حاول المشككون إثارة الشبهات حول هذه الآية، فقالوا :
إن هذه الآية تدل على أن الأرض خُلقت قبل السماء،
فهل يمكن أن نصدق ذلك في ضوء العلم الحديث؟
إذاً القرآن يناقض العلم الحديث!
إذاً هو كتاب من عند غير الله لأن الله لا يُخطئ!!
إن هؤلاء لم يقرأوا الآية جيداً لأن الله تعالى عندما قال :
{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ }
إن هذه الآية تدل على أن السماء كانت موجودة قبل أن يستوي إليها،
ولكنها كانت في معظمها دخاناً، ثم يقول بعد ذلك :
{ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا }
إذاً الخطاب للسماء والأرض،
وبالتالي أثناء هذا الخطاب كانت الأرض موجودة وكانت السماء موجودة،
ولا يعني ذلك أن الأرض خُلقت قبل السماء،
ولكن هذا ما فهمه المفسرون حسب علوم عصرهم.
أما نحن اليوم فلسنا ملزمين أن نفهم الآية
كما فهمها المفسرون قبل ألف سنة مثلاً،
لأنه لو توافرت لديهم العلوم لفهموها كما نفهمها اليوم.
هذا هو الدخان الكوني الذي كان موجوداً أثناء خلق الأرض
إن الله تعالى قال عن السماء :
{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ }
لا تعني (خلقهن) بل هو قضاء الله تعالى في هذه السموات
وهذا يدل على أن السماء موجودة منذ البداية
ولكن في مرحلة ما استوى الله إليها وأمرها أن تلتزم أوامره
ثم فصل هذه السماء عن بعضها فتحولت من سماء واحدة إلى سبع سموات.
وفي ظل هذه الرؤية لا أدري أين المشكلة،
وأين التناقض الذي يدعيه هؤلاء بين العلم والقرآن؟!
بعض العلماء عندما درسوا الكون يشبهونه اليوم بالورقة
يقولون : إن الكون له كثافة محددة في توزع المادة خلاله،
هذه الكثافة تجعله كوناً أشبه بورقة منحنية قليلاً يعني مسطحة،
وأن هذا الكون في نهاية حياته سوف ينطوي على نفسه
كما تنطوي هذه الورقة وسوف ينغلق ويعود كما بدأ،
حتى إنهم يسمونها نظرية (الكون المتكرر) أي أنه يبدأ من نقطة واحدة،
ثم يتوسع ويتمدد، ثم يعود فينكمش على نفسه ويعود كما بدأ،
ونحن نعتقد بهذا الكلام لماذا؟
لأن الله سبحانه وتعالى يقول :
{ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ }
وأصحاب هذه النظرية يستخدمون كلمة(Repeat)يعيد،
الكلمة القرآنية ذاتها يستخدمها علماء الغرب
ليعبروا عنها عن نهاية الكون وإعادة الخلق لماذا؟
لأنهم وجدوا أن كل شيء في الكون يتكرر،
فدورة الماء تتكرر بنظام مقدر من الله تبارك وتعالى، ودورة الحياة تتكرر،
هنالك دورة للصخور، ودورة للتراب، ودورة للأرض كاملة،
ودورة للمناخ على الأرض يتغير كل فترة محددة،
ولذلك قالوا لا بد أن يكون هناك دورة للكون
وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى :
{ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }