صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

رسائل اليوم رسائل بيت عطاء الخير اليومية

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-02-2018, 06:18 AM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,730
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان :أثرُ الإيمانِ بالغيبِ واليومِ الآخر

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان:

أثرُ الإيمانِ بالغيبِ واليومِ الآخر ،


والتي تحدَّث فيها عن الإيمانِ بالغيبِ واليوم الآخر والبَعثِ والنُّشُور،

وأثرِ ذلك في حياةِ العبدِ، وانعِكاسِهِ على أقوالِه وأفعالِه وسُلُوكِه.



الخطبة الأولى

إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ بالله مِن شُرور أنفُسنا

ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِيَ له،

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه،

صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهِرين، وصحابتِه الغُرِّ

الميَامِين، والتابِعِين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

ثم أُوصِيكم - أيها الناس - ونفسِي بتقوَى الله في السرِّ والعلانِية،

{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }

[غافر: 3].

فتزوَّدُوا ليوم معادِكم،

{ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ

وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }

[البقرة: 281].

ما التكالِيفُ إلا لتحقيقِ العبوديَّة وتقوَى الله - سبحانه -:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ

قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

[البقرة: 183].

ألا وإن شهرَكم قد أخذَ في النقصِ، فزِيدُوا أنتُم في العملِ، ولئِن قارَبَ

أن يتصرَّمَ ثُلُثاه، فقَد بقِيَ خيرُه وأزكاه: عشرُ ليالٍ مِن آخرِ رمضان

هي مِضمارُ السابِقِين، ومَغنَمُ الرابِحِين.

كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم –

( يجتهِدُ في العشرِ الأواخِرِ ما لا يجتهِدُ في غيرِه )؛

رواه مسلم.

وفي الصحيحين :

كان النبي - صلى الله عليه وسلم –

( إذا دخَلَت العشرُ شدَّ مِزرَه، وأحيَا ليلَه، وأيقَظَ أهلَه ).

فيها ليلةٌ هي خيرٌ مِن ألفِ شهر، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

( مَن قامَ ليلةَ القَدر إيمانًا واحتِسابًا؛ غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِهِ )؛

متفق عليه.

وعن عائشة - رضي الله عنها -،

أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم –

( كان يعتَكِفُ العشرَ الأواخِرَ مِن رمضان حتى توفَّاه الله، ثم اعتَكَفَ

أزواجُهُ مِن بعدِه )؛

أخرجه الشيخان.

بِسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ:

{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ

مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }

[القدر: 1- 5].

إن إدراكَ شهر رمضان نعمةٌ مِن الله سابِغة، ومِنَّةٌ مِنه بالِغة؛

فهو شهرُ الصيام والقِيام، وغُفران الذنوبِ ومَحوِ الآثام، ومَن صَامَ رمضانَ

وقامَه إيمانًا واحتِسابًا؛ غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِهِ.

شهرُ الصلاة والدُّعاء والقُرآن، وموسِمُ الصدقة والتوبةِ والإحسان،

وتاريخُ الذِّكريات والفتُوحات. فتقرَّبُوا إلى الله ما استَطعتُم، وأبشِرُوا وأمِّلُوا.

وبعدُ .. أيها المُسلمون:

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }

[البقرة: 185]

نزلَ القرآنُ في شهر رمضان، فكان مطلَعَ الصُّبح الصادِقِ في ليلِ

الإنسانيَّةِ الغاسِقِ، ومِن سَنَا القرآن وجَذوَتِه تتبدَّدُ الظُّلَم، وبالتِماسِ

الأمةِ هَديَها مِن هُداه، ورِيَّها مِن رُواه، يجمعُ الله لها شَعَثَ أمرِها،

ويُبدِّدُ حالِكَ ليلِها.

وحقيقٌ بالأمة أن تعودَ إلى هذا القرآن في كل حِين، فتنهَلَ مِنه نَهلَ

الظامِئِين، لا عودةً إلى قراءتِه فحسب، ولكن إلى تأمُّل معانِيه، وتدبُّر

آياتِه، وبثِّ حقائِقِه في حياةِ الناسِ؛ لتكون قضايا القُرآن الكُبرى هي

قضايا الناس؛ كقضايا التوحيدِ والبعثِ والرِّسالة، ولنُعظِّمَ ما عظَّمَه

القُرآنُ مِن العقائِدِ والشرائِعِ والأخلاقِ، ونُعطِيَ كلَّ قضيةٍ بقَدرِ ما

أعطاها القُرآن لا وَكسَ ولا شَطَط، إن فعَلنا ذلك فقد صدَقْنا في العَودة

إلى القرآن، وما أحوَجَ الأمةَ أن تعودَ إلى كتابِ ربِّها، وتهتَدِيَ بهُداه.

