المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
61 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( ماذا يريد هؤلاء الأعرار )
61 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( ماذا يريد هؤلاء الأعرار ) الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة حصريــاً لبيتنا و لتجمع الجروبات الإسلامية الشقيقة و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب ================================================== ================================ 61 - خطبتى الجمعة بعنوان ( ماذا يريد هؤلاء الأعرار ) الحمد لله ربِّ العالمين ، أحمده سبحانه و أشكرُه على نِعمةِ الأمن و الدّين ، و أشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له وليُّ الصالحين ، و أشهد أنّ سيّدنا و نبيّنا محمّدًا عبده و رسوله إمام المتّقين و قائد الغرّ المحجَّلين ، صلّى الله عليه و على آله و صحبِه أجمعين . أمّـــا بعـــد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عزّ و جلّ ، فاتّقوا الله رحمكم الله ، فمتاعُ الدّنيا قليل ، و الحساب طويل ، فتهيّؤوا للنُّقلة قبلَ أن يفجأَ الرّحيل ، و استعدّوا بالزّاد ليومِ المعاد ، أستغفِروا ربَّكم و توبُوا إليه ، تحلَّلوا من المظالِم ، و خذوا على يد السفيهِ و الظالِم ، جِدّوا و لا تفَرّطوا ، فحسرةُ الفوتِ أشدّ من سَكرة الموت ، و مِن عَلامة إعراضِ الله عن العَبد أن يُشغِله فيما لا يَعنِيه ، { يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ } [غافر:39] . أيّها المسلمونَ ، اتّفَقتِ الشرائعُ و الملَل علَى حِفظ حقوقِ الإنسَان و تقريرِ كرامته ، فالخلقُ سواسيَة في التكاليفِ و المسؤوليات ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1] . بَنُو آدَم كلُّهم أهلٌ للتّكريم و الاحترام و التّفضيل ، { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } [الإسراء:70] ، { يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } [الإنفطار:6، 7] . دينُ الله الذي جاءَت به الرّسُل عليهم السلام دعَا إلى ترابُط البشَر فيما بينهم و تعاوُنهم على الخيرِ و البرّ والعدلِ و الصلاح : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ } [النحل:90] ، { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [المائدة:2] . أمّا في دين الإسلام فإنّ السماحةَ و الرحمةَ تأتي في أصولِ مبادئه و تعاليمه و في روحِ أحكامه وتشريعاته ، فرحمةُ ربّنا وسِعت كلَّ شيء ، و هي قريبٌ من المحسنين ، و محمّد صلى الله عليه و سلم هو رحمةُ الله للعالمين أجمعين ، { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء:107] . و تأمّلوا ـ يرحمكم الله ـ كيف جاء الاقترانَ بين النّهيِ عن الفساد في الأرض و أمَلِ الحُصول على رحمةِ الله عزّ و جلّ : { وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ } [الأعراف:56] . كَما تتميَّز تعاليمُ دين الإسلام بإِعطاء الطابَع الإنسانيّ منزلةً متميّزة في قِيَم أخلاقيّة عالية ، { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } [المائدة:8] ، { وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } [البقرة:251] ، { وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا } [الحج:40] . معاشرَ المسلمين ، كلُّ هذه المبادِئ و المثُل و أمثالها لتكونَ الحياةُ طيّبَة و لتُعمَرَ الأرض و يسودَ الصّلاح و الإصلاح ، و ذلكم هو سبيلُ التقوى و التّكريم ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات:13] . و كلُّ هذه المبادئ و المثُل ليأمَن الناس على أنفسِهم مِن أنفسهم ، و ليتَّقوا شرورَ أنفسِهم و سيّئات أعمالهم ، و ليحذَروا نزغاتِ شياطين الإنسِ و الجنّ و وسواسِهم ، { شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } [الأنعام:112] . بنُو الإنسان هم خُلَفاء الأرضِ ليبنُوا و يعمُروا و يتنافَسوا في الإصلاح فيها ، { وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } [الأنعام:164، 165] . أيّها المسلمون ، و لترسيخِ هذه المبادئِ و ليسودَ الصلاح و الإعمار فقد اشتدَّ النكير على من سَعَى في الأرض ليفسدَ فيها و يهلِكَ حرثَها و نسلَها : { وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا } [الأعراف:56] ، { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ } [البقرة:205] . و مِن أجل ذلك كذلك فإنَّ من أعظم الذنوب و أكبرِ الكبائر سفكَ الدم الحرام و قصدَ المعصومين بالتخويفِ و التّرويع و الإيذاءِ و القتل ، ناهيكم باستخدامِ وسائل التفجيرِ و التخريب ، فكلّ ذلك من أشدِّ أنواع الفساد في الأرض و الإفسادِ في الخَلق . و إنَّ من الحكمةِ و التعقّل النظرَ في آثار مِثل هذه التصرُّفات و نتائجِ مثل هذه المسالك ، و لا سيّما على أهل الإسلام و ديارِ الإسلام . لا بدَّ من وقفةِ حِساب و موقفِ محاسبةٍ مِن أجل النظر في المكاسِب و الخسائر ، ماذا جرّت هذه التصرفات ؟ و ماذا جرى لأهلِ الإسلام ؟ لقد تغلغَلَ الأعداء في كثيرٍ مِن ديار المسلمين و أستطالوا على المسلمين بألسنَتِهم و أسلِحتِهم و إعلامهم و أقلامهم ، و أستنفَروا جمعيّاتٍ و منظَّمات و هيئاتٍ ، حتى جعَلوا المظلومَ ظالمًا و صاحبَ الحقِّ باغيًا ، مستدِلّين و مستندين إلى مثلِ هذه التصرّفات الرَّعناء ، و متذرِّعين بمثل هذه المسالِك الهوجاء . لقد أوشكَت أن تضمحلَّ قضايا المسلمين الكبرى ، و تتوارَى مشكلاتٌ أخرَى يرادُ لها أن تأخذَ المسارَ نفسَه . إنَّ مثلَ هذه الإقدامَات الحمقاء قدَّمت الذرائعَ والمسوِّغات لمزيدٍ من التدخّل و التسلُّط و مزيدٍ من الإثارات و الثارات على الإسلام و أهلِه و دياره . ألم يدرِكوا أنه لم يستفد من ذلك إلا الحاقِدون و الموتورون الذينَ يسرُّهم أن يختلطَ أمرُ الأمة و يختلَّ أمنها و يضربَ بعضها بعضًا ؟! لقد أصبحَ المسلمون بعلمائهم و رِجالهم و ساستِهم و دعاتهم و بل شبابهم مادّةً يلوكها الإعلامُ و الفضاء ، و كم من ساخطٍ و حاقد تدخَّل فيما لا يعنيه بسببِ هذه التصرفات . هؤلاء الصِّغار الأغرار هاجموا بلادَهم ، و قتَّلوا أهليهم و رجالهم ، و خفروا ذمّةَ ولاةَ أمورهم ، و روَّعوا