عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-17-2013, 09:04 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

أيها الحُجَّاج الكِرام :


ومن غُرَر المكارِم والخِلال المُكتنِزة برواجِح الفِعال:

ما تطرَّزَت به حضارةُ الإسلام في هذا الأوان، وإلى مَديد الأزمان بمناقِب الفضلِ

والجُود الهتَّان التي تحقَّقَت في إرساءِ أكبَر وأفخَمِ وأعظمِ توسِعَةٍ تأريخيَّة

لحرَم المكيِّ المُنيف، والمسجِد النبويِّ الشَّريف.


وإنها لرحمةٌ للحُجَّاج والعُمَّارِ والزُّوَّار من قاصِدي بيتِ الله الحرام،

ومسجِد رسولِ الهُدى - صلى الله عليه وسلم -؛ كي ينعَمُوا بأجواء إيمانيَّةٍ فريدَة

مِلؤُها السَّكينة والضَّراعةُ والأمنُ والطُّمأنينة، دون نصَبٍ وزِحام، ومشقَّةٍ والتِدام.


وها هُم المُسلِمون في مشارِق الأرض ومغارِبِها وقد أُثلِجَت صدورُهم،

وابتهَجَت قلوبُهم مسرَّةً وحُبُورًا، وتبريكًا وسُرورًا،

فيرفَعون أكُفَّ الضَّراعة للمولَى - سبحانه –

أن يجزِيَ من يقِفُ وراءِ هذه الإنجازات العَظيمة عن الإسلام وخِدمة قضايا الإسلام

والمُسلمين وخِدمة الحرمَين الشريفَين أعظمَ المثُوبَة والمِنَّة،

وأعالِيَ درجَات الجنَّة، دُعاءٌ لا يزالُ يتكرَّرُ ويتعدَّد، ويزكُو ويتجدَّد،

وأن يجزِيَه خيرَ الجزاء وأوفاه، وأعظمَه وأسنَاه، إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.


آمِينَ آمينَ لا أرضَى بواحِدةٍ حتى أُضيفَ لها ألفًا

فلعلَّه دعاءٌ أصابَ الإجابةَ وألفَى.


تـبـارَت وفـودُ الـحـجِّ تـشـكُـرُ سـعـيَـه مُـهــنِّــئــةً والله - لا شــــكَّ - أشــكـــرُ

أمـــانٌ وعـــدلٌ واجـتــمــاعٌ ونـعــمــةٌ وعـهـدٌ بـه نـزهُـو ونـشـدُو ونـفـخَــرُ

فــلا بــرِحَ الـتـوفـيــقُ طــوعَ بـنــانِــهِ وعـــاشَ بــنُــو الإســـلام واللهُ أكــبــرُ


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


كما نُزجِي الشُّكرَ الجَزيلَ للمُجتمعات الإسلاميَّة كِفاءَ تفهُّمِها التخفيفَ

من نِسَب الحَجيج هذا العام، بما كان له أطيبُ الأثَر في تحقيق المصالِح ودرءِ المفاسِد

عن الحَجيج الكِرام، والحمدُ لله على توفيقِه.


ضيوفَ الرحمن، حُجَّاج بيت الله الحرام :


أيها الطائِفُون المُسبِّحون المُكبِّرون، أيها المُلبُّون التائِبُون،

أيها الذَّاكِرون المُستغفِرون، أيها المُحلِّقون والمُقصِّرون !

أنتم اليومَ في يومِ النَّحر اليوم العاشِر من شهر ذي الحِجَّة،

في هذا اليوم الأغرّ يتوجَّه الحُجَّاج إلى مِنًى لرمي جمرة العقبة بسبع حصَيَاتٍ مُتعاقبات،

فإذا فرغَ الحاجُّ من رمي جمة العقبة ذبح هديَه - إن كان مُتمتِّعًا أو قارِنًا -،

فإن عجزَ عن الهديِ صامَ عشرة أيام، ثم يحلِقُ الحاجُّ رأسَه، وبذلك يتحلَّل التحلُّل الأول،

فيُباح له كلُّ شيء إلا النساء، ثم يتوجَّه الحاجُّ إلى مكة ليطوفَ طوافَ الإفاضة،

وهو ركنٌ من أركان الحج لا يتمُّ الحجُّ إلا به، لقوله تعالى:


{ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }

[ الحج: 29 ].

وبعد الطوافِ يسعَى بين الصفا والمروة إن كان مُتمتِّعًا،

أما القارِنُ والمُفرِد فليس عليهما إلا سعيٌ واحد.


ويحصُل التحلُّل الثاني بثلاثة أمور، هي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير،

وطوافُ الإفاضة، فإذا فعلَ الحاجُّ هذه الأمور الثلاثة حلَّ له كل شيءٍ حرُمَ عليه بالإحرام

حتى النساء، وإن قدَّم أو أخَّر شيئًا منها فلا حرجَ - إن شاء الله -؛

لأنه - صلى الله عليه وسلم - ما سُئِل يوم النحر عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال:


( افعل ولا حرج )

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.


حُجَّاج بيت الله الحرام :


إن من واجبات الحجِّ:

أن تَبيتُوا الليلةَ بمِنى اتباعًا لسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.


ويوم غدٍ هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة أول أيام التشريق المباركة

التي قال الله - عز وجل - فيها:


{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ }

[ البقرة: 203 ]

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:


[ هي أيام التشريق ]

وقال فيها - عليه الصلاة والسلام -:


( أيام التشريق أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله - عز وجل )

أخرَّجه مسلم وغيره.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


فأكثِروا - رحمكم الله - من ذكر الله وتكبيره في هذه الأيام المباركة امتثالاً

لأمر ربكم - تبارك وتعالى -، واستنانًا بسنة نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم -،

واقتفاءً لأثر سلفكم الصالح؛ فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم –

يُكبِّرون في هذه الأيام المُبارَكة، وكان عمرُ - رضي الله عنه - يُكبِّر في قُبَّته بمِنى،

فيُكبِّر الناس بتكبيره، فترتجُّ مِنى كلها تكبيرًا.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


وقد كان من هديِه - صلى الله عليه وسلم - وهو القائلُ:


( خُذُوا عنِّي مناسِكَكم )

في هذه الأيام المباركة: رميُ الجِمار الثلاث بعد الزوال مُرتَّبة:

الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى، وهي العقبةُ، كل واحدةٍ بسبع حصَيَاتٍ مُتعاقباتٍ

يُكبِّر مع كل حصاةٍ، والمَبيتُ بمِنى، وهو واجبٌ من واجبات الحج.


ويجوز للحاجِّ أن يتعجَّل في يومين، وله أن يتأخَّر إلى اليوم الثالث - وهو أفضل -،

لقوله - سبحانه -:


{ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى }

[ البقرة: 203 ]

وهو مُقتضَى سُنَّته - عليه الصلاة والسلام -.


فإذا أراد الحاجُّ أن ينصرِفَ من مكة وجَبَ عليه أن يطوف للوداع، لقوله - سبحانه -:


{ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }

[ الحج: 29 ]

ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -:


[ أُمِر الناس أن يكون آخرُ عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض ]

وقفُوا كما ازدَلَفُوا ولاذُوا بالذي خشعَت له الأرواحُ والأجسامُ


ورمَـوا جِـمــارَ مِـنَــى بـالـحـصَــى سـبـعًـا بـهـا تـرفَـضُّ فـهـي رِجــامُ

وتـطـوَّفُـوا بـالـبـيـتِ وهـو مـثـابـةٌ وســعَــوا وتـــمَّ بــذلـــك الإحــــرامُ

نسأل الله أن يتقبَّل من الحُجَّاج حجَّهم، وأن يجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا،

وذنبهم مغفورًا، إنه خير مسؤول، وأكرم مأمول.


هذا وامتثِلُوا - رحمكم الله - أمرَ ربِّكم الذي أثابَكم به أجرًا عظيمًا، وشرفًا عميمًا،

فقال تعالى قولاً كريمًا:


{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

رد مع اقتباس