بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4878 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=69900)

حور العين 07-07-2020 01:10 PM

درس اليوم 4878
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

اسم الله البصير (04)

المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ:
فهو البَصِيرُ الذي لِكَمَالِ بَصَرِهِ يَرَى تَفَاصِيلَ خَلْقِ الذَّرَّةِ الصَّغِيرَةِ وأَعْضَائِها
ولَحْمِها ودَمِها ومُخِّها وعُرُوقِها، ويَرَى دَبِيبَها عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ
في اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، ويَرَى مَا تَحْتَ الأَرْضِينَ السَّبْعِ كَمَا يَرَى
مَا فَوْقَ السَّمَاواتِ السَّبْعِ.

1- مَرَاتِبُ الْبَصِيرَةِ:
البَصِيرَةُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ:
فالبصيرةُ: نُورٌ يَقْذِفُهُ اللهُ في القَلْبِ، يَرَى بِهِ حَقِيقَةَ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ كَأَنَّهُ
يُشَاهِدُه رَأْيَ عَيْنٍ، فَيَتَحَقَّقُ - مَعَ ذَلِكَ - انْتِفَاعُهُ بِمَا دَعَتْ إليهِ الرُّسُلُ،
وتَضَرُّرُهُ بِمُخَالَفَتِهم، وهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ العَارِفِينَ البَصِيرَةُ: تُحَقِّقُ الانْتِفَاعَ
بالشَّيْءِ والتَّضَرُّرَ بِهِ، وقَالَ بَعْضُهم البَصِيرَةُ: ما خَلَّصَكَ مِنَ الحَيْرَةِ،
إمَّا بإِيمَانٍ وإمَّا بِعَيَانٍ.

والبَصِيرَةُ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ مَنِ اسْتَكْمَلَها فَقَدِ اسْتَكْمَلَ البَصِيرَةَ: بَصِيرَةً في
الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ، وبَصِيرَةً في الأَمْرِ والنَّهْيِ، وبَصِيرَةً في الوَعْدِ والوَعِيدِ.

فالْبَصِيرَةُ في الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ: أَلَّا يَتَأَثَّرَ إِيمَانُكُ بِشُبْهَةٍ تُعَارِضُ مَا وَصَفَ
اللهُ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُه، بَلْ تَكُونُ الشُّبَهُ المُعَارِضَةُ لِذَلِكَ عِنْدَكَ
بِمَنْزِلَةِ الشُّبَهِ والشُّكُوكِ في وُجُودِ اللهِ، فَكِلَاهما سَوَاءٌ في البَلَاءِ
عِنْدِ أَهْلِ البَصَائِرِ.

وَعَقْدُ هَذَا: أَنْ يَشْهَدَ قَلْبُكَ الرَّبَّ تَبَارَكَ وتَعَالَى مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ، مُتَكَلِّمًا
بِأَمْرِهِ ونَهْيِهِ، بَصِيرًا بِحَرَكَاتِ العَالَمِ عُلُوِّيِّهِ وَسُفْلِيِّهِ، وأَشْخَاصِهِ وذَوَاتِهِ،
سَمِيعًا لأصْوَاتِهم، رَقِيبًا عَلَى ضَمَائِرِهم وأَسْرَارِهِم، وأَمْرُ المَمَالِكِ تَحْتَ
تَدْبِيرِهِ، نَازِلٌ مِنْ عِنْدِهِ وصَاعِدٌ إليهِ، وأَمْلَاكُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ تُنَفِّذُ أَوَامِرَهُ في أَقْطَارِ
المَمَالِكِ، مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الكَمَالِ، مَنْعُوتًا بِنُعُوتِ الجَلَالِ، مُنَزَّهًا عَنِ العُيُوبِ
والنَّقَائِصِ والمِثَالِ.

هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ في كِتَابِهِ، وفَوْقَ مَا يَصِفُهُ بِهِ خَلْقُهُ، حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ
لا يَنَامُ، عَلِيمٌ لا يَخْفَى عَليهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السَّمَاواتِ ولا في الأَرْضِ، بَصِيرٌ
يَرَى دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ، عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ، في اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، سَمِيعٌ
يَسْمَعُ ضَجِيجَ الأَصْوَاتِ، باخْتِلَافِ اللُّغَاتِ، عَلَى تَفَنُّنِ الحَاجَاتِ، تَمَّتْ كَلِمَاتُهُ
صِدْقًا وعَدْلًا، وجَلَّتْ صِفَاتُهُ أَنْ تُقَاسَ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ شَبَهًا ومَثَلًا، وتَعَالَتْ ذَاتُهُ
أَنْ تُشْبِهَ شَيْئًا مِنَ الذَّوَاتِ أَصْلًا، وَوَسِعَتِ الخَلِيقَةَ أَفْعَالُهُ عَدْلًا، وحِكْمَةً وَرَحْمَةً
وإحْسَانًا وفَضْلًا، لَهُ الخَلْقُ والأَمْرُ، ولَهُ النِّعْمَةُ والفَضْلُ، ولَهُ المُلْكُ والحَمْدُ،
ولَهُ الثَّنَاءُ والمَجْدُ، أَوَّلٌ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وآخِرٌ لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، ظَاهِرٌ لَيْسَ
فَوْقَهَ شَيْءٌ، بَاطِنٌ لَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ، أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا أَسْمَاءُ مَدْحٍ وحَمْدٍ وثَنَاءٍ
وتَمْجِيدٍ، ولِذَلِكَ كَانَتْ حُسْنَى، وصِفَاتُهُ كُلُّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ، ونُعُوتُهُ كُلُّهَا نُعُوتُ
جَلَالٍ، وأَفْعَالُهُ كُلُّهَا حِكْمَةٌ ورَحْمَةٌ ومَصْلَحَةٌ وعَدْلٌ.

كُلُّ شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ دَالٌّ عَلَيهِ، ومُرْشِدٌ لِمَنْ رَآهُ بِعَيْنِ البَصِيرَةِ إليهِ، لَمْ
يَخْلُقِ السَّمَاواتِ والأَرْضِ ومَا بينهما بَاطِلًا، ولا تَرَكَ الإنْسَانَ سُدًى عُطلا،
بَلْ خَلَقَ الخَلْقَ لِقِيَامِ تَوْحِيدِهِ وعِبَادَتِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيهم نِعَمَهُ لِيَتَوَسَّلُوا بِشُكْرِها
إلى زِيَادَةِ كَرَامَتِهِ.

وتَفَاوُتُ النَّاسِ في إدْرَاكِ هَذِهِ البَصِيرَةِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِهم في مَعْرِفَةِ النُّصُوصِ
النَّبَوِيَّةِ وفَهْمِها، والعِلْمِ بِفَسَادِ الشُّبَهِ المُخَالِفَةِ لِحَقَائِقِها.

وتَجِدُ أَضْعَفَ النَّاسِ بَصِيرَةً أَهْل الكَلَامِ البَاطِلِ المَذْمُومِ الذي ذَمَّهُ السَّلَفُ،
لِجَهْلِهم بِالنُّصُوصِ ومَعَانِيها، وتَمَكُّنِ الشُّبَهِ البَاطِلَةِ مِنْ قُلُوبِهم، وإذا تَأَمَّلْتَ
حَالَ العَامَّةِ - الَّذِينَ لَيْسُوا مُؤْمِنِينَ عِنْدَ أَكْثَرِهم - رَأيْتَهم أَتَمَّ بَصِيرَةً مِنْهم،
وَأَقْوَى إِيمَانًا، وأَعْظَمَ تَسْلِيمًا للوَحْي، وانْقِيَادًا للحَقِّ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 08:43 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.