الموضوع: درس اليوم 5477
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-17-2022, 03:17 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,986
افتراضي درس اليوم 5477

من:إدارة بيت عطاء الخير
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
درس اليوم

لمَ يَغيبُ الخطاب الأخروي


في مكة حيث الضعف والانكسار وقلة العدد وانعدام العتاد , وقد تجمعت

العرب على كلمة الكفر , وصمُّوا عن الحق آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا

على الضلال وإضلال الناس إصرارا , وأنفقوا الأموال كي لا تكون كلمة الله

هي العليا , كانت الدعوة لا تتكلم عن شيء أكثر مما تتكلم عن اليوم الأخر

ابتداء من القبر وما فيه ويوم الحساب وما فيه والجنة والنار ، حتى أصبحت

سمة بارزة لما نزل من القرآن في مكة المكرمة .

بلغة العقلاء المفكرين ... الإصلاحيين : كان الحال يومها يستدعي مرونة

في الطرح بإظهار شيء مما تخفيه تلال الأيام ويستيقن منه الرسول

عليه الصلاة والسلام من نصر وفتح وغنيمة ، حتى يكثر العدد وتكون قوة

تواجه هذه القوى . ولكنَّ شيئا من هذا لم يحدث ، وأصرت الدعوة على أن

تبدأ من اليوم الآخر ترغيبا وترهيبا . تحاول أن تجعل القلوب معلقة بما عند

ربها ترجو رحمته وتخشى عقابه. ويكون كل سعيها دفعا للعقاب وطلبا

للثواب فتكون الدنيا بجملتها مطية للآخرة . ورسول الله صلى الله عليه وسلم

هو أيضا تربى على هذا المعني , فقد كان يتنزل عليه

" وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ

عَلَى مَا يَفْعَلُونَ [ يونس : 46]

" وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ

وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " [يونس : 40]



وهكذا استقامت النفوس تبذل قصارى جهدها في أمر الدنيا ترجوا به ما

عند الله فكان حالهم كما وصف ربهم " تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا

من الله ورضوانا " فهذا وصف للظاهر ( ركعا سجدا) ووصف للباطن

( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) ، والسياق يوحي بأن هذه هي هيئتهم

الملازمة لهم التي يراهم الرائي عليها حيثما يراهم . كما يقول صاحب الظلال

ـ رحمه الله ــ . ومن يتدبر آيات الأحكام في كتاب الله يجد أن هناك إصرار من

النص القرآني على وضع صورة الآخرة عند كل أمر ونهي ضمن السياق

بواحدة من دلالات اللفظ ، المباشرة منها أو غير المباشر فمثلا يقول الله

تعالى " ويل للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم

أو وزنوهم يخسرون . ألا يظن أولئك أنهم مبعثون ليوم عظيم .

يوم يقوم الناس لرب العالمين ... " فتدبر كيف يأتي الأمر بعدم تطفيف الكيل

حين الشراء وبخسه حين البيع في ظلال مشاهد يوم القيامة وحال البار فيها

والفاجر ؟ ومثله " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور

" فهنا أمر بالسعي على الرزق , وتذكير بأن هناك نشور ووقوف بين يدي

الله عز وجل فيسأل المرء عن كسبه من أين وإلى أين ؟ بل واقرأ عن الآيات

التي تتحدث عن الطلاق في سورة البقرة تجد أنها تختم باسم أو اسمين

من أسماء الله عز وجل " ... فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " " ...

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " " ... وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "

" ... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " " .... إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "

وهذا لا شك استحضار للثواب والعقاب . وإذا كان هذا أسلوب القرآن العظيم

في عرض قضايا الشريعة ، وهو ما تربى عليه الصحابة رضوان الله عليهم

فلم يغيب الطرح الأخروي عن المشاريع الفكرية التي تنتجها أقلام

( الإصلاحيين ) وخاصة حين يتكلمون إلى الكافرين أو العلمانيين ؟ . . .

لم هذا الخطاب الدعوي المنقوص ؟ لم لا نخاطبهم :آمنوا بربكم الذي خلقكم

ورزقكم وأحياكم ويميتكم ثم يحاسبكم ؟ لم لا نناديهم : أسلموا قبل أن تكونوا

من جثي جهنم التي وصفها كذا وكذا ؟ أسلموا كي لا تحرموا جنة فيها وفيها

...؟ ويدور الحوار حول دلائل صدق الخبر ومطلب المخبر . أسذاجة ؟

لا وربي .فهكذا نشأت خير أمّة أخرجت للناس ، ودونكم السيرة .




أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين


رد مع اقتباس