( ممَا جَاءَ فِي : الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ                    يَتَفَرَّقَا .. 1منه )
                     أَخْبَرَنَا بِذَلِكَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍحَدَّثَنَااللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍعَنْابْنِ عَجْلَانَ
                    رضى الله تعالى عنهم  أجمعين
                                       عَنْعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍعَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضى الله تعالى                    عنهم
                    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على                    آله و صحبه وَ سَلَّمَ قَالَ 
                                       ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا                    إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ
                    وَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ                    خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ)
                                       قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ                    
                    وَ مَعْنَى هَذَا أَنْ يُفَارِقَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ                    خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ                    بِالْكَلَامِ
                    وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ الْبَيْعِ لَمْ                    يَكُنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى 
                    حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                    وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ                    يَسْتَقِيلَهُ .
                                                                             قَوْلُهُ : ( إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ خِيَارٍ )                    
                                       بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ " كَانَ " تَامَّةٌ ،                    وَالتَّقْدِيرُ : إِلَّا أَنْ تُوجَدَ ، أَوْ تَحْدُثَ صَفْقَةُ                    خِيَارٍ ، 
                    وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ " كَانَ " نَاقِصَةٌ                    وَاسْمُهَا مُضْمِرٌ وَخَبَرُهَا صَفْقَةُ خِيَارٍ                    ،
                    وَ التَّقْدِيرُ : إِلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّفْقَةُ                    صَفْقَةَ خِيَارٍ ،
                    والْمُرَادُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا قَالَ                    أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : اخْتَرْ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ ، أَوِ                    افْسَخْهُ
                    فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا تَمَّ الْبَيْعُ ، وَإِنْ                    لَمْ يَتَفَرَّقَا ، قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ، 
                    وقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : وَالْمَعْنَى :                    أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُمَا                    بِالتَّفَرُّقِ 
                    إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ                    الْخِيَارُ ، 
                    وتَفْسِيرُ الْقَارِي هَذَا خِلَافُ مَا فَسَّرَ                    بِهِالشَّوْكَانِيُّ، وَكِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ                    ،
                    وقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي                    تَفْسِيرِ ( إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ )                    ،
                    وَقَالَالطِّيبِيُّ: الْإِضَافَةُ فِي صَفْقَةِ خِيَارٍ لِلْبَيَانِ                    ؛
                    فَإِنَّ الصَّفْقَةَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَيْعِ ، أَوْ لِلْعَهْدِ .                    انْتَهَى ،
                    وقَالَ فِيالنِّهَايَةِ : إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ أَنْ                    تُقَاتِلَ أَهْلَ صَفْقَتِكَ ،
                    هُوَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَهْدَهُ                    وَمِيثَاقَهُ ، ثُمَّ يُقَاتِلَهُ؛
                    لِأَنَّ الْمُتَعَاهِدَيْنِ يَضَعُ أَحَدُهُمَا                    يَدَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَايَفْعَلُ الْمُتَبَايِعَانِ                    ،
                    وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنِ التَّصْفِيقِ                    بِالْيَدَيْنِ . انْتَهَى
                    ( وَلَا يَحِلُّ ) أَيْ : فِي الْوَرَعِ قَالَهُ                    الْقَارِي
                    ( لَهُ ) أَيْ : لِأَحَدِ                    الْمُتَعَاقِدَيْنِ
                    ( أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ ) أَيْ :                    بِالْبَدَنِ
                    (خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ) بِالنَّصْبِ عَلَى                    أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ
                    وَاسْتَدَلَّبِهَذَا الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ ثُبُوتِ خِيَارِ                    الْمَجْلِسِ . 
                    قَالُوا ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا                    عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ إِلَّا مِنْ                    جِهَةِ الِاسْتِقَالَةِ ،
                    وأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا                    لَهُمْ ،
                    ومَعْنَاهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ بَعْدَ                    الْبَيْعِ خَشْيَةَ أَنْ يَخْتَارَ فَسْخَ الْبَيْعِ                    .
                    فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقَالَةِ فَسْخُ النَّادِمِ                    مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ ، وعَلَى هَذَا حَمَلَهُالتِّرْمِذِيُّ،
                    وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا : وَلَوْ                    كَانَتِ الْفُرْقَةُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ                    بَعْدَ الْبَيْعِ ،
                    وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الِاسْتِقَالَةِ                    لَمْ تَمْنَعْهُ مِنَ الْمُفَارَقَةِ ؛                    
                    لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ ،                    وقَدْ أَثْبَتَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ الْخِيَارَ                    ،
                    وَمَدَّهُ إِلَى غَايَةِ التَّفَرُّقِ ، ومِنَ                    الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى                    الِاسْتِقَالَةِ
                    فَتَعَيَّنَ حَمْلُهَا عَلَى الْفَسْخِ ، وحَمَلُوا                    نَفْيَ الْحِلِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ ؛
                    لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ وَحُسْنِ                    مُعَاشَرَةِ الْمُسْلِمِ لَا أَنَّ اخْتِيَارَ الْفَسْخِ حَرَامٌ                    . انْتَهَى .
                    قُلْتُ : الْأَمْرُ كَمَا قَالَالشَّوْكَانِيُّ،
                    وبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ الْقَارِي فِي                    الْمِرْقَاةِ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ صَرِيحٌ لِمَذْهَبِنَا                    ؛
                    لِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ                    تَمَامِ الْعَقْدِ ،
                    ولَوْ كَانَ لَهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَمَا طَلَبَ                    مِنْ صَاحِبِهِ الْإِقَالَةَ ،
                    وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ ظَاهِرٌ مِنْ                    كَلَامِالشَّوْكَانِيِّ،
                    وبِكَلَامِهِ أَيْضًا ظَهَرَ صِحَّةُ قَوْلِ                    الْمُظْهِرِ
                    بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الِاسْتِقَالَةِ طَلَبُ                    الْفَسْخِ لَا حَقِيقَةُ الْإِقَالَةِ                    ،
                    وَهِيَ دَفْعُ الْعَاقِدَيْنِ الْبَيْعَ بَعْدَ                    لُزُومِهِ بِتَرَاضِيهِمَا ،
                    أَيْ : لَا يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي أَنْ يَقُومَ مِنَ                    الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْعَقْدِ                    وَيَخْرُجَ
                    مِنْ أَنْ يَفْسَخَ الْعَاقِدُ الْآخَرُ الْبَيْعَ                    بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْخَدِيعَةَ .                    انْتَهَى ،
                    ووَجْهُ صِحَّةِ كَلَامِهِ أَيْضًا ظَاهِرٌ مِنْ                    كَلَامِالشَّوْكَانِيِّ
                    (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى                    بَعْدَ ذِكْرِهِ : رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّاابْنَ مَاجَهْ،
                    ورَوَاهُالدَّارَقُطْنِيُّ، وفِي لَفْظٍ : حَتَّى                    يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا . 
                                       قَوْلُهُ : ( وَ مَعْنَى هَذَا أَنْ يُفَارِقَهُ                    إِلَخْ ) 
                                       وَكَذَا قَالَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا                    عَرَفْتَ فِي كَلَامِ الشَّوْكَانِيِّ