المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
درس اليوم 27.01.1438
من:إدارة بيت عطاء الخير درس اليوم [ على درب الصالحات ] الهمس الخافت، والنظرات المُتسائلة، كلٌّ منَّا تُردِّد: أنا أنا. اتِّهام لنفْسٍ لطالما لعبتْ بها الأهواءُ والشَّهوات، فلم نقُل لها يومًا: لا... تراجعي عن خُطط كانت ستزيدنا بُعدًا عن الله. الآن كلٌّ منَّا تَنظر إلى حالها مع الله، تُراجِع نفسها في المأكل والمشرب والملبس، في الحركة والسكون، وصمتٌ يُجلِّل القاعة الممتلئة بالحائرات والباحثات عن السعادة، وأم عطاء تُرتِّل بكلِّ خشوع، وتَنشُر نور الله في الأجواء، لم تتردَّد أبدًا أمام الجمْع الغفير الذي غصَّتْ به القاعة، في أنْ تُعلنها حربًا على أنْ يَتخطَّف الشيطانُ أخواتها، بل عاهدتْ ربَّها أن تُذكِّرهن من حين لآخر بالله. { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ } [الحج: 1، 2]. عزم وإرادة كانت تَستمِدُّها من الله - سبحانه – وتستعين به في كلِّ صولة وجولة. وأنت تَنظر إليها يَجمح بك الفِكر بعيدًا عن زماننا، إلى حيث ثُلَّة من المؤمنين الأوائل، ولكأنَّها إحدى الصالحات زارتْنا لتَعظنا ثم تعود إلى عالَمها الجميل، النور والبِشْر يَتجلَّى على محياها، ويَتدفَّق حنانًا وحبًّا من كلماتها، التي تُصغي لها القلوبُ، وتَعيها العقول. كم نحتاج إلى أمثال أم عطاء في مجالسنا عندما تَمتلئ بالغِيبة والشتْم والسبِّ، وبالأحاديث التافهة التي لا تَنفَع عقولاً، ولا تَغمر قلوبَنا إلا بالوحْشة والبُعد عن الله والتعلُّق بالدنيا. لم تَمنعْها هذه الزخارفُ الخادِعة، ولم تُرهبْها وجوهٌ قد غَيَّبتِ المساحيقُ حقيقةَ بؤسِها، ولا ضجَّة الأصوات الداعية إلى تحرير المرأة من إسلامها، كما يَحلو لأم عطاء أنْ تقول. كانت تَحمِل معها الدليلَ القاطع، والعِلمَ النافع، والقلبَ الصادِق الواثِق بالله، فلا يُوقِفها شيء عن تأدية واجبها نحو دينها. إنَّها آمنتْ أنه لا سعادة للإنسان إلا في اتِّباع أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - ولأنَّها ذاقتْ حلاوةَ الإيمان؛ لم تَسمَح لنفسها بأنْ تَستأثِر بهذا العيشِ الكريم، وهذه السعادةِ الغامِرة لنفسها فقط. كما النحلة الشَّغالة التي لا تَهدأ أبدًا، أخذتْ تتجوَّل بين رياض المحبَّة والخوف والرجاء، في بساتين العِلم الشرعي، تَنهل من كتاب ربِّها وسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ثم تَقطِف من كل بستانٍ وردةً، تُهديها إلى من ضلَّتِ الطريق، تَضعُ البذرةَ وتَستودِعها الله؛ كي تَجدَها بعد لأْيٍ ثِمارًا يانعة، قد أَنبتتْ من كل زوج بهيج، إذا ما همَّت بأن تُخاطِب القلوبَ المُتعطِّشة، تَبدأ بتلاوة مباركة خاشِعة خاضعة لربِّها، فتتفتَّح لها القلوب، وتتلقَّى كلامَها بقَبَول عجيب. تتغيَّر أمور كثيرة بالإرادة والبذل والعطاء، وعندما يتَّضح الهدف تَهون الصِّعاب، فكيف إذا كان الهدف جنَّاتِ الفردوس؟ غارت أنْ يكون الهدهد أفضلَ منها وأسبقَ إلى مرضاة الله، فطار قلبها شوقًا أنْ تَحذو حذوَه، في أنْ تَتطلَّع وترى واقعها، ثم تَعرِضه على كتاب ربِّها وسنة نبيِّها - صلى الله عليه وسلم - فتُساعد وتُعين من يريد أنْ يَمسح الغبار عن لؤلؤة الإيمان المُغطَّاة بكثير من غبار الغفْلة والجهل وحبِّ الدنيا. كيف غيَّرتِ الهمَّة أقوامًا، فأصبحوا مَصابيحَ للدُّجى، تَستنيرُ بهم البشرية في طريقها إلى الله؟ ساروا على درب الأنبياء، فنالوا شَرف الدَّعوة، وطالتْ أعمارهم بثناء الله عليهم، وكأنَّني بهم في موكِب بَهي، يَلحقُ منهم الخَلَف السلف، ونداء يَسري في الكون كلِّه: { أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا } [مريم: 58]. كانت أم عطاء مثالاً ناجحًا للداعية التي تُواكِب مُستجدَّات الساحة، تتعلَّم وتَعمل، وتبحث عن كلِّ ما من شأنه أنْ يُسهِم في نجاح عملها الدعوي، وقد انبهرَتِ الكثيرات من النساء بعلْمِها الغزير، وأكبرنَ فيها هذا، وبالتالي أَثَّرت فيهنَّ كثيرًا. كنَّا مُتعطِّشات للنَّهل من النَّبع الصافي، فكلُّ واحدة وجدتْ لها مكانًا في ميدان لا يَزداد كل يوم إلا إشراقًا، إنَّه العودة إلى الله، أَدركتْ قيمتَها في الوجود، فمن أجلها أَرسلَ اللهُ الرُّسلَ والأنبياء؛ كي تَعرِف أنَّ لها ربًّا تُناجيه إنْ حزَبَها أمَرٌ، تَشكو له حالها فيُفرِّج عنها، تستعين به، توحِّده، تُحبُّه وتَخشاه وتُطيعه، كم كنَّ بَعيدات وللبُعد أنَّات لا يَسمعُها إلا كلُّ من كان له قلب مؤمن، فللأرواح أنين وحنين إذا ما ابتعَدتْ عن ربها. بدأت النساء يَسألن عن الحقوق والواجبات، عن كل شيء يَخصُّ دينَهنَّ، فاستنارت العقول والقلوب، همَّة امرأة أَحيتْ أمة، غيثٌ أرسله الله إلى أرض جدْباء، فارتوتْ وأَينعتْ وأخرجتْ كنوزَها عِلمًا وعملاً طيِّبًا مُبارَكًا فيه. أَبطلتْ جهود من كان يُنادي بتحرير المرأة، وجاهَدت ضدَّ تيار المساواة، وأعادت - بإذن الله - للمرأة شموخَها وعزِّتَها ومكانَها المُعزَّز المُكرَّم. كانت تُؤدِّي رسالةً عظيمة، مَفادُها أنَّه لا عَيشَ إلا عيش أهل الآخرة، ولا وقت لدينا لنُضيِّعه، الجنة الهدف، والمُلتقى - إنْ شاء الله – مع من أنعم الله عليهم من الأنبياء والشُّهداء والصادقين الأحرار، الذين سابقوا إلى تحرير أنفسهم من رِبقة الهوى والشهوات، وقادوها إلى المَعالي، فكانوا مع المُصطفَيْنَ الأخيار. هي تُشير لنا أنْ: كنَّ مع من رفَع شعار: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 33]. وكمن يَضع بذرة طيِّبة في تربة يتمنَّاها خصبةً مِعطاءً، تَبذُر البذرة كلمة طيبة، وتتَّسِع فروعها في شتَّى ميادين الإنسان الذي يَطلُب المعالي في كلِّ أموره، تتعهَّد الداعيةُ المُخلِصة الصادِقة بذرتَها من حين لحين بالتَّذكِرة والموعظة الحسنة، قدوتُها في ذلك سيِّدُ المرسلين عليه الصلاة وأزكى التسليم. في طريقها نحو مَجد لاحتْ لها أنوارُه، وبدا لها في أوَّله شوكٌ وشوق كابَدتْه، ونفْس جاهَدتْها، فاستعانت بالله خالِق الأكوان على أنْ يُخلِّصها من حظوظها الفانية الزَّائلة، فتَسمُو بها إلى درجات من أَخلص وخلَّص نفسه من هواها، فأَفلح بإذن ربِّه عندما زكَّاها، وأَيقنتْ أنه دون المجد والفلاح مِحنٌ وابتلاءات؛ ليَعلم اللهُ الصادقَ من الكاذبِ. ماذا لو حمَلت كلُّ أخت على قدْر استطاعتها همَّ هذا الدين، وساهمتْ في تنوير أخواتها وتعليمهنَّ ما يَنفعهنَّ في الدنيا والآخرة؟ متى نُغيِّر سياسة تضييع الأعمار في ما لا يعود علينا وعلى أمتنا إلا بالهوان والنكوص؟ ونحن أمة الحضارة والمجد الحقيقي الذي يَمنح الإنسانيةَ سِمة وشرفًا، ويَسمو بها، فيَجعلها ممن يُباهي الله بها الملائكة في عَليائه، متى ما كانت على نَهج من عاش لله وفي الله ومع الله، متى تُصبِح مَجالسنا تَغمُرها السكينة والطمأنينة، عامِرة بذكر الله، نتربَّى فيها على مُراقبةِ الله بكلمة: اتَّقِ الله، إذا ما أخطأ أحدنا في حقِّ مُسلم غائب؟ جاء في الحديث النبوي: عن الأغر أبي مُسلم أنَّه شهِد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري : أنَّهما شهِدَا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( ما من قوم يَذكرون الله إلا حفَّت بهم الملائكة (أحاطتْ بهم الملائكة الذين يَطوفون في الطريق يَلتمِسون أهلَ الذِّكر)، وغَشيتْهم الرحمة (غشيتهم الرحمة؛ أي: غطَّتْهم الرحمة)، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده )؛ سنن الترمذي، باب ما جاء في القوم يَذكرون الله - عز وجل - ما لَهُم؟ حديث حسن صحيح. نشغل أنفسَنا بطاعة الله "بدَل" أنْ تَشغَلنا بمعصيته، ونُغلِق الأبواب على شياطين الجن والإنس الذين يَتربَّصون بنا، ويتحيَّنون لنا الفرص، فتتغيَّر أقوالنا وأفعالنا ومقاصدنا، نترفَّع عن الدنايا وعن تتبُّع عورات الناس، إلى مراتب العُلى، فنُحقِّق مراد الله فينا، ونَجني السعادة في كلِّ رَوْحَة وغَدْوة؛ مِصداقًا لقوله - سبحانه وتعالى -: { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير } [البقرة: 148]. قرَّرها القرآن حقيقةً خالدة: أنَّ لكل إنسان وِجهة هو مُولِّيها، فما أجمل أن تكون لنا وِجْهة واحدة، هي رضا الله! وما أجمل أنْ نرسُم على أَديم هذه الأرض خطوات، مُرادها الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فتَشهد لنا يوم القيامة! هيا أختاه، لنَكن من الدُّعاة الصادقين المُؤثِّرين في مجتمعهم، الإيجابيِّين الذين لبَّوا نداء الله - سبحانه وتعالى - وتَعالتْ أرواحهم، يَسوقها إلى الله حبُّها له وشوقها إليه وإلى جواره، يَحدوها حبُّ الخير لكلِّ الناس، يَحثُّها يقينُها أنَّ البشرية تتخبَّط اليوم باحثةً عمن يُنير لها الطريق، يُعينها على تحقيق هدفِها، ويَشدُّ من عزمها قولُه - سبحانه وتعالى -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة: 153]. هيا بنا نَتسابق إلى جنَّات الفردوس، ننشُر في الأرض السلام والإسلام، والأمن والإيمان، بعون الله وقوَّته، ونُحقِّق حديث النبي - عليه الصلاة والسلام -: ( بلِّغُوا عنِّي ولو آية )؛ صحيح البخاري. أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
|
|
|