المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
خطب الجمعة خطب يوم الجمعة على بيت عطاء الخير |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : فضل الدعاء
خُطَبّ الحرمين الشريفين خُطَبّتي الجمعة من المسجد الحرام مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب - يحفظه الله خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة بعنوان : فضل الدعاء والتي تحدَّث فيها عن فضل الدعاء عمومًا، وفي رمضان بشكلٍ خاصٍّ، مُبيِّنًا أهميتَه وفوائِدَه، وأفضلَ أمكنتِه وأزمنتِه، وكيف يبلغُ العبدُ درجة التلذُّذ بالدعاء ومُناجاة الله تعالى، مُستدلاًّ لذلك بما وردَ في الكتاب والسنة . الحمد لله، الحمد لله الذي وسعَ سمعُه الأصوات، وعلِم دعوات عباده مع اختلاف اللُّغات، بيدِه قضاءُ الحاجات ونيلُ الأُمنيات، ودفعُ البلايا وكشفُ الكُرُبات ، سبحانه وبحمدِه سميعٌ قريبٌ، رحيمٌ مُجيب ، ولُطفُه موصولٌ بعبدِه في جميع الأحوال والأوقات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه ، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه والتابعِين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. فاتَّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة: 183 ]. تقوَى الله حِرزٌ وجُنَّة، ووسيلةٌ إلى مرضاته والجنَّة. إن الدنيا تفنَى، والآخرة تبقَى، وإن المصيرَ إلى الله. أيها المسلمون الصائِمون: هنيئًا لكم ما أنتم فيه من شرف الزمان والمكان، وما تفيَّأتم من ظِلال شهر الصيام والغُفران، { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [ البقرة: 185 ]. شهرٌ فيه تُضاعَف الحسنات، وتُكفَّر السيئات، وتُستجابُ الدعوات. فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من صامَه إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه، ومن قامَه إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه، ومن قامَ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه . فيا باغِي الخير ! أقبِل .. ويا باغِي الشرِّ ! أقصِر. أيها المسلمون : وعطايا الربِّ الكريم في الشهر الكريم تتوالَى وتتحبَّبُ لأهل الطاعة؛ استِنهاضًا لهِمَمهم، حتى تسمُو أرواحُهم، وتطهُر قلوبُهم، فتصفُو دُنياهم وأُخراهم. بدعوتهم إلى عطاياه السنيَّة، ومن أجلِّها إجابةُ الدعاء، وفي ثنايا آيات الصيام قال الحقُّ - سبحانه -: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [ البقرة: 186 ]. فالرُّوح في رمضان تسمُو وتُقبِل، والقلبُ يرِقُّ ويخشع، والعينُ تبكِي وتدمَع، وتفتُرُ وتنكسِرُ سَورةُ النفس والهوى والشيطان. الصائمُ تستقيمُ حالُه ويُخبِت، وتكتسِي جوارِحُه بالعمل الصالح، فينقادُ لربِّه ويُقبِلُ على الدعاء، بيقينٍ وذُلٍّ وإلحاحٍ بين يدَي ربِّه، فتُسمَع دعوتُه، وتتحقَّقُ إجابتُه. أيها الصائِمون : الدعاءُ عبادةٌ عظيمةٌ تدلُّ على صفات المدعُو - سبحانه وتعالى -، فالدعاءُ يدلُّ على الله، وعلى قُربه من عبدِه، ويدلُّ على قُدرته وقوَّته وغِناه، وسمعِه وبصرِه وعلمِه وإحاطتِه، وجُودِه وكرمِه. لذلك فهو دأبُ الأنبياء: { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [ الأنبياء: 90 ]. فهذا نوحٌ - عليه السلام - قال عنه ربُّه: { وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ } [ الأنبياء: 76 ]. وقال - سبحانه -: { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } [ الأنبياء: 83، 84 ]. ودُعاءُ الكرب من يُونس - عليه السلام -: { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } [الأنبياء: 87، 88]. { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [ الأنبياء: 89، 90 ]. ونبيُّنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - دعا الله