الآمنين ، و فتحوا الأبوابَ لتمكين المتربِّصين . ويحَهم ، هل يريدون جرَّ الأمّة إلى ويلاتٍ تحلق الدينَ و تزعزع الأمنَ و تشيع الفوضَى و تحبِط النفوس و تعطِّل مشاريعَ الخير و مسيرةَ الإصلاح ؟! هل يريدون أن يذلَّ الأحرار و تدَنَّس الحرائِر و يخرجَ النّاس من ديارهم ؟! هل يريدون أن يكثرَ القتل و تنتهَكَ الحرُمات و تتفرّقَ الناس في الولاءات و تتعدَّد في المرجعيات حتى يغبط الأحياءُ الأمواتَ كما هو واقعٌ ـ مع الأسف ـ في بعض الديار التي عمَّتها الفوضى و أفترَسها الأعداء ؟! يريدون إثارةَ فِتن وقودُها الناس و الأموال و الثّمرات ، و نِتاجُها نَقص الدّين و نشر الخوفِ و الجوع و الفُرقة و الدمار . ألا يعلَم هؤلاء الأغرَار أنّه على طولِ التاريخ لم تنجَح حركةٌ تتَّخِذ من العنف مسلكًا ؟! ألم يعلَموا أنه لا يمكِن أن يؤدّيَ الإرهاب إلى تحقيقِ هدَفٍ أو مكسب ؟! ناهيكم إذا لم يكُن له هدفٌ واضح أو قضيّة بيّنة ، فضلاً أن يكونَ له هدف مشروعٌ أو حقّ ظاهر . كم من شابّ غرٍّ أقدم على أغتيالٍ و تفجير و تدميرٍ ، قتل نفسَه و من حوله دونَ مسوِّغ شرعيٍّ عياذًا بالله . إنهم أغَيلِمةٌ صِغار يعيشون عزلَتَين : عزلةً نفسيّة شعوريّة ، و عزلة علميّة ، انطواءٌ على الذّات و إنفصالٌ عن المجتَمَع و أهل العلم و عَزلٌ للمرجعيّات المعتَبَرة و البُعد عن وسَطِ أهلِ العلم و بيئَتهم ، و من ثَمَّ ليُّ أعناقِ النّصوص الشرعية و توظيفُ دلالتها غيرِ الدّالّة في تسويغِ فِكرهم و أعمالهم ؛ ليعيشوا في بيئةٍ متعالمةٍ ضيِّقة خاصّة قاتمةٍ على التحيُّز و التعصّب و الإستدلال المنبَتّ عن أصولِه و ضوابطه المعتبرة . و لقد علِموا ـ إن كانوا يعلمون ـ أنّه لا يوجَد أحَدٌ مِن أهل العلم ممّن يُعتَدّ به أجازَ مِثلَ هذه الأعمالِ و التصرّفات . و ليحذَر مَن يتّقي اللهَ ربَّه و ينصَح لدينه و أهلِه أن يسوِّغ لمثل هذه الأعمالِ أو يفرَحَ بها أو يتردَّد في إنكارها . أيّها المسلمون ، إنَّ المخاطر كثيرة ، و إنَّ مكرَ الأعداء كبير ، و هذا كلُّه يستوجِب يقظةَ الجميعِ في مواجهةِ كلِّ فكرٍ ضالّ أو تصرُّف عنيف أو سلوكٍ إرهابيّ . إنَّ هذا الإفسادَ في الأرض يستهدِف الجميعَ ، و تهدِّد نتائجُه و آثارُه الجميع . يجب توعيةُ النّاشئة و تذكيرهم ليعظِّموا أوامرَ الله و حرماتِه ، و يحذَروا سخطَه و نواهيَه ، و كما تدرِك الأمّة عِظمَ ذَنب تارك الصلاةِ يجب أن تدركَ عظَمَ جُرم هذا الإفسادِ و خطَره على الدّين و الدّنيا ، فنبيُّنا محمّد صلى الله عليه و سلم الذي قال : (( العهدُ الذي بيننا و بينهم الصلاة ، من تركَها فقد كفر )) و هو الذي قال : (( لزَوال الدّنيا أهونُ عند الله من إراقة دمِ مسلمٍ )) ، و هو الذي قال عليه الصلاة و السلام : (( لا يَزال المرءُ في فسحةٍ من دينِه ما لم يصِب دمًا حرامًا )) ، و هو الذي قال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم : (( من قَتَل معاهدًا لم يرَح رائحةَ الجنّة )) ، و هو الذي قال ـ بأبي هو و أمي ـ عليه الصلاة و السلام : ((من خرَج على أمتي بسيفِه يضرِب برَّها و فاجرها فليس منّي و لست