من:الابنة / آية عبد الرحمن
صلة الرحم
دعت آيات القرآن الكريم ،
وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلة الرحم ،
ورغبت فيها أعظم الترغيب ،
وكان الترغيب دينياً ودنيوياً ،
ولا شك أن المجتمع الذي يحرص أفراده على التواصل والتراحم
يكون حصناً منيعاً ، وقلعـة صامدة ،
وينشأ عن ذلك أسر متماسكة ،
وبناء اجتماعي متين يمد العـالم بالقادة والموجهين والمفكرين
والمعلمين والدعـاة والمصلحين الذين يحملون مشاعل الهداية
ومصابيـح النور إلى أبناء أمتهم ،
وإلى الناس أجمعين ؛
ولأن صلة الرحم من مكارم الأخلاق فإننا سنتناولها بالحديث في هذا المقال.
معنى الرحم وصلة الرحم :
قال الراغب الأصفهاني : ( الرحم : رحـم المرأة ..
ومنه استعير الرحم للقـرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة ) .
والمراد بالرحم : الأقرباء في طرفي الرجل والمرأة من ناحية الأب والأم .
ومعنى صلة الرحم : الإحسان إلى الأقارب في القول والفعل ،
ويدخل في ذلك زيارتهم ، وتفقد أحوالهم ، والسؤال عنهم ،
ومساعدة المحتاج منهم ، والسعي في مصالحهم .
فضل صلة الأرحام :
1- صلة الرحم من الإيمان :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه ،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )
رواه البخاري.
أمور ثلاثة تحقق التعاون والمحبـة بين الناس وهي :
إكرام الضيف وصـلة الرحـم والكلمة الطيبة.
وقد ربط الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأمور بالإيمان
فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه ،
وصلة الرحم علامة على الإيمان .
2- صلة الرحم سبب للبركة في الرزق والعمر :
كل الناس يحبون أن يوسع لهم في الرزق ،
ويؤخر لهم في آجالهم لأن حب التملك وحب البقاء غريزتان
من الغرائز الثابتة في نفس الإنسان ،
فمن أراد ذلك فعليه بصلة أرحامه .
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من أحب أن يبسط له في رزقه ،
وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه ) .
رواه البخاري.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( من سره أن يمد له في عمره ، ويوسع له في رزقه ،
ويدفع عنه ميتة السوء ، فليتق الله وليصل رحمه ) .
رواه البزار والحاكم.
3- صلة الرحم سبب لصلة الله تعالى وإكرامه :
عن عائشة رضي الله عنها ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله ) .
رواه مسلم.
وقد استجاب الله الكريم سبحانه ،
لها فمن وصل أرحامه وصله الله بالخيروالإحسان
ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله إياه ،
وإنه لأمر تنخلع له القلوب أن يقطع جبار السموات والأرض
عبدًا ضعيفاً فقيراً .
- صلة الرحم من أسباب دخول الجنة :
فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا
بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام )
رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
الصلة الحقيقية أن تصل من قطعك :
المرء إذا زاره قريبه فرد له زيارته ليس بالواصل ،
لأنه يـكافئ الزيارة بمثـلها ،
وكذلك إذا ساعده في أمر وسعى له في شأن ،
أو قضى له حاجه فردّ له ذلك بمثله لم يكن واصلاً بل هو مكافئ ،
فالواصل حقاً هو الذي يصل من يقطعه ،
ويزور من يجفوه ويحسن إلى من أساء إليه من هؤلاء الأقارب .
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( ليس الواصل بالمكافئ ،
ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ).
رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال :
( يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني ،
وأحسن إليهم ويسيؤون إليّ ،
وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال صلى الله عليه وسلم :
"إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير
عليهم ما دمت على ذلك " ).
رواه مسلم .
والمَلّ: الرماد الحار ،
قال النووي : يعني كأنما تطعمهم الرماد الحار ،
وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ،
ولا شيء على هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم
في حقه وإدخال الأذى عليه .
ففي الحديث عزاء لكثير من الناس الذين ابتلوا
بأقارب سيئين يقابلون الإحسان بالإساءة
ويقابلون المعروف بالمنكر
فهؤلاء هم الخاسرون .