المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
52 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / يوم لا ظِلّ إلا ظِلَه
52 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / يوم لا ظِلّ إلا ظِلَه الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ الحمد لله الكريم الوهاب ، خالق البشر من تراب ، غافر الذنـب و قابل التوب شديد العقاب ، ذي الطول لا إله إلا هو إليه متاب ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ، أفضل من صلى و أناب ، صلوات الله و سلامه عليه و على آله و صحبه أولي النهى و الألباب . أمـــا بعـــد : فأوصيكم ـ أيها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عز و جل ، أتقوا ربكم حق التقوى و أستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى ، و أحذروا المعاصي فإن أقدامكم على النار لا تقوى . في الليلة الظلماء يفتقد البدر ، و في لهيب الشمس و سموم الحر، يستطلب الظل و تستجلب النفحات ، و ما أروع العدل حين يطغى الجور ، و الإنصاف حين يعلو الغمط ! و يا لعظم الحظ و وفرة التوفيق ، لمن أوقف قلبه ، فبات معلقا في كل مسجد ! و ما أهنأ الرجلين ، إذ يتحابان في الله ، فلا يجتمعا إلا عليه ، و لا يفترقا إلا عليه ، و يا حبذا العفة و الخشية ، حينما تظهر المغريات ، و تضمحل العقبات ، و ما أجدى صدقة السر في إطفاء غضب الرب ! و ما أعذب الدموع الرقراقة في الخلوة ، حينما تسيل على خد الأسيف العاني ! أيها المسلمون ، إن سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم هي المنبع الثرى للهدى و الحق و النور ، و هي المعين الذي لا ينضب ، و الحق الذي لا يعطب ، و إن الوقوف الدقيق عند حديث رسول الله صلوات ربى و سلامه عليه المنبعث من مشكاة النبوة ، ليحمل النفس المؤمنة ، على أن تعرف أسراره ، و تستضيء بأنواره ، فلا ينفك ، يشرح النفس و يهديها بهديه ، فتؤمن بالنبي المصطفى و الرسول المجتبى عليه الصلاة و السلام ، و كلما ذكر كلامه عليه الصلاة و السلام فكأنما قيل من فمه الشريف للتو ، كلام صريح ، لا فلسفة فيه ، يغلب الأثرة و الشهوة و الطمع . روى البخاري و مسلم في صحيحيهما ، من حديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، و شاب نشأ في عبادة الله ، و رجل قلبه معلق في المساجد ، و رجلان تحابا في الله ، أجتمعا عليه و تفرقا عليه ، و رجل طلبته أمرأة ذات منصب و جمال فقال : إني أخاف الله ، و رجل تصدق ، بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه )). عباد الله ، ما أحوجنا جميعا ، إلى أن نستظل في ظل الرحمن ، في يوم عصيب يعظم فيه الخطب ، و يشتد فيه الكرب ، يوم أن تدنو الشمس من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل ، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، و منهم من يكون إلى ركبتيه ، و منهم من يكون إلى حقويه ، و منهم من يلجمه العرق إلجاما . نسأل الله العفو و العافية في الدنيا و الآخرة . ألا ما أحوج الأمة المسلمة ، في كل عصر إلى الإمام العادل ، و هو صاحب الولاية العظمى ، و كذا كل من ولي شيئا من أمور المسلمين فعدل فيه . الرعية عبيد، يتعبدهم العدل، الإمام العادل، هو الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه، من غير إفراط ولا تفريط، فهو أبو الرعية، والرعية أبناؤه، يعلم جاهلهم، ويواسي فقيرهم، ويعالج مريضهم، يرى القوي ضعيفا حتى يأخذ الحق منه، والضعيف قوياً حتى يأخذ الحق له. و إن تحقيق العدل ، أمام الرغبات ، و المصالح و الأهواء ، أمر في غاية الصعوبة ؛ إذ حلاوته مرة ، و سهولته صعبة ، و حينما يستطيع المرء تخطي تلك العقبات ، كان معنى ذلك ، أن فيه من الإيمان و التقوى ما يجعله مستحقا لأن يكون واحدا من هؤلاء السبعة . و لقد ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة ، فأرسل إلى الحسن البصري ، أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل ، فكان مما كتب له الحسن : ( أعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل ، قوام كل مائل ، و قصد كل جائر، و هو كالراعي الشفيق على إبله ، الذي يرتاد لها أطيب المراعي ، و يذودها عن مراتع الهلكة ، و يُكِنّها من أذى الحر و القر ، و هو كالأم الشفيقة ، و البرة بولدها ، حملته كرها ، و وضعته كرها ، تسهر بسهره ، و تسكن بسكونه ، و الإمام العادل يا أمير المؤمنين ، وصي اليتامى ، و خازن المساكين ، و هو كالقلب بين الجوارح ، تصلح الجوارح بصلاحه و تفسد بفساده . اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك ) . أيها الناس ، إن الشاب المسلم ، الذي يستحق أن يكون واحدا من هؤلاء السبعة ، هو ذاك الفتى اليافع ، الذي تعلق قلبه بربه ، و لما يشخ بعد ، تتجاذبه مزالق الرغبات النفسية و متطلبات الجسد ، ترق عنده الحياة ، فتسحره بالنظرات المغرية ، و تجمع له لذائذ الدنيا ، في لحظة مسكرة ، أو شبهة عارضة ، الشباب الذي يعيش للهوى و أحلام اليقظة (( وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوٰجاً مّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ )) [طه:131] . إن من أكرم الناس نفعا ، و أنداهم كفا و أطيبهم قلبا ، و أصدقهم عزما ، هو الشاب المسلم النقي التقي ، الذي يجل الكبير ، و يرحم الصغير ، لا تسمعه إلا مهنئا أو معزيا ، أو مشجعا أو مسليا ، و لا تراه إلا هاشا باشا ، طلق الوجه مبتسما ، يبعده إيمانه بربه ، عن طيش الصغر ، و إصرار الكبر ، فهو الجندي في الميدان ، و التاجر في السوق ، و العضو الفعال في الجمعيات و المنتديات الخيرة (( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءامَنُواْ بِرَبّهِمْ وَزِدْنَـٰهُمْ هُدًى )) [الكهف:13] . و جدير بشاب هذا شأنه ، أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . عباد الله ، المساجد بيوت الله ، و أماكن عبادته ، و هي خير البقاع ، يكرم الله عمارها و زواره فيها ، و يثيب على الخُطا إليها ((فِى بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوّ وَٱلاْصَالِ ** رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ يَخَـٰفُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلاْبْصَـٰرُ)) [النور:36، 37] . و من هنا كان فرح الباري جل و علا ، بزوار المساجد . قال رسول الله عليه الصلاة و السلام : (( ما توطن رجل المساجد للصلاة و الذكر ، إلا تبشبش الله تعالى إليه ، كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم )) رواه أبن ماجة و أبن خزيمة و غيرهما و إسناده صحيح . و لم يكن للمسلمين في القرون الأولى ، من معاهد و لا مدارس إلا المساجد ، ناهيكم عن خمس صلوات في اليوم و الليلة . ففي المسجد يدرس القرآن و تفسيره ، و السنة و فقهها ، و اللغة و أصول الدين . و أين مجلس إمام دار الهجرة . و الحسن البصري ، و أبي حنيفة و الشافعي و أحمد إن لم يكن في المسجد . أما إنه لو رجع لبيوت الله ، ما كانت عليه من إقامة الشعائر و أجتماع المسلمين فيها ، لتعلقت بها قلوب الكثيرين ممن أعرضوا عنها و أستخفوا بشأنها (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ )) [البقرة:114] . اللهم أظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك . عباد الله ، إن المؤمن في هذه الحياة ، يجد صعوبة بالغة ، في أن يعيش وحيدا فريدا ، دون صديق أو مؤنس ، صديق يناجيه ، و خِلِّ يلاقيه و يواسيه ، يشاطره مسرته ، و يشاركه مساءته . لقد أصبحت علاقات الكثيرين من الناس في هذا العصر ، تقوم لغرض و تقعد لعرض ، و الإسلام دين الأخوة و المحبة و التآلف (( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلأرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )) [الأنفال:63] . الحب