صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-17-2018, 11:56 AM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان :الرحمةُ والتراحُم في الكتاب والسنَّة

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان:

الرحمةُ والتراحُم في الكتاب والسنَّة ،


والتي تحدَّث فيها عن الرحمةِ، وأنَّها صِفةٌ مِن صفاتِ الربِّ - سبحانه وتعالى -،

مُبيِّنًا آثار رحمةِ الله تعالى على خلقِه كما ورَدَ في كتابِ الله تعالى،

ثم عرَّجَ على ذِكرِ بعضِ النماذِج المُضِيئةِ مِن رحمةِ النبيِّ

- صلى الله عليه وسلم - بمُختَلَف فِئات المُجتمَع: الأطفال، والنساء،

والمرضَى، والخَدَم، والضُّعفاء، وحتى البهائِم والحيوانات،

كما ذكَرَ أنَّ رحمةَ العِبادِ ببعضِهم سببٌ في رحمةِ الله تعالى لهم يوم القِيامَة.



الخطبة الأولى



الحمدُ لله، الحمدُ لله وسِعَ كلَّ شيءٍ برحمتِه، وعمَّ كلَّ حيٍّ بفضلِه

ومِنَّتِه وكرمِه، وخضَعَت الخلائِقُ لكِبريائِه وعظمَتِه، يُسبِّحُ الرعدُ

بحمدِه والملائكةُ مِن خِيفَتِه، أحمدُه - سبحانه - وأشكُرُه،

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له في ربوبيَّته وألوهيَّته

وأسمائِه وصِفاتِه، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا مُحمدًا عبدُ الله ورسولُه،

وخيرتُه مِن خلقِه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِه،

والتابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ .. معاشِر المُؤمنين:

فأُوصِيكم ونفسي بتقوَى الله - عزَّ وجل -؛ فإنَّها وصيَّةُ الله لأولين والآخرين:

{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ }

[النساء: 131].

أمةَ الإسلام:

الرحمةُ صِفةٌ مِن صِفات ربِّنا الكريم، كتبَها - سبحانه - على نفسِه، فوسِعَ

بها كلَّ شيء، وعمَّ بها كلَّ حيٍّ، فهو الرحمنُ الرحيم، وأرحمُ الراحمين،

يداهُ مبسُوطتان آناء الليل وأطراف النهار، يُوالِي على عبادِه بنعمِه، وعطاؤُه

أحبُّ إليه مِن منعِه، ورحمتُه - جلَّ جلالُه - غلَبَت غضَبَه.

وفي الصحيحين : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( لما قضَى اللهُ الخلقَ، كتَبَ عنده فوقَ عرشِهِ: إنَّ رحمَتِي سبَقَت غضَبِي ).

وآثارُ رحمتِه - جلَّ جلالُه، وتقدَّسَت أسماؤُه - ظاهرةٌ في خلقِه، بيِّنةٌ في آياتِه،

{ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ

وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[القصص: 73]،

ومِن رحمتِه - سبحانه –

{ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ }

[الروم: 46]،

ويُنزِّلُ الغيثَ، ويُحيِي الأرضَ بعد موتِها،

{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }

[الشورى: 28].

ومِن آثار رحمتِه - تبارك وتعالى - ما نشَرَه من رحمةٍ بين الخلائِق؛

فما هذه الرحمةُ التي يتراحَمُون بها إلا شيءٌ يسيرٌ مِن رحمةِ أرحم الراحمين.

ففي الصحيحين : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

( جعلَ الله الرحمةَ مائةَ جُزءٍ، فأمسَكَ عنده تسعةً تسعين جُزءًا، وأنزلَ

في الأرض جُزءًا واحدًا، فمِن ذلك الجُزء يتراحَمُ الخلقُ، حتى ترفَعَ

الفرَسُ حافِرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه ).

والله - تبارك وتعالى - أرحَمُ بعبادِه مِن الوالِدةِ بولدِها.

ففي مشهَدٍ عجيبٍ يصِفُه لنا الفارُوقُ - رضي الله عنه - بقولِه:

لما قدِمَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بسَبْيٍ، فإذا امرأةٌ

مِن السَّبْيِ تبتَغِي، إذا وجَدَت صبِيًّا في السَّبْيِ، أخَذَتْه فألصَقَتْه

ببطنِها وأرضَعَتْه، فقال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( أتَرَونَ هذه المرأةَ طارِحةً ولَدَها في النَّار؟ )،

قُلنا: لا والله، وهي تقدِرُ على ألا تطرحَه، فقال رسولُ الله –

صلى الله عليه وسلم -:

( لله أرحَمُ بعبادِهِ مِن هذه بولَدِها )؛

رواه البخاري ومسلم.

