المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
54 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / ( الساعـــــة )
54 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان / ( الساعـــــة ) الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ الحمد لله خالق كل شيء ، و رازق كل حي ، أحاط بكل شيء علماً ، و كل شيء عنده بأجل مسمى ، أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره و هو بكل لسان محمود ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و هو الإله المعبود . و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ، صاحب المقام المحمود ، و الحوض المورود ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه الركع السجود ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود ، و سلم تسليماً كثيراً . أمّـــا بعـــد : فاتَّقوا الله عبادَ الله ، و اعلَموا أنّ الدّنيا تجرِي إلى فنائِها في تعادِيهَا ، و أنَّ الظَّفَر و الفَلاحَ لمن يعاديها ، و قد لاحَت ـ يرحمكم الله ـ أمَارَات لدُنُوِّ بوارِها و تلاشِيها ، فصونُوا النفوسَ عمّا يوبِقها و يُخزيها ، و تجمَّلوا للسَّاعة بالتقوَى فنِعمتِ الزاد لملاقِيها ، أيّها المسلِمون ، للعقيدةِ التي جاءَت بها شَريعتُنا الغرّاءُ فغرَسَتها في نفوسِ المسلِمين و أقامت علَيها أجلَى البراهينِ أثرٌ كبير في استقامةِ المسلم و هُداه و بلوغِه من الرّضا عن ربِّه عُمقَه و مداه ، من ذلكم ـ يرعاكم الله ـ عقيدةُ الإيمانِ باليوم الآخر و قضيّةُ الساعة و ما يتقدَّمها من أمارات و علاماتٍ ، من أيقنَها و تدبَّرها غمَرته عظمتُها و رَهبَتها، و أذهَلَته سَطوَتها و هَيبَتُها ، و استَحكَم في شغَافِه إيمانُه بصاحبِ الرسالة ، و أسلَم مُنقادًا لكلِّ ما أخبر به منَ الغيوبِ ، صَلَوات ربي و سلامه عليه ، { ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } [البقرة: 232] . إخوةَ العقيدة ، و كَونُكم هذا بَديعُ النِّظام المخلُوقُ على أحكمِ دِقّةٍ و أبلغ تصوير بكواكبِه و شموسِه و أراضيه و محيطاته سيؤول بجبروتِ الله إلى الانفطارِ و الانتثارِ و الدّمارِ و الاندِثار، ثمّ مصير البرايَا إلى جنّةٍ أو نار ، جعَلَنا الله و إيّاكم في دار الأبرار . و قد أخبر جلَّت حِكمته عن قربِ ذلك و دنوِّه : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } [الأنبياء: 1] ، و جعَل الملك الديّانُ لميقات ذلك أشراطًا سابِقَة و فتنًا ممحِّصات و محنًا مبتلِيَات، يقول تعالى : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا } [محمد: 18] ، ويقول صلى الله عليه و سلم : (( إنَّ بين يدَيِ الساعةِ فتَنًا كقِطَع الليل المظلِم ؛ يصبِح الرجل فيها مؤمنًا و يمسِي كافرًا ، و يمسِي مؤمنًا و يصبح كافرًا )) أخرجه الإمام أحمد و غيره . إخوة الإيمان ، و أشراطُ الساعة قسمان : صغرى و كبرى . أمّا الصغرى فمنها ما مضى و انقضَى ، كَبعثةِ الرسول صلى الله عليه و سلم لقوله عليه الصلاة و السّلام : (( بُعِثت أنا والساعة كهاتين )) يشير بأصبعَيه فيمدّهما . أخرجه البخاري . و في رواية لأحمد : (( إن كادَت لتسبقني )) . و فتح بيتِ المقدِس و ظهورِ الخوارج و ظهورِ مُدَّعي النبوّة ، يقول صلى الله عليه و سلم : (( لا تقوم السّاعةُ حتى يُبعَثَ دجّالون كذّابون ، قريب من ثلاثين ، كلّهم يزعم أنّه رسول الله )) أخرجه البخاري . و قد ظهر على عهده و بَعدَه صلى الله عليه و سلم كثيرٌ منهم . أيها المؤمنون ، و أشراط الساعة الصّغرى التي صحَّت بها الأحاديثُ وقع كثيرٍ مِنها في هذه العصور ، و لا تزال في ازديادٍ و انتشار ، مِن أعظمها ظهورُ الشرك في أمّة التوحيد ، و هذه الرزيّة قد استَحَكمت في كثير مِن الأقطار الإسلامية ؛ حيث بَنَى فِئامٌ منَ الناس المشاهدَ على القبور ، و طافوا بها و تمسَّحوا بستورها ، و نذروا لها من دونِ الله ، و أَمُّوها بالتبرُّك و الرجاء و كشفِ الكرباتِ و الالتِجاء ، و في هذهِ العلامةِ يقول صلى الله عليه و سلم : (( لا تقوم الساعةُ حتى تلحَق قبائل مِن أمّتي بالمشركين ، و حتى تعبدَ قبائل من أمتي الأوثانَ )) أخرجه أبو داود و الترمذي . و من أشراطِ الساعة الصُّغرى ظهورُ المعازف و استحلالها و فشوُّها و استِفحالها، عن سهل بن سعد أن رسولَ الله صلى الله عليه و سلم قال : (( سيكون في آخرِ الزمان خَسفٌ و قذف و مَسخ )) ، قيل : و متى ذلك يا رسول الله ؟ قال : (( إذا ظهَرتِ المعازف و القيناتُ )) أخرجه الهيثميّ في مجمعهِ و الطبرانيّ في معجمه . و القيناتُ المغنِّياتُ ، و قد عظُم ظهور هذا الفسادِ و انتشر و استشرَى فحشه في الأرض و أضرّ . و مِن العلامات التي ضجَّت منها كثيرٌ من الأفاق و عمَّ شرُّها الأرجاء فشوُّ الكاسِيات العاريات ، يقول صلى الله عليه و سلم : (( صنفان من أهل النار لم أرهما )) ، و ذكر منهما : (( و نساء كاسياتٌ عاريات مميلات مائلات ، رؤوسهم كأسنمة البُخت المائلة ، لا يدخلن الجنةَ و لا يجدن ريحها )) أخرجه مسلم . و هذه الأمارةُ ظهرت قبل عصرِنا ، و هي فيه أكثر ظهورًا و أشدُّ حسورًا . و يدخل في معاني الحديثِ الملابسُ الضيّقَة المخصَّرة التي تصِف و إن لم تُشِف . و إنك لسامعٌ وَراءٍ عَجبًا ممّا يُبَثّ عبر القنوات و الفضائيات المعاصرة . معاشر المسلمين ، و من الأشراطِ التي أدمت المآقي و قطعت نياط القلوب ، كثرةُ القتل و إراقةِ الدماء ، عن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( بين يدَيِ الساعة أيّامُ الهرج ، يزول العلم ، و يظهَر فيها الجهل )) أخرجه البخاري ، و الهرجُ القتلُ ، و عند أحمد : (( إنّه ليس بِقَتلكم المشركين ، ولكن يقتل بعضُكم بعضًا ، لا يدري القاتل فيم قَتل ، و المقتول فيم قُتِل )) . و هذه العلامةُ قد ظَهَرت بجلاءٍ و وضوح ، و سرَت في كثيرٍ من الأقطار ، فلم يبقَ في العالم المتحارِب بلدٌ ـ إلا مَن رَحم الله ـ دونَ هرجٍ و سفكٍ و قلاقل ، و لا تسَل ـ يحماك الباري ـ عن سائر الحروب ، و ما جرَّته و تجرُّه من هرجٍ و مرج و نَسفٍ و اغتيال و تفجيرٍ و تَدمير و احتيالٍ . و من العلامات ظهورُ موتِ الفجأة ، فعن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه قال : قالَ رَسول الله صلى الله عليه و سلم : (( مِن أماراتِ الساعة أن يظهَرَ موتُ الفجأة )) أخرجه الطبراني . و هذه الأمارة لم يسلم منه كثيرون ، فكم من مصبّح في أهله معافى أمسى في لحده مدرجًا . و من الأمارات الصغرى التطاول في البنيانِ ، يقول صلى الله عليه و سلم في حديثِ جبريل المشهورِ : (( و أن ترى الحفاةَ العراة العالةَ رعاءَ الشاء يتَطاوَلون في البُنيان)) ، الله المستعان ، فكيف بعَصرنا الذي عمَّت فيه الشاهقات و كثُرت فيه الناطِحات . و كذا تقارُب الزمان ، صحَّ عند أحمد و غيره : (( لا تقوم الساعة حتى يتقارَبَ الزمان ، فتكون السنةُ كالشهر ، و يكون الشهر كالجمعة ، و تكون الجمعة كاليوم )) , علّق الحافظ ابن حجر يرحمه الله بقوله : " فإنّنا نجِد في سرعةِ الأيام ما لم نجِده في العصر الذي قبلنا " ، الله المستعان ، فكيف ـ يا عبادَ الله ـ بزماننا الذي طوَّحت فيه السنوات و نُزِعت البركات ؟ ! أمّةَ الإسلام ، و من الأمارات التي نجَمَت في هذه الأوقات و صحَّ خبرها عن الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم انتشارُ الربا و الزلازل [ و خَفضُ ] الصالحين و ارتفاعُ الأسافل و ضياعُ الأمانةِ و تَوسِيد الأمرِ إلى غيرِ أهله و التِماس العلمِ عند الأصاغِر و تقارب الأسواقِ و كثرة النساء و ظهور الفاحشة و ذيوعُ الكذِبِ و الإشاعاتِ و التهاوُن بالسنن ، و صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم : (( بدأ الإسلام غريبًا ، و سيعود غريبًا كما بدأ ، فطوبى للغرَبَاء )) . أيّها الإخوة الأحبّةُ في الله ، و يلي ظهورَ الأشراط الصغرى الأشراطُ الكبرى العِظام التي تَتزَلزَل لها الأركانُ ، و تكون منذِرةً بدُنوِّ قيامِ الأنامِ للمَلِك العلاّم ، و في تتابُعِها إثرَ بعضها يقول صلى الله عليه و سلم : (( الآياتُ خَرَزات منظوماتٌ في سِلك ، فإن يقطع السِّلك يتبَع بَعضُه بعضًا )) أخرجه أحمد بسند صحيح. أولها : خروجُ المهديّ من قبل المشرق يبايَع له عند البيت ، يملأُ الأرضَ عدلاً و قِسطاسًا بعد أن مُلِئَت جورًا و ظلماً ، عَن أبي سعيدٍ الخدريّ رضى الله تعالى عنه انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( أبشِّركم بالمهديِّ ، يُبعَث على اختلافٍ من الناسِ و زلازل ، فيَملأ الأرض قسطًا و عدلاً كما ملِئَت ظلمًا و جورًا ، يرضَى عنه ساكن السماء و ساكن الأرض )) أخرجه أحمد و الهيثمي . تَلي تلك الأمارةَ الكبرى ظهورُ المسيح الدَّجّال منبَع الكفر و الإضلال بفتنَتِه العظمى للخلائق ؛ لما أُوتِيَ مِن معجّباتٍ و معجزات ، تحيلُ مَن كان من الإسلام على شك إلى ارتدادٍ و كفر و ضلال ، وقانا الله فِتنَتَه و كفانا محنَتَه ، مسيحُ إحدى العينين ، مكتوب بينهما : " كافر " ، عن النواس بن سمعان رضى الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم واصفًا خوارقَ الدجال : (( يأمر السماء فتمطر ، و الأرض فتنبت ، و يمرّ بالخَرِبة فيقول لها : أخرجي كنوزَك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيبِ النحل ، ما من بلدٍ إلا سيدخلُه إلاّ مكّةَ و المدينة ؛ فإنهما محرَّمَتان عليه )) ، و قد حذَّر النبيُّ المختار تلبِيسَه و تدليسه بأجلَى الأوصاف و أشدِّ الإنذار ، يقول عليه افضل الصلاة و أزكى السلام في التوقِّي من شرِّه : (( إذا تشهَّد أحدكم فليستعذ بالله من أربع )) ، و ذكر منهن : (( و أعوذ بك من شرِّ فتنة المسيح الدجال )) ، و قال عليه الصلاة و السلام : (( من حفِظ عشرَ آيات من أوّل سورة الكَهف عصِمَ من الدجال )) أخرجه مسلم . و ثالث الأشراطِ العظام نزولُ عيسى ابنِ مريم عليه السلام من السماءِ نزولاً حقيقيًّا بروحِه و جسده ، حَكَمًا عدلاً ، ماكثًا في الأرض أربعين سنَة ، يقتل الخنزيرَ ، و يكسر الصليبَ ، و يقتل الدّجّال ، و تُمحَى عن الدنيا أعظمُ فتنة و محنَة ، و يبارِك الله في الأوقاتِ و الأقواتِ . و مِن الأماراتِ خروجُ يأجوجَ و مأجوج ، و هم قومٌ أقوياء لا قِبَل لأحدٍ بقتالهم ، كأنَّ وجوهَهم المجان المطرَقَة ، لا يمرّون بماء إلا شرِبوه ، و لا بشيءٍ إلا أفسدوه ، و ذلك على عهد عيسى عليه السلام ، فيدعو اللهَ عزّ و جلّ فيمِيتُهم بنغَفٍ في أقفائهم ، ثم يُنبَذون في البحر ، كما في الحديث عند مسلمٍ و غيرِه . و خامس الأشراطِ الكبرى التي يرسِلها الله ابتلاء و اختبارًا و يظهِرُها تخويفًا و إنذارًا خُسوفاتٌ ثَلاثة تحلُّ دونما تريث ، فتنبت الخيفةَ من غضب الله و عقابه ، و تحث إلى مرضاته و ثوابه ، عن حذيفةَ رضى الله تعالى عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إنَّ الساعة لن تقومَ حتى ترَوا قبلَها عشرَ آيات )) ، و ذكر منهن : (( خسفٌ بالمشرق ، و خسف بالمغرب ، و خسفٌ بجزيرة العرب )) أخرجه مسلم . إخوةَ الإيمان ، و سابعُ تلك الأماراتِ الكبريَات ظهورُ الدخان ، دخانٌ يملأ الأرجاءَ ، ما بين الثرى و السماء ، تكونُ منه الدّنيَا كبيتٍ أُوقِد فيه ، يقول الحق سبحانه و تعالى : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ) [الدخان: 10] . و أمّا ثامِنُها فطلوعُ الشمس من مغربها ، تلك الشمس التي عُلِّقت بين الكواكب ساعَة إلى قيام السّاعَة ، يظنّ اللاّهون أنَّ في طلوعها فرصة سانحة للتوبة ، و هي في حقيقتها فيصل بين الكفر و الإيمان ، يقول صلى الله عليه و سلم : ((لا تقوم الساعة حتى تطلُع الشمس من مغربها ، فإذا طلَعَت فرآها الناس آمنوا أجمعون ، فذاك حين لا ينفَع نفسًا إيمانها لم تكن آمنَت من قبل أو كسَبَت في إيمانها خيرًا )) أخرجاه. أيّها الخاشون للساعة ، يقول الحقُّ تبارك و تعالى : ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) الآية [النمل: 82] ، تلكم هي الآيةُ الكبرى التاسِعَة ، دابّةٌ تنطِق و تُدِين بين يدَي يومِ الدين ، مخرجُها بَلدُ الله الأمين ، تجلو تلك الدابّةُ وجهَ المؤمن ، و تخطِم أنفَ الكافِر ، فرُحماك ربَّنا رُحمَاك . ألا فاتَّقوا الله عبادَ الله ، و ادَّكِروا بهذه الأشراط في كلِّ الأحوال ، و ازدَلفوا إلى ربِّكم بصالح الأعمال ما دمتم في فسحة وسعة ، و الله المسؤولُ أن يوقِظَنا من رقدة الغفلة ، و أن يتدارَكَنا بالتوبة و الإنابةِ ما دُمنا في زمن المُهلة ، إنّه جوادٌ كريم . بارك الله لي و لكم في القرآن العظيم ، و جعلنا و إياكم بعظاته معتبرين ، و لآياته متدبِّرين ، أقول قولي هذا ، و أستغفِر الله العظيم الجليل لي و لكم ، فاستغفروه ثم توبوا إليه ، إنَّ ربي قريبٌ مجيب .
|
#2
|
|||
|
|||
الحمد لله وليِّ مَن كان تقيًّا ، و أصلّي و أسلِّم على سيدنا و نبينا محمّدٍ من قرَّبه ربّه نجيًّا و كان به حفيًّا ، صلّى الله و سلَّم و بارك عليه ، و على آلِه و صحبِه الذين كان كلٌّ منهم راضيًا مرضيًّا . أمّـــا بعـــد : فاتقوا الله عباد الله ، فمن لزم التقوى أمِن غِيَر الفِتَن ، و نجا بإذن الله في صروفِ المحن . أيها المؤمنون ، و عاشرُ الأشراط و ختامُها المؤذِنَة بوشيكِ ساعة القيامِ ظهورُ نارٍ مِن قَعر عَدَن ، تسوقُ الناسَ إلى أرضِ المحشَر في الشّام ، تَقيل معهم حيث قالوا ، و تبيت معهم حيث باتوا ، كما صحّ بذلك الخبر عن سيِّد البشر عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام . يعقُب تلك الآياتِ القاهرات ـ و لله الأمر من قبلُ و من بعد ـ أمرُ اللهِ للدّنيا بالزوال و الأفُولِ ، و للكَون بالنهاية و القُفول ، فينفَخ في الصور ، و تبعَث الخلائق من القبور لأهوالِ يومِ النشور . إلى عمل محسوبٍ و ميزانٍ منصوب و مُجَازٍ عظيمٍ ، في يوم يكثر فيه الراجون ، و يقل فيه الناجون ، فيا له من يومٍ هائل عصيب ، يشتدّ فيه الهلعُ و الوجل ، فاللّهمّ سلّم سلّم . أيّها الإخوة الأحبّةُ في الله ، و ممّا يجمُل التنبيهُ إليه كونُ ميعاد الساعة غيبًا لا أحدَ يعلم تأريخه و لا تحديده إلا الله ، ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ) [النازعات: 42-44] . و كونُ ظهورِ بعضِ الحوادثِ العالميّة أو الكوارِثِ الكونيّة و تطبيقُها على أنها المقصودَة في الأشراط فباطلٌ لا يصحّ ، فالحذر الحذَر من الجزمِ في تنزيل نصوصِ الوحي و أشراطِ الساعة على حوادثِ العصر و قضايا الواقِع و وقائعِ هذا الزمان ، و التلبيس على الناس في ذلك ، و القطع بتحديدها ، كما يحصل من بعض المفتونِين على نوازِلَ بأعيانها و أشخاص بذواتهم ، و مرَدّ بيان ذلك إلى أهلِ العلم الربّانيِّين ، و تلك الإشاعاتُ ـ على ما سبقَ ـ من صُغرى العلامات . كما يُستَلطَف بالإشارةِ إلى أنّه ينبغي الاتعاظ و الاعتبار بقوارع الدهر و حوادث الكون ، فما حصل بالأمس و يحصل اليوم ما هو إلا من آيات الله و نذره ( وما نرسل بالأيات إلا تخويفاً ) فالله الله في الرجوع إلى الله ، و محاسبة النفس قبل فوات الأوان ، فالمؤمن كيس فطن ، و العاقل الحصيف من اتعظ بغيره و لم يتعظ به الآخرون . أيها الإخوة في الله ، و مِنَ المبشِّراتِ في زمن التحدّيات و في سياق الحديث عن أشراط الساعة قولُه صلى الله عليه و سلم فيما أخرجه الشيخان من حديثِ أبي هريرةَ رضى الله تعالى عنه : (( لا تقوم الساعةُ حتى تقاتِلُوا اليهودَ ، حتى يقولَ الحجر : يا مسلم ، هذا يهوديّ ورائي فاقتله )) . اللّهمّ يا مولاَنا و خالِقَنا و رازِقَنا ، انصرنا على أعدائنا ، و ارحمنا و اغفِر لنا و اعفُ عنّا فضلاً وجودًا و منًّا لا باكتِسابٍ مِنَّا ، و اختِم لنا أعمارنا بخير ، و اجعل عواقب أمورنا إلى خَير ، و مُنَّ علينا بالتوبة و الإنابة ، و اجعَل بلادنا آمنة مطمئنة و سائر بلاد المسلمين ، يا خيرَ مسؤول ، و يا أكرمَ مأمول . هذا وصلّوا و سلّموا ـ رحمكم الله ـ على إمامِ الأنبياء و سيِّد البريّات ، المبعوثِ رحمةً بختامِ الرّسالات ، و المُخبِر عن المغيَّبات بأصدَقِ البيِّنات ، و على آلِه الطاهرين و زوجاته الطاهرات ، و صحبه البرَرَة بدورِ الدُّجُنّاتِ ، كما أمركم ربكم بذلك في محكمِ الآيات ، فقال تعالى و هو الصادق فى قيلِه و فى أحسن تنزيله قولاً كريمًا : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56] . اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على نبيِّنا محمَّد بن عبد الله ، النّبيّ المصطفَى و الرسول المجتَبى و الحبيب المرتَضَى ، و على آله و أصحابه و من سارَ على نهجِهم و اقتفى ، يا خير من تجاوز و عفا . اللَّهمّ أعزَّ الإسلام و المسلمين ، و أَذِلّ الشركَ و المشركين ، و دمّر أعداءَ الدين... و الدعاء بما تحبون و من خالقكم ترجون فأنه بنا لطيف خبير سبحانه و تعالى أنتهت |
|
|