عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-04-2013, 02:57 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي - وكان حليفاً
لبني زهرة - وهم بالجحفة‏:‏ يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم،
وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله،
فاجعلوا بها جبنها وارجعوا فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا
في غير ضيعة لا ما يقول هذا‏.‏
قال‏:‏ فرجعوا فلم يشهدها زهري واحد، أطاعوه وكان فيهم مطاعاً
ولم يكن بقي بطن من قريش إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي
لم يخرج منهم رجل واحد، فرجعت بنو زهرة مع الأخنس
فلم يشهد بدراً من هاتين القبيلتين أحد‏.‏
قال‏:‏ ومضى القوم وكان بين طالب بن أبي طالب - وكان في القوم –
وبين بعض قريش محاورة‏.‏
فقالوا‏:‏ والله قد عرفنا يا بني هاشم - وإن خرجتم معنا –
أن هواكم مع محمد، فرجع طالب إلى مكة مع من رجع،
وقال في ذلك‏:‏
لا هُــمَّ إمــا يـغـزوَنَّ طـالــب في عصبـة محالـفٍمحـارب
في مقنـبٍ مـن هـذاالمقانـب فليكن المسلوب غير السالب
وليكن المغلوب غير الغالب
قال ابن إسحاق‏:‏
ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي، خلف العقنقل
وبطن الوادي وهو يليل، بين بدر وبين العقنقل، الكثيب الذي خلفه قريش،
والقليب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة‏.‏
قلت‏:‏
وفي هذا
قال تعالى‏:‏
{ ‏إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُم ْ‏}‏
أي‏:‏ من ناحية الساحل
‏{ ‏وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً ‏}‏
الآيات ‏[‏الأنفال‏:‏ 42‏]‏‏.‏
وبعث الله السماء وكان الوادي دهساً، فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه منها ماء لبَّد لهم الأرض ولم يمنعهم من السير، وأصاب قريشاً
منها ماء لم يقدروا على أن يرتحلوا معه‏.‏ ‏‏(‏ج/ص‏:‏ 3/326‏)‏
قلت‏:‏
وفي هذا قوله تعالى‏:‏
‏{ ‏وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ
وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ‏}‏
‏[‏الأنفال‏:‏ 11‏]‏‏.‏
فذكر أنه طهرهم ظاهراً وباطناً، وأنه ثبَّت أقدامهم وشجع قلوبهم
وأذهب عنهم تخذيل الشيطان وتخويفه للنفوس ووسوسته الخواطر،
وهذا تثبيت الباطن والظاهر وأنزل النصر عليهم من فوقهم
في قوله‏:
‏ ‏{ ‏إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ
فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ
فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ‏ }‏ ‏
[‏الأنفال‏:‏ 12‏]‏
أي‏:‏ على الرؤوس
‏{ ‏وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ‏}‏
أي‏:‏ لئلا يستمسك منهم السلاح ‏
{ ‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ‏ }‏
‏[‏الأنفال‏:‏ 13‏]‏‏.‏
قال ابن جرير‏:
‏ حدثني هارون بن إسحاق، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا إسرائيل،
ثنا إسحاق، عن حارثة، عن علي بن أبي طالب‏.‏
قال‏:‏ أصابنا من الليل طش من المطر - يعني‏:‏ الليلة التي كانت
في صبيحتها وقعة بدر - فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها
من المطر، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم
- يعني‏:‏ قائماً يصلي - وحرض على القتال‏.‏
وقال الإمام أحمد‏:‏
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن أبي إسحاق،
عن حارثة بن مضرب، عن علي‏.‏
قال‏:‏ ما كان فينا فارس يوم بدر إلا المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا
رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح،
وسيأتي هذا الحديث مطولاً‏.‏
ورواه النسائي، عن بندار، عن غندر، عن شعبة به‏:‏
وقال مجاهد‏:‏
أنزل عليهم المطر فأطفأ به الغبار وتلبدت به الأرض و
طابت به أنفسهم وثبتت به أقدامهم‏.‏
قلت‏:‏
وكانت ليلة بدر ليلة الجمعة السابعة عشر من شهر رمضان سنة ثنتين
من الهجرة، وقد بات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي
إلى جذم شجرة هناك، ويكثر في سجوده أن يقول‏:
‏ ‏(‏‏ ‏يا حي يا قيوم‏ )‏
يكرر ذلك ويلظ به عليه السلام‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء
حتى جاء أدنى ماء من بدر نزل به‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏
فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب بن منذر بن الجموح‏.‏
قال‏:‏ يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه
ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة‏؟
‏(‏ج/ص‏:‏ 3 /327‏)‏
قال‏:‏
‏(‏‏ ‏بل هو الرأي والحرب والمكيدة ‏‏)‏‏.‏
فقال‏:‏
ما كل أهل السماء أعرف وإنه لصادق وما هو بشيطان‏.‏
فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس فسار
حتى أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقلب فعورت،
وبنى حوضاً على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية‏.‏
وذكر بعضهم‏:
‏ أن الحباب بن المنذر لما أشار بما أشار به على رسول الله صلى الله عليه وسلم
نزل ملك من السماء وجبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وذكر الأموي‏:‏
أنهم نزلوا على القليب الذي يلي المشركين نصف الليل وأنهم نزلوا فيه
واستقوا منه وملؤا الحياض حتى أصبحت ملاء وليس للمشركين ماء‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏
فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث‏:‏ أن سعد ابن معاذ‏.‏
قال‏:‏ يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى
عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا، كان ذلك ما أحببنا،
وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا،
فقد تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد حباً لك منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً
ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم ويناصحونك ويجاهدون معك‏.‏
فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ودعا له بخير
، ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش كان فيه‏.
‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 3/328‏)‏
‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

والله جل جلاله اعلم
في الله اخوكم مصطفى الحمد

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس