قال الإمام الزهري - رحمه الله -:
                                         [                    عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى                    الله عليه وسلم
                     ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله - عز وجل -                    ]
                                                                                                                         روي أن الأحنف بن قيس كان جالساً يوما فجال بخاطره                    قوله تعالي :
                                         { لَقَدْ                    أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ                    }
                                         فقال : علي بالمصحف لألتمس ذكري حتي اعلم من أنا ومن                    أشبة ؟
                                                                                 { كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ                    وَبِالأَسْحَار ِهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
                     وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ                    وَالْمَحْرُومِ }
                                                                                 { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء                    وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاس                    }
                                                                                 { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ                    بِهِمْ خَصَاصَةٌ
                     وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ                    الْمُفْلِحُونَ }
                                                                                 { يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ                    وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }
                                         فقال تواضعاُ منه : اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء ثم                    أخذ يقرأ
                                                                                 { إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه                    يَسْتَكْبِرُونَ }
                                                                                 { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ                    الْمُصَلِّين َوَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ                    }
                                         فقال  :                    اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء حتي وقع علي قوله تعالي                    :
                                         {                    وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا                    وَآخَرَ سَيِّئًا
                     عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ                    اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
                                                                                                                                                                 مَيْلُ القُلُوبِ إِلَى سِوَاكَ                    حَرَامُ
                     التخلية مع الرب ؛ من أجمل سعادات القلب ؛ وأي صلاح                    ،
                     وأنس للقلب ، أعظم من اللبث عند عتبة الرب                    ؟
                     وقد أكسبه العزة ، وغمره في بستان العارفين                    ،
                     وارتقى به في منازل السائرين ؛فليت شعري أين المحبين ؟
                                         مثل المعتكف ؛ كرجل له حاجة إلى عظيم ؛ فجلس على بابه                    يقول :
                     لا أبرح حتى تقضى حاجتي ، وكذلك المعتكف ، يجلس في                    بيت الله ،
                     يناجي ربه ومولاه ، ويقول : لا أبرح حتى يغفر الله                    لي
                                         فالاعتكاف سنة المرسلين ، وهدي الصحابة والتابعين                    ،
                     والبيت المسلم فيه شعث ، لا يلمه إلا الإقبال على                    الله تعالى ؛
                     فاقطع العلائق عن كل الخلائق ، وتخير مسجداً تكن فيه                    غريباً ؛
                     فهو أدعى لإخلاصك ، واستثمار أوقاتك ؛ فجل طاعات                    رمضان ،
                     تجتمع في الاعتكاف ، فإن لم تنفرد ، وتخلو بربك ؛                    فمتى ؟
                     فما أنت إلا عابر سبيل ؛ فامض إلى غاية لا                    تغيب
                     ، وسارع إلى مقصد لا يخفى ،واسع إلى نهاية لا تضل .
                     فقد سار الركب ، وأوشكت القافلة أن تصل ؛ فانضم إليهم                    ،
                     وتربى على معينهم ؛إذ تربوا على أعين النبوات ؛ فإن فعلت                    ،
                     فقد رجي للبيت المسلم ؛ أن يذوق طعم حب الله                    ،
                     والأنس به ، والاشتغال به عن غيره ، فإن ذقت ؛ فقل                    للأنام :
                     مَيْلُ القُلُوبِ إِلَى سِوَى اللهِ                    حَرَامٌ
                                                                                                                                                           إن زادت الآهات واشتدت الأزمات ،،
فاللَّهم يافاطر                    السَّماوات ، وكاشف
الظُّلمات ، ارزقنا نطقها عند                    الحاجات
ونجنا بها بعد الممات ،،