منه)) ، و هو الذي قال : (( مَن رفَع علينا السلاح فليسَ منّا )) . إنّنا بحاجةٍ إلى المواجهةِ بكلِمة الحقِّ الصادِعة و القولِ السّديد ، ينهضُ به العالمُ و المعلّم و الواعظ و الخطيب و المفكِّر و الكاتب. إنَّ على العلماء و المفكِّرين و أصحابِ الرأي و القلم و هم حُرّاس الدّين و الدّيار و القِيَم و المكتسَبات ، عليهم مسؤوليّة كبرى في توجيهِ الشّباب و تثقيفِهم و توعيَتِهم و حمايَتِهم من الانسياق وراءَ أصحاب الأفكارِ الشاذّة و المنحرفة و أصحابِ الأغراضِ و الأهواء ، لا بدّ من حسن التوظيف للمنابر و وسائل الإعلام و النشر و المناهج و السعي الجادِّ نحو حِفظ الدين و الأمّةِ و الدّيار ، يجب التوجُّه نحوَ حِفظ الحقوق و بِناء القوّة و السعي الجادّ في حِفظ جمعِ الكَلِمة و المحافظَة على وحدةِ الصفِّ و معرفةِ فِقهِ الخِلاف و أدَبِ الاختلاف و حسنِ الدعوة إلى الله و الجِدال بالتي هي أحسَن لا بالتي هي أخشن و الحوارِ الهادِئ و النّقد البنّاء . أيّها المسلمون ، و مع هذا كلِّه فإنّ الأمةَ مطمئنّة إلى أهلها و رجالها و صِغارها و كِبارها ، شبابِها و علمائها ، ساستِها و أهلِ الرأي فيها ، كلُّهم على منهجٍ وسَط ، فللَّه الحمد و المنّة . تلكم حقيقةٌ راسخة ثابِتة ، لا يمكن تغييرُها و الخروجُ عليها بإذن الله ، تربَّوا عليها في مناهجِ التعليم ، و فقهُوها وعيًا ، و تمثَّلوها مسؤوليّةً و سلوكًا ، فهم لا يشُقّون الطاعة ، و لا يفرِّقون الجماعة ، و لا ينازِعون الأمرَ أهلَه ، و لا يضخِّمون الأخطاءَ ، و لا يخفُونَ الحسَنات ، و لا يقطَعون ما أمَرَ الله به أن يوصَل ، و لا يفسِدون في الأرض ، و لا يثيرُونَ الفتَن ، و لا يعتدُون على مؤمِنٍ و لا مستَأمَن ، و لا يغدِرون بذمّة ، و لا يروِّعون آمنًا ، و يتّقون اللهَ ما استطاعوا ، يأمُرون بالمعروف ، و ينهون عن المنكر ، و يسارِعون في الخيرات بإذن الله . هذا عندهم منهجٌ و دِين و مسلَك و عقيدةٌ ، و التّقصير البشريّ وارِد ، بل واقع ، و النّقدُ الهادِف مُتاح ، و كلّ ابنِ آدم خطّاء ، و خيرُ الخطّائين التّوّابون . و بعد : عباد الله ، فالسّعيد من أدركته منيّتُه و هو ثابتٌ على شهادةِ التّوحيد ، ليس في رقَبَته شيءٌ من حقوقِ العباد ، ملازِمٌ لجماعة المسلِمين ، متّقٍ للفِتَن ، يحذَر فِتنًا لا تصيب الذين ظلَموا خاصّة . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، { رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [آل عمران:8، 9] . نفعني الله و إيّاكم بالقرآن العظيم و بهدي محمّد صلى الله عليه و سلم ، و أقول قولي هذا ، و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ و خطيئة ، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم . |
#2
|
|||
|
|||