في الله و البغض في الله من أوثق عرى الإيمان ، به تقع الألفة ، المتحابون في الله ، دائمة صحبتهم ، باقية مودتهم ، لا تزيدها الأيام إلا وثوقا و إحكاما ، لخلوصها من الإثم ، و الأغراض الدنيئة (( ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ )) [الزخرف:67] . قال رسول الله عليه الصلاة و السلام : (( أيها الناس أسمعوا و أعقلوا ، و أعلموا أن لله عز و جل عبادا ليسوا بأنبياء و لا شهداء ، يغبطهم النبيون و الشهداء ، على منازلهم و قربهم من الله )) ، فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس ، و ألوى إلى النبي عليه الصلاة و السلام فقال : يا رسول الله : ناس من المؤمنين ليسوا بأنبياء و لا شهداء ، يغبطهم الأنبياء و الشهداء على مجالسهم و قربهم ؛ انعتهم لنا . فسر وجه رسول الله عليه الصلاة و السلام بسؤال الأعرابي فقال : (( هم ناس من أفناء الناس ، و نوازع القبائل ، لم تصل بينهم أرحام متقاربة ، تحابوا في الله وتصافوا ، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها ، فيجعل وجوههم نورا ، و ثيابهم نورا ، يفزع الناس يوم القيامة و لا يفزعون و هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون )) رواه أحمد و رجاله ثقات . اللهم أظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك . عباد الله ، إذا ما يسرت للمسلم سبل الغواية ، و دعت إليها الدواعي و المغريات دعا ، فهو بحاجة ماسة ، إلى أن يرى برهان ربه ، و أن يسطع نور الهداية في فؤاده ، و ليس هناك امتحان ، أقسى من امتحان ، يتغلب فيه المرء على صبوته و غريزته ، تبذل له حسناء نفسها ، و هو في فحولة الرجولة . و هي في حالة رفيعة من الجمال و الجاه ، فاتنة عاشقة مختلية متعرضة ، متكشفة متهالكة ، فحينها لا ينبغي أن ييأس الرجل ، إذ إن مطارق الخوف من الله و مراقبته ، تعينه على أن يرى برهان ربه ، و تذكره بقوله تعالى عن يوسف (( وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلاْبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ )) [يوسف:23] .
|
#2
|
|||
|
|||
لقد اجتمع ليوسف عليه السلام ، من الدواعي لإتيان الفاحشة الشيء الكثير ؛ فلقد كان شابا و فيه من الشباب ما فيه ، (( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا )) [يوسف:24] . و قد غلقت الأبواب ، و هي ربة الدار ، و تعلم بوقت الإمكان و عدم الإمكان فكان ماذا ؟ (( قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبّى أَحْسَنَ مَثْوَاىَّ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ )) [يوسف:23] . استعاذة و تنزه و إستقباح ، و لماذا ؟ و ما هو السبب ؟ لأنه يعبد الله كأنه يراه ، فأراه الله برهان ربه ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ ** فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ)) [النازعات:40، 41] . (( كان الكفل، من بني إسرائيل ، لا يتورع من ذنب عمله ، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها ، فلما أرادها على نفسها ، أرتعدت و بكت ، فقال : ما يبكيك ؟ قالت: لأن هذا عمل ما عملته ، و ما حملني عليه إلا الحاجة . فقال : تفعلين أنت هذا من مخافة الله ، فأنا أحرى ، اذهبي فلك ما أعطيتك و والله ما أعصيه بعدها أبدا ، فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : إن الله قد غفر للكفل ، فعجب الناس من ذلك )) رواه الترمذي و حسنه و الحاكم و صححه . فاتقوا الله ـ معاشر المسلمينـ و تخلقوا بأخلاق رسول الله و أهتدوا بهديه تفلحوا ، و يتحقق لكم ما وعدكم به من الاستظلال بظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله . بارك الله لي و لكم في الوَحيين ، و نفعني و إيّاكم بهدي سيِّد الثقلين ، أقول قولي هذا ، و أستغفر الله العظيم