الأخ / مصطفى آل حمد
بعث قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء أسراهم
البداية والنهاية لابن كثيررحمه الله
بعث قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فداء أسراهم
قال ابن إسحاق: وكان في الأسارى أبو وداعة بن ضبيرة السهمي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إن له بمكة ابنا كيساً تاجراً ذا مال، وكأنكم به قد جاء في طلب فداء أبيه )
لا تعجلوا بفداء أسراكم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه؛ قال المطلب بن
وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنى:
صدقتم لا تعجلوا، وانسل من الليل وقدم المدينة فأخذ
أباه بأربعة آلاف درهم فانطلق به.
قلت: وكان هذا أول أسير فدي ثم بعثت قريش في فداء أسراهم، فقدم
مكرز بن حفص بن الأخيف في فداء سهيل بن عمرو، وكان الذي أسراه
مالك بن الدخشم أخو بني سالم بن عوف فقال في ذلك: (ج/ص: 3/378)
أسرت سهيلاً فلا ابتغي * أسيراً به من جميع الأمم
وخندف تعلم أن الفتى * فتاها سهيل إذا يظلم
ضربت بذي الشفر حتى انثنى * وأكرهت نفسي على ذي العلم
وكان سهيل رجلاً أعلم من شفته السفلى.
وحدثني محمد بن عمرو بن عطاء أخو بني عامر ابن لؤي:
أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
دعني أنزع ثنية سهيل بن عمر ويدلع لسانه
فلا يقوم عليك خطيباً في موطن أبداً؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبياً )
قلت: وهذا حديث مرسل بل معضل.
وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا
( إنه عسى أن يقوم مقاماً لا تذمه )
قلت: وهذا هو المقام الذي قامه سهيل بمكة حين مات
رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من العرب
ونجم النفاق بالمدينة وغيرها.
فقام بمكة فخطب الناس وثبتهم على الدين الحنيف كما سيأتي في موضعه.
فلما قاولهم فيه مكرز وانتهى إلى رضائهم قالوا: هات الذي لنا
قال: اجعلوا رجلي مكان رجله وخلوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائه
فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرزاً عندهم.
وأنشد له ابن إسحاق في ذلك شعراً أنكره ابن هشام، فالله أعلم.
وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال:
وكان في الأسارى عمرو بن أبي سفيان صخر بن حرب.
وكانت أمه بنت عقبة بن أبي معيط.
بل كانت أمه أخت أبي معيط.
وكان الذي أسره علي بن أبي طالب.
وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال: فقيل لأبي سفيان: أفد عمراً ابنك،
قال: أيجتمع على دمي ومالي، قتلوا حنظلة وأفدي عمراً؟ دعوه
في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم.
قال: فبينما هو كذلك محبوس بالمدينة إذ خرج سعد بن النعمان بن أكال
أخو بني عمرو بن عوف، ثم أحد بني معاوية معتمراً ومعه مرية له
وكان شيخاً مسلماً في غنم له بالبقيع، فخرج من هنالك معتمراً ولم يظن
أنه يحبس بمكة إنما جاء معتمراً، وقد كان عهد قريش أن قريشاً
لا يعرضون لأحد جاء حاجاً أو معتمراً إلا بخير.
فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمر وقال في ذلك:
أرهط ابن أكَّالٍ أجيبوا دعاءه * تعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا
فإن بني عمرو لئام أذلة * لئن لم يكفوا عن أسيرهم الكبلا
قال: فأجابه حسان بن ثابت يقول:
لو كان سعد يوم مكة مطلقا * لأكثر فيكم قبل أن يؤسر القتلا
بعضب حسام أو بصفراء نبعة * تحنُّ إذا ما أنبضت تحفز النبلا
قال: ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبروه خبره وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا به
صاحبهم فأعطاهم النبي فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلى سبيل سعد.
أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن أمية
ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب.
وكان الذي أسره خراش بن الصمة أحد بني حرام.
وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالاً وأمانة وتجارة
أخت أم المؤمنين أمنا السيدة /خديجة بنت خويلد/ رضى الله تعالى عنها
، وكانت أم المؤمنين أمنا السيدة /خديجة بنت خويلد/ رضى الله تعالى عنها
هي التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بابنتها
زينب وكان لا يخالفها وذلك قبل الوحي.
وكان عليه السلام قد زوج ابنته رقية - أو أم كلثوم - من عتبة بن أبي لهب
فلما جاء الوحي قال أبو لهب: اشغلوا محمداً بنفسه، وأمر ابنه عتبة
فطلق ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الدخول
فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ومشوا إلى أبي العاص فقالوا:
فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأي امرأة من قريش شئت.
( لا والله لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأتي امرأة
من قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يثني عليه في صهره خيراً فيما بلغني. : 3 /380)
قلت: الحديث بذلك في الثناء عليه في صهره ثابت في الصحيح كما سيأتي.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم، مغلوباً
على أمره، وكان الإسلام قد فرق بين زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبين أبي العاص، وكان لا يقدر على أن يفرق بينهما.
قلت: إنما حرم الله المسلمات على المشركين عام الحديبية سنة ست
من الهجرة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.