عباد الله:

ومَن قرأَ القرآنَ العظيمَ رأى قضيةَ الإيمان باليوم الآخر والبعثِ والنُّشُور

حاضِرةً فيه أتمَّ الحُضُور، كرَّرَها الله تعالى في مواضِعَ مِن كتابِه،

وأعادَ القُرآنُ فيها وأبدَى، وضرَبَ الأمثالَ والآياتِ، وجادَلَ فيها المُشرِكِين

، وأمَرَ الله نبيَّه مُحمدً - صلى الله عليه وسلم - أن يُقسِمَ عليها في

ثلاثةِ مواضِع مِن كتابِهِ:

قال الله - عزَّ وجل -:

{ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا

عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }

[التغابن: 7]،

وقال - سبحانه -:

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ }

[سبأ: 3]،

وقال - عزَّ اسمُه -:

{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ }
[يونس: 53].

فكان الإيمانُ باليوم الآخر رُكنًا مِن أركان الإيمان.

وفي التِّبيان:

{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ

آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ }

[البقرة: 177].

وفي حديثِ جبريل المشهُور - عليه السلام -، لما أتَى يُعلِّمُ الأمةَ أمرَ دينِها،

والذي ورَدَت فيه معاقِدُ الدين وحُجَزُه، قال: "فأخبِرنِي عن الإيمانِ، قال:

( الإيمانُ: أن تُؤمِنَ بالله وملائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه واليوم الآخر،

وتُؤمِنَ بالقَدَرِ خيرِه وشرِّه )،

قال: صدَقتَ ؛ رواه مسلم.

جاء أُبَيُّ بن خلَفٍ أو العاصُ بن وائِلٍ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم –

وفي يدِه عظمٌ رَمِيمٌ، وهو يُفتِّتُه ويُذرِيه في الهواء، ويقولُ: يا مُحمد!

أتزْعُمُ أنَّ اللهَ يبعَثُ هذا؟ فقال:

( نعم، يُميتُكَ اللهُ ثم يبعَثُكَ، ثم يحشُرُكَ إلى النار )،

وأنزَلَ اللهُ:

{ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)

قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ

لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ

الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ

الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)

فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

[يس: 77- 83].

أيها الناس:

خيرُ الأدواءِ لأمراضِ القلوبِ: المواعِظ، ومِن أعظمِ العِظاتِ:

تذكُّرُ اليوم الآخر، وهَولُ المطلَعِ وبعثَرَة القبُور، ومشهَدُ البعثِ والنُّشُور.

يومٌ تذُوبُ فيه بين العالَمين الفوارِق، وتَبِينُ فيه وُجوهُ الحقائِق.

يومٌ تنطَفِئُ فِيه مِن النُّفوسِ حُظُوظُها، وانتِصارُها لآرائِها وأفكارِها.

يومَ يُعرَضُ العبدُ على ربِّه ليس معَهُ أحدٌ، ولا تَخفَى على اللهِ مِنه خافِيةٌ،

ويكونُ فيه اللِّقاءُ الأعظَم، والمُواجَهةُ الكُبرَة؛ إنها مُواجهةُ الإنسانِ

بكلِّ ضَعفِه مع الله - جلَّ جلالُه -؛ حيث لا تَخفَى عنه يومئذٍ خافِية،

والأسرارُ في علمِه - سبحانه - ظاهِرةٌ علانِية.

أيها المُسلمون:

لحَظاتُ البعثِ بعد المَوتِ، وبِداياتُ استِهلالِ الحياةِ بعد الفناءِ، وأهوالُ

يوم المطلَعِ مشهَدٌ طالَما أمَضَّ قُلوبَ العارِفِين، وأطالَ السُّهادَ في

أعيُنِ المُتعبِّدِين، وانخَلَعَت له أفئِدَةُ المُوقِنِين.