الجليل لي و لكم و لسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ ، فأستغفروه و توبوا إليه ؛ إنه كان توّابًا . الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا و يرضى ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات ربي و سلامه عليه و على آله و أصحابه و من اهتدى بهديهم و أتبع سنتهم إلى يوم الدين . أمـــا بعـــد : فاتقوا الله أيها المسلمون ، و أعلموا أن من الناس ، من أنعم الله عليه بشيء من المال ، فما أنكر فضل الله عليه ، بل هو ينفق بسخاء ، و يتسلل إلى المساكين لواذا ، يعلم أن من الفقراء من يحرجه علنية العطاء ، فذاك رجل تخطى عقبة الجشع ، أنقذه الله ممن عبدوا الدينار و الدرهم ، قد قضوا على أنفسهم أن يعيشوا مرضى بالصحة ، فقراء بالغنى ، مشغولين بالفراغ ، لكنهم مع ذلك لا يجدون في المال معنى الغنى ؛ إذ كم من غني يجد و كأنه لم يجد ، و ما علم قول النبي عليه الصلاة و السلام : (( اليد العليا خير من اليد السفلى )) متفق عليه . إن النفس بطبعها ، تميل إلى إبراز عملها ، لا سيما الصدقة ، كل هذا لتحمد ؛ فإذا ما جاهد المرء نفسه ، حق له أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . و رحم الله مالك بن دينار ؛ حيث يقول : ( قولوا لمن لم يكن صادقا لا يتغنى ) و لقد قال أبن عائشة ، قال أبي : ( سمعت أهل المدينة يقولون : ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين رضى الله تعالى عنه ) . عباد الله ، ما أسعدها من لحظات ، يجلسها المرء خاليا فيها مع نفسه ، يناجي ربه و خالقه ، فيهتن دمعه عذبا صافيا ، خاليا من لوثة الرياء ، و إن نيران المعاصي التي تأتي على قلب المسلم ، فتحيله إلى فحم أسود كالكوز مجخيا ، لا يطفئها إلا تلك الدموع ، التي تنهمر على إثر ذكر الخالق و خشيته ، و لقد كان ابن سيرين يضحك بالنهار ، فإذا جن الليل فكأنه قتل أهل القرية من البكاء . و قام محمد بن المنكدر ذات ليلة فبكى ، ثم أجتمع عليه أهله ، ليستعلموا عن سبب بكائه ، فأستعجم لسانه ، فدعوا أبا حازم ، فلما دخل هدأ بعض الشيء ، فسأله عن سبب بكائه فقال : تلوت قول الله (( وَبَدَا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ )) [الزمر:47] . فبكى أبو حازم ، و عاد محمد بن المنكدر إلى البكاء فقالوا : أتينا بك لتخفف عنه فزدته بكاء . روى النسائي و أحمد من حديث عقبة بن عامر قال : قلت : يا رسول الله : ما النجاة ما النجاة ؟ قال : (( أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك )) . فاتقوا الله ـ عباد الله ـ و أعلموا أنه لابد من الخوف و البكاء ، إما في زاوية التعبد و الطاعة ، أو في هاوية الطرد و الإبعاد ، فإما أن تحرق قلبك ـ أيها المسلم ـ بنار الدمع على التقصير ، و إلا فأعلم أن نار جهنم أشد حرا (( فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) [التوبة:82] . ألا فأكثِروا ـ يرحمكم الله ـ من الصلاة و السلامِ على الحبيب رسولِ الله كما أمركم بذلك ربّكم جلّ في علاه ، فقال تعالى قولاً كريمًا : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] ، و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه : (( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا )) . اللّهمّ فاجز عنّا نبيّنا محمّدًا خيرَ الجزاء و أوفاه ، و أكمله و أسناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ، و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول . اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد ، و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك . اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك أحبَّ إلينا من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين . اللهم أعزَّ الإسلام و المسلمين ... ثم باقى الدعاء أنتهت
|
|
|