عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-19-2018, 05:22 AM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,909
افتراضي الإفساد في الأرض حكمه وخطره وآثاره (3)


من: الأخت/ غرام الغرام


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الإفساد في الأرض حكمه وخطره وآثاره (3)

جزاء المفسدين في الأرض

بَيَّنَ الله -عز وجل- لنا في هذه الآيات أن من اعتدى على أموال الناس،
وأعراضهم، ودينهم، أنه مفسد في الأرض، فما جزاء هذا الذي يفسد ويعتدي؟
بَيَّنَ الله -جل وعلا- الجزاء في كتابه فقال -جل وعلا-:
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن
يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ}
[سورة المائدة : الآية 33 ]
هذا جزاء من أفسد في الأرض التي أمر الله -جل وعلا- بإعمارها
بطاعته -جل وعلا-، والانشغال بذكره -جل وعلا-.

يقول الإمام الرازي في تفسيره :
لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى تَغْلِيظَ الْإِثْمِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ قَتْلِ نَفْسٍ وَلَا
فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ، أَتْبَعَهُ بِبَيَانِ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ الَّذِي يُوجِبُ الْقَتْلَ
مَا هُوَ، فَإِنَّ بَعْضَ مَا يَكُونُ فَسَادًا فِي الْأَرْضِ لَا يُوجِبُ الْقَتْلَ فَقَالَ
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ }
[سورة المائدة : الآية 33 ]. ( 6)

وقد صرح جمع من أهل العلم أنه بمجرد قطع الطريق، أو إخافة السبيل
فهنا ترتكب الكبيرة، فكيف إذا أخذ المال، أو جَرَح، أو قَتَل، أو فعل كبيرة، فكل هذا لا يجوز.

صور الإفساد في الأرض

الصورة الأولى:
ما ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم -رحمهما الله- وهي:
الشرك بالله -عز وجل-

والشرك هو مساواة غير الله بالله، فعبادة غير الله -عز وجل-، والذبح
لغير الله، والنذر لغير الله، والدعوة للقبور والمزارات أن تعبد من دون
الله -عز وجل-، أن تُشَدَّ الرحال إليها، والتوكل عليها، والاستعانة بها ،
والحلف بها، كل هذا من الإفساد في الأرض.

الصورة الثانية: نشر البدعة:

النبي -صلى الله عليه وسلم- حَذَّرَ من الابتداع في الدين، فقال في حديث
عائشة -رضي الله عنها- عنه -صلى الله عليه وسلم-:
( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )
( 7).

يقول ابْنُ الْمَاجِشُونِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ:
مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ:
{اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}
[سورة المائدة : الآية 3]،
فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا. ( 8)

فمن يدعو الناس إلى البدع، وأن هناك بدعة حسنة، فإن هذا من تنقص
دعوته -صلى الله عليه وسلم-، واتهام للنبي -صلى الله عليه وسلم-
أنه لم يؤد الرسالة كاملة -صلى الله عليه وسلم-.

الصورة الثالثة : نشر المنكرات والدعوة إليها:

ونشر الفاحشة بين الناس، وتحبيبهم لها، وتذليل الصعوبات التي
تواجهها، والله -عز وجل- نهى عن ذلك فقال:
{فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ}
[سورة هود : الآية 116]،
فمدح الله -عز وجل- من يأمر الناس بالمعروف وينهى عن المنكر،
وأنهم يسعون في الأرض بالإصلاح .

الصورة الرابعة: السحر:

السحر سمى الله -عز وجل- فاعله مفسدًا فقال تعالى:
{فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ
إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ}
[سورة يونس : الآية 81]،
وسمى الله عمل السحرة والسحر بأنه عمل المفسدين، فهم من المفسدين
في الأرض.

إن السحر نهى الله – عز وجل- عنه ، ونهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-،
قال الله -جل وعلا-:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ
الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ}
[سورة البقرة : الآية 102]،
ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السحر، وبين أنه من السبع
الموبقات فقال -صلى الله عليه وسلم-:
( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟
قَالَ: ( الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ،
وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ،
وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ ).
( 9)


رد مع اقتباس