ففي يومٍ ليس كسائِرِ الأيام، وعلى عرَصَاتٍ لا حياةَ فيها ولا أحياء،

وفيه سُكُون هذا الكَونِ العظيمِ، وبعد فَناءِ الخلائِقِ أجمعين، وحين يأذَنُ

ربُّ العالَمين تُمطِرُ السماءُ أربَعين صباحًا مطرًا غليظًا كأنَّهُ الطَّلِّ، فتنبُتُ

مِنه أجسادُ الناسِ كما ينبُتُ البَقْلُ، وقد بَلِيَ مِن الناسِ كلُّ شيءٍ إلا

عَجْبَ الذَّنَب - وهو العَظمُ المُستَدِيرُ الذي في أصلِ الظَّهر -، ومِنه يُركَّبُ الخَلقُ.

ثم ينفُخُ إسرافِيلُ - عليه السلام - في الصُّور نفخةَ البَعثِ والنُّشُور،

فتُعادُ الأرواحُ إلى الأجسادِ،

{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ }

[يس: 51].

وتتشقَّقُ القُبُورُ عن أهلِها، ويخرُجُ الناسُ أجمَعُون مِن لدُنْ آدم –

عليه السلام - إلى أن تقُومَ الساعةُ،

{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا }

[الكهف: 99]،

{ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ }

[يس: 53].

فتصوَّر في نفسِكَ الفَزَعَ لصَوتِ تشقُّق الأرضِ وتصدُّعِها، وخُروجِ

الناسِ كلِّهِم مِن قبُورِهم، وقِيامِهم لله قَومةً واحِدة،

{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ }

[الصافات: 19].

تتشقَّقُ عنهم القُبُور، وقد لبِثُوا فيها الأعوامَ والدُّهُور، في نعيمٍ أو عذابٍ،

في فُسحةٍ أو ضِيقٍ، وأولُ مَن ينشَقُّ عنه القَبرُ مُحمدٌ –

صلى الله عليه وسلم -، يقولُ - عليه الصلاة والسلام -:

( أنا سيِّدُ ولَد آدم يوم القِيامَة، وأولُ مَن ينشَقُّ عنه القَبر، وأولُ شافِعٍ

وأولُ مُشفَّعٍ ).

يُحشَرُ الناسُ حُفاةً عُراةً غُرْلًا

{ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ }

[الأنبياء: 104].

قالت عائشةُ - رضي الله عنها -: يا رسولَ الله! الرِّجالُ والنِّساءُ ينظُرُ

بعضُهم إلى بعضٍ؟ فقال:
( الأمرُ أشَدُّ مِن أن يُهِمَّهم ذلك ).

وأولُ مَن يُكسَى مِن الخلائِقِ إبراهيمُ - عليه السلام -.

يخرُجُ الناسُ مِن قُبُورِهم يمُوجُ بعضُم في بعضٍ، يذهَبُون ويَجِيئُون،

لا يَدرُون إلى أين يمضُون، في حَيرةٍ وتفرُّقٍ واضطِرابٍ، هل رأَيتَ الفَراشَ المبثُوث؟!

{ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ }
[القارعة: 4]،

{ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ }

[القمر: 7، 8]،

{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا }

[الإسراء: 52].

يُقالُ لهم: يا أيها الناس! هلُمُّوا إلى ربِّكم،

{ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ

إِلَّا هَمْسًا }

[طه: 108]،

{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ }

[المؤمنون: 101]،

{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }

[عبس: 34- 37]،

{ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ }

[غافر: 16].

يُنادِي الجبَّارُ - جلَّ جلالُه -:

{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ }

؟! ثم يُجيبُ نفسَه:

{ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ

الْيَوْمَ }

[غافر: 16، 17].

{ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ }

[الأنعام: 73].

يُبعَثُ رجُلٌ مِن قبرِهِ مُلبِّيًا:

لبَّيكَ اللهُمَّ لبَّيكَ ؛ لأنه ماتَ مُحرِمًا، ويُبعَثُ رجُلٌ يثعُبُ جُرحُه دمًا،

اللَّونُ لَونُ الدمِ والرِّيحُ رِيحُ المِسكِ، ذاك هو الشَّهِيدُ في سبيلِ الله.

ويُساقُ الناسِ إلى أرضِ المحشَر، وأرضُ المحشَرِ أرضٌ بيضاءُ نقِيَّة،

ليس فيها مَعلَمٌ لأحدٍ،

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا

صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا }

[طه: 105- 107].