ومِن رحمتِه - سبحانه - بعبادِه المُؤمنين: أنَّه ينزِلُ كلَّ ليلةٍ إلى السماء

الدنيا نُزولًا يلِيقُ بجلالِه؛ إكرامًا بالسائِلِين، ورحمةً بالمُستغفِرين التائِبِين.

ففي الحديث المُتفق على صحَّته: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

( ينزِلُ ربُّنا - تبارك وتعالى - كلَّ ليلةٍ إلى سماء الدنيا حين يبقَى ثُلُثُ

الليل الآخر يقولُ: مَن يدعُوني فأستجِيبَ له؟ مَن يسأَلُني فأُعطِيَه؟

مَن يستغفِرُني فأغفِرَ له؟ ).

وتتجلَّى رحمتُه - جلَّ جلالُه - بفَتحِ يدِه للمُسرِفين، وبَسطِ يَدِه للتائِبِين:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ

إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }

[الزمر: 53].

ومِن رحمتِه - سبحانه -: أن جعَلَ حمَلَة العرشِ ومَن حولَه

يُسبِّحُون بحمدِ ربِّهم، ويستغفِرُون ويشفَعُون للذين آمنوا

{ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ

وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ

صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)

وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

[غافر: 7- 9].

والجنَّةُ - يا عباد الله - رحمةُ الله - تبارك وتعالى - يُدخِلُها مَن يشاءُ

مِن عبادِه برحمتِه، ولا يبلُغُها أحدٌ بعملِه؛ فلو أتَى العبدُ بكلِّ ما يقدِرُ عليه

مِن الطاعات ظاهرًا وباطنًا، لم يعبُد اللهَ حقَّ عبادتِه، ولم يُؤدِّ شُكرَ نعمِه.

ففي الصحيحين : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( لن يُدخِلَ أحدًا مِنكم عملُه الجنَّة )، قالُوا: ولا أنت يا رسولَ الله؟

قال: ( ولا أنا، إلأا أن يتغمَّدَني الله مِنه بفضلٍ ورحمةٍ ).

ومَن نظرَ في سيرة سيِّد ولدِ آدم - صلى الله عليه وسلم - يجِدُ الرحمةَ

في أكمل صُورها، وأعظم معانِيها قد حفَلَت بها سِيرتُه، وامتلأَت بها

شريعتُه؛ فكان - صلى الله عليه وسلم - يعطِفُ على الصِّغار،

ويرِقُّ لهم، ويُقبِّلُهم، ويُلاعِبُهم، ويقولُ:

( مَن لا يرحَمُ لا يُرحَمُ ).

وفي صحيح البخاري : لما دخَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم –

على ابنِه إبراهيم وهو في سكَرَات الموت، جعَلَت عَينَا رسولِ الله

- صلى الله عليه وسلم - تذرِفَان، فقال له عبدُ الرحمن بن عوف –

رضي الله عنه -: وأنتَ يا رسولَ الله! - يعني: تبكِي -، فقال:

( يا ابنَ عوفٍ! إنَّها رحمةٌ )، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -:

( إنَّ العَينَ تدمَعُ، والقلبَ يحزَنُ، ولا نقُولُ إلا ما يُرضِي ربَّنا،

وإنَّا بفِراقِك يا إبراهيمُ لمحزُونُون ).

فما عرَفَت البشريَّةُ أحدًا أرحَمَ بالصِّغار مِن رسولِ الله

صلى الله عليه وسلم -، حتى قال عنه خادِمُه أنسٌ:

ما رأيتُ أحدًا كان أرحَمَ بالعِيالِ مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .

وأما النِّساء؛ فكانت الرحمةُ بهنَّ مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -

أعظَم، والرِّفقُ بهنَّ أكثَر، والوصِيَّةُ في حقِّهنَّ آكَد، فحثَّ

- صلى الله عليه وسلم - على الرحمةِ بالبَناتِ، والإحسانِ إليهنَّ.

ففي صحيح البخاري : قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

( مَن يَلِي مِن هذه البَناتِ شيئًا فأحسَنَ إليهنَّ، كُنَّ له سِترًا مِن النَّار ).

فاتَّقُوا اللهَ - عباد الله - فيما ولَّاكم الله عليه.

ففي سنن الترمذي بسندٍ صحيحٍ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( خَيرُكُم خَيرُكُم لأهلِهِ، وأنا خَيرُكُم لأهلِي ).

