الســــؤال :
                                                         سأل سائل سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن باز / يرحمه                    الله
                    مفتى المملكة العربية السعودية قائلاً                    :
                                       شيخ عبد العزيز ، حدثونا عن التراويح و تلاوة القرآن                    و ختم القرآن
                    خلال هذه الصلاة و خلال هذا الشهر المبارك                    ،
                    و هل لكم كلمة حول هذا لو تكرمتم                    ؟
 أفيدونا يرحمكم الله .                                                                             و كانت هذه إجــابـته يرحمه                    الله :
                                      لا ريب أن صلاة التراويح قربة و عبادة عظيمة مشروعة                    ،
                    النبي صلى الله عليه و سلم فعلها عدة ليال بالمسلمين                    ، 
                    و قام بهم في تلك الليالي  ،
                    ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك و أرشدهم إلى الصلاة                    في البيوت ،
                    ثم لما توفي عليه الصلاة و السلام                    
                    و أفضت الخلافة إلى عمر بعد الصديق رضى الله تعالى                    عنهما
                    و رأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعا ؛ هذا يصلي                    لنفسه ،
                    و هذا يصلي لرجلين ، و هذا يصلي لأكثر                    ،
                                       قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه                    :
                                       [ لو جمعناهم على إمام ! ]
                                       فجمعهم على إمام فصاروا يصلون جميعا                    ،
                                       و احتج على ذلك بقوله صلى الله عليه و سلم                    :
                                       ( من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من                    ذنبه
                    و من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من                    ذنبه )
                                       و احتج أيضا بفعل النبي صلى الله عليه و سلم في تلك                    الليالي ، 
                                       و قال رضى الله تعالى عنه                    :
                                       [ إنه انتهى الوحي و انقطع الخوف 
                    بعد موته صلى الله عليه و سلم ، لا يخاف من الفريضة ]                    .
                                       فصلاها المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه و                    سلم
                    ليالي مع النبي صلى الله عليه و سلم                    ،
                    ثم صلوها في عهد عمر ، و استمروا بذلك جماعة ، و                    الأحاديث ترشد إلى ذلك ،
                                       و لهذا جاء في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه و                    سلم :
                                       ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة                    )
                                       أخرجه الإمام أحمد و أهل السنن بإسناد صحيح                    ،
                    فدل ذلك على شرعية القيام جماعة في                    رمضان
                     و أنها                    سنته صلى الله عليه و سلم
                    و سنة خلفائه بعده ، عمر الفاروق و من بعده رضى الله                    تعالى عنهم ،
                                       و في ذلك أيضا مصالح كثيرة ؛ من جمع المسلمين و                    استماعهم لكتاب الله ،
                    و ما قد يقع من المواعظ و التذكير و الاتصال من بعضهم                    لبعض ،
                    و اجتماع بعضهم ببعض في هذه الليالي العظيمة ، فكل                    هذا يسبب خيرا كثيرا ،
                    و كذلك دراسة القرآن في الليل و النهار من أفضل                    القربات ،
                    فقد كان السلف إذا دخل رمضان أقبلوا على القرآن و                    تركوا الحديث و التفقه و حلقات العلم  ،
                    هذا هو الغالب على السلف ،
                    فينبغي لأهل الإيمان من الذكور و الإناث أن يشتغلوا                    بالقرآن الكريم
                    تلاوة و تدبرا و تعقلا و مراجعة لكتب                    التفسير
                    و غير هذا من وجوه التعلق بالقرآن و العناية بالقرآن                    ،
                    و إذا سمعوا درسا في المسجد أو راجع بعض المسائل                    العلمية لا منافاة و لا حرج في ذلك ،
                    لكن ينبغي أن تكون العناية بالقرآن في رمضان                    
                    أكثر كما فعله السلف الصالح رضي الله عنهم و أرضاهم                    ،
                    و هكذا الإكثار من القراءة حتى يختم مرات كثيرة                    ،
                    كان بعض السلف يختم في كل يوم ، و بعضهم في ثلاث ،                    لكن الأفضل ألا يكون أقل من ثلاث ،
                    هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه و سلم لما                    سأله عبد الله بن عمرو ،
                    و أرشده أن يختم في سبع ، ثم طلب الزيادة فقال إلى                    ثلاث أن تكون الختمة في ثلاث فأكثر
                    حتى يطمئن و حتى يقرأ بترتيل و عناية و تدبر ، و بعض                    السلف رأى أن هذا يجوز له ،
                    لكن في أيام رمضان و لياليه لا مانع من الختم في أقل                    من ذلك ،
                    و لكن التقيد بالحديث و الأخذ بالحديث أولى و لو في                    رمضان ،
                    إذا ختم عشر مرات في رمضان أو تسع مرات أو ثمانيا هذا                    خير كثير ،
                    و لكن مع الهدوء و الطمأنينة و الترتيل و العناية                    ،
                    و الإنسان له حاجات أخرى ،
                    ثم إن الإكثار من الختمات قد يفضي إلى الهذرمة و                    السرعة و العجلة و المباهاة في الختمات                    ،
                    فيخشى على الناس من هذا الشيء ، فالركود و                    الهدوء
                    حتى لا يقع شيء من الخلل في القراءة 
                    و حتى لا يقع شيء من المماراة لقصد الرياء و السمعة                    ،
                    فينبغي أن يكون الختم لثلاث فأكثر ، حتى يقرأ قراءة                    واضحة متدبرة ،
                    و يعتني بمعانيها و يراجع ما أشكل عليه ،                    
                   هذا هو الأولى و الأفضل حتى و لو في رمضان                    .
                                      و الله تعالى أعلى و أعلم و أجَلَّ                    .
                                                                            و بالله التوفيق ،                                                          و صلى الله على نبينا محمد و على آله و                    صحبه و سلم .
                   اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و                    الإفتاء