يُحشَرُ المُؤمنون إلى العَرَصات:

{ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا }

[مريم: 85]،

ويُحشَرُ المُجرِمُون يومئذٍ زُرْقًا، واجِفةً قُلُوبُهم، خاشِعةً أبصارُهم،

شاخِصةً لا ترتَدُّ إليهم، ويُحشَرُ الكافِرُ على وجهِهِ.

قال رجُلٌ: يا نبيَّ الله! كيف يُحشَرُ الكافِرُ على وجهِهِ؟ قال:

( ألَيسَ الذي أمشَاهُ على رِجلَين في الدُّنيا قادِرًا على أن يُمشِيَه

على وجهِهِ يوم القِيامَة؟! )،

{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ

جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا }

[الإسراء: 97].

ويُحشَرُ المُتكبِّرُون كأمثالِ الذَّرِّ في صُورةِ الرِّجال.

وتُحشَرُ الخلائِقُ كلُّها حتى الوُحوش والبهائِم،

{ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ }
[التكوير: 5]،

{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ

مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }

[الأنعام: 38]،

{ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ }

[الواقعة: 49، 50]،

{ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ }

[هود: 103]،

{ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا }

[الكهف: 47].

وإذا جمعَ الله الأولين والآخرين يُرفَعُ لكل غادِرٍ لِواء، يُقالُ:

( هذِهِ غَدرَةُ فُلانِ بن فُلانٍ ).

ويأتِي كلُّ امرِئٍ بما غَلَّ يحمِلُهُ على ظَهرِه؛ مِن ذهبٍ، أو فضَّةٍ، أو

غيرِ ذلك؛ قال - صلى الله عليه وسلم -:

( لا أُلفِيَنَّ أحدَكم يجِيءُ يوم القِيامة على رقَبَتِه بَعِيرٌ له رُغاء،

يقُولُ: يا رسولَ الله! أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أملِكُ لك شيئًا، قد أبلَغتُكَ ).

والغَلُولُ هو ما أُخِذَ مِن مالِ المُسلمين العام بغيرِ حقٍّ،

{ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }

[آل عمران: 161].

{ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا }

فأضاءَت حين يتجلَّى الحقُّ - تبارك وتعالى - للخلائِقِ لفصلِ القضاء،

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ }

كِتابُ الأعمال،

{ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ }

يشهَدُون على الأُمم بأنَّهم بلَّغُوهم رسالاتِ الله إليهم،

{ وَالشُّهَدَاءِ }

مِن الملائِكةِ الحَفَظَة على أعمالِ العِباد مِن خيرٍ وشرٍّ،

{ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }

[الزمر: 69].

قال الله - عزَّ وجل -:

{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ

مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }

[الأنبياء: 47].

ترَى الوجوهَ يومئذٍ إما مُبيَضَّةً أو مُسوَدَّةً، وترَى الموازِين طائِشةً

إما ثِقالًا وإما خِفافًا، وترَى الكُتبَ إما في ميامِنِ الأيدِي أو في شمائِلِها.

فلله! ما أعظمَ ذلك الموقِف!

{ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }

[المعارج: 4]،

يطُولُ على الناس الوقُوف، وتدنُو مِنهم الشمسُ على قَدرِ مِيل،

ويعرَقُون على قَدرِ أعمالِهم، وأُناسٌ في ظِلِّ عرشِ الرحمن يوم

لا ظِلَّ إلا ظِلُّه، حتى يأذَنَ اللهُ بالشفاعَةِ لمُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم –

في الفصلِ بين الخلائِقِ، ويُنِيلُه المقامَ المحمُود.

فصلَّى الله على مُحمدٍ في الأولين، وفي الآخرين.

{ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ

بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

[الزمر: 75].

يحكُمُ الله في الأولين والآخرين، وينطِقُ الكَونُ أجمعُه، ناطِقُه وبهيمُه لله

ربِّ العالمين بالحمدِ في حُكمِه وعدلِه، فكلُّ المخلُوقات شهِدَت له بالحمدِ.

قال قتادةُ: افتَتَحَ الخَلقَ بالحمدِ في قولِه:

{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ }

[الأنعام: 1]،

واختَتَمَ الحمدَ في قولِه:

{ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

.

بِسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ:

{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)

لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)

لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }

[الأنبياء: 101- 103].

اللهم اجعَلنا يومَ الفزَعِ مِن الآمِنِين، ولحَوضِ نبيِّك مِن الوارِدِين، ومِمَّن

يأخُذُ كتابَه باليَمين، وارزُقنا الفِردوسَ الأعلَى مِن الجنَّة يا أرحم الراحمين.

بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنَّة، ونفَعَنا بما فِيهما مِن الآياتِ والحِكمة،

أقولُ قولِي هذا، وأستغفِرُ الله تعالى لي ولكم.



الخطبة الثانية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمنِ الرحيم، مالِك يوم الدين، وأشهَدُ أن

لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له الملِكُ الحقُّ المُبِين، وأشهدُ أن محمدًا

عبدُه ورسولُه الصادِقُ الأمين، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه،

وعلى آله وصحبِه أجمعين.

أما بعدُ .. أيها المُسلمون:

فإن الإيمانَ باليوم الآخر وبالبعثِ والنُّشُور كفِيلٌ بتصحيحِ مسارِ الحياة،

وأن تنبَعِثَ الجوارِحُ إلى الطاعات، وتكُفَّ عن المعاصِي والسيِّئات،

وآياتُ القُرآن تُبِينُ هذا المعنَى، وتُظهِرُ علاقةَ الإيمانِ باليوم الآخر

بفِعلِ الطاعاتِ والكفِّ عن المعاصِي.

يقولُ الله - عزَّ وجل -:

{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }

[التوبة: 18]،

ويقولُ - سبحانه -:

{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)

الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }

[البقرة: 45، 46]،

ويقولُ لنبيِّه:

{ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ }

[الحجر: 85]،

وفي آياتِ الطلاقِ:

{ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى

لَكُمْ وَأَطْهَرُ }

[البقرة: 232].

مَن آمنَ باليو الآخر حقَّ الإيمان، وكانت الآخرةُ حاضِرةً في قلبِه؛ كفَّ

عن الحرام، وابتَعَدَ عن الآثام،

{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِر

َ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }

[العنكبوت: 36].

يقولُ الحقُّ - سبحانه - مُحذِّرًا:

{ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا

كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4)

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }

[المطففين: 1- 6].



عباد الله:



الإيمانُ باليوم الآخر يصنَعُ إنسانًا جديدًا له أخلاقُه وقِيَمُه ومباِدئُه،

ونظرتُه إلى الحياة، لا يلتَقِي إنسانٌ يُؤمنُ بالآخرة ويحسِبُ حسابَها

مع آخر يعيشُ لهذه الدنيا وحدَها، ولا ينتَظِرُ ما وراءَها،

ولا يلتَقِي هذا وذاك في تقديرٍ

أمرٍ واحدٍ مِن أمورِ هذه الحياةِ، ولا قِيمةٍ واحدةٍ مِن قِيَمِها الكثيرة،

ولا يتَّفِقان في حُكمٍ على حادِثٍ أو حُكمٍ أو شأنٍ مِن الشُّؤون،

فلكلٍّ مِنهما مِيزان، ولكلٍّ مِنهما نظرٌ يرَى عليه الأشياءَ والأحداثَ، والقِيَمَ والأحوالَ.

الإيمانُ باليوم الآخر يُزيلُ الشُّبَهَ الوارِدةَ على القلوبِ والعقُول،

وضعفُ الإيمانِ بذلك اليوم يُنبِتُ في القلبِ الشُّكُوكَ والشُّبُهات، قال الله –

عزَّ وجل -:

{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى

بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)

وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ

وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ }

[الأنعام: 112، 113].

ومتى آمَنَ العبدُ باليوم الآخر، وأيقَنَ بما بعد المَوتِ، تقشَّعَت عنه كثيرٌ

مِن الشُّبُهات، ومَن قرأَ القرآنَ بقلبٍ حاضرٍ أسفَرَ صُبحُ فُؤادِه؛

فإنه كلامُ الله، وفيه الشِّفاءُ لأمراضِ القلوبِ والأبدان:

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ

الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }

[الإسراء: 82].

