(الحديث الثاني عشر :                    الاشتغالُ بِمَا يُفيد)
                                                                                                                         المعنى العام :ما يعني الإنسان وما لا                    يعنيه
                                                                                                     عن أبي هُرَيْرَةَ رَضي اللهُ عنه قال :                    
                     قاَل رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم                    :
                                         ( مِنْ حُسْنِ إسْلاَمِ الْمَرءِ تَرْكُهُ مَا لاَ                    يَعْنِيهِ)
                                                                                                                                                                                     هذا الحديث أصل عظيم من أُصول الأدب .
                                                                                                                                                               من كمال إسلامه و تمامه ، وعلامات صدق إيمانه ،                    
                     و المرء يُراد به الإنسان ، ذكراً كان أم                    أنثى
                                                            ما لا يهمه من أمر الدين و                    الدنيا
                                                                                                                       يحرص الإسلام على سلامة المجتمع                    
                                          و أن                    يعيش الناس في وئام و وفاق ، لا منازعات بينهم                    و
                      لا                    خصومات ، كما يحرص على سلامة الفرد وأن يعيش في هذه                    
                     الدنيا سعيداً ، يَألف و يُؤلف ، يُكْرَم ولا يُؤذَى                    ، ويخرج منها فائزاً 
                     رابحاً ، و أكثر ما يثير الشقاق بين الناس ، و يفسد                    المجتمع ،
                      و يورد                    الناس المهالك تَدَخُّل بعضهم في شؤون بعض ،                    
                     و خاصة فيما لا يعنيهم من تلك الشؤون ، و لذا كان من                    دلائل 
                     استقامة المسلم وصدق إيمانه تركه التدخل فيما لا يخصه                    من شؤون 
                                                                                                     و المسلم مسؤول عن كل عمل يقوم به                    
                                          فإذا                    اشتغل الإنسان بكل ما حوله ، و تدخل في شؤون لا تعنيه ،                    
                     شغله ذلك عن أداء واجباته ، و القيام بمسؤولياته ،                    فكان مؤاخذاً في 
                     الدنيا و معاقباً في الآخرة ، و كان ذلك دليل ضعف                    إدراكه ،
                      وعدم                    تمكن الخُلُق النبوي من نفسه .
                     و روى أنه صلى الله عليه وسلم قال :                    
                                         ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه                    )
                                         و إذا أدرك المسلم واجبه ، وَ عقَل مسؤوليته ، فإنه                    يشتغل بنفسه ، 
                     ويحرص على ما ينفعه في دنياه و آخرته ، فَيُعْرِض عن                    الفضول ،
                      و                    يبتعد عن سَفَاسِفِ الأمور، و يلتفت إلى ما يعنيه من الأحوال                    
                                                                                                     و المسلم الذي يعبد الله عز وجل كأنه يراه ، و يستحضر                    في نفسه 
                     أنه قريب من الله تعالى و الله تعالى قريب منه ،                    يشغله ذلك عما 
                     لا يعنيه ، و يكون عدم اشتغاله بما لا يعنيه دليل                    صدقه مع الله تعالى 
                     و حضوره معه ، و من اشتغل بما لا يعنيه دل ذلك على                    عدم 
                     استحضاره القرب من الله تعالى ، و عدم صدقه معه ، و                    حَبِط عمله ، 
                                                             رُوي عن الحسن البصري أنه قال :                    
                     من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا                    يعنيه .
                                                                                 ما يعني الإنسان من الأمور وما لا يعنيه :                    
                     و الذي يعني الإنسان من الأمور هو                    :
                                          ما                    يتعلق بضرورة حياته في معاشه ، من طعام و شراب و                    ملبس
                      و مسكن                    و نحوها ، و ما يتعلق بسلامته في معاده و آخرته ،                    
                     و ما عدا هذا من الأمور لا يعنيه :                    
                      فمما                    لا يعني الإنسان الأغراض الدنيوية الزائدة عن الضرورات                    
                     و الحاجيات : كالتوسع في الدنيا ، و التنوع في                    المطاعم و المشارب 
                     و طلب المناصب و الرياسات ، و لا سيما إذا كان فيها                    شيء من 
                     المماراة و المجاملة على حساب دينه                    .
                                         الفضول في الكلام مما لا يعني ، و قد يجر المسلم إلى                    الكلام المُحَرَّم 
                     و لذلك كان من خُلُق المسلم عدم اللَّغَط و الثرثرة و                    الخوض في كل 
                     قيل و قال . روى الترمذي :  
                     أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :                    
                                         ( كلام ابن آدم كله عليه لا له ،                    
                     إلا أمرا بمعروف، أو نهيا عن منكر، أو ذكر الله عز و                    جل )
                                         الراوي : أم حبيبة رملة بنت أبي                    سفيان-  المحدث :                    السيوطي – 
                     المصدر : الجامع الصغير - الصفحة                    أو الرقم : 6435
                                                                                                                                              أن من                    صفات المسلم الاشتغال بمعالي الأمور ، و البعد عن                    السَفاسِفِ 
                                                            و فيه تأديب للنفس و تهذيب لها عن الرذائل و النقائص                    ،
                      و ترك                    ما لا جدوى منه و لا نفع فيه .