وكان - صلى الله عليه وسلم - يرحَمُ الضُّعفاءَ والخَدَمَ، ويهتمُّ بأمرِهم؛

خشيةَ وقوعِ الظُّلم عليهم، والاستِيلاءِ على حُقوقِهم.

وجعلَ - عليه الصلاة والسلام - العطفَ والرحمةَ بالمساكين والضُّعفاء

مِن أسبابِ الرِّزقِ والنَّصرِ على الأعداء.

ففي سنن أبي داود بسندٍ صحيحٍ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

( ابغُونِي ضُعفاءَكم ) أي: اطلُبُوا رِضائِي في ضُعفائِكم،

( فإنَّما تُرزَقُون وتُنصَرُون بضُعفائِكم ).

وفي يوم فَتحِ مكَّة، لما مكَّن الله لرسولِه - صلى الله عليه وسلم -،

ما كان مِنه إلا أن أعلَنَ عفوَه عن أعدائِه الذين أخرَجُوه مِن أرضِهِ،

وائتَمَرُوا على قتلِه، ولم يدَّخِرُوا وُسعًا في إلحاقِ الأذَى بِهِ وبأصحابِهِ،

فقابَلَ - صلى الله عليه وسلم - الإساءةَ بالإحسانِ، والأذِيَّةَ بحُسن

المُعاملَة.

ولما بلَغَه قولُ سعدٍ - رضي الله عنه وأرضاه -:

اليوم يومُ المَلحَمَة! ، أي: يوم الحَربِ والقَتلِ، أعلَنَ

- صلى الله عليه وسلم - رحمتَه صريحةً واضِحةً، فقال:

( اليوم يومُ المَرحَمَة ).

فرَحِمَ - صلى الله عليه وسلم - الصَّغيرَ والكبيرَ، والقريبَ والبعيدَ،

والعدوَّ والصَّديقَ، بل شمَلَت رحمتُهُ الحيوانَ والجماد، وما مِن سبيلٍ

يُوصِلُ إلى رحمةِ الله إلا جلَّاه لأمَّته، وحثَّهم على سُلُوكِه، وما مِن

طريقٍ يُبعِدُ عن رحمةِ الله إلا زجَرَ عنه، وحذَّرَ أمَّتَه مِنه.

فكانت حياتُه - صلى الله عليه وسلم - كلُّها رحمة، إي وربِّي الذي لا إله

إلا هو؛ فهو - بأبي وأُمِّي - عليه الصلاة والسلام - رحمةٌ، وشريعتُه

رحمةٌ، وسِيرتُه رحمةٌ، وسُنَّتُه رحمةٌ، وصدَقَ الله إذ يقُولُ:

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }

[الأنبياء: 107].

بارَك الله لي ولكم في القرآنِ والسنَّة، ونفعَني وإيَّاكُم بِمَا فِيهما مِن

الآياتِ والحِكمة، أقولُ ما تسمَعُون،

وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم، فاستغفِروه؛ إنَّه كان غفَّارًا.



الخطبة الثانية

الحمدُ لله، الحمدُ لله المُبدِئ المُعِيد، الفعَّال لما يُريد، الرحيم بعِبادِه المُؤمنين،

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ الحقُّ المُبين، وأشهدُ أن مُحمدًا عبدُه ورسولُه

إمامُ المُتَّقين، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِه وصحبهِ أجمعين.

أما بعدُ .. معاشِرَ المؤمنين:

إنَّ دينَ الإسلام دينُ سماحةٍ ورحمةٍ، وسلامٍ للبشريَّة،

دعَا إلى التراحُم، وجعلَه مِن دلائِلِ كمالِ الإيمانِ.

ففي السنن الكُبرى للنسائيِّ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

( والذي نفسِي بيَدِه؛ لا تدخُلُوا الجنَّةَ حتى تراحَمُوا )،

قالُوا: يا رسولَ الله! كلُّنا رحيمٌ، قال:

( إنَّه ليس برَحمةِ أحدِكم خاصَّته، ولكن رحمةُ العامَّة ).

نعم .. يا عباد الله:

إنَّها الرحمةُ العامَّة التي تسَعُ الخلقَ كلَّهم، وهي مِن أعظم أسبابِ

رحمةِ الله تعالى، كما أنَّ عدَمَها - أجارَنا الله وإيَّاكُم - سببٌ للحِرمانِ مِن رحمةِ الله.

ففي الصحيحين : يقولُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( مَن لا يَرحَم النَّاسَ لا يَرحَمُه الله - عزَّ وجل - ).

