عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-27-2013, 10:04 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي


يقول أبو هريرة رضي الله عنه :


( جاء رجلٌ إلى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال : إني مجهودٌ

فأرسل إلى بعضِ نسائه .

فقالت : والذي بعثك بالحقِّ ! ما عندي إلا ماءٌ .

ثم أرسل إلى أخرى . فقالت مثلَ ذلك

حتى قلنَ كلهنَّ مثلَ ذلك : لا . والذي بعثك بالحقِّ ! ما عندي إلا ماءٌ .

فقال : من يُضيفُ هذا ، الليلةَ ، رحمه اللهُ

فقام رجلٌ من الأنصارِ فقال : أنا . يا رسولَ اللهِ !

فانطلق به إلى رَحْلِه .

فقال لامرأتِه : هل عندك شيءٌ ؟

قالت : لا إلا قوتُ صِبياني

قال : فعلِّلِيهم بشيءٍ فإذا دخل ضيفُنا فأَطفِئي السِّراجَ وأَرِيه أنا نأكلُ

فإذا أهوى ليأكلَ فقومي إلى السِّراجِ حتى تُطفئيه

قال : فقعدوا وأكل الضَّيفُ

فلما أصبح غدا على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

فقال : قد عجِب اللهُ من صنيعِكما بضيفِكما الليلةَ ) .


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


لقد تأصلت هذه الرحمة في المدينة, حتى صارت أحداثها كالأحلام,

وصارت قصصها كالخيال.. ومع المعاناة المستمرة

لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يتوقف أبدًا عن العطاء

مع شدة احتياجه..

يروي سهل بن سعد رضي الله عنه فيقول:


( أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة ،

فيها حاشيتها ، أتدرون ما البردة ؟

قالوا : الشملة

قال : نعم

قالت : نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها ،

فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ، فخرج إلينا وإنها إزاره ،

فحسنها فلان فقال : اكسينها ، ما أحسنها

قال القوم : ما أحسنت لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها

ثم سألته ، وعلمت أنه لا يرد

قال : إني والله ، ما سألته لألبسها ، إنما سألته لتكون كفني )

لقد كان دائمًا يرى أن ما أعطاه خير مما أبقاه, ولذلك كان دائم العطاء,

وما أبلغ ما رد به رسول الله على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

حين ذبحوا شاة ووزعوا منها معظمها, وقالت له أم المؤمنين:


( قالت : ما بقي منها إلا كتفها

قال : بقي كلها غير كتفها )




هذه كانت حياته, وهذه كانت رحمته بالناس..

ثم إني أحب أن أختم هذا المقال بموقف له دلالته الخاصة,

إذ لا ينبغي أن يُفهَم من حبه للعطاء, ومن حثِّه صلى الله عليه وسلم

للصحابة على الإنفاق أنه كان يرضى للفقير أن يظل فقيرًا أبد الدهر,

أو يعتاد أن يمد يده للسؤال, بل كان حريصًا على ترسيخ معنى العمل

والكسب عند فقراء الأمة لِيَكْفُوا أنفسهم بأنفسهم, وليستمتعوا بلذة البذل

والعطاء بدلاً من معاناة ذل الأخذ والاستجداء..

لقد كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالفقراء رحمةً نافعة,

دافعةً لكل خير, تهدف إلى إسعادهم سعادة حقيقية لا زيف فيها ولا تزوير..

رحمة لا تهدف إلى كفايتهم فقط, ولكن أيضًا إلى تعليمهم, ورفع معنوياتهم,

كما تهدف في ذات الوقت إلى نجاتهم في الدنيا والآخرة, في شمول عجيب,

لا نراه في تاريخ الأرض إلا من نبي!

وصدق الذي قال:


{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }

[الأنبياء: 107].


لآ تنتَظرٌ اَلّسعَآدةٌ حتّى تبتَسِمْ ..

وَ لَكَنْ إبتَسِمْ حتّى تَكَونٌ سَعيدٌ ..

لّمإذآ تُدّمن اَلّتفكَير وَاَللّهٌ وليّ اَلّتدّبير..

وَ لّمإذآ اَلّقَلقْ مِنْ اَلّمجهولٌ

وَ كُلٌ شئٌ عِندَ اَللّهٌ معلُومٌ ..

لِذَلكٌ إطْمئِنْ فَأنْتََ
فِيْ عَينٌ اَللّهٌ اَلّحَفيظْ

رد مع اقتباس