صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

رسائل بيت عطاء الخير لنشر رسائل اسلامية تهدف الى إعادة الأخلاق الأسلامية للاسرة

 
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-30-2017, 07:39 AM
هيفولا هيفولا غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 7,422
افتراضي أحياء بلا حياة




أحياء بلا حياة






نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
هند عامر

(١)
يجلس في بيت من بيوت الله سبحانه، يخلو بنفسه ليعيد ترتيب حياته ويلم شعث قلبه،
يجلس بعد أن نالت الحياة المادية من روحه فجاء ليعيد شحن نفسه بالإيمان
ويزداد قوة وهو يتدبر:
{ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم}
ثم يَتَسَاءَل بتعجب: أَي مصدر سهل ومتيسر للقوة تهدينا إياه هذه الآية؟

وفِي لحظة.. يصدر صوت تنبيه من هاتفه ليخبره بأن ثمة رسالة واتساب،
الرسالة هي من تلك الرسائل الجماعية التافهة،
لكن فضوله يدفعه ليرمي بعوالم السكينة الرحبة خلفه،
ويعاود اللهاث في عصر السرعة، وجنون التقنية،
فيعود الضعف لينال منه ويستوطن الشعث قلبه، وتُحكِم الفوضى قبضتها على حياته.

(٢)
لم تكن تعترف باستخدام ساعة المنبه، فهي قد اعتادت أن تنام باكراً وتستيقظ قبيل الفجر،
تصلي ما تيسر لها من قيام الليل ثم تتبعها بصلاة الفجر،
وتمكث على سجادتها حتى شروق الشمس لتختم جلستها بركعتي الشروق،
وتنطلق في تنفيذ ما دونته بالأمس من مهام فتنهي عملها خارج المنزل وداخله،
وتختم يومها بإِنْتَاجية رائعة لتعاود النوم مُبَكِّراً.

لكنها مُنْذُ أن دخلت عوالم تويتر وتعرفت على المجموعات الفكرية في الواتس أب،
باتت لا تنام إلا متأخراً وتعيش قلق وانشغال ذهن مُسْتَمِرين،
تحاور هذا وترد على هذا وتغضب من بذاءة هذا وتحزن من سوء ظن هذا،
ورغم النفع العلمي الذي لا ينكره إلا معاند
إلا أنها غفلت عن ضبط سطوة الجدالات على حياتها،
لم تعد تقوم الليل كالسابق وارتبكت صحتها وباتت تُعَانِي من صداع مستمر؛
بسبب أشعة الهاتف وانخفض معدل إِنْتَاجيتها
ومَا زَالت في دوامة دون أن تعي فداحة الخسائر.

(٣)
يطلب من عامل نظافة الشركة أن ينظف مكتبه،
ثم لا يلبث أن جاءه العامل بدفتر جلدي ضخم يئن من الغبار،
يتسمر مكانه وتنازعه الذكريات وهو يتأمل هذا الدفتر،
يمد يده ليأخذه ويقلب صفحاته،
فوجد تلك العبارة بخط والده تستقر على صفحته الأولى:
(بني إذا لم تدون تجاربك وتستخرج الفوائد منها
ستكون مثل من يعيد دراسة المرحلة الابتدائية عشرات المرات،
ستقع في ذات الأخطاء وستذهب حياتك هباء)!
كانت وصية والده التي التزمها وحافظ عليها
وانعكست على حياته بالنضج والتطور السريع.

لكنه قبل أن يكمل يطرق برأسه ويتأمل حياته التي تَحَوَّلَتْ إلى لحظات خاطفة
بعد دخوله عوالم اليوتيوب، لقد جعل (سندان اللحظة)
يحطم (مدرسة التجربة)، لم يعد يجد وَقْتَاً ليعيش تجارب مكتملة
فَضْلاً عن أن يدونها ويستفيد منها و(ضاعت الوصية)!

(٤)
تفتح عينيها على صوت صراخ الممرضة تتأمل السقف الذي حفظت تفاصيله
وهي مسجاة على سريرها الأبيض، تنهي مسلسل الرعاية اليَوْمِيّ
وتطلب من الممرضة أن تفتح جهازها لتبحث عن سناب صديقتها شوقاً لسماع صوتها،
فتجد الصديقة تصور كوب قهوتها المعتادة
لترسل تحية الصباح للجماهير الغفيرة التي تتابعها!

تبتسم بحزن وتغمض عينيها لتتذكر آخر مرة زارتها صديقتها،
لم تنسَ كيف كانت هي تنتشي حينما تفتح عينيها كل صباح
فتجد صديقتها تجلس بجوارها بسكينة وهي تتلو عليها آيات الرقية،
فإذا ما تناولت إفطارها تشاركها شرب القهوة حتى يقترب وقت عمل الصديقة
فترحل لتعاود الحضور صباح اليوم التالي.

كان وجود صديق يربت على قلبك وأنت تعارك الأيام القاسية المتتالية
في جفاء هذا المبنى الضخم – الذي يسمونه مُسْتَشْفَى –
نافذة أمل مشرعة وخير عزاء في الصبر على الابتلاء،
لكن سناب شات خطف الصديقة الوفية التي أصبحت من مشاهيره،
وقذف بها في دوامة إرضاء الجماهير واستغلال هذه الشهرة،
وأنساها صديقتها التي تعرضت معها لحادث،
أُصِيبَتْ الصديقة بشلل ونجت هي منه لتصاب بشلل آخر..
(شلل سناب شات) فتبقى تعيش تأنيب ضمير على صديقتها المنسية
وتنسى أن حياتها برمتها مشلولة.

قبل النهاية:

تتحدث فرانسيس بووث في كتابها (مصيدة التشتت)
عن دراسة صينية مؤلمة أجريت على شبان يعتمدون على شبكة الإِنْتَرْنِت
في جزء كبير من حياتهم وكانت النتيجة المؤثرة،
أن هذا الاعتماد دمر ركنين أساسين في حياة هؤلاء:
الذهول وانعدام التركيز الذي يعتبر مفتاح الفشل في الحياة
فأصبحوا ذاهلين عن كل شيء، والثاني ذبول التعاملات العاطفية،
ولَك أن تطبق النتيجة الأخيرة على علاقتك مع ربك،
وعلاقتك مع نفسك، وعلاقتك مع أحبابك؛
لتعرف جناية التقنية على حياتك
وكيف أصبحنا أحياء بلا حياة.

النهاية:
أنت من سيكتبها.




هند عامر

رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات