قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
{ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }
وَ أَخْرَجَهُالنَّسَائِيُّ، وَ لَفْظُهُ : قَالَ : قَالَ عُمَرُلَهَا : إِنْ جِئْتِ بِشَاهِدَيْنِ 
يَشْهَدَانِ أَنَّهُمَا سَمِعَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ 
وَ إِلَّا لَمْ نَتْرُكْ كِتَابَ اللَّهِ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ ، قَالُوا : فَظَهَرَ أَنَّ حَدِيثَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ، و أُجِيبَ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ 
فَإِنَّ الَّذِي فَهِمَهُ السَّلَفُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَىلَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّفَهُوَ مَا فَهِمَتْهُفَاطِمَةُ
مِنْ كَوْنِهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْآيَةِلَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًاصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ؛ 
لِأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي يُرْجَى إِحْدَاثُهُ هُوَ الرَّجْعَةُ لَا سِوَاهُ ، 
و هُوَ الَّذِي حَكَاهُالطَّبَرِيُّعَنْقَتَادَةَوَالْحَسَنِوَ السُّدِّيِّوَ الضَّحَّاكِ، 
وَ لَمْ يُحْكَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِهِمْ خِلَافُهُ ، 
قَالَالشَّوْكَانِيُّ : وَ لَوْ سَلِمَ الْعُمُومُ فِي الْآيَةِ لَكَانَ حَدِيثُفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
مُخَصِّصًا لَهُ وَ بِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْعَمَلَ بِهِ لَيْسَ بِتَرْكٍ لِلْكِتَابِ الْعَزِيزِ 
كَمَا قَالَعُمَرُرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَإِنْ قُلْتَ إِنَّ قَوْلَهُ : 
وَ سُنَّةَ نَبِيِّنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مِنَ السُّنَّةِ ، 
يُخَالِفُ قَوْلَفَاطِمَةَلِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ مِنَ السُّنَّةِ ، 
كَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ ، قُلْتُ صَرَّحَالْأَئِمَّةُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنَ السُّنَّةِ يُخَالِفُ قَوْلَفَاطِمَةَ، 
و مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْعُمَرَأَنَّهُ قَالَ : 
" سَمِعْتُرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ : " لَهَا السُّكْنَى وَ النَّفَقَةُ " . 
فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُأَحْمَدُلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَنْعُمَرَ، 
و قَالَالدَّارَقُطْنِيُّ : السُّنَّةُ بِيَدِفَاطِمَةَقَطْعًا ، 
و أَيْضًا تِلْكَ الرِّوَايَةُ عَنْعُمَرَمِنْ طَرِيقِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ مَوْتِعُمَرَبِسَنَتَيْنِ . 
فَإِنْ قُلْتَ : قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ : 
إِنَّالنَّخَعِيَّلَا يُرْسِلُ إِلَّا صَحِيحًا كَمَا فِي أَوَائِلِ التَّمْهِيدِ . انْتَهَى . 
قُلْتُ : قَالَ : الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ : وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ صَحَّحُوا مَرَاسِيلَهُ ، 
و خَصَّالْبَيْهَقِيُّذَلِكَ بِمَا أَرْسَلَهُ عَنِابْنِ مَسْعُودٍ . انْتَهَى . 
(وَ قَالَالشَّافِعِيُّ : إِنَّمَا جَعَلْنَا لَهَا ) أَيْ : لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا
(السُّكْنَى بِكِتَابِ اللَّهِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَىلَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ 
وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍقَوْلُهُ تَعَالَى بِتَمَامِهِ ، هَكَذَا
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ 
وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ 
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ 
وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي 
لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًافَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
 أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} إِلَخْ ، 
وَ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى هَذَا لِلْمُطَلَّقَاتِ الرَّجْعِيَّةِ ، 
فَاسْتِدْلَالُالشَّافِعِيِّبِهِ عَلَى أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا السُّكْنَى مَحَلُّ نَظَرٍ فَتَفَكَّرْ 
( قَالُوا : هُوَ الْبَذَاءُ أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِهَا ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْبَذِيُّ كَرَضِيٍّ الرَّجُلُ الْفَاحِشُ ، 
وَ هِيَ بِالْبَاءِ ، وَ قَدْ بَذُوَ بَذَاءً وَ بَذَاءَةً وَ بَذَوْتُ عَلَيْهِمْ وَ أَبْذَيْتُهُمْ مِنَ الْبَذَاءِ ، 
وَ هُوَ الْكَلَامُ الْقَبِيحُ . انْتَهَى . 
وَ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْخَازِنِ : قَالَابْنُ عَبَّاسٍ : الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ بَذَاءَتُهَا عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا . 
فَيَحِلُّ إِخْرَاجُهَا لِسُوءِ خُلُقِهَا ، و قِيلَ : أَرَادَ بِالْفَاحِشَةِ أَنْ تَزْنِيَ ؛ فَتُخْرَجُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا ، 
ثُمَّ تُرَدُّ إِلَى مَنْزِلِهَا ، و يُرْوَى ذَلِكَ عَنِابْنِ مَسْعُودٍ . انْتَهَى . 
( وَ اعْتُلَّ بِأَنَّفَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ السُّكْنَى ؛ 
لَمَّا كَانَتْ تَبْذُو عَلَى أَهْلِهَا ) و فِي رِوَايَةٍلِلْبُخَارِيِّ، وَ غَيْرِهِ : 
أَنَّ عَائِشَةَعَابَتْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ ، 
وَ قَالَتْ : إِنَّفَاطِمَةَكَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحِشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا ، 
فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، 
و هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْإِذْنِ فِي انْتِقَالِفَاطِمَةَأَنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحِشٍ ، 
وَ قَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ 
( قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَ لَا نَفَقَةَ لَهَا ؛ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ 
فِي قِصَّةِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ) 
فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ : أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، 
وَ لَا نَفَقَةَ لَهَا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، 
وَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَوِيلٌ فَعَلَيْكَ بِالْمُطَوَّلَاتِ  .