أيها المُسلمون:

المُؤمنُ بالله واليوم الآخر مُرتاحُ الضَّمير، مُطمئنٌّ إلى مُستقبَلِهِ النَّضِير،

يُؤمِّلُ رحمةَ الله وعفوَه وإحسانَه، ويخشَى ربَّه، ويخافُ عذابَه، يُدرِكُ

أنَّ بعد هذا اليومِ يومًا، وأن وراءَ الدنيا آخرة، إن فاتَه شيءٌ مِن

الدنيا فهو يرجُو العِوَضَ في الآخرة، وما وقَعَت عليه مِن مُصيبةٍ فإنه يحتَسِبُها،

وإن رأى نعيمًا في الدنيا تذكَّرَ نعيمَ الآخرة، يقرأُ قولَ الله - عزَّ وجل -:

{ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ

لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }

[العنكبوت: 64].

يعملُ في دُنياه كما أمَرَه الله، ويُحسِنُ إلى الناس، ويعمُرُ الأرضَ، يُؤمِنُ

أن الآخرةَ تُعدِّلُ ما مالَ في هذه الدنيا مِن مَوازِين، وتخفِضُ ما ارتفَعَ

مِن باطِلٍ،

{ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ }

[الواقعة: 1- 3].

اللهم اجعَلنا مِمَّن يُؤمِنُ بالآخرة أعظمَ الإيمان، ويُوقِنُ بها حقَّ اليقِين،

واجعَلنا عند الفَزَعِ مِن الآمِنِين، وإلى جنَّاتِك سابِقِين.

هذا وصلُّوا وسلِّمُوا على مَن أرسلَه الله رحمةً للعالمين،

وهَديًا للناسِ أجمعين.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله الطيبين الطاهرين،

وصحابَتِه الغُرِّ الميامِين، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الطُّغاةَ والملاحِدةَ والمُفسِدين،

اللهم انصُر دينَك وكِتابَك، وسُنَّة نبيِّك، وعِبادَك المُؤمنين.

اللهم مَن أرادَ الإسلامَ والمُسلمين ودِينَهم ودِيارَهم بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه،

ورُدَّ كيدَه في نَحرِه، واجعَل دائِرةَ السَّوء عليه يا رب العالمين.

اللهم انصُر المُجاهِدين في سبيلِك في فلسطين، وفي كل مكانٍ يا رب العالمين،

اللهم فُكَّ حِصارَهم، وأصلِح أحوالَهم، واكبِت عدوَّهم.

اللهم إنا نسألُك باسمِك الأعظَم أن تلطُفَ بإخوانِنا المُسلمين في كل مكان،

اللهم كُن لهم في فلسطين، وسُوريا، وفي العِراق، واليمَن، وبُورما،

وفي كل مكانٍ، اللهم الْطُف بهم، وارفَع عنهم البلاءَ، وعجِّل لهم بالفرَج،

اللهم أصلِح أحوالَهم، واجمَعهم على الهُدَى، واكفِهم شِرارَهم.

اللهم عليك بالطُّغاةَ الظالمين ومَن عاونَهم.

اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا خادمَ الحرمين الشريفَين لما تُحبُّ وترضَى، وخُذ به



للبِرِّ والتقوَى، اللهم وفِّقه ونائِبَه وأعوانَهم لِما فيه صلاحُ العباد والبلاد.

اللهم احفَظ وسدِّد جُنودَنا المُرابِطين على ثُغورنا وحُدودِ بلادِنا،

والمُجاهِدين لحِفظِ أمنِنا وأهلِنا ودِيارِنا المُقدَّسة، اللهم كُن لهم مُعينًا

ونصيرًا وحافِظًا.

اللهم انشُر الأمنَ والرخاءَ في بلادِنا وبلادِ المُسلمين، واكفِنا شرَّ الأشرار،



وكيدَ الفُجَّار، وشرَّ طوارِقِ الليلِ والنهار.

{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[البقرة: 201].

اللهم اغفِر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورَنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا،

اللهم اغفِر لنا ولوالدِينا ووالدِيهم وذُريَّاتهم، وأزواجِنا وذريَّاتِنا، إنك سميعُ الدعاء.

اللهم تقبَّل صِيامَنا، اللهم تقبَّل صِيامَنا، وقِيامَنا، ودُعاءَنا، وصالِحَ أعمالِنا

إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.

سُبحان ربِّنا ربِّ العزَّة عما يصِفُون، وسلامٌ على المُرسلين،

والحمدُ لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات