حَدَّثَنَاالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُحَدَّثَنَاابْنُ نُمَيْرٍعَنْهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَعَنْ أَبِيهِ
رضى الله تعالى عنهم
عَنْأم المؤمنين أمنا السيدة /عَائِشَةَ/ رضى الله تعالى عنها و عن أبيها أنها قَالَتْ:
[ جَاءَ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ
حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
( فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ عَمُّكِ)
قَالَتْ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَ لَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ
قَالَ عليه الصلاة و السلام:
( فَإِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ) ]
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ غَيْرِهِمْ كَرِهُوا لَبَنَ الْفَحْلِ وَ الْأَصْلُ فِي هَذَا حَدِيثُعَائِشَةَ
وَ قَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ وَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ.
الشــــــــروح
الفَحلْ : بِفَتْحِ الْفَاءِ وَ سُكُونِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ : الرَّجُلُ ، وَ نِسْبَةُ اللَّبَنِ إِلَيْهِ مَجَازِيَّةٌ لِكَوْنِهِ السَّبَبَ فِيهِ ،
قَالَ الْقَاضِيعَبْدُ الْوَهَّابِيُتَصَوَّرُ تَجْرِيدُ لَبَنِ الْفَحْلِ بِرَجُلٍ لَهُ امْرَأَتَانِ تُرْضِعُ إِحْدَاهُمَا صَبِيًّا ،
و الْأُخْرَى صَبِيَّةً ، فَالْجُمْهُورُ قَالُوا :يَحْرُمُ عَلَى الصَّبِيِّ تَزْوِيجُ الصَّبِيَّةِ ، و قَالَ مَنْ خَالَفَهُمْ يَجُوزُ .
ذَكَرَهُ الْحَافِظُ وَ يَجِيءُ تَفْسِيرُ لَبَنِ الْفَحْلِ فِي الْبَابِ عَنِابْنِ عَبَّاسٍرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
قَوْلُهُ : ( جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ )
و فِي رِوَايَةِالْبُخَارِيِّ : إِنَّ أَفْلَحَ أَخَاأَبِي الْقُعَيْسِ - جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا ،
وَ هُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ
( فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ ) أَيْ : لِيَدْخُلْ
( إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَ لَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ ) و فِي رِوَايَةِالْبُخَارِيِّفِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ :
فَإِنَّ أَخَاهُأَبَا الْقُعَيْسِلَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي ، وَ لَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُأَبِي الْقُعَيْسِ
(قَالَ فَإِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ- النكاح -
حَتَّى تَثْبُتَ الْحُرْمَةُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ اللَّبَنِ كَمَا ثَبَتَتْ مِنْ جَانِبِ الْمُرْضِعَةِ ،
فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَثْبَتَ عُمُومَةَ الرَّضَاعِ وَ أَلْحَقَهَا بِالنَّسَبِ .
قَوْلُهُ : ( وَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ
مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، وَ غَيْرِهِمْ كَرِهُوا لَبَنَ الْفَحْلِ )
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
كَالْأَوْزَاعِيِّفِيأَهْلِ الشَّامِ ،وَ الثَّوْرِيِّوَ أَبِي حَنِيفَةَوَ صَاحِبَيْهِ فِيأَهْلِ الْكُوفَةِ
وَ ابْنِ جُرَيْجٍفِيأَهْلِ مَكَّةَ ،وَ مَالِكٍفِيأَهْلِ الْمَدِينَةِ ،وَ الشَّافِعِيِّ،
وَ أَحْمَدَ وَ إِسْحَاقَوَ أَبِي ثَوْرٍوَ أَتْبَاعِهِمْ إِلَى أَنَّ لَبَنَ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ ،
وَ حُجَّتُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ .يَعْنِي : حَدِيثَعَائِشَةَالْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ
( وَ قَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِالْعِلْمِ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنِابْنِ عُمَرَوَ أَبِي الزُّبَيْرِ
وَ رَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ، وَ غَيْرِهِمْ ، وَ مِنَ التَّابِعِينَ عَنْسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِوَ أَبِي سَلَمَةَ
وَ الْقَاسِمِوَ سَالِمٍوَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍوَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ
وَ الشَّعْبِيِّوَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَ غَيْرِهِمْ ،
و احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}
وَ لَمْ يَذْكُرْ الْعَمَّةَ وَ الْبِنْتَ كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي النَّسَبِ .
وَ أُجِيبُوا بِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ ،
وَ لَا سِيَّمَا وَ قَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ ، و احْتَجَّ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ بِأَنَّ اللَّبَنَ
لَا يَنْفَصِلُ مِنَ الرَّجُلِ ، وَ إِنَّمَا يَنْفَصِلُ مِنَ الْمَرْأَةِ فَكَيْفَ تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ إِلَى الرَّجُلِ ،
و الْجَوَابُ : أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ ،
وَ أَيْضًا فَإِنَّ سَبَبَ اللَّبَنِ هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ مَعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا ،
وَ إِلَى هَذَا أَشَارَابْنُ عَبَّاسٍبِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : اللِّقَاحُ وَاحِدٌ وَ أَيْضًا فَإِنَّ الْوَطْءَ يُدِرُّ اللَّبَنَ ،
فَلِلْفَحْلِ فِيهِ نَصِيبٌ.
( وَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ) فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ،
وَ لَمْ يَثْبُتْ الْقَوْلُ الثَّانِي بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ .