[هيفولا]

لا يزال هؤلاء بيننا

أحمد دحمان







صباح الجمعة الماضي ذهبت لتناول وجبة الإفطار مع أحد الأصدقاء،

وبعد أن جلسنا لاحظ صاحبي أربعة عمال جالسين على إحدى الطاولات،
فأشفق عليهم وقام إليهم وقال لهم «اطلبوا ما شئم على حسابي».


تناولنا الإفطار ثم تفاجأنا برجل لا يعرفه صاحبنا إلا وجهاً

وهو يقول «ترون حاسبت على الفطور» ثم خرج من المطعم

ليترك صاحبنا في حالة ذهول وتعجب وكيف عوضه الله في الحال

وكافأه على صنيعه بعطفه على أولئك المساكين.




الواجبات الدينية لها وظائف اجتماعية وإنسانية،
ويخطئ من يظن أن الزكاة تقتصر على إنفاق المال،

ويغفل أنها تتعلق بالعطاء والبذل مما يملكه الإنسان من مال وعلم وجاه
وقوة جسمية ومعنوية والتي تتضمن أن يوظف كل منا ما أتاه الله
من علم أو حرفة أو مهنة في خدمة الناس




فرق واسع بين مجتمع تراحمي تعاوني يتعاطف فيه الناس فيما بينهم
ويتعاون وبين مجتمع قاس وصعب كل شيء فيه له مقابل مادي.
وقد دعاني لكتابة هذه المقالة بعض الصور المشرقة والحديثة
لهذا التراحم وقفت عليها بنفسي أو ذكرها لي من شهدها بنفسه.


شخص آخر يطلب من زوجته كل شتاء تحضير ترمس حليب
ليأخذه كل صباح ويعطيه لعمال النظافة في الشوارع،
وآخر يشتري مجموعة من الجوارب والبجامات والطرابيش ليوزعها عليهم.

آخر يذكر أن أباه قد مر بأحد الأسواق وقد تجمع الناس حول شخص
محكوم عليه بالقصاص وينتظر تطبيق الحد ولم يجد من يدفع له الدية.
فما كان منه إلا طلب إيقاف تنفيذ الحد وتبرع بكل ما جمعه خلال عدة سنوات
لعتق هذه الرقبة. ليبارك الله لهذا الشخص في تجارته التي امتدت إلى أولاده.

أحد الشباب جمع قدرا من المال ليدفعها مهرا لزوجته ليفاجأ
صاحب الشقة التي يسكنون فيها ويطالب أباه بدفع الإيجار فورا
وإلا نكل به ليتقدم الشاب إلى صاحب الشقة ويبعده ويعده بالسداد
ويناوله كل المبلغ الذي جمعه للمهر.

ثم يفاجأ الشاب بعرض أحد رجال الأعمال عليه أن يعمل عنده
براتب مغر إضافة إلى تسديده لكل الديون التي على أبيه.

وشاب آخر توفي مؤخرا كان يودع لجده راتباً شهرياً
يصرفه ببطاقة الصراف ظاناً أن المبلغ مودع له من الضمان الاجتماعي.

الواجبات الدينية لها وظائف اجتماعية وإنسانية.
ويخطئ من يظن أن الزكاة تقتصر على إنفاق المال
ويغفل أنها تتعلق بالعطاء والبذل مما يملكه الإنسان من مال وعلم وجاه
وقوة جسمية ومعنوية والتي تتضمن أن يوظف كل منا ما أتاه الله من علم أو حرفة
أو مهنة في خدمة الناس الذين هم عيال الله وأحبهم إلى الله أحسنهم
لعياله كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد شكا رجل إلى النبي قسوة قلبه فقال: «
أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك: ارحم اليتيم،
وامسح على رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجته».

على كل منا أن يبحث عن هذه النماذج
وينشرها في المجتمع لتحقيق المزيد من التراحم والتعاطف

راق لي كثيرا

هيفولا