فَقَوْلُهُ : بِشَرْطِ الصِّحَّةِ أَوِ الْحُسْنِ فِيمَا أُورِدُهُ مِنْ ذَلِكَ ،
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَوَائِلٍوَكَذَا حَدِيثَهُلْبٍ الطَّائِيِّعِنْدَهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ فَتَفَكَّرْ .
وَأَيْضًا قَدْ صَرَّحَ الْحَافِظُ فِي الدِّرَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِوَائِلٍأَخْرَجَهُابْنُ خُزَيْمَةَ،
وَهُوَ فِيمُسْلِمٍدُونَ قَوْلِهِ عَلَى صَدْرِهِ ، انْتَهَى ، فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا ،
أَنَّ حَدِيثَابْنِ خُزَيْمَةَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي صَحِيحِمُسْلِمٍفِي وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى سَنَدًا وَمَتْنًا ،
بِدُونِ ذِكْرِ الْمَحَلِّ . فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدِيثَوَائِلِ بْنِ حُجْرٍصَحِيحٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ
وَالِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ فِي الصَّلَاةِ تَامٌّ صَحِيحٌ .
وَمِنْهَا حَدِيثُهُلْبٍ الطَّائِيِّ، رَوَاهُ الْإِمَامُأَحْمَدُفِي مُسْنَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَايَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،
عَنْسُفْيَانَ، ثَنَاسِمَاكٌعَنْقَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ - ص 81-
يَسَارِهِ وَرَأَيْتُهُ يَضَعُ هَذِهِ عَلَى صَدْرِهِ، وَوَصَفَ يَحْيَى الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى
فَوْقَ الْمِفْصَلِ " وَرُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ ، وَإِسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ ،
أَمَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْقَطَّانُ الْبَصْرِيُّ الْحَافِظُ الْحُجَّةُ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : ثِقَةٌ مُتْقِنٌ حَافِظٌ إِمَامٌ قُدْوَةٌ ، وَأَمَّا سُفْيَانُ فَهُوَ الثَّوْرِيُّ ،
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ ، ثِقَةٌ حَافِظٌ فَقِيهٌ عَابِدٌ إِمَامٌ حُجَّةٌ ، وَرُبَّمَا كَانَ دَلَّسَ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : قَدْ صَرَّحَ هَاهُنَا بِالتَّحْدِيثِ فَانْتَفَتْ تُهْمَةُ التَّدْلِيسِ .
وَأَمَّا سِمَاكٌ فَهُوَ ابْنُ حَرْبِ بْنِ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ الذُّهْلِيُّ الْبَكْرِيُّ الْكُوفِيُّ أَبُو الْمُغِيرَةِ صَدُوقٌ ،
وَرِوَايَتُهُ عَنْعِكْرِمَةَخَاصَّةٌ مُضْطَرِبَةٌ ، وَكَانَ قَدْ تَغَيَّرَ بِأَخَرَةٍ ، فَكَانَ رُبَّمَا يُلَقَّنُ .
كَذَا فِي التَّقْرِيبِ . وَقَالَالذَّهَبِيُّ : قَالَأَحْمَدُ : سِمَاكٌمُضْطَرِبٌ ، وَضَعَّفَهُشَيْبَةُ .
وَقَالَابْنُ عَمَّارٍ : كَانَ يَغْلَطُ ، وَقَالَالْعِجْلِيُّ : رُبَّمَا وَصَلَ الشَّيْءَ ،
وَكَانَالثَّوْرِيُّيُضَعِّفُهُ ، وَقَالَ : رِوَايَتُهُ مُضْطَرِبَةٌ وَلَيْسَ مِنَ الْمُثْبَتِينَ .
وَقَالَصَالِحٌ : يُضَعَّفُ . وَقَالَ ابْنُ خِدَاشٍ : فِيهِ لِينٌ ، وَوَثَّقَهُابْنُ مَعِينٍوَأَبُو حَاتِمٍ، انْتَهَى .
وَكَوْنُالسِّمَاكُمُضْطَرِبَ الْحَدِيثِ لَا يَقْدَحُ فِي حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ ،
لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ قَبِيصَةَ وَرِوَايَتُهُ عَنْعِكْرِمَةَخَاصَّةً مُضْطَرِبَةٌ ،
وَكَذَا تَغَيُّرُهُ فِي آخِرِهِ لَا يَقْدَحُ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ رَوَاهُ عَنْهُسُفْيَانُ،
وَهُوَ مِمَّنْ سَمِعَ قَدِيمًا مِنْسِمَاكٍ . قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ .
قَالَيَعْقُوبُ : وَرِوَايَتُهُ عَنْعِكْرِمَةَخَاصَّةً مُضْطَرِبَةٌ ، وَهُوَ فِي غَيْرِعِكْرِمَةَصَالِحٌ ،
وَلَيْسَ مِنَ الْمُثْبَتِينَ وَمَنْ سَمِعَ قَدِيمًا مِنْسِمَاكٍمِثْلُشُعْبَةَوَسُفْيَانَفَحَدِيثُهُمْ عَنْهُ مُسْتَقِيمٌ ، انْتَهَى .
وَأَمَّاقَبِيصَةُفَهُوَ أَيْضًا ثِقَةٌ كَمَا عَرَفْتَ فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَأَمَّا أَبُوهُ فَهُوَ صَحَابِيٌّ .
فَحَدِيثُهُلْبٍ الطَّائِيِّهَذَا حَسَنٌ ، وَقَدِ اعْتَرَفَ صَاحِبُ آثَارِ السُّنَّةِ بِأَنَّ إِسْنَادَهُ حَسَنٌ ،
فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ فِي الصَّلَاةِ صَحِيحٌ .
وَمِنْهَا : حَدِيثُطَاوُسٍرَوَاهُأَبُو دَاوُدَفِي الْمَرَاسِيلِ :
قَالَ : حَدَّثَنَاأَبُو تَوْبَةَحَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ ، عَنْثَوْرٍ، عَنْسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى،
عَنْطَاوُسٍ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى ،
ثُمَّ يَشُدُّ بَيْنَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِوَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِأَبِي دَاوُدَ .
قَالَ الْحَافِظُالْمِزِّيُّفِي الْأَطْرَفِ فِي حَرْفِ الطَّاءِ مِنْ كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ :
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُأَبُو دَاوُدَفِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ ، وَكَذَا قَالَالْبَيْهَقِيُّفِي الْمَعْرِفَةِ ،
فَحَدِيثُطَاوُسٍهَذَا مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ طَاوُسًا تَابِعِيٌّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ ،
وَالْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ حُجَّةٌ عِنْدَ الْإِمَامِأَبِي حَنِيفَةَوَمَالِكٍوَأَحْمَدَمُطْلَقًا ،
وَعِنْدَالشَّافِعِيِّإِذَا اعْتُضِدَ بِمَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ يُبَايِنُ الطَّرِيقَ الْأُولَى مُسْنَدًا كَانَ أَوْ مُرْسَلًا
. وَقَدِ اعْتَمَدَ هَذَا الْمُرْسَلُ بِحَدِيثِوَائِلٍ، وَبِحَدِيثِهُلْبٍ الطَّائِيِّالْمَذْكُورَيْنِ ،
فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ فِي الصَّلَاةِ صَحِيحٌ .
تَنْبِيهٌ : قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ : حَدِيثُوَائِلٍفِيهِ اضْطِرَابٌ ، فَأَخْرَجَابْنُ خُزَيْمَةَ