تعالى كثيرًا، وتضرَّع بين يدَيه في الرَّغَب والرَّهَب، فدعا لنفسِه، ولأصحابِه، ولآل بيتِه، ولأمَّته - صلى الله عليه وسلم . وكما أن الدعاء هو العبادة، فهو يُظهِرُ عبوديَّة الإنسان لربِّه، ويُعرِّفُه بأنه مخلوقٌ فقيرٌ لخالقٍ غنيٍّ، وأنه مُحتاجٌ يطلبُ كفايتَه من سيِّده الكريم القادِر، وذلك حينما يرفعُ يدَيه إليه في ذُلٍّ وانكِسارٍ، وخُشوعٍ ورجاءٍ، ويقولُ: "يا رب، يا رب"، عندها يشعُرُ بعزَّة عبوديَّته لله، ولذَّة مُناجاته والإلحاح عليه، ويجِدُ أُنسَ النفس بالاقترابِ من ربِّه الرحيم، وانشِراحَ الصدر ببثِّ ما فيه إلى سيِّده العظيم. فما أحسنَ تلك اللحظات، وأنت تُناجِي مولاك، وتبُثُّه شكواك، وتطلبُه حاجاتِك، وتُنزِلُ به وحدَه طلبَاتِك. لم تسأَلها من البشر؛ بل وحَّدتَ ربَّك بطلبِها، فهو القديرُ الغنيُّ الذي يكفِي ويقضِي حاجاتِ عبادِه المُنكسِرين بين يدَيه، { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } [ النمل: 62 ]. أيها المسلمون : إن ربَّنا - تبارك وتعالى - يندُبُنا إلى دعائِه، وعرضِ حاجاتِنا بين يدَيه { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر: 60 ] فأين الداعُون المُستجيبُون لربِّهم، وهو يُنادِيهم إلى الدعاء، ويتفضَّلُ عليهم بالإجابة؟! قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ليس شيءٌ أكرمَ على الله من الدعاء ) رواه الترمذي وابن ماجه وقال - صلى الله عليه وسلم -: ( أفضلُ العبادة الدعاء ) رواه الحاكم، وصحَّحه. مُلازمةُ الدعاء أخذٌ بأسبابِ رفع البلاء ودفع الشقاء، كما قال خليلُ الرحمن: { وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا } [ مريم: 48 ] وقال زكريا - عليه السلام -: { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا } [ مريم: 4 ] كم صلُحَت بالدعاء أحوالٌ لم يخطُر ببالٍ أن تصلُح ! وكم نامَ ظالِمٌ فأتاه سهمُ الإجابة قبل أن يُصبِح ! الدعاءُ - أيها المسلمون - هو لهَجُ الأنبياء، وسِيماءُ المُرسلين، وهو ديدَنُ الصالحين، وإلحاحُ المُتعبِّدين، يتحرَّون به الفاضلَ من الأمكِنة، ويتقصَّدون إيقاعَه في خير الأمكِنة. شهِدَت تضرُّعَهم بيوتُ الله وعرفات، وخالطَت مُناجاتُهم ظُلمةَ الليل وحريَّ الساعات. فلا غرْوَ؛ فالدعاءُ تاجُ العبادات، وهو مُلازِمٌ لجميع أركان الإسلام، ومحلُّه منها محلُّ الذروَة من السَّنام، فأقربُ ما يكونً المُصلِّي من ربِّه وهو ساجِد، والسجودُ محلُّ الدعاء من الصلاة، وأعظمُ أركان الحجِّ هو الوقوفُ بعرفات، وهو المحلُّ الأعظم للدعاء، ولا تكادُ تجِد عبادةً مفروضة إلا والدعاء مُقترِنٌ بها. ومن الأدبِ: أن يختارَ المُسلم جوامِع الدعاء، وهي الأدعية التي تتضمَّنُ خيرَي الدنيا والآخرة، ومنها ما دعا به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النار ) وكذلك: ( اللهم أصلِح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري، وأصلِح لي دُنيايَ التي فيها معاشِي، وأصلِح لي آخرتِي التي فيها معادِي، واجعَل الحياةَ زيادةً لي في كل خير، واجعَل الموتَ راحةً لي من كل شرٍّ ) رواه مسلم. وأن يختارَ الأوقاتَ الحرِيَّة بإجابة الدعاء، ومنها: نهارُ الصيام، وعند فِطره، وعند السَّحَر، وفي السجود، وفي الثُّلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، ويتحرَّى ساعةَ الإجابة يوم الجُمعة. قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ثلاثُ دعواتٍ لا تُردُّ: دعوةُ الوالِد، ودعوةُ الصائِم، ودعوةُ المُسافِر ) أخرجه البيهقيُّ بإسنادٍ صحيحٍ. ويلتزِمُ آدابَ الدعاء؛ من الطهارة، واستِقبال القبلة، ورفع اليدين، والإلحاح بإخباتٍ وخُشوعٍ، وذُلٍّ وانكِسارٍ وخفضِ صوتٍ، والله تعالى يقول: { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [ الأعراف: 55 ].
|
|
|