقَاسِمَ يَقُولَانِ :                    الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ 
                     وَاحْتَجَّ لِمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ                    الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ
                      بِقَوْلِهِ صَلَّى                    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الزَّرْعُ                    لِلزَّرَّاعِ ، وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا 
                      ولَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَيُنْظَرْ                    فِيهِ                    .  
                     وَقَالَ ابْنُ                    رَسْلَانَ : إِنَّ                    حَدِيثَ : "                      لَيْسَ                    لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ   " ورَدَ                    
                     فِي                    الْغَرْسِ الَّذِي لَهُ عِرْقٌ مُسْتَطِيلٌ فِي الْأَرْضِ ،                    وحَدِيثُ رَافِعٍ وَرَدَ
                      فِي الزَّرْعِ                    فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ ، وَيُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ                    مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهِ 
                      ولَكِنْ مَا  ذَكَرْنَاهُ                    مِنَ الْجَمْعِ أَرْجَحُ ؛ لِأَنَّ بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى                    الْخَاصِّ أَوْلَى
                      مِنَ الْمَصِيرِ إِلَى                    قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ .                    انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