[حور العين]

من:إدارة بيت عطاء الخير

درس اليوم

حكم زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

تُسن للحاج زيارة مسجد رسول الله ٹ قبل الحج، أو بعده، وذلك لأفضلية
الصلاة فيه لماروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:

(صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة
فيما سواه إلا المسجد الحرام)[1].

وما روي عنه أيضاً أنه قال:

(صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد
الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة
في مسجدي هذا)[2].

وزيارة مسجد رسول الله مستحبة سواء في زمن الحج، أو غيره، لماروي
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي
والمسجد الأقصى)[3].

وقد يجد الحاج أن من الأفضل له زيارة مسجد رسول الله رسول الله
صلى الله عليه وسلم ففي ذلك المزيد من الأجر الذي جاء للحج من أجله،
وفي ذلك استذكار لما كان عليه رسول الله ٹ من خلق عظيم وسيرة
كريمة، وما جاء به من هدي ورسالة خالدة، وجهاد في سبيل الله،
وما كان عليه صحابته رضوان الله عليهم من اتباع هديه والدفاع
عن سنته والجهاد معه لإعزاز دين الله وإعلاء كلمته وإبلاغ رسالته إلى
العالمين، وفي ذلك أيضاً استذكار لحياة المسلمين الأولى وما تميزت به
من الصدق، والإخلاص في القول والعمل، وإحقاق الحق والعدل، ودفع
الظلم، ونصر المستضعفين.

ومما يجب ذكره أن زيارة مسجد رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليست من واجبات الحج، ولا من شروطه، كما قد يعتقد بعض الحجاج
استدلالاً ببعض الأحاديث الموضوعة ومنها:
(من حج فلم يزرني فقد جفاني)[4] ،
ومنها:
(من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة)[5]
، ومنها: (من زار قبري وجبت له شفاعتي)[6].

وإذا زار الحاج -رجلاً أو امرأة- مسجد رسول الله سُنَّ له أن يصلي فيه
ركعتين، ثم يتجه إلى القبر فيسلّم على رسول الله لقوله عليه الصلاة والسلام:

(ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام)[7].
وإذا صلى هاتين الركعتين والنافلة في الروضة الشريفة فهو خير
لقول رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)[8].

وينبغي أن يكون الزائر في سلامه متأدباً خاشعاً غاضاً لصوته
امتثالاً لقول الله تعالى:

{ ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون [9]،إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله
أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم }[10]

. ولا يجوز للزائر أن يقبل الحجرة النبوية أو يتمسح بها أو يقف عند
القبر طويلاً يدعو وإنما المشروع أن يسلم ويقول في سلامه:
السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا رسول الله. السلام عليك يا خاتم
الأنبياء والمرسلين. السلام عليك يا من بلَّغت الرسالة، ونصحت الأمة،
وأديت الأمانة، وجاهدت في الله حق جهاده فجزاك الله عن أمتك خير
الجزاء، أو يقول نحواً من ذلك.

ومما ينبغي التنبيه عليه عدم زيارة النساء لقبر رسول الله
رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم وصاحبيه لما ورد أنه
عليه الصلاة والسلام لعن زوارات القبور من النساء[11].
ولكن يحق لهن الصلاة في المسجد والدعاء والابتهال إلى الله وطلب
رحمته، ومغفرته، وأن يشفِّع فيهن نبيه وملائكته وعباده الصالحين
وأن يدعُنَّ بالدعاء الصالح؛ مثلهن في ذلك مثل الرجال.

ومما ينبغي التنبيه عليه أيضاً أن بعض الحجاج قد تخفى عليه مسألة
من مسائل العقيدة أثناء زيارته؛ فيسأل رسول الله رسول الله
صلى الله عليه وسلم شفاعته، أو يستغيث به، أو يستعين به ظنّاً منه أن
هذا مشروع وهذا من الخطأ لأنه يخل بالدين ويحبط العمل. فالمشروع
سؤال الشفاعة والاستغاثة والاستعانة من الله وحده؛ فهو المشفِّع،
والمغيث، والمعين، لا يملك ذلك إلا هو لا ملك مقرب ولا نبي مرسل
ولا أي أحد من المخلوقات والأصل في ذلك قوله عز وجل :

{ قل لله الشفاعة جميعا }[12].

وقوله : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم }[13].

وقوله عز ذكره:

{ إياك نعبد وإياك نستعين }[14].

فالواجب على المسلم سواء كان زائراً لمسجد رسول الله رسول الله
صلى الله عليه وسلم أو في أي وقت أن يسأل العون من الله وحده؛ فيسأله
أن يشفِّع فيه نبيه ورسوله؛ فهو صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة وأن
يشفِّع فيه الملائكة والنبيين والصالحين ونحو ذلك من الدعاء المأثور.

وبعد أن يسلِّم الزائر على رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلّم
على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقول: السلام عليك ورحمة الله
وبركاته يا أبا بكر. يا خليفة رسول الله وصاحبه في الغار. رضي الله عنك
وأرضاك وجزاك عن الإسلام خيراً، ثم يسلم على عمر بن الخطاب فيقول:
السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا عمر بن الخطاب. يا أمير المؤمنين
وخليفة خليفة رسول الله رضي الله عنك وأرضاك وجزاك
عن الإسلام خيراً.

ويسن للزائر أن يزور (بقيع الغرقد) فيسلم على عثمان بن عفان
رضي الله عنه وعلى أمهات المؤمنين أزواج رسول الله وعلى آله
وأصحابه المدفونين في البقيع. كما يسن له زيارة قبر حمزة بن عبد المطلب
عم رسول الله ومن معه من شهداء (أحد) فيترحم عليهم ويدعو لهم كما
كان رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم يفعل.

كما يسن للزائر الصلاة في مسجد (قباء) فقد وصفه الله بأنه أُسِّس
على التقوى وأثنى على أهله في قوله جل ثناؤه :

{ لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه
رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين }[15].

وكان رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوره ماشياً
أو راكباً ويصلي فيه وقد ورد في فضله قوله عليه الصلاة والسلام

(من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء
فصلَّى فيه صلاة كان له كأجر عمرة)[16].

المراجع


[1] - أخرجه مسلم ( الشرح النووي 9/163).

[2] - أخرجه البخاري ( الفتح 3/76)

[3] - أخرجه البخاري ( الفتح 2/56).

[4] - موضوع قال الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال 2/237 .

[5] - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني 1/120.

[6] - أخرجه الدارقطني في سننه 2/278 وهوحديث غير صحيح
ولا ثابت وهو منكر قال البيهقي في كتاب شعب الإيمان 7/230 (منكر).

[7] - أخرجه أبو داود في سننه 2/218.

[8] - أخرجه البخاري (الفتح 3/84).

[9] - سورة الحجرات من الآية 2.

[10] - سورة الحجرات الآية 3.

[11] - أخرجه أبو داود في سننه 3/172.

[12] - سورة الزمر الآية 44 .

[13] - سورة الأنفال الآية 9.

[14] - سورة الفاتحة الآية 5.

[15] - سورة التوبة من الآية 108.

[16] - أخرجه ابن في سننه 1/453.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين