[هيفولا]

الصمد سبحانه
عائض_القرني‬

آخر ما كتبت عن إسم "الصمد" سبحانه،

غفر الله لمن قرأها ونشرها لنساهم في مدح الباري سبحانه.

*******************
الصمد سبحانه

إليه الكائنات تصمد، وتعنوا وتقصد، تسأله الحاجات، بشتى اللغات، وكافة النغمات،
فلا تنتهي خزائن أفضاله، ولا تنفد كنوز نواله.

صمد: كـمُل مجده، وتم حمده، وعظم رفده، وتبارك جده.
صمد: لا ينام، ولا يأكل الطعام، ولا يشبه الأنام، تنـزّه عن الأدواء والأسقام.
صمد سبحانه: اتصف بصفات الجبروت عظمةً وقدرا، وهيمن على عالم الملكوت حكماً وقهرا،
وقصدته الخليقة كرماً وبرّا، وهتفت باسمه الكائنات سِرّاً وجهرا.

صمد سبحانه: أقوى من كل قوي، وأغنى من كل غني، وأرحم من كل وليّ، وأعلى من كل عليّ،
فبقوته قهر الجبابره، وبغناه فاضت نعمه الوافره، وبولايته أرشد القلوب الحائره، وبعلوه أذل الأكاسره والقياصره.

صمد سبحانه: كل مخلوق لديه قوته، وبيده حياته وموته، الكل في كرمه يرغب، ومن خزائنه يطلب،
وكل من سواه إليه فقير، وكل من دونه حسير كسير،
خطم أنوف المتكبرين بوسمه، وأرعب قلوب المتجبرين بهيبة اسمه،
وفي الآفاق أحرف جلاله ورسمه، فالكل تحت اختياره وقسمه.

صمد سبحانه: لا تتعاظمه الحاجات، ولا تكثر عليه الطلبات ولا تشتبه عنده الأصوات،
ولا تضيق في عظيم جوده الأعطيات.

صمد سبحانه: لأنه لم يلد: فهو غني عن الأولاد، مستغنٍ عن الأحفاد،
ولم يولد: فليس له آباء ولا أجداد،
لأنه قوي بلا أجناد، ملك قوي غني عظيم قبل أن يخلق العباد،
الغني من أغناه، والسعيد من تولاه، والمحفوظ من حماه، والمحظوظ من أدناه،
ارتجت الآفاق بجلال ذكره، واهتزت الكائنات لهيبة كبره،
ولهجت الأرواح بشكره، وانخلعت قلوب الطغاة من بطشه ومكره.

يا ربي حمداً ليس غيرك يُحمدُ
أبوابُ كلِّ ملك قد أوصدت
يا من له كل الخلائق تصمدُ
ورأيتُ بابك واسعاً لا يُوصدُ


صمد سبحانه: كل أمر قدّره، وكل حسن صوّره، وكل محاربٍ دمّره، وكل شكاكّ حيّره،
خلق الفلك وسيّره،
وأوجد الدهر وغيّره، وجمّل البدر ودوّره، وأوجد الليل وكوّره،
وانشأ البحر وغوّره، وأبدع الطير وطيّره،
كم أمل لكسرى كسّره، وكم حبل لقيصر قصّره،
من اعتزّ به نصره، ومن نادّه دحره.


صمد أنت وغوثٌ ومددْ
صمد كل وجودٍ أحرفٌ
صمد أنت فكل طالب
صمد أنت فسبحانك ما
صمد حسبي ثناء أنني
ومعاذٌ وملاذٌ وسندْ
في معاني قدره الفرد الأحدْ
منك رزقاً والاياد لا تعدْ
أعجز الناطق في ذاك الأمدْ
قلت أنت الواحد البر الصمدْ
[COLOR="Purple"]
صمد سبحانه:
يُطعم ولا يطعم، غنيٌّ لا يعدم، قوي لا يهزم، تقدّس وجل أن يمرض أو يهرم، لأنه الأكرم الأعظم.

صمد سبحانه:
يقوت الخلق ولا يحتاج إلى قوت، له البقاء ولغيره الموت، يعلم السر والصمت والصوت،
لا يسبقه أحد بفوت، وعليه كل رزق دابة حتى النملة والنحلة والحوت.

صمد سبحانه:
ما من كائن، ولا متحرك ولا ساكن، ولا ثابت ولا طاعن، ولا خائف ولا آمن،
إلا يرجوه، وعند الاضطرار يدعوه، فإليه تعنو الوجوه، جل عن من شبّهوه،
وتقدّس عن من سبّوه، وتبارك وتعاظم عن من ألحدوا فيما وصفوه.

وصمد فيها معانٍ عشَره
كمال مجد وتمام عظمه
ولم يلد سبحانه أو يولد
وليس محتاجاً إلى سواه
له أجل صفة واسم
ذكرها في وصفِ ربي البرره
والكل يرجو في الحياة انعمه
لا يأكل الطعام جّلَّ الصمد
وقوة تقهر من عاداه
يقصد بالمدح بكل رسم

صمد سبحانه:
يُفني ولا يفنى، ويُفقر وهو الأغنى، له الجلال الأسنى والأسماء الحسنى،
ثناؤه على نفسه فوق ثناء من أثنى، أغنى وأفنى، وبعّد وأدنى.

صمد سبحانه:
عنده طعام الجرادة والنمله، وغذاء البعوضة والنحله، وزاد القراد والقمله، وماء الزيتونة والنخله،
ما من ساكن ولا نافر، ولا ماش ولا طائر، ولا واقف ولا سائر، إلا عليه اعتماده،
ومنه فرجه وإسعاده، وعليه توكّله وإسنادُه، وغوثه وإمداده:
فكلٍ ساعٍ وسابحٍ، وغادٍ ورائح، وسانح وبارح، ورامح وناطح،
فعلى الله تدبيره، وإليه مسيره، وهو حافظه ومجيرُه،
بحكمه يُديرُه، ومنه بدؤه وإليه مصيره.

والصمد اسم يحمل التقديس والتعظيم، والتنـزيه والتكريم،
فالعظمة فيه لله والاستغناء، عن كل الأموات والأحياء،
بل منه تطلب الأشياء، فإليه الدعاء، ومنه الرجاء، وله الثناء، وأنه ليس بحاجه إلى وارث،
وإنما يحتاج الوريث الناقص الحادث،
فكيف يحتاج إلى ولد سبحانه، عظم شانه، وتقدّس سلطانه،
والخلق خلقه، وفيهم يغدو فضله ورزقه، وكيف يكون له صاحبه تبارك وتعالى،
وعن كل نقص تسامى،
وهو لا يحتاج إلى أحد، بل هو الغني عن كل أحد،
على طول الأمد، من الأزل إلى الأبد.

الآن دع مدح الأنام
وامدح به ملك الملوك
والله لو نطق الجماد
سبحان من خلق الوجود
وهل هزيل يمدح
بكل لفظُ يفصحُ
لقال وهو يُسبّح
فكل خلق يُوضح

صمد سبحانه:
كل صفات الكمال في ذاته مكمّله، وكل صفات الجمال في اسمائه مجمّله،
فمن اقتبس من خلقه كمالاً فإنما هو ذرّة من كماله،
ومن ألتمس من عباده جمالاً فإنما هو قطرة من جماله،

صمد بالمجد موصوف، صمد بالحمد معروف،
صمد كل نقص عنه مصروف، صمد عجزت في مدحه الحروف،
صمد لا يحتاج إلى غيره، لأن غيره محتاج إلى خيره،
صمد ترى الكل له طالبا، وفي فضله راغبا،
صمد قصدت الخليقة أبوابه، وأمّت رحابه.


من يساميك وقد قُدّستَ وحدك؟
من يضاهيك وقد أظهرت مجدك؟
من يعاديك وقد أرسلت جندك؟
من يدانيك وقد عظّمت حمدك؟

واعلم بأن اسم الصمد فيه إباء وكبرياء، وجبروت واستغناء، ومجد وبقاء،
وفيه كشف للحقيقه، وبيان للطريقه، وتعريض بالخليقه.

سبحانه الصمد الذي من جودِه
وباسمه الصمد استحق جلالةً
لم يتخذ ولداً وليس لذاته
ولأن مجد كماله لا ينتهي
صمدت له بسؤالها الثقلانِ
فاقت على التعداد والحسبانِ
مثل لأن الخلق للنقصانِ
سبحانه من واحد ديّانِ

واعلم أن في الصمد خمس رسائل، وخمس مسائل، وخمس وسائل.

فاسمع الرسائل الخمس، فاحفظ ولا تنسْ، يا ابن اليوم ويا فقيد أمس.

ففي الصمد رسائل المجد الكامل،والغنى الشامل، والكرم الهاطل، واللطف الحاصل الواصل، والبرّ النازل.

وفي الصمد خمس مسائل:
لا صاحبة ولا ولد،
ولا يطعم الطعام أبد،
ولا يفتقر طول الأمد،
ولا يحتاج لأحد،
والكل له قصد.

وفي الصمد خمس رسائل:
الدعاء،
والرجاء،
وصدق الالتجاء، ولطيف الاستجداء،
وكمال غنى الخالقونقص العباد الفقراء.

صمد سبحانه:
يقصد في الشدائد والكربات، ويُدعى في الملمات، ويستغاث في الأزمات،
وهو وحده المقصود إذا ضاقت الحيل، واضطربت السبل، وحارت الأفكار،
واضطربت الأنظار، وعميت الأبصار،
وصار الكل يهتف: يا عزيز يا غفار، يا واحد يا قهّار، يا قوي يا جبّار.

اللهم إنا لا نستطيع أن نمدحك بأعظم مما مدحت به ذاتك المقدّسة
ولا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ولكنّا نردّد،
بلا تردّد، مع كل موحّد

(قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد)