المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
الصلاة الخاشعة هي الراحة الدائمة للنفوس المطمئنة الواثقة بوعد ربها المؤمنة بلقائه . أين هذا من نفوس استحوذ عليها الهوى و الشيطان ؟! فلا ترى من صلاتها إلا أجساداً تهوي إلى الأرض خفضاً و رفعاً . أما قلوبها فخاوية ، و أرواحها فبالدنيا متعلقة ، و نفوسها بالأموال و الأهلين مشغولة . لما سمع بعض السلف قوله تعالى : { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمْ سُكَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ } [النساء:43] . قال : كم من مصل لم يشرب خمراً.. هو في صلاته لا يعلم ما يقول ، و قد أسكرته الدنيا بهمومها . أيها الإخوة ، و هناك نوع من الخشوع حذر منه السلف ، و أنذروا و سموه : خشوع النفاق . فقالوا : أستعيذوا بالله من خشوع النفاق . قالوا : و ما خشوع النفاق ؟ قالوا : أن ترى الجسد خاشعاً ، و القلب ليس بخاشع . و لقد نظر عمر رضي الله عنه إلى شاب قد نكس رأسه فقال له : يا هذا ، أرفع رأسك ، فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب ، فمن أظهر خشوعاً على ما في قلبه فإنما هو نفاق على نفاق . و قال الحسن: إن أقواماً جعلوا التواضع في لباسهم ، و الكبر في قلوبهم ، و لبسوا مداعج الصوف ـ أي: الصوف الأسود ـ و اللهِ لأَحدُهم أشدُّ كبراً بمدرعته من صاحب السرير بسريره ، و صاحب الديباج في ديباجه . فاتقوا الله – يرحمكم الله- و أحفظوا صلاتكم ، و حافظوا عليها ، و أستعيذوا بالله من قلب لا يخشع ، فقد كان من دعاء نبيكم محمد: (( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، و من قلب لا يخشع ، و من نفس لا تشبع ، و من دعوة لا يستجاب لها )) . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَـٰشِعِينَ } [البقرة:45، 46] . فأتقوا الله ـ معاشر المسلمينـو تخلقوا بأخلاق رسول الله و أهتدوا بهديه تفلحوا ، و يتحقق لكم ما وعدكم به من الاستظلال بظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله . بارك الله لي و لكم في الوَحيين ، و نفعني و إيّاكم بهدي سيِّد الثقلين ، أقول قولي هذا ، و أستغفر الله العظيم الجليل لي و لكم و لسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ ، فأستغفروه و توبوا إليه ؛ إنه كان توّابًا . الحمد لله المتفرد بالعظمة و الجلال ، المتفضل على خلقه بجزيل النوال . أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، و هو الكبير المتعال ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله، الداعي إلى الحق ، و المنقذ بإذن ربه من الضلال ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه خير صحبٍ و آلٍ ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم المآل . أمـــا بعـــد : أيها المسلمون ، يذكر أهل العلم وجوهاً عدة ، يتبين فيها حضور القلب ، و يتحقق فيها حال الخشوع ، و حقيقة التعبد . من هذه الوجوه : الإجتهاد في تفريغ القلب للعبادة ، و الإنصراف عما سواها ، و يقوى ذلك و يضعف بحسب قوة الإيمان بالله و اليوم الآخر ، و الوعد و الوعيد . و منها : التفهم و التدبر لما تشتمل عليه الصلاة من قراءة و ذكر و مناجاة ؛ لأن حضور القلب و التخشع و السكون من غير فهم للمعاني لا يحقق المقصود . و منها : الإجتهاد بدفع الخواطر النفسية ، و البعد عن الصوارف الشاغلة . و هذه الصوارف و الشواغل عند أهل العلم نوعان : صوارف ظاهرة و هي ما يشغل السمع و البصر ، و هذه تعالَج باقتراب المصلي من سترته و قبلته و نظره إلى موضع سجوده ، و الأبتعاد عن المواقع المزخرفة و المنقوشة ، و النبي لما صلى في خميصة لها أعلام و خطوط نزعها و قال : (( إنها ألهتني آنفاً عن صلاتي )) متفق عليه من حديث عائشة . و النوع الثاني : صوراف باطنة من تشعب الفكر في هموم الدنيا و أنشغال الذهن بأودية الحياة ، و معالجة ذلك بشدة و التفكر و التدبر لما يَقرأ و يَذكر و يُناجي . و مما يعين على حضور القلب ، و صدق التخشع ؛ تعظيم المولى جل و علا في القلب ، و هيبته في النفس ، و لا يكون ذلك إلا بالمعرفة الحقة بالله عزَّ شأنه ، و معرفة حقارة النفس و قلة حيلتها ، و حينئذٍ تتولد الاستكانة و الخشوع و الذل و الإنابة . أمرٌ آخر –أيها الإخوة– يحسن التنبيه إليه ، و هو دال على نوع من الإنصراف و التشاغل ، مع ما جاء من عظم الوعيد عليه ، و خطر التهاون فيه ، ذلكم هو مسابقة الإمام في الصلاة ، فما جعل الإمام إلا ليؤتم به ، فلا تتقدموا عليه ، و قد قال عليه الصلاة و السلام : (( أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار )) متفق عليه من حديث أبي هريرة . و في رواية : (( أو صورة كلب )) . و أنظروا إلى حال الصحابة رضوان الله عليهم مع نبيهم و إمامهم محمد ، يقول البراء بن عازب : كان خلف النبي فكان إذا انحط من قيامه للسجود ، لا يحني أحد منا ظهره حتى يضع رسول الله جبهته على الأرض و يكبر ، و كان يستوي قائماً و هم لا يزالون سجوداً بعد . و رأى ابن مسعود – رضي الله عنه – رجلاً يسابق إمامه فقال له : لا وحدك صليت ، و لا أنت بإمامك أقتديت . فأتقوا الله – يرحمكم الله – و أحسنوا صلاتكم ، و أتموا ركوعها و سجودها ، و حافظوا على أذكارها، و حسن المناجاة فيها ، رزقنا الله و إياكم الفقه في الدين و حسن العمل . ألا و أكثِروا ـ يرحمكم الله ـ من الصلاة و السلامِ على الحبيب رسولِ الله كما أمركم بذلك ربّكم جلّ في علاه ، فقال تعالى قولاً كريمًا : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب:56] ، و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه : (( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا )) . اللّهمّ فاجز عنّا نبيّنا محمّدًا خيرَ الجزاء و أوفاه ، و أكمله و أسناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ، و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول . اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد ، و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك . اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك أحبَّ إلينا من أنفسنا و الدينا و الناس أجمعين . اللهم أعزَّ الإسلام و المسلمين ... ثم باقى الدعاء أنتهت
|
|
|