الحمد لله مَا سبّحَت بحمدِه ألسنةُ الذاكِرين ، و سبحانَ الله ما أشرَقت بأنوار الطاعةِ وجوهُ العابدين ، أحمده سبحانه و أشكُره ، أفاض علينَا من النِّعَم و الإحسان ما لا تبلُغه مسائل السائلين ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين و الآخرين ، و أشهد أن سيّدنا و نبيَّنا محمّدا عبد الله و رسوله المبعوثُ رحمةً للعالمين ، و على آلهِ و أصحابه و التابعين ، و من تبِعَهم بحسان إلى يومِ الدّين . أمّـــا بعـــد : أيّها المسلمون ، إنّ المخاطرَ كثيرةٌ ، و إنّ مكرَ الأعداء كبير ، و إن المستهدَفَ هو الإسلام و أهل الإسلام ، و بخاصّة دار الإسلام الأولى بلادُ الحرمين الشريفين ، يريدون ضربَ دورِها الرئيس في محيطِها العربيّ و الإسلاميّ و الدّوليّ ، غيرَ أنَّ الحقَّ و أهلَه و دولتَه تقِف في مثل هذا مواقفَ حازِمَة ، و تتعامل معها بمسؤوليّةٍ حِمايةً للدّين و الدّار و النّاس ، و لقد برهَنَت هذه الأحداثُ على اليَقَظة و الكفَاءة و الأداء الرفيع و دِقّة التّعامل ، ممّا يسجِّل إنجازاتٍ أمنيّةً و قوّة إدارية و رؤيَة بعيدَة في كلِّ الظروف الزّمانيّة و المكانيّة ، فلله الحمد و المنّة . لقد نجَحَت و ستنجح إن شاء الله كلُّ القِطاعات ـ الإداري منها و الأمنيّ و السياسيّ ـ في التعامُل مع هذه الأحداثِ حِفاظًا على الدّين و الدار و المكتسَبَات ؛ لقناعة الجميع بأنَّ أيَّ تصرُّف من هذه التصرّفات الشاذّة لا يستهدف سوى الدين و مركز هذه البلاد و أمنِها و جماعتها . موقفٌ حازم تتّخذُه الدولةُ ضدَّ الإرهاب و الفوضى و الفتنة في جهدٍ أمنيّ و توجيهٍ تربويّ و خِطاب توعويٍّ لمنع هذا الفكرِ الشاذِّ ، و بخاصّةٍ في أوساطِ الشباب و أصحابِ المعارف القليلة و الإدراكِ المحدود . و مع كلِّ هذه الإنجازاتِ المشكورة و الثّقَةِ الواثقةِ فمطلوبٌ مزيدٌ من اليقَظَة ، و بخاصّةٍ على المستوى الفرديّ و الشعبيّ و الأسريّ ، في تنبيهِ الأبناء و تحذيرِهم من هذه المخاطِر و الإنزلاقاتِ في الأفكار الضالّة غلوًّا و جفاءً ، حمَى الله هذه الديارَ و جميع ديارَ المسلمين من كلِّ سوء ، و جنَّبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن ، و حفِظ علينا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا ، و أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا و آخرتَنا التي إليها معادنا ، إنه سميعٌ مجيب . هذا ، و صلّوا و سلِّموا على الرّحمة المهداةِ و النّعمَة المسداة المبعوث رحمةً للعالمين سيد الأولين و الآخرين ، فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم التنزيل ، فقال عز من قائلا عليما : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب:56] . اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارك على عبدِك و رسولك محمّد الأمين ، و آله الطيِّبين الطاهِرين ، و أزواجِه أمُهاتنا أمَّهات المؤمنين ، و أرضَ اللَّهمَّ عن الخلفاء الأربعةِ الراشدين ؛ أبي بكر و عمَرَ و عثمان و عليّ ، و عن الصحابةِ أجمعين ، و التابعين و مَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، و عنَّا معهم بعفوِك و جودِك و كرمك و إحسانك يا أكرمَ الأكرمين . اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ، و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أنصر عبادَك المؤمنين ... ثم الدعاء بما ترغبون من فضل الله العلى العظيم الكريم أنتهت
|
|
|