[vip_vip]

أمرنا أن ننزل الناس منازلهم

ومن تطبيقات خلق الذوق.. الذوق مع أصحاب المراكز
العليا أمثال: أستاذ الجامعة و المدرس ،والمدير،
و الأب، فمن السنّة أن ننزل الناس منازلهم الا في حالة
الحرب ، وتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم.


يبعث برسالة لكسرى ملك الفرس الذي يسجد للنار.


فيقول له:" من محمد رسول الله الى كسرى عظيم
الفرس".


ويبعث الى هرقل ملك الروم..


فيقول له :" من محمد رسول الله الى هرقل عظيم
الروم".رواه البزاز في مسنده.


يا الله.. كيف ذلك انهم كفار؟..

إن الأخلاق عندنا لا تتجزأ.. إننا نعامل الناس بأخلاقنا
لا بأخلاقهم.. إياك أن تقول لمديرك :"أنت" لقد خالفت
النبي محمد صلى الله عليه وسلم بفعلك هذا.. قل:
" حضرتك".. نريد بأخلاق الاسلام أن تحدث طفرة في
مجتمعاتنا.. وينتشر الذوق والآدب الرفيع انتشارا
كبيرا.. ولن يحدث ذلك الا بذوقك أنت وبأدبك أنت..



أدب العباس:

من الذوقيات الهامة.. الذوق والأدب مع أصحاب الفضل
عليك....!!

إن كل من كان له فضل عليك.. كان له حق عليك،
وأول هذه الحقوق أن تتأدب معه، وانظر الى أدب
العباس فمن المعروف أن العباس أكبر سنا من
النبي صلى الله عليه وسلم.

فحينما سئل العباس: أأنت أكبر أم رسول الله؟


فقال كلمات رقيقة.. كلها أدب وذوق وحب..


قال: هو أكبر مني وأنا ولدت قبله.


ومن يفعلها سواك يا أبا بكر


حينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو وسيدنا
أبو بكر انتظره الأنصار على مشارف المدينة.. ولم يكن
الأنصار يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم، فرأوا
راحلتين قادمتين، وكان سيدنا أبو بكر الصديق هو
المتقدم، لأنه كان خائفا على النبي صلى الله عليه وسلم
فكان يحميه فظن الأنصار أن الرسول هو أبو بكر
الصديق فأسرعوا نحو ناقة أبي بكر وأخذوا خطامها.

إنه موقف حرج.. كيف تصرّفت فيه يا أبا بكر؟ هل قلت
لهم: لست أنا برسول الله إنني أبو بكر؟ فإنك لو قلت
هذا لما كانت لطيفة... فماذا فعلت يا أبا بكر!؟
لقد خلع رداءه وأظل به رأس النبي صلى الله عليه وسلم
فكانت لمحة طيبة وذوقا رفيعا فعرف الأنصار أنه ليس
برسول الله صلى الله عليه وسلم وأسرعوا الى
النبي صلى الله عليه وسلم.


حقا... إنه أبو بكر الصديق


إن الله يحب الصمت في ثلاث..!

سبحان الله.. تجد العجب العجاب في الجنائز.. فتجد
زوجة المتوفي تبكي بكاء شديدا..وبقية النساء وكأنما
وجدن حفلة كلام، فتجدهن يتكلمن ويتكلمن،
وسبحان الله.. كلامهن لا ينتهي وكذلك حال الرجال
ولكن ليس بقدرة النساء..

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يحب
الصمت في ثلاث: (1) عند الزحف
(2)عند تلاوة القرآن
(3) عند تشييع الجنائز.


فثلاث مواضع يحب الله فيهم الصمت، منها:
عند تشييع الجنائز.


بالله عليكم راعوا شعور أهل الميت.


التوازن والاعتدال

وأخيرا.. من الذوق في التعامل مع الناس نقطتان:

الأولى: أن المبالغة في الذوق من قلة الذوق.


بمعنى: ألا تتكلف في الذوق.. فمثلا عند عيادتك
للمريض قلنا لا تطيل إلا إذا أذن لك او كان يأنس بك
فيطلب منك أن تجلس، ويقسم عليك.

فلا تبالغ في الذوق وتقول: لقد علمونا ألا نطيل على
المريض، أنا عندي ذوق.. المريض يقسم عليك، وأنت
مصر.. إن المبالغة في لذوق من قلة الذوق ولتعلم
المطلوب..

إليك هذه المقولة للامام الشافعي:


يقول:"أثقل إخواني على قلبي من يتكلف لي وأتكلف
له وأحب اخواني الى قلبي من أكون معه كما أكون
وحدي"

الثانية: أن المبالغة في الجدية من قلة الذوق أيضا...

فعدم الضحك والمبالغة في ذلك ليس من الذوق في
شيء.. إياك أن تفهم أن عدم الضحك من الذوق.
لا بد للانسان أن يفهم دينه فهما صحيحا.. لا إفراط
ولا تفريط.

أخيرا الأدب مع الله

انتهينا من الأدب مع الخلق في البيت وفي الشارع
وعند من نزور وفي المناسبات..


عليك بصيانة ثلاث..

والأدب مع الله يكون بثلاثة أشياء..

الأولى: صيانة فكرك.


وصيانته بألا تلحق بالله أي نقيصة،
فهذا ليس بأدب مع الله.

الثانية: صيانة قلبك.


وصيانته بألا يلتفت لغير الله.. صيانته بأن تجعله
عامرا بحب الله.. فإنه ليس من الأدب مع الله أن تقف
في الصلاة وقلبك معلق بأحد غيره
الثالثة: صيانة أفعالك.


وصيانتها بألا تفعل شيئا يغضب الله عز وجل...

يقول العلماء:" من تأدب بهذه الثلاث ـ فكره ينزه الله،
وقلبه مع الله وأفعاله ترضي الله ـ فهو من أهل محبة
الله عز وجل".


نبي الله عيسى والأدب مع الله

إليك هذه الآيات.. اقرأها بقلبك... يقول تعالى

{وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس
اتخذوني وأمي الهين من دون الله} المائدة.

ماذا كان رد سيدنا عيسى؟.. هل قال: لا لم أقل
يا رب....

لقد قال :{ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس
لي بحق، إن كنت قد قلته فقد علمته ، تعلم ما في
نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنّك علام الغيوب*
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به، أن اعبدوا الله ربي
وربكم، وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم،
فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم،
وأنت على كل كل شيء شهيد} المائدة

انظروا.. إنه أدب في التعامل مع الله.. كلمات
يملؤها الأدب الجم مع الله عز وجل.


وكأنك تقرأ الآيات لأول مرة..!!

وعليك الآن سورة الكهف.. إننا تقرأها كثيرا ولكننا لم
نلاحظ فيها هذا الأدب مع الله عز وجل.. أرك تتعجب
من هذا الكلام.. في قصة موسى والخضر..

فالخضر فعلا ثلاثة أمور.


الأول: كسر السفينة.


الثاني: قتل الغلام.


الثالث: بناء الجدار.

الأولى والثانية ظاهرها شر، والثالثة ظاهرها خير،
ولذلك من أدبه حين تكلم عن الأولى والثانية قال:

{ أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر
فأردت أن أعيبها} الكهف ، ولم يقل أراد الله.

{وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا} ولم يقل فخشي الله

ولكنه حينما تعرض للثالثة قال:


{وأما الجدار فكان اغلامين يتيمين في المدينة وكان
تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا
أشدّهما ويستخرجا كنزهما} الكهف ، ولم يقل فأردت
ما رأيك في هذا الأدب؟.. هل صدقتني حينما قلت لك:
وكأنك تقرأ الآيات لأول مرة.

والآن وبعد هذا الفهم أعتقد أنك لن تخطئ في أن
تعيش مع هذه الآيات أليس كذلك..!؟


من أسوأ الناس أدبا مع الله؟

هل عرفتموهم ..

نعم إنهم اليهود، لقد قالوا:
{ يد الله مغلولة، غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا،
بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} المائدة.


أنظر الى سوء الأدب مع الله.. تصل بهم الدرجة أن
يقولوا هذا على الله.
وقالوا أيضا:{ إن الله فقير ونحن أغنياء} آل عمران.
حاشا لله.. إنهم والله أسوأ خلق الله.


فلقد لعنهم الله لسوء أدبهم واجترائهم عليه.

ونحن أيضا متفاوتون في الأدب مع الله.. إياك أن تشعر
بأني أقارن أو أشبه المسلمين باليهود. ولكن افهم،
وركز في الكلمات.. أقول متفاوتون في الأدب مع الله..
افهم حفظك الله

فمنا من يترك المعاصي أدبا مع الله
ومنا من يتجمل ويلبس أفخر الثياب، ويضع أفضل
العطور عند صلاته بالليل والناس نيام.. فإنه سيلقى
الله فمن أدبه يفعل ذلك.


ومنا من يستاك قبل كل صلاة أدبا مع الله حتى يقابله
نظيف الفم، طيب الرائحة.


ومنا من إذا سمع الأذان توقف عما يفعل، وسمع وردد
الأذان تعظيما لشعائر الله.


ومنا من إذا سمع القرآن أنصت وأطرق.


ومنا من يفعل كذا وكذا وكذا..


وكلّ منا له حاله مع الله.


ولله المثل الأعلى

إليك هذا المثال..


لو أن هناك ملكا طلب مقابلة فرد من الرعية..
فمن يسمح له بالمقابلة؟ هل لفرد قليل الأدب أم يسمح
لفرد شديد الأدب؟.. ولله المثل الأعلى.


ان الله يدخل عباده عليه على قدر أدبهم معه.


إنها لكلمات تؤثر في القلب أيما تأثير.. وتدمع لها
العين.. فمن منا لا يحب أن يكون مؤدبا مع ربه
حريصا على إرضائه؟ اللهم ارزقنا حساسية النفس
المؤمنة.


أدبني ربي فأحسن تأديبي

من هو أكثر الناس أدبا مع الله؟


إنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم... ولذا فلقد وصل
الى سدرة المنتهى.. نعم أما قلنا أن الله يدخل عباده
عليه على قدر أدبهم معه.. ففي الاسراء والمعراج
وصل النبي صلى الله عليه وسلم الى سدرة المنتهى؛
لأنه أكمل الخلق أدبا.


قال تعالى:


{ما زاغ البصر وما طغى} النجم.


كان في غاية الأدب أثناء هذه الزيارة صلى الله عليه وسلم.
ومن أكثر أدبا منك يا رسول الله، فلقد أدبك ربك،
وذلك فيما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله :
" أدبني ربي فأحسن تأديبي".

والآن حان وقت الوداع..

فإنني أستودع الله دينكم، وأماناتكم، وخواتيم
أعمالكم.. وأوصيكم بالذوق خيرا، واعلموا أنكم
قد عرفتم كما قيل في الأثر:

"ويل لمن لا يعلم وويل لمن علم سبع مرات".

تم بحمد الله