وإنَّ أَولَى النَّاسِ بالرَّحمةِ، وأحقَّهم وأَولاهم بها: الوالِدان؛ فبالإحسانِ

إليهما تكون السعادة، وببِرِّهما تُستجلَبُ الرحمة، وخاصَّةً عند كِبَرهما؛

{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ

الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }

[الإسراء: 23، 24].

ومِن العلاقات البشريَّة والروابِط الاجتِماعيَّة التي لا تستقِيمُ

إلا بخُلُق الرحمةِ: العِلاقةَ الزَّوجيَّة؛ فهي مبنِيَّةٌ على المودَّة والرَّحمة،

{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ

مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

[الروم: 21].

وقد تضعُفُ المودَّةُ بين الزَّوجَين، فيشُدُّ وَثاقَها خُلُق الرحمة؛ فترحَمُ

المرأةُ زوجَها، ويرحَمُ الرجُلُ امرأتَهُ، ويمتَدُّ أثَرُ هذه الرحمةِ للبَنِين

والبَناتِ، فتنشَأُ داخِلَ هذه الأُسَر المرحُومة نُفوسٌ مُطمئنَّةٌ، وطِباعٌ

سليمةٌ مُستقيمةٌ.

وإذا كان للقريبِ نصِيبٌ وحقٌّ مِن الرحمةِ، فالغرِيبُ كذلك له حظٌّ

ونصِيبٌ، خاصَّةً كِبار السنِّ، والضُّعفاء، وذوُو الحاجات.

فتخلَّقُوا - معاشِر المُؤمنين - بخُلُق الرحمة، وارحَمُوا مَن ولَّاكُم الله

عليهم، وتراحَمُوا فيما بينَكم؛ تفُوزُوا برحمةِ أرحم الراحمين.

ففي سنن الترمذي بسندٍ صحيحٍ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( الرَّاحِمُون يرحَمُهم الرَّحمن، ارحَمُوا مَن في الأرضِ يرحَمكم

مَن في السَّماء ).

ثم اعلَمُوا - معاشِر المُؤمنين - أنَّ رحمةَ الله - تبارك وتعالى -

تُستجلَبُ بطاعتِه وطاعةِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، والاستِقامةِ

على أمرِه، وكلما كان نصِيبُ العبدِ مِن الطاعةِ أتمَّ، كان حظُّه مِن رحمةِ الله أوفَر،

{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ

وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ

وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

[التوبة: 71].

معاشِرَ المُؤمنين:

إنَّ الله أمرَكم بأمرٍ كريمٍ، ابتدَأ فيه بنفسِه، فقال:

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ

وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،

إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما

بارَكتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدِين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ،

وعن سائِرِ الصحابةِ والتابِعِين، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،

وعنَّا معهم بعَفوِك وكَرمِك وجُودِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم

أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، واحمِ حَوزةَ الدين،

واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا، رخاءً سخاءً، وسائرَ بلادِ المُسلمين.

اللهم يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتِك نستَغِيثُ، أصلِح لنا شأنَنا كلَّه، ولا تكِلنا

إلى أنفُسِنا طرفَةَ عينٍ.

اللهم فرِّج همَّ المهمُومين مِن المُسلمين، ونفِّس كربَ المكرُوبِين،

واقضِ الدَّينَ عن المَدِينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتِك يا أرحَم الراحمين.

اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين

في كل مكانٍ.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام وفِّق إمامَنا بتوفيقِك، وأيِّده بتأيِيدِك،

واجزِه خَيرَ الجزاء عن الإسلام والمسلمين يا ربَّ العالمين، اللهم وفِّقه وولِيَّ عهدِه

لِما تُحبُّه وترضاه، اللهم وفِّق جميعَ وُلاة أمورِ المُسلمين لما تُحبُّ

وترضَى برحمتِك يا ربَّ العالمين.

اللهم مَن أرادَنا وبلادَنا وأمنَنا ورِجالَ أمنِنا بسُوءٍ فاجعَل تدبيرَه تدميرًا

عليه يا قويُّ يا عزيز، يا ذا الجلال والإكرام،

اللهم إنَّا ندرَأُ بك في نُحورِهم، ونعُوذُ بك مِن شُرورِهم.

اللهم انصُر جنودَنا المُرابطين على حُدودِ بلادِنا، اللهم انصُرهم على

عدوِّك وعدوِّهم، اللهم رُدَّهم إلى أهلِيهم سالِمين مُنتَصِرين،

وبالأُجُور غانِمين برحمتِك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات،

الأحياء منهم والأموات، برحمتِك يا أرحم الراحمين.

سُبحان ربِّك ربِّ العزَّة عما يصِفُون، وسلامٌ على المُرسَلين،

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات