( ممَا جَاءَ فِي : الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ                    يَتَفَرَّقَا ..                    منه )
                                                          حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ                    بْنُ بَشَّارٍ                    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ                    سَعِيدٍ                    عَنْ                    شُعْبَةَ                    عَنْ                    قَتَادَةَ                    
                    عَنْ                    صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ                    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ                    الْحَارِثِ رضى الله تعالى                    عنهم أجمعين
                                       عَنْحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍرضى الله تعالى عنه قَالَ
                    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ                    سَلَّمَ :
                                       ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا                    
                    فَإِنْ صَدَقَا وَ بَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي                    بَيْعِهِمَا
                    وَ                    إِنْ كَتَمَا وَ كَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا )
                                                          وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي                    بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ                    أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ فِي فَرَسٍ                    
                    بَعْدَ مَا تَبَايَعَا وَكَانُوا                    فِي سَفِينَةٍ فَقَالَ لَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا                    
                    وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى                    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ                    يَتَفَرَّقَا 
                    وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ                    أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ                    بِالْكَلَامِ 
                    وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ                    الثَّوْرِيِّ وَهَكَذَا                    رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ                    أَنَسٍ وَرُوِي                    عَنْ ابْنِ                    الْمُبَارَكِ
                     أَنَّهُ قَالَ كَيْفَ                    أَرُدُّ هَذَا وَالْحَدِيثُ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى                    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                    صَحِيحٌ
                    وَقَوَّى هَذَا الْمَذْهَبَ                    وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ                    
                    إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ                    مَعْنَاهُ أَنْ يُخَيِّرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بَعْدَ                    إِيجَابِ الْبَيْعِ 
                    فَإِذَا خَيَّرَهُ فَاخْتَارَ                    الْبَيْعَ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي فَسْخِ                    الْبَيْعِ 
                    وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا هَكَذَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ  
                    وَمِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ                    يَقُولُ الْفُرْقَةُ بِالْأَبْدَانِ لَا بِالْكَلَامِ                    
                    حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ                    عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ                    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ                    .
                                                                             قَوْلُهُ : ( عَنْحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ)
                                       بِكَسْرِ مُهْمَلَةٍ فَزَايٍ                    
                    ( فَإِنْ صَدَقَا ) أَيْ : فِي                    صِفَةِ الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ ، وَمَا                    يَتَعَلَّقُ بِهِمَا 
                    ( وَبَيَّنَا ) أَيْ : عَيْبَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعَ                    
                    ( بُورِكَ ) أَيْ : كَثُرَ                    النَّفْعُ 
                    ( لَهُمَا فِي                    بَيْعِهِمَا ) أَيْ : وَشِرَائِهِمَا ، أَوْ الْمُرَادُ فِي                    عَقْدِهِمَا 
                    ( مُحِقَتْ                    ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ : أُزِيلَتْ                    وَذَهَبَتْ 
                    ( بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا                    ) قَالَ الْحَافِظُ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ                    عَلَى ظَاهِرِهِ 
                    وَأَنَّ شُؤْمَ                    التَّدْلِيسِ وَالْكَذِبِ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ فَمَحَقَ                    بَرَكَتَهُ ، 
                    وإِنْ كَانَ                    الصَّادِقُ مَأْجُورًا وَالْكَاذِبُ مَأْزُورًا ،                    
                    وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ                    التَّدْلِيسُ وَالْعَيْبُ دُونَ                    الْآخَرِ
                     وَرَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي                    جَمْرَةَ . انْتَهَى .
                                       قَوْلُهُ : ( وَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ )                    
                                       وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ                    ، وَأَبُو                    دَاوُدَ ،                    وَالنَّسَائِيُّ                    ،                    وَأَحْمَدُ                    .
                                       قَوْلُهُ : (و فِي الْبَابِ عَنْأَبِي بَرْزَةَ)
                                       أَخْرَجَهُ أَبُو                    دَاوُدَ                    وَالطَّحَاوِيُّ                    ، وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ :                    أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ فِي فَرَسٍ بَعْدَ مَا                    تَبَايَعَا ، 
                    وَكَانَا فِي سَفِينَةٍ . فَقَالَ لَا أَرَاكُمَا                    افْتَرَقْتُمَا ، 
                    وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ                    وَسَلَّمَ : (                    الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَ                    )
                    ( وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ                    عَمْرٍو) وَأَخْرَجَهُ                    التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ .  
                    ( وَسَمُرَةَ )                    أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
                    ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ                    ) أَخْرَجَهُ                    أَبُو دَاوُدَ
                    ( وَابْنِ                    عَبَّاسٍ )                    أَخْرَجَهُ ابْنُ                    حِبَّانَ                    وَالْحَاكِمُ                    ، وَالْبَيْهَقِيُّ ،                    
                    وفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ                    جَابِرٍ                    أَخْرَجَهُ                    الْبَزَّارُ                    وَالْحَاكِمُ                    ، وَصَحَّحَهُ .
                                       قَوْلُهُ : ( حَدِيثُابْنِ عُمَرَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) 
                                       وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .
                                       قَوْلُهُ : ( وَ هُوَ قَوْلُالشَّافِعِيِّوَ أَحْمَدَوَ إِسْحَاقَ
                    وَ قَالُوا الْفُرْقَةُ بِالْأَبْدَانِ لَا                    بِالْكَلَامِ ) 
                                       وَبِهِ قَالَ ابْنُ                    عُمَرَ وَأَبُو                    بَرْزَةَ                    الْأَسْلَمِيُّ                    ،                    
                    قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ                    : ولَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ . انْتَهَى                    ، 
                    وهُوَ قَوْلُ                    شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ                    وَطَاوُسٍ                    وَعَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي                    مُلَيْكَةَ
                     وَنَقَلَ ابْنُ                    الْمُنْذِرِ الْقَوْلَ بِهِ أَيْضًا                    عَنْ سَعِيدِ بْنِ                    الْمُسَيِّبِ                    وَالزُّهْرِيِّ
                     وَابْنِ أَبِي                    ذِئْبٍ مِنْ أَهْلِ                    الْمَدِينَةِ،                    
                    وَعَنِ الْحَسَنِ                    الْبَصْرِيِّ                    وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ                    جُرَيْجٍ ، وَغَيْرِهِمْ ،                    
                    وبَالَغَ ابْنُ                    حَزْمٍ فَقَالَ : لَا                    نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنِ التَّابِعِينَ                    إِلَّا                    النَّخَعِيَّ وَحْدَهُ ،                    
                    وَ رِوَايَةً مَكْذُوبَةً عَنْ شُرَيْحٍ                    ، والصَّحِيحُ عَنْهُ                    الْقَوْلُ بِهِ ، كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي .                    
                    قُلْتُ : هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ                    الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ،                    
                    وَقَدِ اعْتَرَفَ صَاحِبُ                    التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ                    أَوْلَى الْأَقْوَالِ ، 
                    حَيْثُ قَالَ : وَلَعَلَّ                    الْمُنْصِفَ الْغَيْرَ الْمُتَعَصِّبِ يَسْتَيْقِنُ بَعْدَ                    إِحَاطَةِ الْكَلَامِ 
                    مِنَ الْجَوَانِبِ فِي هَذَا                    الْبَحْثِ أَنَّ أَوْلَى الْأَقْوَالِ                    
                    هُوَ مَا فَهِمَهُ الصَّحَابِيَّانِ الْجَلِيلَانِ                    ، يَعْنِي : ابْنَ                    عُمَرَ وَ أَبَا بَرْزَةَ                    الْأَسْلَمِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ،                    
                    وفَهْمُ الصَّحَابِيِّ إِنْ لَمْ                    يَكُنْ حُجَّةً لَكِنَّهُ أَوْلَى مِنْ فَهْمِ غَيْرِهِ بِلَا                    شُبْهَةٍ ، 
                    وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنَ                    الْأَقْوَالِ مُسْتَنِدًا إِلَى حُجَّةٍ . انْتَهَى كَلَامُهُ .                    
                    ( وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ                    الْعِلْمِ : مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ                    وَسَلَّمَ 
                    مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا يَعْنِي : الْفُرْقَةَ                    بِالْكَلَامِ ) وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ                    النَّخَعِيِّ                    ،                    
                    وبِهِ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَّا ابْنَ حَبِيبٍ ،                    وَالْحَنَفِيَّةُ كُلُّهُمْ ،                    
                    قَالَ ابْنُ                    حَزْمٍ : لَا نَعْلَمُ لَهُمْ                    سَلَفًا إِلَّاإِبْرَاهِيمَ                    وَحْدَهُ ، 
                    وَرِوَايَةً مَكْذُوبَةً عَنْ                    شُرَيْحٍ ، والصَّحِيحُ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهِ :                    
                    قَالَ الْإِمَامُ                    مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ :                    وَتَفْسِيرُهُ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَلَغَنَا                    
                    عَنْ إِبْرَاهِيمَ                    النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ :                    الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ                    مَنْطِقِ الْبَيْعِ
                    إِذَا قَالَ الْبَائِعُ : قَدْ                    بِعْتُكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَقُلْ الْآخَرُ : قَدِ                    اشْتَرَيْتُ ، 
                    وَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي :                    قَدِ اشْتَرَيْتُ بِكَذَا وَكَذَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ                    قَوْلِهِ : 
                    اشْتَرَيْتُ ، مَا لَمْ يَقُلِ                    الْبَائِعُ قَدْ بِعْتُ ، 
                    وهُوَ قَوْلُ أَبِي                    حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ                    فُقَهَائِنَا . انْتَهَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ ،                    
                    وقَدْ أَطَالَ صَاحِبُ                    التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ هَاهُنَا الْكَلَامَ ،                    
                    وَأَجَادَ وَأَجَابَ عَنْ كُلِّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ                    الْحَنَفِيَّةُ فَعَلَيْكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ .